• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

قمر من البادية

مصطفى شيخ مصطفى


تاريخ الإضافة: 1/5/2010 ميلادي - 18/5/1431 هجري

الزيارات: 6286

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خرج باتّجاه البادية فيما يلي المدينة، وبامتِداد يصل إلى الحدود، حيث تتقلَّب قبائل البدْو متنقلةً من مكانٍ إلى مكان تبتغي الماء والكلأ, كان لأبي خالدٍ تِجارتُه مع البدْو وشراكاتُه معهم، واقتضتْ هذه الأعمال أن ينتقِل في الشَّهر الخامس من كلّ عامٍ بين القبائل؛ بحثًا عن شريكٍ، أو إرساءً لاتِّفاق مع هذه الكواكب، الَّتي تتجمَّع لتشكّل بنًى متنقِّلة توجد حيثُ يوجد الخير.

 

على عادتِه خرج من بيتِه وقد هيَّأ لوازم السَّفر في كيس نُسِج من القطن، جعل عينًا منْه لزادِه وعينًا أخرى لزاد فرسه, وامتطى صهْوة جوادِه لينتقِل من مكانٍ إلى مكان، كان أبو خالد مولعًا بالقهوة المرَّة، لا يُمكن أن يفارقها لحظة واحدة، لا في إقامة ولا في سفر، فوضع معه ما يحتاجه منها بالإضافة إلى دلَّة يُمكن أن يضع القهوة فيها، فيسخّنها ليشرب منها ما يَروي ظمأَه، فهو لا يستطيع أن يستغْني عنها ساعةً من زمَن، لا في ليْلٍ إذا سهِر، ولا في نَهار إذا جلس.

 

فيما يلي المدينة وفي عمْق البادية نزل ضيفًا على أبي محمود، ربط فرسَه في طنُب البيت وأخرج لها ما تَحتاج من علف، ودخل البيت ومعه زادُه من القهوة ودلَّة من النُّحاس الأصْفر.

 

أنْهى علاقتَه وتجارته عند أبي مَحمود ثمَّ انطلق إلى المُحيط القَريب في دائِرة لا تتجاوز عشَرة كيلو مترات، عرض ما عندَه، أخذَ حقوقَه من فلان ومن فلان، نزل في آخِر بيتٍ وأبعدِه عن منزل أبي محمود، وقد نزلت الشَّمس من السَّماء لتغيبَ في جهة الغرْب، معلنةً انتِهاء نهار حافل قد مضى.

 

عندما جلس ليستريحَ أراد أن يشرب قهْوته، لم يجد دلَّته, آهِ لقد نسِيها عند أبي محمود ،كان قد ابتعد عن منزل الرَّجُل فقال في نفسه: آخُذها في طريق العودة.

 

أمضى ليلَه ليستيقِظ على نهارٍ جديد يُتابع عملَه كما تقتضيه الحاجة، أين آلُ فلان في المكان الفلاني؟ وأين آل فلان؟ فهو قد خبر البادِية كأهلها يعرِفُها شبرًا شبرًا, عاد الرَّجُل ليغيبَ في زحام المدينة بعد رحلةٍ امتدَّت أيَّامًا بل أسابيع.

 

مضى شهر ومضت شهور لكنَّ أبا خالد لم يعُد ليأخُذ دلَّته التي نسيها عند أبي محمود، مضى عام ويئِس أبو مَحمود من عوْدة أبي خالد، فقال في نفسه: سأبيع هذه الدلَّة وأشتري بثمنها شاةً صغيرةً أثَمِّرها لأبي خالد، ومتى عاد أعطيتُه إيَّاها.

 

لَم يعد أبو خالد خلال عام ولا عامَين ولا ثلاثة، ومضت أعوامٌ عديدة وأبو محمود ينتظِر عودة أبي خالد لكنَّ أبا خالد لم يعُد، أضْحى المال الَّذي يثمِّره أبو محمود لأبي خالد كثيرًا، فماذا يفعل؟ حتَّى ضاقت مقدرتُه إلى أن يضمَّه إلى حلاله ما يربو على ستّين أو سبعين شاة، فقال في نفسه: أبيعُها له وأبحث عنه.

 

تأبَّط رزم النّقود الَّتي أخذها لقاء غنَم أبي خالد، واتَّجه إلى المدينة يبحث عن أبي خالد، دخل السوق وسأل، لا أحد من الشَّباب يعرف أبا خالد، ثمَّ قال: لأسألْ عنْه شيوخ القوم، توجَّه إلى أحدِهِم: أتعرف أبا خالد الحكيماني؟

♦ ماذا تريد منه؟

♦ لي عليْه دين؟

♦ انتقَل إلى رحمةِ الله.

♦ رحمه الله, أين أجِدُ ورثَتَه؟

♦ دعْك من ورثتِه واطلب العِوَض من الله.

♦ ولِم يا أخي؟

♦ لأنَّهم بحال شديدة ولا يَملكون أقواتَهم، فمن أين يأتون لك بالمال؟!

♦ ولكنَّني أريد الورثة.

♦ وماذا تستفيد؟

♦ أبيّن حقّي عند مورِّثهم.

♦ إنَّهم في الحيّ الجنوبي في الشَّارع الرَّئيس، منزلهم قبالة المسجد من جهة الشرق.

 

ذهب إلى شيخ المسجد.

أُريد ورثةَ أبي خالد الحكيماني، دعا الشَّيخ الورثةَ فحضروا جميعًا.

أبو محمود: أهؤلاءِ هُم ورثة أبي خالدٍ الحكيماني؟

♦ نعم، هؤلاء هم كلّهم.

الشيخ: هذا الرَّجُل يُطالبُكم بدَين على والدكم.

الجميع متمْتمًا: هذا هو الناقص.

 

أبو محمود: أيّها الشَّيخ الكريم، مرَّ علينا في البادية مورثُهم أبو خالد ونسِي عندنا دلَّة من النُّحاس الأصفر ولم يعُد ليأخُذها، بِعْتُها واشتريت له شاةً صغيرة، ثمَّرت المال للرَّجُل حتَّى أصبح قريبًا من مائة من الغنَم وأنا أنتظر عودته، ضاقت مقدرتي وضعُفت همَّتي على خدمة مال الرَّجُل بالإضافة إلى خدمة حلالي، فبِعْتُه, ثمَّ أخرج رزمة من المال وضعَها بين يدَي الشَّيخ، وقال له: هذا مال أبي خالد، قسِّمْها بما يرضي الله ورسوله على ورثتِه.

قال الشيخ: جزاك الله خيرًا، أفْعَل.

 

استأذن أبو محمود الجميع وغاب في البادية كقمَر بعد ما ظهر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- شكر
سعد باشق - السعودية 01-05-2010 11:57 AM

جزاكم الله خيراً على
وبانتظار جديدكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة