• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

البحر الخضم

يحيى المصري أبو البراء


تاريخ الإضافة: 1/9/2008 ميلادي - 1/9/1429 هجري

الزيارات: 9154

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
وجلستُ أرنو بعينيّ الصغيرتين إلى هذا البحر الخضمّ الذي يوحي إليّ بالكثير الكثير...

إنك - أيها البحر - هادئٌ في صخبك، وصاخبٌ في هدوئك؛ أما الصخب فأمواجك المتلاطمة تهدر في الآفاق، فيرتعد لها كثيرٌ من المخلوقات، وأما الهدوء فلأنك كاتم أسرار.

كم ازدردتَ من مخلوقات! كم ابتلعتَ في جوفك الكبير أناساً كانوا يأمُلونَ الحياة!

كم التهمتَ من ملوكٍ وعبيد، وشبابٍ وشيوخٍ وأطفال!

كم فرّقت أحبابًا عن مُحبيهم، كان محبوهم ينتظرونهم فطال انتظارهم، وأخذتَهم إلى غير رجعة!

إنّ أعماقك كفيلةٌ بأن تفصح عن هذه الأشواقِ المبتوتة، والحَيَواتِ المبتورة.

وفي جوفك دررٌ كامنة، وأصدافٌ ولآلئ وكنوز، ورغم هذا كله فسرُّكَ مكتوم: فلا أنت بُحت بخبرٍ عن هؤلاء الذين قضوا نحبهم بسببك، ولا بما تخفيه في بطنك من كنوز.

وتظل تصخب بأمواجك، وترفع صوتك متوعداً، ولسانُ حالك يقول:
أنا آيةٌ من آيات الله، بل كلّي آياتٌ، أنا صوتٌ مزمجر، أقضي على غرور المغرورين، وكبرياءِ المتكبرين، ها هُنا بين أمواجي أبدّدُ كل عُجبٍ وزهوٍ.

أنا جنديٌّ مِن جنود الله، مَن هذا الذي تسوّلُ له نفسه أن يرفع رأسَه مزهوًّا مختالاً؟! فأنا الذي أقلب البواخرَ الضخمة فتذهبُ بأهليها وما فيها.

أنا جنديٌّ.. لكنّي من أعظم الجنود، وأعظمُ منّي خالقي وبارئي، فقهرُ الله يأخذ الجميع، حتى أنا. {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.

فصفةُ القهر محيطةٌ بي خضوعاً وإظهارًا: أمّا خضوعاً فالتسجيرُ والتفجير سيقضيانِ عليّ. وأما إظهاراً فما أنا إلا مظهر.. وأيُّ مظهرٍ لصفة القهر!!

والاضطرار الكامن في أعماقِ البشر أنا أُبديه، ولو ظلّوا سنين طوالاً يتنكّرون له.

أكشف اضطرارَهم إلى مولاي، فأنا خبيرُ جواهرٍ، أستخرجُها مِن أعماقِ البشر مهما أظلم القلب، فظلمة القلب لا تَحجب عني جوهرة الاضطرار، وهم يستخرجون الجواهر من أعماقي مهما أظلمتُ.

وشتان بين ما أخرج وما يخرجون. {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ َضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا}.
وأنا مع أخي في الله (البر) نَحملكم  - معشرَ البشر - ونحملُ أثقالكم وأوزاركم، ولولا ما أقدرنا مولانا لخارتْ منّا القوى، ولانهدّتْ منّا الإمكانات، وأخي؛ وإن كان أصغر مني، لكن التعاون دَيدننا، والوحدة شيمتنا.

أيها الناظرون إلى جمالي، لا يغرّنكم ما ترون من جمالي، فجمالي إن هو إلاّ مرآة تدل على عظيم صفاتِ مَن أوجدني، إنه إلهي العظيم أطيعه فلا أعصيه، وما عصيته منذ خلقني.

منذ كم - أيها البحر - وأمواجك لا تكفُّ عن الهدير والصخب؟

منذ كم وأمواهكَ تقذف بالزبد؟

لقد عُمِّرتَ ما لم يعمر كثير من المخلوقات، فقد عبرتْ من أمامك مخلوقاتٌ لا تعدّ كثرة، وأنت لاتزالُ في عنفوان شبابك ويفاعة حياتك. منذ كم وأنت وجهٌ متجهم لا يلوي على أحد، يتوعد الناكبين عن الصراط: أن أُوبوا وإلاّ لوحتُ لكم بالعقوبة، فتضطرب الأفئدة للتلويح، وتموت قبل التصريح.

منذ كم وأنت وجه الحبّ والجمال، ووجهة المحبين والعشاق، وملاذ الهاربين من أخيك الصغير (البر)؟

منذ كم وأنت وجه العبوس والجمال بآن؟!

كيف جمعت بين النقيضين وقد قالوا : إنهما لا يجتمعان وقد يرتفعان.

والآن وقد أزف الفراق ودَنا الوداع، أبعثُ إليك أحرَّ التحيات، وأعطرها، وأهمس لك: إني وإياك عبدان لله ومخلوقان له، تجْمعنا الحداثة أو الحدوث، ويضمّنا الفناء، وربُّنا هو الأوّل والآخر.

فلتتصافح مِنّا الأكفّ. هذه يدي الصغيرة ممدودة... مالي أراك لا تمد يدك؟!

آه.. أنت لست كهيئتي، الآن عرفت: مصافحتك وسلامك هدير تبعثه مع الأمواج، وصخب ينقطع له الفؤاد! أهكذا يكون السلام والمصافحة؟! لله درك لا تعرف الدعابة. كلُّك جدّ وعمل. لا تهدأ..

سبحان من أبدعك، فهو الحقيق بالثناء، وهنيئاً لمن رآه قبلك فهانت عليه عظمتُك وزمجرتك.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
7- ما فني الأدب وأمثالك جباله
محمد أبو عبدالرحمن الشامي - الكويت 02-01-2009 07:25 PM
الأخ الكاتب أبو البراء .. لن أقول لك إلا : ما فني الأدب وأمثالك جباله
6- اخجلتموني
أبو البراء - الكويت 13-12-2008 10:05 AM
شكرا لكل من قرأ ، ولمن تكرم فعبر عن مكنون سره وهم الأحبة الكرام:
فارس أبو عبد الله
أحمد أبو المجد
أبو محمود
5- بوركت أبا البراء
أبو محمود - الكويت 11-11-2008 09:38 PM
بورك فيك وبورك فوك

ما أجمل أن تنتشر نسمات مقالاتك ندية عبر الفضاء الرحب لتلامس أثير القلوب
وتتغلغل في ثنايا النفوس ونسأل الله أن نقرأ المزيد والمزيد من بحرك الخضم
فنعم القلم قلمك ونعم اللسان لسانك ونعم الفكر فكرك
4- حييت يا يحيى
فارس عبد الله سلمون - الإمارات 10-11-2008 11:14 PM
الأخ الحبيب الأريب الأديب أبا البراء
بارك الله فيك , وزادك توفيقاً , وأنعم علينا وعليك بالقبول .
الحبيب يحيى كنت قد وقفت على خاطرتك في أول يوم نشرت فيه , ولكن ضللتني كلمة ( أبو البراء ) فظننتها من اسم الكاتب , لكن لما رجعت إليها ورأيت تعليق الأخ هشام جزمت أنك أنت.
أيها الحبيب قرأت خاطرتك فأعجبتني عباراتك , وتأملت فيها فأغرقتني معانيها , وسبحت نحو شاطئها فما كدت أصل حتى ردني الموج ثانية ..
فبورك فيك وفي قلمك ...
ويسرني كثيراً أن تطلع على مقالاتي في هذا الموقع الكريم.
الأولى بعنوان ( حتى تستمر الحياة )
والثانية بعنوان ( فرحة أم )
دمتم لمحبكم أبي عبد الله
3- هكذا عودنا
أحمد أبو المجد - الكويت 14-10-2008 10:25 AM
السلام عليكم ورحمة الله
نعم هو (بحر خضم) لا شاطئ له، ولسان صارم لا عيب، عودنا دررا ثمينة يخرجها بين الفينة والأخرى من دفين أحاسيسه، وسالف ذكرياته، فيمتعنا بأعذب عبارات، ويرجع بنا إلى عصر عمالقة الأدب، وروَّاد الفكر، ليجدد ويؤكد، ويتمم ويصحح، ويضيف ويبدع.
فأسأل الله تعالى أن يزيده بيانا إلى بيانه، وفصاحة إلى فصاحته، وأن يوفقه لما يحبه ويرضاه
2- ابا غزوان من بيتكم خرج الأدب
يحيى ابو البراء - الكويت 05-09-2008 04:17 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
أخي الحبيب الأثير أبا غزوان ، لقد أخجلني ثناؤك ، كما سرني تفضلك بقراءة الخاطرة ، فلولا ما اعتراني من سرور لكان الخجل وراني خلف الحجاب.
سلامي للأخوة عندك
1- أبا البراء لا فض فوك
هشام عساني أبو غزوان - الإمارات 01-09-2008 09:23 PM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته...
أبا البراء لا فض فوك، وبارك الله تعالى فيك، وجزاك الله خيرا على هذه الكلمات الرائعة، والعبارات الساحرة، والأسلوب الجذاب ...

إن كل كلمة مما كتبت تنم عن قدرة فائقة في التعبير، وبلاغة واضحة في المقال، وفصاحة عالية في الكلام ...

جزيت خيرا، وبورك فيك أخي الحبيب...

أخوك المحب هشام.
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة