• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

محاضرة!

حمد بن فهد الخنفري


تاريخ الإضافة: 13/1/2009 ميلادي - 17/1/1430 هجري

الزيارات: 5505

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
كنتُ متوتِّرَ الأعصاب، مضطرِب الجسم، محمرَّ الوجه، في ممرَّات الأسياب أترقَّب دخول المحاضرة، وإذ بِجرس الساعة يُعلِن دخول الوقت، اتَّجهتُ إلى قاعة الاجتماعات، وإذ بالإضاءة تزداد نورًا، جلستُ في مقعد قريب، وما لبِثْت بضع ثوان إذ يَجلس بجواري رجلٌ غريب الشكل، مظلِم الوجه، عليه عمامةٌ حمراء، أسنانه سوداء، يكتئِب منها الطفل الصَّغير، الذي لا يميِّز القبح من الحسن، أمسكتُ يدي على صدري، وقرأتُ ما يَحميني من آياتٍ، وإذْ به ينظر إليَّ نظرةً كئيبة تشمئزُّ منها النفوس، صددتُ عنه، وما هي إلا بضع ثوانٍ، وإذْ به يمدُّ يدَه على دفتري وقلمي ويأخذهما بدون استئذان، تجاهلتُ ذلك الموقف، كأنَّني لم أشاهد ولم أَرَ، قام بتصفُّح دفتري، وأخذ ورقةً ومزَّعها، ثم أخذ القلم وكتب:

إِذَا أَنْتَ أَكْرَمْتَ الكَرِيمَ مَلَكْتَهُ        وَإِنْ أَنْتَ أَكْرَمْتَ اللَّئِيمَ تَمَرَّدَا
 


ثم رمى عليَّ كل ما بيده، وأشار بمقت واستهتار، ومازال صامتًا، ويا ليتَه كان أخرسَ، تكلَّم يردِّد الشَّطر الثاني ويومئُ برأسهِ، ويُشير إليَّ بِعيْنين كأنَّهما شَرار في ظلمة الليل، إنَّه لئيم، إنَّه حقير، إنَّه شيطان، فتذكَّرت حديثَ نافخ الكير، إمَّا أن يُحرق ثيابك، أو تَجد منه رائحةً خبيثة، أخذتُ أوراقي وقلمي وهمَمْتُ بالقيام، وإذْ به يُمسكني من يدي، فنزعتُها منه بقوَّةٍ وشجاعةٍ، ولطمتُه لطمة، غمغم وأخذ بعمامته على وجههِ، ذهبتُ إلى مقعد قريب من المنصَّةِ، وجلست، وإذ برئيس الجلسة يبدأ بِحوارهِ، وقد ازداد ألمي ألمًا، وغيظي غيظًا، ولبثتُ قليلاً في غايةٍ من التَّفكير والاشْمِئْزاز، وإذْ بإحساس رقيق، تفجَّرتْ منه عروق البؤْس والاكتِئاب، وانعكست بفرح وسرور، رفعتُ بصري، وإذْ بالمقعد المقابِل لوجهي فتاة جميلة، عينان واسعتان، ووجه مبيض، وشفتان محمرتان، توحي بابتسامة، يا لها من زعامة، روعة ويا لها من روعة، نظرتُ إليها نظرة، تساقطتْ عَبْرَةٌ تلو عبرة، غطيتُ بصري ثواني، وإذ بقلبي يزداد جنونًا، وشوقًا وحنانًا، نظرتُ لها مرَّةً بعد مرَّةٍ، وإذْ بها تزداد فنًّا وجمالاً، عليْها مغربي أخضر يشبه البستان، بل هو بستان، لفافتها ورديَّة، كأنَّها ورد وريحان، تنتقل إليْها النَّظرات كما ينتقِل النَّحْل بين الأغصان، أهي بستان به جميع الورود والريحان، إنَّها صورةٌ فنيَّة؛ بل حقيقةٌ واقعيَّة، يهتزُّ بها المقعد يمينًا ويسارًا، كما تتمايل الأزهار من الأغصان، دفترها وردي به حمرةٌ جذَّابة، يا لها من كتابة، كأنَّما أنامِلُها حينما تُسيِّر القلم إشارةٌ إلى الراحةِ والاطمِئنان، لكنَّها تزيد دقاتِ قلبي رجفانًا، حتَّى أشار إليَّ رئيس المحاضرة، قال: هل بك مغايرة؟

فخِفْتُ من المنافرة، ستصبح نِهايتي مُحاصرة، وأحاسيسي مبعْثرة، ومشاعري متناثرة، بل إنَّها متشاجرة، محاضرة لكنَّها مناظرة، أعلنتْ صافرة الإنذار انتِهاء وقت المحاضرة، لَم تمتلئ عيناي من تلك النظرة في تلك الفترة، إنَّها حسرة، يا لَها من حسرة.

                                     محاضرة.
                                            لكنَّها مناظرة.
                                                   نعم مناظرة، مناظرة.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- التعليم المختلط
خيبر - باكستان 16-01-2009 10:10 AM
ما شاء الله. لقد قدمت صورة التعليم المختلط بأسلوب بديع.
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة