• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

وعندنا بطريك!

وعندنا بطريك!
السيد شعبان جادو


تاريخ الإضافة: 13/9/2017 ميلادي - 22/12/1438 هجري

الزيارات: 3409

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وعندنا بطريك!

 

كلَّ يوم تتهاوى الأبنية، يندَثرُ الحجر، وينسحق البشر، تغيم ذاكرة الوطن وراء سياط القهر، تدبُّ الضغينة مثل وساوس الشيطان!

هل هو خريف بطريك جديد يلفُّ سماءً ملبَّدة؟

إنهم يزرعون في كل ناحية رؤوس شيطان يجيد فِعل الغَواية، هذه أيامٌ يجب فيها الحذر، فكل التفاتة وكل طارفة عين تتابعها شاشة عملاقة مثبَّتة فوق سارية العلم، إنهم يُحْصُون نسمات الهواء، ومن ثم ألف تفسير وتأويل، يُطلق الجِراء البِيض لتأتيه بأحاديث المخادع؛ فالنساء تجيد وضع العطور، وتُحسِن ارتداء الثياب ذات الألوان القرمزية.

 

يختالُ في مِشيته يعلوه زهوٌ مصطنع، يصنعون مِن أغطية زجاجات الكولا له تاجًا، تعلوه معقوفتان مِن عظم غضٍّ لَمَّا يَزَل في بدايات ربيع عربي، ترانيم مجده المدوِّي صيحات تنذر بهَوْل القيامة، لقد عاد الشعراء من الباب الخلفي لقصر الحاطم بأمرِه.

يرقبونه هالةَ قمر يطلع في سمائهم المشحونة بالمَلَق والزيف، جوادُه الذي خطر يومًا في ساحة تعِجُّ بهُتاف مدوٍّ.

 

ليس هذا كل البوح، إنه المملوك الأخير في سُلَّم ينتهي به دَرَجُه قوس باب زويلة الذي تعشق هذا الحدث، تشتاق المحروسة لساعةٍ يقدم فيها الدرويش محاطًا بالخِرَق البالية، وقد تزاحمت جموع السابلة، يهتفون بحياة المهدي منتظرًا ليوم الفداء.

يتلو الشيخ وِرْده قُبالة المبنى الأبيض؛ حيث ساحة مسجد السلطان حسن تعلُو مئذنته حمامة بيضاء حلوٌ هديلها؛ لكنها مصابة بصمم لا علاج له.

 

سيف المعزِّ وسوطه يثيران الرغبة والفزعة، فما انتهت مسيرة طريق الآلام إلا إلى حارة سد.

سبيل قلاوون مياهه آسنةٌ، فقد تصدع مجرى العيون ما عاد للقلعة ماء!

المملوك يقفز بجواده من فوق سُور المذبحة التي تسكن دائمًا؛ حيث شهوة الكرسي المحاط بآلة قتل لا تترك للصغار رضعةَ لبنٍ.

إنها تمورُ ببنِيها في أَتُّون مُستَعِر، الدُّخَان في شارع المعز موج يتابع في قماءة لا حدَّ لها.

 

يشعر بحالة من الغثيان كمَن حملت سفاحًا، وقد أتت به في هلعٍ تحمله نتاج ليلةٍ مخمورة، ساعتها تداخَلَت كل الفروض، واستحالت السُّنن المحكمة بيد ممثل يجيد التلاعُب بعقول هشَّة فوق خشبة مسرج نخر السوسُ عوارضَها.

متوالية تتشابه فصولها، وتتابع في إصرار كل أحداثها، تتبدَّل المسميات لكن الشخوص كما هي، عازف الربابة يجوب النواحي، يكتفي المارَّة بنظرة عَجْلى، لكنهم لا يعلمون أنه يضرب بوتره على مأساتهم.

 

تتجلَّى الأحلام في ليلة غاب عنها البدر، اليتم في جنبات باب الخلق الذين تاهوا مرة في درب سعادة، وأخرى في درب الجماميز، حتى كان الدرب الأحمر، حتى انشق ممر فم الخليج عن بغال وحمير طاشت عقولها، المحروسة تندب حظَّها وتبكي وَليدها، يومًا كانت وردًا تفتَّح في "جناين" البر الأيمن من ضِفَّة النِّيل المبارك.

 

أما هو، فيجري وراءها طيفًا يسرقه الوهم، ومن ثم يدلس عليه، قصر الشوق تصدعت جدرانه، سكنته الغربان؛ حيث قرافة تحيط بفسطاط عمرو، صوتٌ خافت ينساب في فجر أبيض في ليلة المولد النبوي، وقد ترنم الذاكرون بلحن البُردة علويًّا، الشيخ الأخضر يرتدي عمامته في بهاء، ثيابه بها أربعُ رقع سوداء، كل واحدة تسدُّ عين الشمس، زهران مقيد مع الدراويش، وقد غاب الرُّبَّان بسفينته وسط نهر بدأ العجز يلتهم منبعه، تتوغل الثعابين من مصبه، إنه الداء الذي قهر (قطز) يوم نصره.

 

كلما قام أملٌ يمحو غبش اليأس حاربوه، يشي يهوذا بالمسيح، إنه أبو لؤلؤة يغرِس نصله في قلب عمر.

انتابَتْه حالة من غثيان، إنهم لا يجيدون غير الهُتاف، لقد كرِه ذاته التي انتفخت حتى صارت مثل مِنطادٍ يوشك أن ينفجر فيَهوِي به باطن المحيط.

 

يتصدع جدار قبة الحسين، كربلاء تلتهمُ النفوس الغضَّة النابتة فوق ضفاف دجلة وبَرَدَى، يتساءل الأطفال: متى العيد؟

تهرب الأضاحي فما عادت في الحقول حملان تثغو، تضرب في بَلَهٍ تلك الجموع الهائمة دونما وجهة، إنها تبكي أسيادَها الذين قبروا مع آمالها، يقهقه البطريك دون أن يعلم أنه مصاب بداء الفصام القهري، يسخرون من مِشيته، لقد علَتْه سِمنة مفرطة، تعدَّدت الأقوال في وصف حالته فهو فرِحٌ فخور، القصائد حين تُردِّدها المغنيات يحلو منهن الطرب، ينتهي البطريك، يلتهم الزمن عمره، يبدو شاحبًا، كلما علا هُتافهم تقزَّم كأنما أجادوا مناوشته، إنهم رغم ذبوله يهتفون له، يحلو السمر في محضره.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة