مـوت الإمام

 

أمضى حياتَه ينتقل من مسجِد إلى آخَر بحثًا عن لُقمة العيش، ضحَّى بالأُسرة من أجْل الأُسرة، يقضي أغلبَ أيَّامه في المسجد لأداء مسؤولية الإمامة، ويخصِّص يومًا واحدًا لأداء حقوق أهلِه وعياله، وصله بعضُ رحِمه.

 

زوجته مريضة ما يَزيد على تِسع سنوات، ودخلتْ مرحلة المرض المخوف، فبدأت الأخبار تتردَّد عليه باحتضارها، بدأتْ معاناته في هذه اللحظات فهو بيْن مسؤولية الإمامة مِن جهة، وحضور احتضار الزوجة مِن جهة أخرى، فلا يعذر في كلا الحالتين؛ لكنَّه آثَر أن يُجيب داعي الزوجة ويستخلف للإمامة.

 

تكرَّر الأمر أكثرَ مِن مرة والزوجة قاب قوسين أو أدْنى من الموت.

 

وفي يوم من الأيام استيقظ الإمام مذعورًا على رؤيا رآها في المنام: رأى أنَّه اقتلع ضرسًا دون ألَم ولا وجع، تنهَّد الإمام وترقَّب بزوغ شمس يوم جديد بما يحمله إليه مِن أخبار.

ظنَّ أنَّ الرؤيا تنبئ بوفاةِ الزوجة؛ لذلك أرسل رسولاً مع تباشير الصباح؛ فأخبر أنَّها ما تزال على قَيْد الحياة، وقبيل صلاة الظهر بينما هو يتوضَّأ سقَط فالتطمت مؤخِّرة رأسه بالحائط فسقَط مغشيًّا عليه، وأُصيب بالشلل النِّصفي الذي انتهى به إلى الموت بعدَ ثلاثة أيَّام، وانتشل قدرُ الله الزوجة مِن المرَض؛ لتعيش بعدَ زوجها الإمام زهاءَ ستِّ سنوات.