• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / من روائع الماضي


علامة باركود

المقامة البخارية

المقامة البخارية
بديع الزمان الهمذاني


تاريخ الإضافة: 25/12/2014 ميلادي - 4/3/1436 هجري

الزيارات: 12906

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المقامة البخاريَّة

مقامات بديع الزمان الهمذاني

 

حدّثنا عيسى بن هشام قال:

أحلَّني جامع بخارى[1] يومٌ وقد انتظمت مع رفقة في سِمْط الثُّريَّا[2]، وحين احتفل الجامع بأهله طلع إلينا ذو طمرين قد أرسل صِوانًا[3]، واستتلى طفلاً عريانًا، يضيق بالضُّرِّ وُسْعه، ويأخذه القرُّ ويدعه[4]، لا يملك غير القشرة بردة، ولا يكتفي لحماية رِعْدة، فوقف الرَّجل، وقال: لا ينظر لهذا الطِّفل إلَّا مَن الله طفَّله، ولا يرقُّ لهذا الضُّرِّ إلَّا من لا يأمن مثله.

 

يا أصحاب الجدود [5] المفروزة، والأَرْدِيَة المطروزة، والدُّور المنجَّدة، والقصور المشيَّدة، إنّكم لن تأمنوا حادثًا، ولن تعدموا وارثًا، فبادروا الخير ما أمكن، وأحسنوا مع الدَّهر ما أحسن، فقد والله طعمنا السَّكباج، وركبنا الهملاج، ولبسنا الدِّيباج، وافترشنا الحشايا، بالعشايا[6]، فما راعنا إلَّا هبوب الدَّهر بغدره، وانقلاب المجنِّ لظهره، فعاد الهملاج قطوفًا[7]، وانقلب الدِّيباج صوفًا، وهلمَّ جرًّا إلى ما تشاهدون من حالي وزيِّي، فها نحن نرتضع من الدَّهر ثدْي عقيم، ونركب من الفقر ظهْرَ بهيم؛ فلا نرنو إلَّا بعين اليتيم، ولا نمدُّ إلَّا يد العديم، فهل من كريم يجلو غياهب هذه البؤوس، ويفلُّ شبا هذه النُّحوس؟[8] ثمَّ قعد مرتفقًا[9].


وقال للطِّفل: أنت وشأنك، فقال: ما عسى أن أقول وهذا الكلام لو لقي الشِّعر لحلقه، أو الصَّخر لفلقه، وإنَّ قلبًا لم ينضجه ما قلت لنيِّئ، وقد سمعتم يا قوم، ما لم تسمعوا قبل اليوم، فليشغل كلٌّ منكم بالجود يده، وليذكر غدَه، واقيًا بي ولده، واذكروني أذكركم، وأعطوني أشكركم.


قال عيسى بن هشام: فما آنسني في وحدتي إلَّا خاتم ختَّمت به خنصره، فلمَّا تناوله أنشأ يصف الخاتم على الإصبع، وجعل يقول:

وممنطق من نفسه
بقلادة الجوزاء حسنا[10]
كمتيَّم لقي الحبي
ب فضمَّه شغفًا وحزنا[11]
متألِّف من غير أس
رته على الأيَّام خدنا
علق سنيٌّ قدره
لكنَّ من أهداه أسنى[12]
أقسمت لو كان الورى
في المجد لفظاً كنت معنى[13]

 

قال عيسى بن هشام: فنلناه ما تاح لنا من الفور، فأعرض عنَّا، حامدًا لنا، فتبعته حتَّى سَفَرت[14] الخلوة عن وجهه، فإذا هو والله شيخنا أبو الفتح الإسكندريُّ، وإذا الطِّلا زغلوله[15]، فقلت:

 

أبا الفتح شبْتَ، وشبَّ الغلام
فأين السّلام، وأين الكلام؟

 

فقال:

غريبًا إذا جمعتنا الطَّريق
أليفًا إذا نظمتنا الخيامُ[16]

 

فعلمتُ أنَّه يكره مخاطبتي، فتركته وانصرفت.

♦♦♦♦♦♦

 

المصدر: مقامات بديع الزمان الهمذاني.

الطبعة: المكتبة الأزهرية.

صفحة: 89.



[1] بخارى: مدينة في بلاد أوزباكستان بين روسيا وإيران والصين.

[2] سمط الثريا: سلك الثريا، وهي نجوم سبعة مجتمعة لا تفترق، يعني: أنهم متحابون لا يفترقون كهذه النجوم.

[3] صوانا: وعاءً فارغًا.

[4] القر: شدة البرد.

[5] الجدود: الحظوظ.

[6] السكباج: اللحم يطبخ بالخل. الهملاج: الدابة السريعة. الديباج: الحرير. الحشايا: جمع حشية وهي الوسادة.

[7] القطوف: الدابة البطيئة في سيرها.

[8] شَبا: جمع شباة وهي سن الرمح، أو هي حد الشيء.

[9] مرتفِقًا: مستنِدًا إلى مرفقيه.

[10] المنطقة: حزام يشد به الوسط، القلادة: حلية تتخذ على الصدر، الجوزاء: مجموعة كواكب، المعنى أنه جميل حسن الخلق.

[11] المتيَّم: الذي استعبده الحب، يشبِّه الخاتم على الإصبع بحبيبين يتعانقان.

[12] العلق: النفيس أو الغالي من الشيء، والسني: الرفيع.

[13] يريد أن يقول: إنه خير الناس؛ لأن المعنى في الكلام خير من اللفظ.

[14] سفَرَ عن وجهه: أظهره وبيَّنه.

[15] الطلاء: ولد الظبية، الزغلول: فرخ الحمام ويعني به ولده.

[16] يريد أن يقول: إنه يتنكر له في الطريق ولكنه يعرفه عندما يختلي به في البيت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة