• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

يوم أن أحدث الصمت صوتا!

يوم أن أحدث الصمت صوتا!
محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 4/4/2016 ميلادي - 26/6/1437 هجري

الزيارات: 5173

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يوم أن أحدث الصمت صوتًا!

 

جدِّي الذي جاءني آنفًا في المنام، عاوَد المجيء تلك الليلة مقتحمًا حجرةَ نومي؛ يسحبني من سريري وآثارُ رقادي غائرةٌ في الفراش، حاولتُ أن أواريَها فلم أستطِع، ويجرُّني إليه وأنا أستغيث استغاثةَ هارون؛ فيسألني بغلظةٍ:

• أين أعمامك؟

أتورَّع عن الإجابة، وأدَّعي النجابة، فأقول:

• هم في شغل.

 

يكرِّر السؤال ملوحًا بالعصا، فأجبن من لسعاتها وأقرُّ:

• كان الخلاف المحتدم بين كِلا الفريقين قد حَدا بكلِّ واحد منهما أن يجمع شتاتَ أشياعه، ويحفزهم على اتِّباعه، وتعدَّدَت الحاجات والإغراءات، فجاؤوا على أشكال عديدة.

 

• وماذا بعد؟

قلتُ بحذر من مغبَّة نزول العصا على جسدي:

• تآمروا وتآمرْنا، وتوعَّدوا فتوعَّدنا، وإن عادوا لجادَّة الصَّواب عدنا؛ ولما لم يصبِح لدينا خيار سوى المعركة.. التقينا.

• متعجبًا: التقيتم؟!

• نعم، التقينا وأودعنا أرضنا مَن قال: إنَّه سوف يصلح أو يفصل بيننا.

• واستحالت دمدمة؟!

• استحالت دمدمة.

• أخٌ من شيعتك وآخَر من عدوِّك؟!

 

أبصرتُ جدِّي حينها وقد هَرم ألف عام فوق عمره المُنصَرم، حزنت لأجله وهو يتمتم:

• إنَّما أشكو بَثِّي وحزني إليه.

 

وإذا به يشبُّ عن طوق الكبر وينادي بعالي الصوت:

• يا فاطمة!

• يا فاطمة!

تعجَّبت:

• إنَّها صائمة!

 

قال:

• فلتفطِر؛ صيامها هذا لا هو فرض ولا نافلة، يا فاطمة!

فَخَرجت خجلًا ووجلًا.

• أين كنتِ يا فاطمة؟ أين كنت يوم أن تساجل الولدان بأرض المعركة؟!

• أين كنتِ يا فاطمة يوم أن سَلَّموا البُعَداء أرضًا مباركة؟!

• أين كنتِ ساعة أن ولَّووا وجوههم شطر (الأمركة)؟! أين كنت؟!

• ما أراكِ إلا وقد قصَّرتِ في الوصيَّة (فاطمة).

 

انخرطَت حينها عمَّتي (فاطمة) في البكاء، وكأنَّ صومها الطويل قد أروَتْه دموعًا؛ فأعياني ذلك منها، وأهَمَّ نفسي وهَزَّ كياني، واستنزف من عيني عَبرتها ونما لفؤادي بلاذع الخفقان، وحَنَّ لها جدِّي فانحنَتْ على صدره حتى اطمأنَّت وقالت:

• كنَّا في الليالي المعتمة، ننير الدنيا بسراج "البينة"، وساعة أن أناديهم: يا رجال إنَّ الصلاة قائمة، تراهم يصطفُّون صفًّا صفًّا كأنَّهم أقمار الشهور العربيَّة وأهِلَّتها، أو كصلاح الدين في حطِّين، أو كالظاهر بيبرس في المنصورة، أو قطز في عين جالوت، أو كجيش أبي بكر في لقاء مسيلمة.

 

• أو... أو...

• وماذا حدث يا فاطمة؟

 

• أطلق الآخر أسهمَه، أسهمٌ تنفذ للقلوب والأفئدة، تغيِّر لون الدم ومجرى الأوردة، حتى أُشرِبوا محبَّة كل واردة، وهانت في عيونهم سُنن (الراشدة).

 

• وماذا بعد يا فاطمة؟

 

قلت:

• احذروا، لا تأتي ريحُ الغرب دومًا بالسلامة؛ أسألكم الاستقامَة والقوامة للشِّرعة الجامعة.

 

قالوا:

• لا تكوني كالمُحتَظر بهشيم ونحن الدَّاجنة!

• وماذا بعد يا فاطمة؟ أين ذرارِيكِ يا فاطمة؟

• في المعمعة والصَّومعة، وكثير منهم إمعة.

• أُمهلك ثلاثًا لتعيدي الأولاد للمائدة.

 

حينها انطلقَت عمَّتي فاطمة ناحية "جرة الماء" الكبيرة الفارغة من زمَن، والتي كانت تتوسَّط صحن الدار؛ يشرب منها الوارد والصادر والراعي لشياهٍ أيس الذِّئب من لحومها، فأدركت مقصدها فسألتها:

• تبغينها تنبض بالماء ثانية؟

• لم تردَّ.

• أحمِلُها عنكِ؟

• لم تردَّ.

• النيل موردك؟

• لم تردَّ.

• دِجلة؟

• لم تردَّ.

• الفرات؟

• لم تردَّ.

• نهر الأردن؟

• لم تردَّ.

 

أدركتُ أنها نوت الصِّيامَ من جديد، قلت:

• جدِّي خير مَن يبصِّرني حتى ولو نهرني، رجعت إليه فلم أجِده، لكنَّ عصاه القديمة ما زالت معلَّقة بزاويةٍ من جدار البيت الكبير.

 

♦ سيأتيني جدِّي مرة أخرى في المنام، وسوف يوافيني بالمرام، والسَّلام.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- ومن أين؟
حسن - مصر 22-04-2017 04:37 PM

ومن أين يا ترى ستملأ الجرة؟

في انتظار الجد حين عودته لعله يفتينا

1- رائعة
أحمد سلام - مصر 04-11-2016 03:00 PM

جميلة جدا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة