• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

ثـمن الـدم (قصة قصيرة)

عادل مناع


تاريخ الإضافة: 2/8/2011 ميلادي - 3/9/1432 هجري

الزيارات: 6035

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الزمان: 1973م.

المكان: إحدى قرى محافظة قنا.

 

أحد الخُفَراء يطرق باب الجنديِّ "سيد الدهشوري"، والذي خرج ليتسلَّم خطابَ استدعاءٍ؛ فقد كان عليه التوجُّه فورًا إلى كتيبتِه.

 

- سيِّد: حسنًا يا أبي، بالتأكيد سيكون مثل المرَّات السابقة، استدعاء عاديًّا، ثم أرجع، وساعتها سأرفع رأس العائلة عندما أحصد إحدى رقاب عائلة "الصبَّاغ".

 

- الأب: يا ولدي، كفى ما كان، لم يَعُد لي من أبنائي الثلاثةِ سوى أنت، لعنة الله على الثَّأر، لقد كبرت يا سيد، أحتاجك يا بُنَي، أحتاجك.

 

- الأم: يا بني لا تحرق قلبي عليك، يكفي ما حدث.

 

- سيد في غيظ: وأترك ثأرَنا؟! كيف سأمشي في البلد بعد ذلك؟ كلاَّ سوف أرفع رأسي ورأسكم جميعًا.

 

توجَّه "سيد" إلى كتيبته، مُخْلِفًا القلق والحزن في أهل بيته، وهناك في الكتيبة كان أعضاء التَّوجيه المعنويِّ يذهبون إلى المعسكرات لوعظهم وتوجيههم وإرشادهم.

 

"اعلموا أنَّ الحرب بيننا وبين الصَّهاينة هي حربٌ بين الحق والباطل، نحن أمَّة السلام، وهم أُمَّة البغي والعدوان".

 

أثارت كلماتُ الشيخ الحماسَ في نفس "سيد" ورفاقه، فتابع الشيخ:

"ولكننا لن ننتصر على أعدائنا إلاَّ إذا انتصرنا على أنفسنا، وها هو شهر رمضان قد أقبل، شهر الصَّبْر، شهر الانتِصارات على الأعداء، وشهر الانتصار على النَّفس الأمَّارة بالسوء، ولنا في هذا الطريق إحدى الحُسْنيين: إما النَّصر أو الشهادة؛ إما تحرير الأرض، أو تَعْبُر دباباتهم على أشلائنا، ثم تكون جنَّةٌ عَرْضُها السموات والأرض.

 

كبَّر الجنود جميعًا: الله أكبر، الله أكبر.

 

واتَّقدَت الحماسة في نفس "سيد" ورفاقه، ولم يَعُد أمر الثأر يخطر بباله إلاَّ النذر اليسير، فيحاول بنفسيَّته الجديدة الهروبَ من التفكير فيه، ولكن كانت المفاجأة بانتظاره.

 

لقد وفد بعض الجنود الجُدد إلى الكتيبة، وأثناء تعارُف الجند، قَدَّم شابٌّ طيِّب السَّمْت نفْسَه للرفاق، اسمه "محسن" من عائلة "الصباغ" في القرية المجاورة لقرية "سيد"، العائلة التي بينها وبين عائلة "سيد" ثأر مستمر!

 

كانت مفاجأةً كبيرة لـ"سيد"، والذي أخفى هُوِيَّته، ولم يخبره أنه من عائلة "الدهشوري"، وظلَّ طوال الليل يفكِّر، لقد كان في صراعٍ مع نفسه؛ بين القضيَّة الجديدة التي صارت تشغل باله، قضية التحرير والنصر والشهادة، وبين قضيَّة الثأر.

 

"لقد أتتك الفرصة تحت قدمَيْك يا سيد.

 

نعم إنَّها فرصة، ولكن أهذا وقتٌ أُطالب فيه بمجدٍ شخصي؟ يبدو أنَّ الحرب باتت وشيكة.

 

أتترك ثأرك يا سيد؟ وكيف سترفع العائلةُ رأسها بعد ذلك؟

 

نعم، سأقتله، لا مفرَّ من ذلك، سآخذ بثأري، سأنتظر وقتًا مناسبًا".

 

وفي صباح العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر، جاءت الأوامر للجند، اليوم يوم التحرير واسترداد الكرامة، وكأنَّ هذه الأوامر قد أضرمت في نفوس الجند نارًا تستعر، وغلَت الدِّماء في عروق "سيد"، يتطلع إلى النصر أو الشهادة، ولكن ما إن تذكر الثَّأر حتى تعكَّر مزاجُه، وعاد الصِّراعُ من جديد في نفسه، لكنه قد حسم أمره، سوف يقتله في الحرب بنفس السِّلاح الذي سيقتل به الأعداء!

 

بدأ الجند في العبور بصيحات "الله أكبر، الله أكبر"، وتم اقتحام خطِّ بارليف بكلِّ تحصيناته، وكان "سيد" ورفاقه يُقاتلون كالأسود، وكلَّما حانت منه التِفاتة إلى "محسن"، قفزَتْ في رأسه فكرة الثأر، لكنه ينشغل عنها بقتال المُحتلِّين.

 

وبعد أن دكَّ الأُسودُ خطَّ بارليف، ظلُّوا في انتظار الأوامر من القيادات، وكبَّر "محسن"، وقام باحتضان "سيد"، وفي لحظات داعبَتْ فكرةُ الثأر خياله، وراودَتْه نفسه بقتل "محسن"، دارت كلماتُ الشيخ في رأسه وكيانه: "لن ننتصر على أعدائنا إلاَّ إذا انتصرنا على أنفسنا".

 

وعلا صوتُ مُنادي الخير في نفس "سيد": الثأر مع هؤلاء المحتلِّين البُغاة الذين نَهبوا الأرض، وقتلوا الأبرياء، ليس مع ذلك البريء، ليس ذنبُه أنْ كان من تلك العائلة، أوقِفْ نزيف الدم يا سيد، أوقف نزيف الدَّم يا سيد.

 

جميع تلك الأفكار لم تستغرق سوى ثانيةٍ أو اثنتين، انتصر بعدها الخيرُ في نفس "سيد"، وطوَّق صاحبه بيديه، وشعر بحنين جارفٍ إليه، وسالت دمعةٌ من عينيه على سنين ضاعت، ودماءٍ سالت، وشبابٍ في عمر الزُّهور ضاعوا ضحايا الثأر، و.....

 

ارتخت يدا محسن جانبًا وهو يسقط بين يدي "سيد" إثر رصاصة غادرةٍ من صِهْيوني كان يدَّعي الموت، فاستدار إليه "سيد"، وأفرغ خزانة رصاصاته في ذلك الصِّهيوني، وهو يصرخ في غضب:

- "لااااااااااااااا".

 

ثم نزل على ركبتيه يتفقَّد رفيقه وهو يبكي:

- "محسن، محسن".

 

ابتسم "محسن" ابتسامة واهنة وهو يمسك بيد محسن، ويقول له:

- مباركٌ النصر يا سيد، لقد انتصرت يا بطل، انتصرت على الأعداء وحرَّرت الأرض، وانتصرت على نفسك وحرَّرتَها من أَسْر الثَّأر اللعين.

 

راعت الكلماتُ "سيدًا الدهشوري"، واتَّسعت حدَقَتاه وهمَّ بسؤال "محسن" الذي عاجلَه بالجواب قبل السؤال:

- عرفت أنَّك من عائلة الدهشوري من زملائنا، كنت أتوقَّع منك قتلي في أيِّ لحظة يا سيد، لكنني دعوتُ الله أن يُنجِّيك من دمي، وأن تكون نهايتي على يد عدوِّه، لا عبده الطيِّب.

 

تدفَّقَت الدُّموع بِحُرقة من عينَيْ "سيد" وهو يحمل "محسنًا" بين يديه، فتابع محسن:

- صدِّقْني يا سيد، لقد أحببتُك منذ رأيتك، لقد كنت أنبذ فكرة الثأر، وأتمنَّى أن أكون ثمنًا لوقف نزيف الدم.

 

- سيد: سوف ينتهي كلُّ شيء يا صديقي، سيتوقَّف نزيف الدم بي وبك، عندما نذهب سويًّا إلى القرية يدي في يدك بعد النصر، قُم وافرح معي يا محسن، قم يا بطل.

 

- محسن بابتسامةٍ واهنة: إنَّها تنتظرني يا سيد، تناديني، الزِّفاف يا سيد، الزفاف!

 

وارتخَتْ يداه جانبًا مُفارقًا الحياة.

 

صرخ "سيد" باسم "محسن"، وهو ينتَحِب، ويحتضنه، ومشاعر كثيرة تتدفَّق في كيانه، مزيجٌ من الخواطر جعله في دوَّامة، ولكن ذلك لم يمنعه من التفكير في إكمال مسيرة النَّصر الذي تحقَّق، سوف يذهب ومعه أطياف الشهيد "محسن"، ويوقف نزيف الدَّم، ويروي للجميع تلك الملحَمة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- شكرا
عادل مناع - مصر 13-08-2011 05:56 AM

جزاكم الله خيرا

1- رائع
أُنشُودَة الْمَطر - المملكة العربية السعودية 13-08-2011 12:01 AM

وفقك الله على هذه القصة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة