• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

البقاء للأقوى (قصة)

البقاء للأقوى (قصة)
عادل عبدالله أحمد محمد الفقيه


تاريخ الإضافة: 10/4/2016 ميلادي - 2/7/1437 هجري

الزيارات: 13641

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البقاء للأقوى

 

إنها غابةٌ من غابات المناطقِ الاستوائية ذات النباتاتِ الكثيفة، والأشجار الباسقة، والمياه الوفيرةِ الجارية.

 

وللغابة موقعُها الإستراتيجي الهامُّ، وهذه الغابة تعشقُها كلُّ الحيواناتِ المُفترِسة بأنواعها، فما أن تمر بها الحيواناتُ حتى تستقرَّ بها؛ فكلُّ مستلزمات الحياة الطيِّبة تظهرُ على سطحِها.

 

لكن يحكمُها مَن تقوَّى بداخلها إما: بالتهديدِ والوعيد، وإما: بالإغراءِ وكَسْبِ المعارضين من سُكَّانِها.

يحكمُها مَن يَستَنِدُ منهم على جمع غفيرٍ من فصائلِه؛ ليتغلَّب على الآخر بالحيلةِ والذَّكاء.

 

ما أن استولَتْ عليها الثعالبُ، وحكمتِ الغابةَ تارةً بقوة الحديدِ والنار، وتارةً بالرغبةِ والعطاءِ من كلِّ ما لذَّ وطاب؛ إما بقطعةِ أرضٍ يحكمونها، أو إعطاءِ كلِّ فصيلةٍ من الفصائل الأخرى المسانِدةِ والمُؤيِّدةِ مالًا؛ لتَكسِبَ مودَّتَهم والولاءَ لهم، وإما: بكسرِ شوكةِ مَن يتجرَّأُ عليها، أو يرفع صوتَه مطالبًا بحقٍّ سقط منه أو أخذ عليه.

 

إن الحيواناتِ من الفِيَلة والغِزلانِ والحميرِ الوحشيَّة والثِّيران في هذه الغابة ما هم إلا مجردُ عبيدٍ لا حَقَّ لهم يُذكَرُ، أو يُطلَبُ من سادتِهم، إن الثعالبَ قد استخدَمَتْ كلَّ وسائلِ الحِيل والمكر لتعيشَ هي الحاكمة، ولتكون هي الفصيلة المختارة - بزَعْمها - وتزعم أيضًا أن الله هو مَن أرسلها لتَملِكَ تلك الغابةَ، فلا شرعَ يُحِقُّ لغيرِها أن يحكمَ في تلك الغابة.

 

كانت الأسودُ الكاسرةُ آنذاك مغلوبةً على أمرها؛ لأن الثعالبَ قد ألجمَتْ كلَّ الأفواه المحاولة الوقوف ضدَّها.

 

حاولت الأسودُ - رغمَ قلَّتها - أن تُحرِّك المياهَ الرَّاكدةَ قبلَ أن يُصيبَها عَفَنُ الرُّكود؛ فتنتشر رائحةُ المياهِ في أرجاء الغابةِ.

 

حاولَتِ الثعالبُ أن تُلجِمَ بعضَ أفواه الأسود الكاسرة بالإغداق عليها بكلِّ ما لذَّ وطاب من متاع تلك الغابةِ، إلا أن هذه الأسودَ كانت تأبى الدَّنِيَّة في أرضها؛ فهي تعلمُ أن هذه الثعالبَ ليس لها الحقُّ الشرعيُّ في حكم غابتِها.

 

بدأَتِ الأسودُ التحرُّكَ لجَلْبِ أكبرِ قدرٍ من أعوانها للتخلُّصِ من الحكم المُستبدِّ الظالم، حاولت أن تُعيدَ الحقَّ لأهله؛ فهي صاحبة القرار أولًا وأخيرًا.

 

كان الخونةُ ممن يرضَوْن بالذُّلِّ والهَوانِ وبالعبودية يجوبون شوارعَ الغابةِ، يتجسَّسون لصالح الثعالبِ، فما أن يتفوَّهَ أسدٌ من الأسود بكلمةِ حقٍّ حتى تصلَ بسرعةِ البَرْقِ إلى كبير الثعالب: أن هناك أسدًا يحاولُ التحريضَ ضدَّ سيدِ الثعالب، فسرعانَ ما تُدارُ المَشنقةُ حولَ عنقِ الأسد الثائر.

 

أُدخلَتْ بعضُ الأسود الثائرةِ السجنَ، وطُوِّقتْ بالسلاسل والأغلال على قدَمَيْها ويدَيْها، فتظل قابعةً بقيَّة عمرها بين جدرٍ صمَّاء.

 

لكن رغم الجدار الأصمِّ إلا أن زئيرَ تلك الأسود سرعانَ ما يَصِل إلى كلِّ مكانٍ من الغابة؛ فيُسمِعُ أشقَّاءها وأصدقاءها الثائرين.

 

دارَتِ الأعوامُ، ومرَّت السِّنون، وما زالتِ الثعالبُ تتجاهلُ الأسودَ رغمَ نُصْحِ الناصحين بالعدول عن قرارِها الزائف وحكمِها الباغي، إلا أنها تُثبِتُ للناصحين أن سكَّان الغابةِ يُكنُّون لها السمع والطاعة والولاء والبراء، فلا تُخالِفُ لساداتها أمرًا.

 

إن الثعالبَ تتجاهلُ كلامَ ناصحيها، وتتهرَّب مما يقصده الناصحون؛ أن الأسودَ لها بالمرصاد مهما استمرَّت في حكمِها على الغابة.

 

دارتِ الأيام وإذ ببعضِ الأسودِ تصنعُ كمائنَ عدَّة، محاولةً من خلالها القضاءَ على ملكِ الثَّعالب الماكرة.

 

وفي يوم من الأيام جهَّزتِ الأسودُ خطةً حكيمةً للنيلِ ممن يَحكمون الغابةَ، وما هي إلا أيام من خطتهم حتى قضَتْ على أكبر ثعلبٍ في الغابة؛ ففرَّ مَن نجا من الثعالبِ، وخضَعَ البقيَّةُ بالولاء والطاعة لتلك الأسود.

 

تولَّى الحكمَ أكبرُ الأسودِ سنًّا، فأعطى الجميعُ الطاعةَ والولاءَ لتلك الأسود؛ فهي من تحبُّ الجميع؛ فلم تَطرُدْ سكانَ الغابةِ من الخونة والعملاء، أو مَن ساعدوا الثعالبَ أيام مملكتِهم، لقد عفَتْ عن أولئك اللِّئام، بل عاملَتْهم كسائرِ الحيواناتِ؛ لهم ما لسُكَّان الغابة، وعليهم ما على سكَّانها، لكنها لا تخلو من الحاقدين.

 

كانت الذئابُ جنديًّا من جنود الأسود تُرسلُها إلى أيِّ مكان تريدُه؛ فهي من تعتمدُ عليها في قضاءِ بعضِ الأمور والحوائج.

 

فما أن يتولَّى الحكمَ أسدٌ حتى تحومَ عليه بعضُ الذِّئاب الساكنة في الغابة، فما أن تلوح لها الفرصةُ حتى تنتهزَها لتقضيَ على قائدِها من الأسود فتقتله غَدْرًا، تكرر الغدر والخيانة لكل أسد غيورٍ على وطنه.

 

وبالمكر والخديعة تحقَّق المثلُ العربيُّ القائل: (الحروبُ يُخطِّطُ له الحكماءُ، ويخوضها الأبطالُ، ويَتولَّى الحكمَ حينَها الجبناءُ).

 

لقد تولَّى زعيمُ الذئاب على سكِّان الغابة؛ فكان يَسير على نهج سالفيه في الحكمِ، إلا أنه زاد على مَن سبقوه أنه لا يَدَع الملكيَّة للغابةِ، بل هو مَن حرَّرهم من الحكمِ الكَهَنوتي الظالم، إن لسكَّانِ الغابة ما يقولون، وله ما يفعلُ!

 

إن زعيمَ الذئاب يُنادي بالحريَّة والاستقلالِ، والتخلُّص من الثعالبِ الظَّالمةِ؛ فهي مَن جهَّلَتِ المجتمع، فلا تطوُّرَ ولا أمنَ ولا أمانَ في عهدِها، وإن عهدَه عهدُ الحريَّة والبناء والتقدُّم.

 

فما أن يمرَّ عامٌ حتى يَحتفِلَ بالنصر لسكَّان الغابة على أعدائه من الثعالب الخَوَنة؛ فهي التي منعَتْ كلَّ خير عن سكَّان الغابة.

 

كل هذا وسكَّان الغابة يتمرَّغون في قَعْر الظلمِ والاستبداد، منتظرين حتى يحين الوقتُ لسحب البِساطِ من تحتِ هذا الذئبِ الماكرِ الظالمِ.

 

سنواتٌ تتلوها أخرى والذِّئابُ تُجرِّع سكَّان الغابة شرَّها، "لكنه المُلكُ يَنزِعُه اللهُ ممَّن يشاءُ، ويُؤتيه مَن يشاءُ".

 

جاء اليومُ الذي خرج فيه سكَّان الغابة مطالبين بطَرْدِ زعيمِ الذئاب المجرم، بل خَلْعِ نظامِه الدكتاتوري المجرم الذي استولى على الحكم، كما استولَتْ عليه الثعالبُ، حاول زعيمُ الذئاب الاحتيالَ على سكَّان الغابة قائلًا: إنه صاحبُ الحقِّ والشرع في إدارة الغابةِ، فلولاه لَمَا استقرَّ الحال في الغابة، وبدأ يُحذِّر من العواقب التي ستَحدُثُ للغابةِ إن ترك الحكمَ، لكن سكَّان الغابة أصرُّوا على خلع الذئب، ولْيَكُنْ ما يكون، كان الزعيمُ يَرْبِضُ ويُزمجِرُ مُدَّعِيًا أنه ما حصل على الحكمِ إلا عَبْر اختيارِه من قِبَل سكَّان الغابة، ومن يطلب الكرسيَّ، فالميدانُ ساحتُه، والصندوقُ أمامَه.

 

لكن هيهاتَ هيهاتَ له! فقد أصرَّ سكَّان الغابة من الأسود ومَن يُعاونهم على خَلْع هذا الذئبِ وأعوانه من منصَّة الحكم.

 

أشار بعضُ السكَّان على الأسود بقَتْل كبير الذئاب، أو نَفْيه إلى مكان آخر، لكن الأسودَ رفضَتْ هذا الأمر، معلِّلةً ذلك أن الغابة للجميع، ويَحكمُها مَن يقبلُه سُكَّانُها.

 

مرَّتِ الأيامُ وإذا بزعيمِ الذئابِ المُتوحِّشة يرسمُ خطَّة بالاتِّفاق مع ملوك الثعالبِ المُتخفِّية في قمم الجبال وكهوفِ الغابةِ، وكان الاتِّفاق ينصُّ على (أن الثعالبَ تُصدِرُ الأوامرَ، والذئابُ تُدير الغابةَ).

 

وفعلًا اقتحمَت الثعالب الغابةَ بدعوى أنها تريدُ تصحيحَ المسار في الغابةِ، والذئاب تؤيِّد وتحشرُ الناسَ إلى الميدان؛ حتى تتنحى الأسودُ عن حكم البلاد.

 

عادَتِ الثعالبُ من جحورها ومن الجبال الشاهقة، مُنحدرةً نحوَ السَّهْلِ، وكأنها هي صاحبةُ الحقِّ بقولها: (إننا شعبُ اللهِ المختار).

 

دارَتْ معركةٌ بينَ الثَّعالبِ والذئاب من جهةٍ، والأسودِ وبقية الحيوانات من جهة أخرى، دامَتْ زمنًا انتصر فيها الأسود ومَن سكن الغابةَ على أعدائهم، بعد أن حوَّلُوا الغابةَ الخضراء إلى أرضٍ قاحلة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة