• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

المصير

إسماعيل آيت عبدالرفيع


تاريخ الإضافة: 10/3/2010 ميلادي - 25/3/1431 هجري

الزيارات: 8272

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
دقَّ الجرس، ودَخَل التلاميذ إلى القسم؛ مثنى، وثلاث، ورباع.

جلس سعيد إلى جانب زميله وصديقه الحميم أيوب في المقْعد المخَصَّص لهما، تأهَّبا معًا لبداية الحصَّة الدراسية، وضَعَ كلٌّ منهما مُقرر اللغة العربية والدفتر والأقلام على الطاولة في صمْتٍ ينم عن احترام وإجلالٍ كبيرَيْن للأستاذ والمادة، الصمت مُطبق على القاعة، لا تكاد تسمع إلا طنين نَحْلة تائهة، أو ذباب عابث، يُحاول اختراق النافذة، أو حط الرحال على أرنبة أحد الكسالى المصارع للنعاس، فصباحات الشتاء بردُها قارص!

بعد بُرهة دخَل الأستاذ، حيَّا تلاميذه الذين وقفوا في حركةٍ سريعة احترامًا له، تقدَّم تجاه مكتبه طالبًا منهم في الوقت نفسِه الجلوس، سحَب كرسيَّه وَوَضَع محفظته الضخمة على المكتب، وتأهَّب هو الآخر لبداية المحاضرة، إذ ارتدى وزرته البيضاء، وشمَّر عنْ ساعديه في مُحاولةٍ منه لإضفاء الجدِّيَّة على الحصة كعادته، أمَّا التلاميذ فقد شدَّت أنظارهم إليه في ترقُّب واهتمام بالغَيْن، بدافع الخوف أو الفُضُول.

كسر الأستاذُ الصمْت المخيم على المكان حين أخذ بين أنامله الرقيقة "طبشورًا" أبيض، وتقدَّم صوب السبورة، يخطُّ تاريخ اليوم وعنوان الدرس بعدما طلَب مِن تلامذته نَحْت ذلك على دفاترهم، بينا هو يخط على السبورة بخطٍّ جميلٍ يغري على المحاكاة، حدَث ما لَم يكنْ في الحسبان، هوت السبورة بقوة على الأستاذ فأردتْه صريعًا، تفجَّر الدم في كل اتجاه، صرخ الفتيان، وقفوا خائفين مذْهولين، لا يلوون على شيء، أما سعيد فقد هبَّ للنجدة كحيَّة كوبرا تنقضُّ على فريستها، حاول بجسمه الغض الصغير انتشال أستاذه المغمى عليه من تحت كتلة الخشب، حاول وحاول لكنه لَم يُفلحْ، صرخ بملْء فيه طالبًا المساعدة مِن زملائه، انطلقوا كالحمْقَى في كل مكان لا يدرون ما يفعلون، فمنظر الدم زلْزَلَ كيانهم، وأصابهم بذُعْر شديدٍ، لمع في مُخيلتهم الصغيرة مشهدٌ ألفوه في محطة المسافرين القريبة من المؤسسة: قنينة بلاستيك مهشَّمة بين عجلات حافلة كبيرة، استطاعوا بعد جُهْدٍ جهيدٍ رؤية وجْه أستاذهم المهَشَّم والملطَّخ بالدِّماء، لقد تَمَكَّنوا من إزاحة السبورة جانبًا، انسابتْ دُمُوع سعيد بغزارة محاولاً إيقاظ أستاذه، كان كمَنْ ينفخ في رماد، فنداءاتُه المتكررة باءتْ بالفشل، ضاعتْ وسط نحيب زملائه.

وصل المديرُ ومساعدوه، لَم يُصدقوا ما رأتْه أعينهم، اقتربوا أكثر، تحسس المديرُ جثة الأستاذ الممدة أمامه على الأرض، وضع يده اليمنى على رقبته، ورفع بيده اليسرى يد الأستاذ عاليًا، فانسلتْ بين أنامله كورقة صفراء تسقط مِنْ أعلى الشجرة في الخريف، فاضتْ عيناه، ذرف دموعًا حارة، ومرر يده على محيَّا زميل الأمس، جال بنظراته بين التلاميذ، تراءتْ له بينهم صورة زوجته، وهي تنتظر عودته بفارغ الصبر، ماذا عساه يقول لها؟! أسئلة كثيرة تتعارَك في ذِهْنه، تبحث لها عن أجْوبة، ربت أحدُ مساعديه على كتفه، فاستعاد رُشده وطلب من التلاميذ مغادرة القاعة لكنهم أبوا وتلكؤوا، إنهم متشبِّثون بقدوتهم بمعلمهم وأستاذهم الحبيب، لكن المديرَ انتهرهم بشِدَّة، فتدخل سعيد قائلاً:
• ألن يستيقظ الآن؟
• رمقه المدير في وُجُوم، أخرج منديلاً مِنْ جيبه، مسَح دُمُوعه، وتَمْتَمَ بنبرةٍ ملؤها الحُزن والأسى: بلى يا بني سيستيقظ يومًا، لكن نومه سيطول.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
5- مرحبا
اسماعيل عبد الرفيع - المغرب 07-02-2013 09:44 PM

بعد السلام، مرحبا بك أخي عبد الواحد، وشكرا على مرورك من هنا، أتمنى أن تكون قد استفدت...

4- comment
عبد الواحد - maroc 07-02-2013 02:15 AM

رحم الله الفقيد قد اخلولق أن يكون رسولا قصة المعلم هذا مؤثرة بوركت يا إسماعيل و حياك الله

3- شكرا لكم
اسماعيل ايت عبد الرفيع - المغرب 05-06-2010 12:56 AM

تحية إلى لامعة في الأفق وأخينا عبدالرحمن من السعودية على ملاحظتهما، وقراءتهما لهذه المحاولة المتواضعة
شكرا مرة أخرى لمروركما من هنا.

2- شكر
عبد الرحمن - السعودية 11-03-2010 03:57 PM
جزاك الله خيراً ، تصويرك للوقائع رائع ، بارك الله فيكم ، وبانتظار مزيدكم
1- .....
لامعة في الأفق - السعوديــــة 10-03-2010 11:38 PM
ذات عبرة بارك الله بكم ...كم وكم سمعنا ممن اختطفهم الموت بثواني
نسأل الله الخاتمة الحسنة ...وأن يغفر لنا زلاتنا
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة