• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / من روائع الماضي


علامة باركود

قصة عبدالله بن سوار

قصة عبدالله بن سوار
عمرو بن بحر بن محبوب ( الجاحظ )


تاريخ الإضافة: 8/1/2015 ميلادي - 18/3/1436 هجري

الزيارات: 20495

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة عبدالله بن سوار


كان لنا بالبصرة قاضٍ يقال له: عبدالله بن سَوَّار، لم يرَ الناس حاكمًا قط ولا زِمِّيتًا ولا رَكينًا، ولا وقورًا حليمًا، ضبط من نفسه وملك من حركته، مثل الذي ضبط وملك، كان يصلي الغداة في منزله، وهو قريب الدار من مسجده، فيأتي مجلسه فيحتبي ولا يتكئ، فلا يزال منتصبًا ولا يتحرك له عضو، ولا يلتفت، ولا يحل حَبْوته، ولا يُحوِّل رِجلاً عن رِجل، ولا يعتمد على أحد شِقَّيه، حتى كأنه بناء مبني، أو صخرة منصوبة، فلا يزال كذلك، حتى يقوم إلى صلاة الظهر، ثم يعود إلى مجلسه، فلا يزال كذلك حتى يقوم إلى العصر، ثم يرجع لمجلسه، فلا يزال كذلك حتى يقوم لصلاة المغرب، ثم ربما عاد إلى محله، بل كثيرًا ما كان يكون ذلك إذا بقي عليه من قراءة العهود والشروط والوثائق، ثم يصلي العشاء الأخيرة وينصرف.

 

فالحق يقال: لم يقم في طول تلك المدة والولاية مرة واحدة إلى الوضوء، ولا احتاج إليه، ولا شرب ماء ولا غيره من الشراب، كذلك كان شأنه في طوال الأيام وفي قصارها، وفي صيفها وفي شتائها، وكان مع ذلك لا يحرك يده، ولا يشير برأسه، وليس إلا أن يتكلم ثم يوجز، ويبلغ بالكلام اليسير المعانيَ الكثيرة، فبينا هو كذلك ذات يوم وأصحابه حواليه، وفي السِّماطَيْنِ بين يديه، إذ سقط على أنفه ذباب فأطال المكث، ثم تحوَّل إلى مُؤْق عينه، فرام الصبر في سقوطه على المؤق، وعلى عضه ونفاذ خرطومه، كما رام من الصبر على سقوطه على أنفه من غير أن يحرك أرنبته، أو يغضِّنَ وجهه، أو يذب بإصبعه، فلما طال ذلك عليه من الذباب وشغله وأوجعه وأحرقه، وقصد إلى مكان لا يحتمل التغافل، أطبق جفنه الأعلى على جفنه الأسفل فلم ينهض، فدعاه ذلك إلى أن وَالَى بين الإطباق والفتح، فتنحى ريثما سكن جفنه، ثم عاد إلى مُؤْقه بأشد من مرَّتِه الأولى، فغمس خرطومه في مكان كان قد أوهاه قبل ذلك، فكان احتماله له أضعف، وعجزه عن الصبر في الثانية أقوى، فحرك أجفانه، وزاد في شدة الحركة وفي فتح العين، وفي تتابع الفتح والإطباق، فتنحى عنه بقدر ما سكنت حركته ثم عاد إلى موضعه، فما زال يُلح عليه حتى استفرغ صبره وبلغ مجهوده، فلم يجد بُدًّا من أن يذب عن عينيه بيده، ففعل، وعيون القوم إليه ترمقه، وكأنهم لا يرونه، فتنحى عنه بقدر ما رد يده وسكنت حركته ثم عاد إلى موضعه، ثم ألجأه إلى أن ذب عن وجهه بطَرَف كُمِّه، ثم ألجأه إلى أن تابع بين ذلك، وعلم أن فعله كله بعين من حضره من أمنائه وجلسائه، فلما نظروا إليه قال: أشهد أن الذباب ألحُّ من الخنفساء، وأزهى من الغراب! وأستغفر الله، فما أكثر من أعجبته نفسه فأراد الله عز وجل أن يعرفه من ضعفه ما كان عنه مستورًا! وقد علمت أني عند الناس من أَزْمَتِ الناس، فقد غلبني وفضحني أضعف خلقه، ثم تلا قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾ [الحج: 73].

 

وكان بيِّن اللسان، قليل فضول الكلام، وكان مَهِيبًا في أصحابه، وكان أحد من لم يطعن عليه في نفسه، ولا في تعريض أصحابه للمَنَالة.

 

المصدر: كتاب الحيوان - ج3 - صـ344





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة