• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

وكالة لأساطير الأولين !!

عمر سالم محمد باوزير


تاريخ الإضافة: 11/9/2013 ميلادي - 7/11/1434 هجري

الزيارات: 4054

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وكالة لأساطير الأولين!!


الكل أخذ مجلسه وأنا كذلك أخذت مجلسي المعتاد بجنب الشارع، نحتسي كوبًا من الكلام الحار والأحداث الساخنة التي تمر بها المنطقة. حاولت أن أتميز هذا اليوم بخبر حصري لم يسمعه أحد من العالمين؛ لأن جل محاولاتي السابقة يقضى عليها في مهدها فعندما يبدأ يخرج طرف لساني بخبر إلا ويسكتني القوم قائلين لي: أن الخبر قد مر عليه دهر من الزمان، ولا أدري في الحقيقة كيف يعرفون الأخبار حتى راودتني الشكوك في أنهم يعملون لدى الأمن السياسي!! فما من خبر إلا والقوم قد أخذوا بحظ وافر منه فكيف يأخذون بتلابيبه؟

 

قررت في نفسي من يومها أن أوقف هؤلاء الحثالة عن حدهم، فقد أصابوني بانهيار عصبي في عروق لساني؛ حتى كدت لا أتكلم إلا لمامًا، وإن تكلمت ففي إطار المبتدأ والخبر، لا أتعدى ذلك إلى مكملات الجملة خوفًا من أن يتهموني بأني آت من العصور الوسطى وذو فكر ينبع من القرون الغابرة.

 

أول ما بدأت الجلسة تفحصت لساني جيدًا فرأيته يعاني من جفاف في اللعاب، فوجدتها فرصة لكي أبداء بحديث ألف ليلة وليلة حتى لا أخيب ظن عقلي بي، وجدت "حسن" ينظر إليّ وقبل أن أنطق بكلمة بادرني حسن قائلًا:

ما الذي حصل للسانك يا منصور؟

ارتبكت حينها ولكن رفعت يدي وأدخلتها في فمي قابضًا بها على لساني قائلًا في صوت متهدج: قطع الله لساني إن كنت كاذبًا! فتنبه القوم على أثر كلامي الذي يخرج متقطعًا فوجدتها فرصة في أن أسوق خرافة تجعلهم يعدوني أدهى العرب.

 

فرشقتهم بالكلام قائلًا: يوم أمس قابلت جارنا العم عبدالله، وأخبرني بأمر جد عجيب، لم أصدقه في البداية؛ لكن لما رأيت تقاسيم وجهه تدل على الجد لا العبث. علمت أن الأمر وقع حقًا. أخبرني بأنه دخل إلى الحمام للاستحمام وأتى ببيضة صغيرة، والآن البيضة...

 

لم أتم حديثي إلا وحسن يقاطعني قائلًا - وهو مقطب الجبين رافعًا يديه إلى أعلى رأسه -: ما لك يا أبا شفلحة أهكذا تكذب العرب في الأشهر الحرم؟!

 

بعدها أطلق ضحكته المعتادة ذي الصوت الجهوري وهو يضرب على فخديه.

 

تمالكت زمام نفسي ولم أضحك، وأغمضت عينًا وتركت الأخرى تنظر إلى حسن والبقية الباقية، واكتسى وجهي بغضب عارم وقلت بصوت رخيم: أتكذبني، قطع الله هذا -وأشرت إلى لساني- إن كنت كاذبًا!

 

أستوى القوم في جلستهم لما رأوا رائحة الجد تنبعث من كل كلمة أقولها. وسادت فترة صمت... تنفست فيها بعمق بعدها أهديتهم زفرة مشوبة بنار من فمي وتابعت قائلًا: أمستعد أحدكم للمراهنة في هذا السبيل، إن كان كلامي خاطئًا فلكم ما أردتم وإن كان غير ذلك، فعليكم تدور الدوائر. أحجم القوم كلهم لما رأوني ثابت الجنان والأركان، وأيقنوا إني على الحق المبين الذي لا غبش فيه ولا غبار يعلوه!! لم أتكلم بعدها ولذت بصمت مطبق رجاء منهم أن يستنطقوني، فقال القوم أتمم حديثك وإنا لك لمؤمنون وما جربنا عليك غير بعض الأكاذيب!! ولكن العبارة الأخيرة لم ترق لي فتجهم وجهي واستمررت في الإضراب عن الكلام. فلما رأوا حالي أعتذر حسن من سوء ظنه بي، بعدها خالطت شغاف قلبي ضحكة مكتومة وقلت في نفسي "أخطب فيهم يا بن ساعدة الأيادي".

 

تحمحمت وقلت في صوت منخفض أمانًا بأن العم عبدالله أتى ببيضة صغيرة عند دخوله إلى الحمام، ونظرت إليهم لمعرفة مدى إيمانهم. فقال عبدالمحسن بشيء من الساذجة: سبحان الله!! لله في خلقه شؤون، أعطتني كلمة عبد المحسن دافعًا قويًا لأن أرش عليهم من أكاذيب الزمان ما لم يسمع به أنس ولا جان، فواصلت وقلت: العجيب أن البيضة فاقع لونها لا تسر الناظرين! وبعد مضي أسبوع من وضعه للبيضة بدأ يخرج منها حيوانًا صغيرًا أشبه ما يكون بابن آوى. وهل تظنون أن الزمان سيطول به أم لا؟

 

خاض بعدها القوم في معركة قاسية أشترك فيها كل الحاضرين إلا حسن الذي قرأت على ملامحه شيء من التكذيب، وما ضرني أن يكذبني واحد والقوم قد آمنوا بما أمنت به الأغبياء. أزال التفكير من عقلي أن رجع إلي القوم يستفسرون مني في بعض المعضلات التي ألمت بحوارهم فأجبتهم بصدر رحب ولم أبخل عليهم بمعلومة تفيدهم في دنياهم. من يومها إلا وارتفع صيتي وذاع خبري وانتشر كانتشار النار في الهشيم بين زملائي.

 

وأتى إليّ بعد أيام شاب يدعى "بأبي الهول"، وقال لي: أستحلفك بالله على هذا الكلام، إلا تخبر به أحدًا كائنًا من كان، و أعطيته العهود والمواثيق بأن سره سيكون دفين صدري، وارتاح هو لذلك وأخبرني خبر العم عبدالله والبيضة التي أتى بها، ظنًّا منه إنني موضة قديمة! لا تصلني الأخبار الطازجة، وما علم إنني أنا الوكالة التي نقلت الخبر!! فأعطيته أذني كأن الخبر سيلقى عليّ للمرة الأولى. وقال العم عبدالله لا يرى في هاذين اليومين ويقولون إنه مريض، أو ما علمت بسره... لم أشأ أن أقطع حديثه ذو المقدمات الثقيلة ولذت بالصمت، وأكمل بعدها أن العم عبدالله يبيض!! والآن قد صارت له مائة واثنان بيضة؟! أنفتح فمي على مصرعيه وجحظت عيناي ولم أقوى حتى على التأوه فضلًا عن النطق بحرف واحد من العربية، فلما رأى دهشتي تابع وقال: مائة واثنان بيضة تصور أما سمعت بهذا؟

 

وقع الخبر عليّ كالصاعقة فكيف صارت مائة واثنان مع أن كلامي يفيد أنه أتى ببيضة واحدة جال فكري بعيدًا... ولم أدر ما أقول، فكذبتي أضحت إشاعة يتناقلها الناس وكل منهم يزيد بيضة حتى ما وصل الأمر إلى ما رأيت، قطع محيط أفكاري أبا الهول بتوجيه الكلام إلي قائلًا: وأضيف لك إنه بعد فترة وجيزة سوف يعمل مصنع لبيع البيض الطازج و...؛ لم أشأ أن أستمع لمزيد من الترهات التي تخترق طبلة الأذن وقمت من فوره وأنا أستغفر الله من كذبتي التي بلغت الآفاق.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة