• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / من روائع الماضي


علامة باركود

كلمات مظلومة

كلمات مظلومة
الإمام محمد البشير الإبراهيمي


تاريخ الإضافة: 12/6/2014 ميلادي - 14/8/1435 هجري

الزيارات: 9829

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كلمات مظلومة[1]


المصدر: آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (3/ 505 - 508).

المؤلف: محمد بن بشير بن عمر الإبراهيمي (المتوفى: 1385هـ).

جمع وتقديم: نجله الدكتور/ أحمد طالب الإبراهيمي.

الناشر: دار الغرب الإسلامي، الطبعة: الأولى، 1997.

 

1 - المقاديم:

المقاديم عند العرب جمع مِقْدَام، وهو الذي يُقدِم على العظائم، والشاهد قول شاعرهم:

مقاديم وصَّالون في الروع خطوهم
بكلِّ رقيقِ الشفرتينِ يَمانِ

 

أما عندنا، فالمقاديم جمع مُقدَّم[2]، على غير قياس في اللفظ والمعنى.

♦ ♦ ♦ ♦ ♦


2 - العَدْل:

العدل عند العرب وصفٌ بالمصدر، مبالغة في إثبات الصفة، حتى كأن الشخص صار صفةً محضة، أو كأن الوصف تجسَّم فصار شخصًا، والعدل هو الذي لا يجور في حكم ولا في شهادة ولا في قول.


أما عندنا، فمعناه ما تعرف وأعرف!

♦ ♦ ♦ ♦ ♦


3 - الكُلِّية:

الكُلِّية عند جميع الأمم هي معهدٌ عالٍ، تُدرس فيه العلوم العالية، وتُبحث فيه حقائقها النهائية نظرًا وتطبيقًا.


أما عندنا، فالكلية مكتب ابتدائي، تقرأ فيه أوَّليات بعض العلوم.

♦ ♦ ♦ ♦ ♦


• إن ظلم الكلمات بتغيير دلالتِها كظلمِ الأحياء بتشويه خِلْقَتهم، كلاهما منكر، وكلاهما قبيح، وإن هذا النوع من الظلم يزيدُ على القبح بأنه تزوير على الحقيقة، وتغليطٌ للتاريخ، وتضليل للسامعين، ويا ويلنا حين نغترُّ بهذه الأسماء الخاطئة، ويا ويح تاريخنا إذا بُنِي على هذه المقدِّمات الكاذبة، ونغش أنفسنا إذا صدَّقنا أن مدارسنا الابتدائية كليات، ويا خجلتنا بين الأمم الجادة، إذا صارفَتْنا على السماع بالقناطير فلم تجد عند العيان إلا الدوانق.


يا قومنا، إن للواقع عليكم حقًّا، وإن للتاريخ حقًّا، وإن للأمة التي تعملون لها حقوقًا، فأنصفوا الثلاثة من نفوسكم!

♦ ♦ ♦ ♦ ♦


4 - الاستعمار:

عجيب! وهل الاستعمار مظلوم؟ إنما يقول هذا (كولون الشمال)[3]، أصحاب الكيمياء التي أحالت السيِّد عبدًا، والدخيل أصيلاً، أما أنت فتوبتُك أن تحشر كلمة "مظلوم" هذه في الكلمات المظلومة.


هوِّن عليك فإن المظلوم هنا هو هذه الكلمة العربية الجليلة التي ترجَموا بها لمعنى خسيس.


مادة هذه الكلمة هي "العمارة"، ومن مشتقاتها التعمير والعمران، وفي القرآن: ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61]، فأصل هذه الكلمة في لغتنا طيبٌ، وفروعها طيِّبة، ومعناها القرآني أطيب وأطيب، ولا ننكر من استعمالاتها في ألسنة خاصتنا وعامَّتنا إلا "العمارة" الدرقاوية[4].


ولكن إخراجها من المعنى العربي الطيِّب إلى المعنى الغربي الخبيث ظلمٌ لها، فاستحقَّت الدخول من هذا الباب، والإدراج تحت هذا العنوان.


فالذي صيَّر هذه الكلمة بغيضةً إلى النفوس، ثقيلةً على الأسماع، مستوخَمةً في الأذواق، هو معناها الخارجي - كما يقول المنطق - وهو معنى مرادف للإثم، والبغي، والخراب، والظلم، والتعدِّي، والفساد، والنهب، والسرقة، والشَّرَهِ، والقسوة، والانتهاك، والقتل، والحيوانية، إلى عشرات من مئات من هذه الرذائل تُفسِّرها آثاره وتنجلي عنها وقائعه.


وواعجبًا، تضيق الأوطان على رحبِها بهذه المجموعة، وتحملها كلمة لا تَمُتُّ إلى واحد منها بنسب، وإذا كنَّا نُسمِّي مَن يجلب هذه المجموعة - من كبائر الإثم والفواحش إلى وطن - ظالمًا، فأظلم منه مَن يحشرها في كلمة شريفة من لغتنا، ليخدع بها ويغرَّ، وليهوِّنَ بها على الفرائس شراسة المفترس، وفظاعة الافتراس.


أما والله، لو أن هذا الهيكل المسمَّى بالاستعمار كان حيوانًا لكان من حيوانات الأساطير بألف فمٍ للالتهام، وألف مَعِدة للهضم، وألف يدٍ للخنق، وألف ظِلْف للدوس، وألف مخلب للفرس، وألف نابٍ للتمزيق، وألف لسان للكذب وتزيين هذه الأعمال، ولكان مع ذلك هائجًا بادِيَ السَّوْءات والمقابح على أسوأ ما نعرفه من الغرائز الحيوانية.


سَمُّوا الاستعمار تخريبًا - إذ لا تصحُّ كلمة استخراب في الاستعمال - لأنه يُخرِّب الأوطان والأديان والعقول والأفكار، ويهدم القيم والمقامات، والمقوِّمات والقوميات.


وخذوا العهد على المجامع اللُّغوية أن تمنع استعمال هذه الكلمة في هذا المعنى الذي لا تقوم بحملِه عربةُ مزابل.

♦ ♦ ♦ ♦ ♦


5 - الإصلاحات:

وليهدأ بالُ قادة الإصلاح الديني الإسلامي، فإن إصلاحهم لا يدخل في هذا الجمع المؤنث؛ إذ هو إصلاح حقيقي ينطبق لفظه على معناه انطباقًا عادلاً لا ظلم فيه ولا غبن.


وإنما أعني هذه الإصلاحات (الفاسدة) التي يكثُرُ الحديث عليها في هذه الأيام من الدول والحكومات، فكلَّما تعالتِ الأصوات من الأمم المطالبة بحقِّها في السياسة والحياة، كانت العُلالة التي تسكت بها الأصوات، كلمة "الإصلاحات"، فتتطلَّع الأعناق، وتتشوَّف النفوس، ثم تفتح الأعين على مهازل لا تسدُّ خلّة ولا تدفع ألمًا.


والشاهد القريب (إصلاحات) الجزائر التي شكَّلت لها إدارة كاملة، وحُشِر فيها من الموظفين جند، وخُصِّص لها في الميزانية مالٌ، وقُدِّر لها من العمر سنوات، ولم يكن لها من العمل إلا التقريرات والملفَّات وأسماء المشروعات، ويقال: إنها أخذت بالحزم والحسم، فبذلت اللقب والاسم، وانتقلت من تنفيذ العهود والشرائط إلى وضع الخطط والخرائط، والبركة في الأوراق.


وقرأنا عن إصلاحات المغرب، وإصلاحات تونس، وإصلاحات أخرى تُصاغ من وراء البحر للجزائر، فقلنا: ما أشبه حجلَ الجبال بألوان صخورها!

 

ليت شعري! هل عرَف القوم أن هذا الاسم وحدَه مُشعِرٌ بأن ما قبله إفساد؛ إذ لا يكون الإصلاح إلا لحالة فاسدة. فإذا تبجّحوا بأنهم بهذه الإصلاحات مصلحون، فقد اعترفوا بأنهم كانوا مفسدين.

♦ ♦ ♦ ♦ ♦


6 - الديمقراطية:

والديمقراطية رأي يوناني نظري جميل، منسوب إلى اسم صاحبِه، وهو قائم على أن الشعب هو مصدر السلطة، ومن ثَمَّ فهو صاحب الحق في الحكم والتشريع، وعلى أن الأفراد متساوون في هذا الحق، ويناقضه رأي آخر يوناني النشأة أيضًا.


اصطرع الرأيان في ميدان الجدل، ثم اصطرعا في ميدان العمل حتى أصبحا مذهبين في سياسة الحكم، وبابين في فلسفة الاجتماع، وكانت هذه الآراء الجميلة في الحياة مثل - رأي ديموقراط - تدور بين فلاسفة اليونان وقياصرة الرومان، أولئك يدرسونها جدلاً، وهؤلاء يدرسونها عملاً، إلى أن انتصف الله للحق بالإسلام، فجاء بالشورى والمساواة - حكمًا من الله - وأين حكم العقول من حكم خالق العقول؟


وجاء عمر فلقَّن العالم درسًا عمليًّا في المثل الأعلى للحكم، ثم جاءت الحضارة الغربية المجتهدة في إثمار الحقول، المقلدةُ في أثمار العقول، وكان من آثار التعصب فيها للآريَّة والمسيحية أنها آثرت الديمقراطية على العُمَرية، آثرتها في التسمية والنسبة.


أما في التطبيق والعمل، فإن هذه الحضارة - وهي حاضنة المتناقضات - اتَّسعت لرأي ديمقراط ولرأي ميكيافيلِّي صاحب كتاب "الأمير"، فإذا أرادت التلبيس ألبست الثاني ثوب الأول.


لم تُظلَم هذه الكلمة ما ظلمت في هذه العهود الأخيرة، فقد أصبحت أداةَ خداعٍ في الحرب وفي السلم، جاءت الحرب فجنَّدها الاستعمار في كتائبه، وجاء السلم فكانت سرابًا بقِيعةٍ، ولقد كثر أدعياؤها ومدَّعوها والدَّاعون إليها، والمدَّعي لها مغرور، والداعي إليها مأجور، والدعيُّ فيها لابسٌ ثوبَيْ زور.


أصبح استعمار الأقوياء للضعفاء ديمقراطية، وتقتيلهم للعزل الأبرياء ديمقراطية، ونقض المواثيق ديمقراطية.


لك الله أيتها الديمقراطية!

المصدر: آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (3/ 505 - 508).

المؤلف: محمد بن بشير بن عمر الإبراهيمي (المتوفى: 1385هـ).

جمع وتقديم: نجله الدكتور/ أحمد طالب الإبراهيمي.

الناشر: دار الغرب الإسلامي، الطبعة: الأولى، 1997

 


[1] نشرت في الأعداد 1 و 2 و 4 و 5 من جريدة البصائر، ابتداءً من 25 جويلية سنة 1947.

[2] مُقدَّم: يُطلَق على المسؤول عن شؤون "الزَّاوية".

[3] الكُولُون: هم المستوطنون الأوربيون، والشمال: شمال إفريقيا.

[4] العمارة: معناها الرَّكْب، الدرقاوية: هي الطريقة الصوفية المعروفة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- كان أمة!
يزيد عبد الرحمن جعيجع - الجزائر 12-06-2014 09:55 PM

رحم الله الشيخ. كان أمة أفنى عمره منافحا عن الإسلام ولغته...
لكني لاحظت أن كلمة "الاستعمار " التي ذكر أنها مظلومة في بداية المقال وظفها مظلومة في ختام المقال ذاته.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة