• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

حديث قعيد! (قصة)

حديث قعيد! (قصة)
السيد شعبان جادو


تاريخ الإضافة: 10/8/2016 ميلادي - 7/11/1437 هجري

الزيارات: 3893

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حديث قعيد!

 

لأول مرة أُمسك بالقلم وأكتب واصفًا، ثمَّة مشاعرُ مختلطة، وخيالات مجنَّحة، مثل ذلك الطائر الخرافي الذي صورته لي يومًا "أفلام الخيال العلمي"، حالة مِن الهذيان، الأشياء لها صور بشر، الحيوانات تقود الحافلات، إنها مَشاهد من مزرعة الحيوانات؛ تلك الرواية التي كنت معجبًا بها في فترة المطالعة الحرَّة، وحلم المثالية الذي تلبسني يومًا، كثيرًا ما نعانق الخيال وجيوبُنا مثقوبة، لا ضير أن في العمر مُتسعًا.

 

جهدت طوال الليلة الماضية أن أطرد تلك الوساوس القهرية؛ التي تأتي إليَّ كلما استعدْتُ الأحداث التي مرَّت بي، في الحقيقة كنت مهتمًّا بالآخرين، مُنشغلًا بهم، فوجدت في بعض تلك الخيالات سلوى مما أعاني منه، أما الآن، فطيفٌ جميل يُسامرني وقت الملل، يباعد بيني وبين اليأس، في أحيان كثيرة أدير شريط الذكريات، أسافر حيث الأماكن واللقاءات، أحمل همَّ غيري.

 

الشعور بالوحدة قاتل؛ إنه مثْل شتاء بلدتي القارس، يخلو من الدفء، الحُجرة هنا باردة لا تُشعرك إلا بالموت المتدرِّج، أنا أعاني من الصمت الذي يَغتال من حياتي اللحظات الجميلة، ويترك ظلَّه الباهت يُخيِّم فوق الجدار الأبيض مثل كفن يُرخي سدوله فوق الأبنية والأشجار، غامت الحكايات ولم تعد تُمطِر، وانتُزعت منها البراءة التي ازدانت بها يومًا!

 

ولأنني صاحب فكرة غريبة، أو قل: ألتمس للناس الحب والمثالية، وأتمنى لهم العيش في المدينة الفاضلة تلك الخرافة التي سرقت مني أجمل سنوات عمري، ولا أدري من أين أتت إليَّ؟

 

إنها مثل دبيب النمل يَلتمِس سبيله، لا ينحرف إلا ليتغلب على أية عقبة قد تَعترضه، ومن ثم يواصل مسيره، ولديه صبر يُحسد عليه!

 

في لحظة لا أتذكرها ومَضَتْ مثل برق مفاجئ؛ التمستُ مصدره، لكنه يتأبَّى على مَن كان مفرطًا في خياله، أمسكتُ بالقلم وها هو حبره ينساب كالعطر يفوح في أرديةٍ مُوشَّاة، أو مثل ورود تُنثر في المكان!

 

تتعدَّد المساحات من الحيرة والقلق والملل، منذ أسبوعين لم أغادر هذا المكان، كنت ملء السمع والبصر، أترك في عالم الآخرين بالغ الأثر، كلمة حانية، أو نصيحة، وقد أنفق بعض ما لديَّ إن تيسر لي المال!

 

أعمل معلمًا، وهل في عالم الناس أفضل من معلمهم الخير؟ ربما لم أحتط لهذا اليوم، لم أفكِّر فيه؛ كل ما كان يشغلني أن أُعطي الآخرين، ولأنَّ الحياة لها آلامها؛ فقد أخذتني بعيدًا حيث المقعَد المتحرِّك؛ أُصبتُ في حادث سيارة، كان موتًا محققًا، مات معظم من كان معي، وقدماي الآن مثل جذعين من خشب!

 

في حالات كثيرة أُصاب باكتئاب شديد، لا أجد في حياتي تلك ما يسرُّني، وقد وجب عليَّ أن أعتادها بكل آلامها، غير شرفة وحيدة أنظر من خلالها إلى الأفق البعيد، وهو يمتد صباحًا مثل لحظات البهجة التي كنت أعيشُها، ولكنه ينحسر مساءً مثل جسدي العليل!

 

المسافات التي أتحرك فيها، البلاد والأماكن بالنسبة إليَّ وهم، لا يشغلني كثيرًا أن أبقى هكذا بقية عمري، لكن بكل تأكيدٍ ألتمس بعض شفاء قد يأتي؛ فرحمةُ الله ستدركني يومًا ما!

 

تبدأ تلك الهموم تنساب مثل خيط عنكبوت تحيط بفريستها، فلا تترك لها بابًا للنجاة، الكتُب تحيط بي، لكنها باردة؛ لا أجد ذلك البريق الساحر حيث كنت أقرأ بنَهَم، ألتمس من خلالها الخفي من الأفكار.

 

المثالية ذلك الوهم المخادع الذي أمسك بخناقي، شغلني عن طفل وديع وزوجة حانية، يا للحسرة المُطبقة على صدري، رفضتُ أن أتزوَّجها، يومًا قال لي أبي: "ابنة عمِّك، تَحملُ همَّك"!

كم كانت تلك الكلمة من نور الله!

كنت منشغلًا عنها، نَمَتْ مثل أعواد الرمان التي تُحيط ببيتِنا، كم هي الآن رائعة!

 

ترتدي الحياء؛ لم تتعلَّق بتلك الترهات، كنت مثل طائر يغرد في غير عشِّه، يُعطي الآخرين عمره وفكره، ولكنه يتجاهل القلوب المحيطة به، كل تلك الأفكار الجديدة والواقعية هي من أثر عزلتي، الآن ترجع الأشياء القديمة التي توارَت خلف الأبواب المنسية، اليوم موعد مغادرة المَشفى، كنتُ أشبه بميت يتعلق بالحياة عبر أنبوب مرغمًا!

 

لم يكن ما كنتُ أراه طيفَها، كانت تأتي تجلس جواري، تُحيطني بدفء غريب، الحياة دبَّت إلى قلبي؛ تلك مُفارَقة؛ يموت الساقان ويحيا القلب!

اليوم أشعر بالحنين إليها، هل ستأتي؟

لا أريد عطفها!

قاتَلَ الله الحاجة والمرض، استعذتُ بالله من الشيطان؛ إنه يتربَّص بي، يُحاول جاهدًا أن ينفث سمومه، يغتال لحظة الأمل.

بالباب قادم، أتكون هي؟

هل سيتسع قلبُها لمثلي؟

رفضتُها يوم كنتُ مزهوًّا بعافيتي؛ مثل طاوس يختال في مشيته، أقرُّ أنني لم أكن غير متعالٍ عليها، أخذتني نشوة من غرور، لم أعتدْ أن أرى نفسي مقيدًا، مَن يعيد إليَّ تلك اللحظات التي مضت مثل سراب بِقِيعَةٍ؟

 

ما أسرع الأيام تتركني وحيدًا!

أبي، ليتني قبلتُ كلمته التي كانت من نور الله!

المرء تقتلُه الوحدة التي لا يحتسب لها، يرميه الوهم بعيدًا حيث الغياب القسري، فيتعوَّد أن يبقى رهين مرضه وقيده.

سأقص عليها أجمل الحكايات، الإنسان منا يمتلك التفاصيل لكل الأحداث بكل أبعادها!

 

يعاود الباب دقاته، في هذه المرة انفتح عن وجه مثل البدر، تحمل بين يَديها باقات من ورود بيضاء، إنها ترتدي ذلك الثوب المغطى بشارات العُرْس!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة