• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

لذات مفقودة

لذات مفقودة
حمزة حرب الرقب


تاريخ الإضافة: 24/1/2012 ميلادي - 1/3/1433 هجري

الزيارات: 5715

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

زيد، زيد، ها، قمْ يا بُني، فالظهيرة داهَمتك، ماذا؟ الظهيرة؟ أجَل الظهيرة، حسنًا دَعيني قليلاً، كلاَّ قُم الآن، ولِمَ الآن؟ ألا تَعلمين أنني في حِلٍّ من عملي اليوم؟ أجَل أعلمُ لكن أمَا كفاكَ ما قضيتَ في سُباتك، قمْ لِمَ الكسل؟ وفيمَ النشاط يا والدتي؟ فيمَ النشاط؟!

 

النشاط يا ولدي في إنصاف جسدك وإعطائه ما له من حقوق، وما عليه من واجبات، ففي نومك هذا دعاءٌ مُستجاب، ورَبٌّ وهَّاب، حسنات صاعِدة وسيِّئات هابطة، كيف لك ألاَّ تَنتهزها؟! يا لها مِن حسرات.

 

ألا تَكُفِّين عن ترنيم ذاك الموشح في كلِّ صباح؟ أغضُّ عن ماذا؟ أتعلم أنَّنا في يوم الجمعة؟ ماذا؟ الجمعة؟! أجَل الجمعة، أتدري حينما أرى الدهشة في عينيك - يَنطقها لسانك، وتَرسمها جوارحك - أجزمُ مُتيقِّنة من عزمك وجدِّك على التغيير، لكن هَيْهات يا بُني هَيْهات!

 

آهٍ وآهٍ يا عزيزتي، فكم تعلمين أنني شغوفٌ بذاك التغيير، لكن استَعصَت عليّ نفسي، وغلَّقَت الأبواب، وقالت: دَعْني منك.

 

قم الآن، قمْ ودَعك من مناظرة موشحي، لا يا أمي، كفى يا بُني.

 

زيد، زيد، ها، كل عام وأنت بخير يا ولدي، وأنتِ بخير، لماذا تقولينها هكذا؟ لا أدري يا مُلهمتي، لكني أشعر كلما مرَّت الأيام، ساء طعمُها، وتغيَّر لونُها، وعُدِمت رائحتها، ليست تلك الأيام كتلك الأيام، فليست هذه التي وُلِدت فيها، ولا التي تَرَعْرَعت بها، فهذه لا تعلم شيئًا عن لذات مُعاناتي في الصِّغر، ولا عن ويلات مَسَرَّاتي في الكِبَر، هاته غريبة غامضة لا تَدري ما يَجري حولها، لا تعلم مَن نحن، لا أدري يا أمي، رُبَّما تشعر هي كذلك، وتَستثقل وجودَنا، وتَستغربه، وتقول: مَن هم؟

 

زيد، زيد، ها قمْ إلى عملك يا بُني، ساء مِن عملٍ يا أمَّ زيد، قم يا بُني وكفاك سوداويَّة، أنت هكذا طوال حياتك، لا تَشبع من الفلسفة المُنتهية بك إلى التشاؤم، تريَّثي يا أمَّ زيد، إني أراك قد لَحَنتِ، فما أنا المِضياع لوقتي بكلامٍ مُنمَّق، وفِكرٍ مُزخرف، فلستُ من دعاة الفساد في الأرض، لأَرْضَى بالتشاؤم فكرًا، لكن يَحدث أنني أُقلِّب الأمور على ميزان الواقع، لأرى طامَّات كُبرى، ومطبَّات أخرى، ما أشعر به يا أمي أكبر مما تَقْرَئينه في عيني، وتَسمعينه على شفَتي، فذاك الشعور كأصوات مَن في القبور!

 

قل لي يا رضيعي، ما يَنتابك من الأحاسيس.

 

خلِّ عنك يا أمَّ زيد، أمَا تُريدين أن أذهبَ لعملي؟

 

زيد، زيد، ها صباح الخير، أهلاً بالغالية، ما رأيك يا بُني في الخروج للتنزُّه اليوم؟ لِمَ اليوم؟ أسمع الأماكن تُنادينا وتَخطب وُدَّنا، فما رأيك؟ لا أرى أنَّ في هذه الأيام نُزهةً، أُفٍّ منك، أمَا تملُّ من هذا؟ سامِحيني، ولا تَعذليني، وإن أخْطَأت، اعْذِريني.

 

أستغفر من ذنبي يا أُمَّاه، لكني ومنذ سنين تاهَت مني حاسة الذوق، فأشعر أن كلَّ الطعام فاسدٌ! لكن لا يُعقل ذاك يا أمي، فإن فسَد الطعام مرة أو مرَّتين، فلا بدَّ أن يكون صالِحًا فيما بعدها من المرَّات، فما يعقل حقًّا هو أنني افتَقَدت حاسة الذوق؛ لذا أقول ما أقوله، ولذا أرجو المعذرة.

 

أرجو المعذرة يا أمي، فليست هذه كهذه، فتلك الأيام كالتي خالطَها لحنٌ، فلا العيد سعيد، ولا الجمعة جامعة.

 

أَتذكرين يا أمي قديمًا حينما كان الصغار يرقصون فرحًا، ينشرون السعادة في كلِّ أرجاء العالم؟ هكذا كان العيد وهكذا عرَفته، انظري الآن إلى الأطفال في العيد وقد استَمْلَكهم الضَّجر.

 

أعلم يا زيد أنَّ ما تَشعر به عظيمٌ، لكن ذاك هو الهلاك بعينه، فللأيام ربٌّ يُديرها ويُداولها بيننا، فدَعِ الأيام لخالقها، والسموات لرافعها، والأرض لباسطها، فما أنت الذيتُصلحها؛ ففي فسادها صلاحٌ وحكمة، وفي صلاحها خرابٌ وعِبرة.

 

نعم يا أمي، لكن....

 

زيد، زيد، ها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة