• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

معطف مختلف (قصة قصيرة)

معطف مختلف
بوشعيب عطران


تاريخ الإضافة: 15/10/2011 ميلادي - 17/11/1432 هجري

الزيارات: 13064

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معطف مختلف

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية )

 

انتقلت من مرحلة الابتدائي إلى مرحلة الإعدادي، أشياء كثيرة تغيَّرَت بداخلي، امتدَّت إلى ملبسي.

 

كنَّا على أبواب الشتاء؛ أسوةً بزملائي طالبتُ أبي بشراء معطف لي، كعادته قابلني بالرَّفض؛ لأستعين بأمِّي بعد عدَّة جولات رضخ مرغمًا لأمري.

 

عصر عطلته الأسبوعيَّة، صحبني إلى السُّوق حيث المحلاَّت التجارية، بعد لفٍّ ودوران، وجدتُ ضالَّتي؛ معطفًا بُنيًّا ذا أزرار ذهبيَّة، أشرتُ إلى أبي: هذا ما أبتغي.

 

دلفنا إلى داخل المحل؛ سارع صاحبه بجلبه إلينا، لمستُه، كان ناعمًا، ارتديتُه، تمامًا في مقاسي، إلاَّ أن أبي أبدى امتعاضًا، قال:

• إنه طويل بعض الشيء.

 

أجابه التاجر مفتعلاً الضحك:

• سيكبر فيه.

 

ثم بدأ يسرد محاسِنَه بشيءٍ من الإغراء، دون أن يأبه بسؤال أبي المتكرِّر عن ثمنه:

• إنه معطف مختلف، انظر أزراره، مثبَّتةٌ جيدًا، له واجهتان بلونين مختلفين؛ بنِّي ورمادي، كأنك ستشتري معطفين بدل واحد.

 

راقتني هذه الميزة كثيرًا؛ معطف بواجهتين، وبِلَونين مختلفين، حقًّا مذهل، سأكون به مختلفًا عن بقية زملائي.

 

نطق التاجر أخيرًا بالثمن، صاح أبي:

• إنه جدُّ غالٍ.

 

بدأت المساومة، انزويتُ في ركن المحل، أرقب هذا المشهد الذي كان يتكرَّر كثيرًا مع أبي عند ابتياعه لشيءٍ ما، غالبًا ما ينتهي بالشِّجار، وكذلك كان.

 

خرجنا من المحل، وصياح أبي يتعالى في الشارع؛ لنغادر السوق دون معطف، إلاَّ بغضب أبي الذي تَرْسم انفعالاتُه وحشًا أخشاه كثيرًا؛ لألوذ بالصَّمت وغُصَّة اليأس تتحوَّل إلى دموعٍ حبيسة.

 

شيئًا فشيئًا عاد الهدوء إليه، قبض على يديَّ بقوة، وهو يحدثني بصوت منخفض:

• لا تحزن يا بني، المرَّة القادمة سأشتري لك أفضل منه!

 

لم تأتِ هذه المرة قطُّ, لأكتفي ذلك الشتاء بـ(كنزة) صوف اشترَتْها أمي من سوقٍ للأثواب المستعملة!

 

بقي ذلك المعطف عالقًا بذهني، أوَّل راتب اشتريتُ به معطفًا، حيث دأبتُ على شراء ثلاثة إلى أربعة في السَّنة، حتَّى امتلأَتْ خزانتي بمعاطف كثيرة بألوانٍ وأنواع مختلفة.

 

توطَّدَت علاقتي بصاحب محلٍّ راقٍ، كنت أحدِّد له اللَّون والشكل؛ ليأتني بما أشاء دون تردُّد، ما دمت زبونًا وفيًّا لا أجادِلُه مهما كان الثمن.

 

كالعادة أبلغتُه بِمُرادي، مرَّ أسبوع لأجد بدل ما طلبتُه معطفًا أسود، نظرت إليه مستغربًا:

• ليس هذا ما أريد؛ ولَم أرتَدِ قطُّ هذا اللون.

 

ردَّ بسرعة وابتسامة إغراءٍ تحتلُّ قسماته:

• أعرف، لكنها (الموضة) يا سيدي.

 

مما شجعني على الكلام، لأبثَّه ما يدور بخلدي منذ زمان:

• ألا أجد عندك معطفًا بواجهتين؟

 

نظر إلَيَّ وعلامةُ الاستفهام تبدو على مُحيَّاه:

• لم أفهم قصدك؟

 

بدأتُ أشرح له:

• معطف بواجهتين؛ أيْ: بِلَونين مختلفين و..

 

قاطعَني بضحكة طويلة شاركتُه بقهقهة مصطنَعة؛ لأُخفي ارتباكي:

• معطف بلونين مختلفين! كان هذا قديمًا؛ لما كانت المعاطف جد قليلة، ومَن يلبسها قلَّة، أما اليوم فقد أصبح الكلُّ يرتديها، وموجودة بأنواعٍ وألوان مختلفة.

 

لف التاجر المعطف الأسود، أدَّيتُ ثمنه، غادرتُ المحل بسرعة، وضحكة غريبة منه تُشيِّعني بالخارج، والمعطف ذو الواجهتين يأبى أن يُغادر خيالي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
40- إلى الأخت سعاد أشوخي
بوشعيب عطران - المغرب 12-02-2012 03:06 AM

ممتن لقرائتك أختي سعاد هناك الكثير من المعاناة نحاول نقلها وفهمها في شتى الإبداعات شكرا لكلماتك المشرقة
تحياتي

39- المعطف
سعاد اشوخي - المغرب 12-02-2012 02:49 AM

سيد بوشعيب بصدق قدمت واقعا عاشه الكثيرون لكن قالبك كان الأروع وسردك كان مممتعا
تستحق الفوز والجائزة

38- إلى الأخ شكيب أريج
بوشعيب عطران - المغرب 31-01-2012 03:43 AM

ممتن كثيرا لمرورك الجميل أخي شكيب طبعا ليس مهلوسا بل رائعا مثل إبداعك.......مودتي الغامرة

37- القصة المعطف
شكيب أريج - المغرب 29-01-2012 01:45 PM

قصة مميزة في وقتها، بمعنى أنها قصة الشتاء.. أعجبتني النوستالجيا التي تدفئ القارئ، إنها قصة معطف. كما أن الجانب المتعلق بمساومة الأب يحمل دلالات كنت أتمنى أن تسبر القصة أعماقها أكثر.
شكرا للغالي الماعزي الذي دلني على القصة ومودتي للجميع.

36- إلى الأخ عزالدين الماعزي
بوشعيب عطران - المغرب 14-12-2011 02:00 AM

شكرا كثيرا لمرورك الطيب و حرفك الرائع المفعم بالحب والعطاء أخي عزالدين ... شهادتك فخر واعتزاز لم تأتي من فراغ بل من مبدع وقاص أضاف الكثير إلى القصة المغربية .....مودتي الغامرة

35- تعليق على
عزالدين الماعزي - المغرب 13-12-2011 10:38 PM

(معطف مختلف) نص يمتح من الذاكرة ،من صندوق المعنى الذي يكبر يوما بعد يوم أجدك صديقي صوتا واعدا قادما ليس من معاطف الآخرين بل مختلفا بلغتك بسردك بسحر كلماتك التي توظفها بلون وبهاء معطف القصة التي تكبر بأمثالك...
أجدد حبي لهذا النص الجميل ولذته تؤكد أنه طبخ في مطبخ سري أو على نار هادئة.
دمت بهذا الألق والجمال
أخوك عزالدين

34- إلى الأخ حميد ركاطة
بوشعيب عطران - المغرب 23-11-2011 12:53 AM

يسعدني مرورك العطر أخي حميد وقرائتك مقترنة بشهادة أعتز بها من قاص له باع طويل وهرم من أهرامات القصة في وطننا العربي.... و ما هذه إلا بدايتي أتمنى أن أضيف شيئا لهذا الإبداع الرائع.......محبتي الدائمة

33- معطف مختلف
حميد ركاطة - المغرب 22-11-2011 06:17 PM

نجد في نص القاص المغربي بوشعيب العطران نزوحا نحو الرصد الدقيق لتفاصيل يصعب تذكرها فالسارد بقدر ما يرسمها تبدو كجراح دفينة في القلب والحنايا ستظل خدوشها كذلك في الذاكرة لترتبط بشيئ مرغوب فيه "معطف " بمواصافات خاصة
إن ما يثير في النص هو الحرقة الدالة على الحرمان والقهر وكأننا نعيد نتفاصيل طفولة جريحة محرومة بسبب خلافات الأب الذي لم تكن تسعفه إمكانياته بتلبية حاجيات فتى ابنه فكان ينهي المر باللجوء إلى افتعال صراع يجهز على كل آماله في الحصول على مبتغاه
هكذا يرسم النص صورة الأحلام المغتصبة والطفولة المعذبة في فترة ما من فترات العوز والاحتياج وهو ما سيترجم نزوح البطل في كبره نحو اقتناء أنواع وأصناف من المعاطف رغم ذلك لن تكون دوما جميلة في عينيه ما دامت لا تحمل مواصفات المعطف الذي ظل محفورا في الذاكرة بواجهتين وهو ما سيم الإعلان عن في نهاية النص ضمنيا للدلالة على حنين وحرقة لم تطفأ نارها بعد 

نص المعطف هو من التجارب القصصية الناجحة والرصينة التي تهدف إلى استكناه وتوظيف مقومات القصة مع العصف بانتطارات المتلقي في النهاية .
أحييك أخي بوشعيب
محبة لا تشيخ

32- إلى الأخت فاطمة الزهراء المرابط
بوشعيب عطران - المغرب 12-11-2011 06:02 PM

هنيئا لك بقهوتك الصباحية وهنيئا لي بطلتك على النص وتقييمه من باحثة مبدعة.... أختي فاطمة الزهراء محبتي الغامرة

31- هنيئا لنا بقلمك
فاطمة الزهراء المرابط - المغرب 12-11-2011 03:17 PM

تناولت قهوتي الصباحية رفقة هذا النص الذي يلامس الحس الإبداعي بأسلوبه الراقي، واحداثه المثيرة للاهتمام والقراءة
هنيئا لنا بقلمك

1 2 3 4 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة