• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الصورة الأخيرة (قصة)

الصورة الأخيرة
مروان عدنان


تاريخ الإضافة: 19/9/2012 ميلادي - 4/11/1433 هجري

الزيارات: 6827

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصورة الأخيرة

(قصة)


رأيته في صدفةٍ عابرة، لم يكن يَخطر ببالي أن أراه هنا، بل لم أكن أوَدُّ أن أَلتقي به، رغم أنه كان من أعزِّ أصدقائي في يومٍ ما! لا أدري لماذا؟! لكني كلما الْتقيتُ بهذا الرجل، حصل في حياتي شيء، أُحاول ألا أُؤمن بهذا الاعتقاد، ولكني عبثًا أحاول!

 

مرحبًا يا صديقي، يا لها من صدفة رائعة لا تُقدَّر بثمن، لو تعلم كم أنا مشتاقٌ إليك  - كنت أُجامله فقط - هكذا علَّمتْنا تقاليدُ المجتمع الذي زُرِعنا فيه قسرًا، وفشِلنا في مقاومته وتغييره كثيرًا!

 

أنت كما أنت لم تتغير منذ أن رأيتُك قبل سنين عشرٍ، هل تزوَّجت؟!

• نعم، ولي نسمتان لطيفتان وزلزالٌ مدمِّر أفقَدني أعصابي، وأورَثني ذبحةً في القلب، قال هذا صاحبي، وفهِمت منه أنه يشكو من ولدٍ له، كان ذلك واضحًا من الصفة التي منَحها لذريَّته، فكلٌّ له نصيبٌ من اسمه وصفته!

 

• استطرَد صاحبي قائلاً: نُولَد، نَكبَر، نتزوَّج، نُنجب، نتعذَّب، ثمَّ نموت! أليست هذه هي دورة حياتنا يا صديقي؟!

 

• قلت: وهذه هي فلسفاتك ذاتها لم تتغيَّر! ولِمَ تتعذَّبُ وتُعذِّب غيرك بهذا الهُراء وهذه الفلسفات الفارغة؟!

•قال صاحبي: دعْك من هذا الآن، وبدأ يُجاذبني أطراف الحديث عن العمل والزواج والحال والصحة، و....، و....، تنهَّد، ثم بعدها عمَد إلى حقيبته السوداء، وهي حقيبة قديمة أتذكَّرها جيدًا منذ رأيته قبل سنين عشر!

 

أخرج من حقيبته "ألبوم صور" ودفَعه إليَّ قائلاً: هاك، تمتَّع بصورٍ من الماضي الجميل، صور أعتزُّ بها، بعضها عندما كنَّا طُلابًا في الجامعة، وبعضها الآخر الْتَقَطناها في الجامعة، وهناك لقطة اقْتَنصها لنا صديقُنا رامز أيوب، أظنُّك تَذْكُره جيدًا حين حملناك ورمَيناك في النهر، وصورة وأنا أرتدي بزلة العريس وما زلت أعتب عليك، أنت أغلى أصدقائي ولم تَحضر حفل زفافي! يا لها من ذكريات جميلة مرَّت كلمحٍ بالبصر.

 

صدَقت يا أخي، وبدأت أتصفَّح ألبوم الصور، وأمرُّ عليها صورةً صورة، فهنا صورة له في النادي، وأخرى في الجامعة، وصورة بين "شلة أصدقاء": واحدة خلف مكتبه في العمل، وهذه مع أطفاله الصغار، وله صورة وهو يحمل كأس فريق حيِّنا الشعبي لكرة القدم، كنت لاعبًا ماهرًا يا صاحبي، يا سلام عليك.

 

فأجاب صاحبي وهو يَزفر أنفاسه بحرارة: وأنا اليوم أَوْهنُ ما أكون! كان عليك أن تَتنبَّه لذلك، أنا مُتعبٌ، مرَّ الزمان وشاخَت الرُّوح من الهمِّ وإن لم يَحْدَودِب الظَّهْر!

 

ما زلت في عزِّ الشباب يا صاحبي - أجبْتُه بهذا - ثم أطرقت قليلاً ورفعتُ رأسي صَوبه وسألته: بالله عليك، خبِّرني عن تلك الصورة الغريبة، إنها صورة راعبة! ما الذي خطر ببالك عندما وضَعتها في الألبوم؟!

 

• عن أيِّ صورة تتكلَّم؟ - أجابني صاحبي.

 

أتكلم عن الصورة الأخيرة، أنت وساحل البحر البعيد وخلفك الجبل الأسود! يا لها من صورة تبعث على الرعب والفزع، لو كنت مكانك، لأحْرقتها، مزَّقتها!

 

• عن أيِّ ساحل بحرٍ تتكلم وأنا لم أرَ البحر في حياتي؟!

 

• ماذا؟ كأنك نسيتها؟! دونك الألبوم فأعِدْ تصفُّحه وشاهِدها بعينك.

 

أخذ صاحبي الألبوم وبدأ يمرُّ على الصور صورةً صورة، كأنه راح يُمرِّر أمام عينيه شريط ذكرياته من جديد.

 

صورته وهو يلهو وسط كرات الثلج، صورته وهو يرش سِرب الزهور بخرطوم المياه، صورته وهو...، صورته وهو...

 

• قلت: لا تُتعب نفسك يا صاحبي وأنت تمرُّ على الصور من جديد، تَجاوَزْها كلها؛ فإنَّ الصورة التي أقصدها هي الصورة الأخيرة، وليس غيرها، صورتك أنت وساحل البحر البعيد وخلفك الجبل الأسود!

 

• ولكن أين الصورة التي تقصدها؟!

 

• لا أرى الصورة التي تصفها - قالها صاحبي بتهدُّج!

 

• ها، كيف لا تراها؟!

• كيف؟!

 

تعالَى صوتي بالصراخ، حتى استيقَظت مفزوعًا صباح ذلك اليوم الكئيب، كنت مكتوم الأنفاس وأتأوَّه بحُرقة.

 

منذ ذلك الصباح وأنا أتحاشى الاقتراب من "ألبوم الصور".

 

أخشى أن أرى صورتي الأخيرة لمرة واحدة فقط، ثم تختفي!

 

صورتي أنا وساحل البحر البعيد الذي يوحي بالسفر، ومن خلفي الجبل الأسود، ليتَه كان أبيضَ، ليته، لَمَا فزِعتُ هذا الفزع، ولاسْتَبشرت خيرًا!

 

ولما كنت أخشى ذلك جدًّا بعد أن أصبح صاحبي كالصورة الأخيرة.

 

كلاهما لن أراه ثانيةً، ولا حتى بعد سنين عشر!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة