• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / من روائع الماضي


علامة باركود

عهد وغدر

مصطفى شيخ مصطفى


تاريخ الإضافة: 4/1/2011 ميلادي - 29/1/1432 هجري

الزيارات: 9266

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عاهدَتْ وعاهَد، وعلى الوَفاء تعاهَدَا ألاَّ يخفر أحدهما ذمَّة الآخَر، تعاهَدَا إنْ فرَّق الدهر بينهما ألاَّ يتزوَّج أحدهما إنْ مات الآخر، هي تحبُّه وهو يحبُّها، تسعَدُ برؤيته ويسرُّ بطلَّتها، فهل برَّ بعهده؟ وهل أبرأت ذمَّتها؟

 

خرج الرجل على عادة العرب في الجاهليَّة غازيًا بني أسد يريد أنْ يُصِيب ثأرًا منهم؛ فقد قتلوا أخاه معاوية ووتَرُوه الأخوَّة، فلم يكن له أخٌ سواه، فغزا وغنم، في الغزو وصل الصريخ لبني أسد فلحقه ربيعة بن ثور الأسدي، ضربه برُمحِه فأدخل بعض حلقات الدرع في بطنه، ويُقال: إنَّه بقي عامًا يلتَهِب عليه جرحُه، ينتأ ويغور، جلس طريح الفراش قرابة الحول، أضعَفَه المرض وأوهنه، يدخُل عليه أقاربه فيزورونه، يسألون أمَّه: ما فعل صخر؟

 

هو بخيرٍ ما دام سواده بيننا، أرجو له العافية - إن شاء الله.

 

هذه كانت إجابة أمٍّ تأمل بالشفاء لولدها، أمَّا نجيبة حواء، زوجه التي عاهدت وأقسَمت على الوفاء، فكانت إذا سُئِلت عنه أجابت: لا هو حيٌّ فيُرتَجى ولا ميتٌ فيُنعَى، فقد أقام فيهم وملَّت ثواءه، سمعها صخر فساءَتْه الإجابة.

 

ومرَّة رفع سجف البيت فأبصرها تقف مع أحد أبناء عمِّها، فسألها ابن العمِّ عن صخر؟ أجابت بذات الإجابة: لا هو حيٌّ يُرتَجى ولا ميتٌ فيُنعَى.

 

وضع يدَه على عجيزتها وقال:

هل يباع الكفل؟

عمَّا قريب يُباع الكفل.

 

وصَل الحوار إلى مَسامِع صخر كالصاعقة، دخلتْ عليه أمه: عمتَ صباحًا يا بني.

أهلاً بك يا أمَّاه، ناوليني السيف.

 

وما يفعل مريضٌ مثلك بالسيف؟

أتفقَّده، أخشى أنْ يكون قد صدأ.

 

حاوَل أنْ يرفع السيف فلم يستَطِع، وكان قد نوى أنْ يجعل زوجته تسبقه، فقال: والله إن استطعت لأقدمنّها قبلي، حاوَل أنْ يرفع السيف ثانيًا وثالثًا ففشل، ثم أنشأ يقول كما جاء في "مجمع الأمثال" (2/96):

أَرَى أُمَّ صَخْرٍ لاَ تَمَلُّ عِيَادَتِى
وَمَلَّتْ سُلَيْمَى مَضْجَعِي وَمَكَانِي
فَأَيُّ امْرِئٍ سَاوَى بِأُمٍّ حَلِيلَةً
فَلاَ عَاشَ إِلاَّ فِي شَقًا وَهَوَانِ
أُهُمُّ بِأَمْرِ الحَزْمِ لَوْ أَسْتَطِيعُهُ
وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ العَيْرِ والنَّزَوَانِ
وَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَكُونَ جِنَازَةً
عَلَيْكِ وَمَنْ يَغْتَرُّ بِالحَدَثَانِ
فَلَلْمَوتُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ كَأَنَّهَا
مُعَرَّسُ يَعْسُوبٍ بِرَأْسِ سِنَانِ
لَعَمْرِى لَقَدْ نَبَّهْتِ مَنْ كَانَ نَائِمًا
وَأَسْمَعْتِ مَنْ كَانِتْ لَهُ أُذُنَانِ

 

فلمَّا طال بهِ البَلاءُ وقد نَتَأتْ قطعة من جنبه مثل اللبد في موضع الطعنة قيل له: لو قطعتها لَرَجَوْنا أنْ تَبْرأ فقال: شأنكم، وأشفقَ عليه قومٌ فنهَوْه فأبى، فأخذوا شَفْرةً فقطَعُوا ذلك الموضع فيئس من نفسه وقال:

أَجَارَتَنَا إِنَّ الحُتُوفَ تَنُوبُ
عَلَى النَّاسِ كُلَّ المُخْطِئِينُ تُصِيبُ
أَجَارَتَنَا إِنْ تَسأَلِينِي فَإِنَّنِي
مُقِيمٌ لَعَمْرِى مَا أَقَامَ عَسِيبُ
كَأنِّي وَقَدْ أَدْنُو لِحَزٍّ شِفَارَهُمْ
مِنَ الصَّبْرِ دَامِي الصَّفْحَتَينِ نَكِيبُ

 

ثم مات فدُفِن إلى جنْب عَسِيب وهو جبَلٌ يقرب من المدينة، وقبره معلم هناك.

 

هل عرفتم مَن صخر هذا؟

هذا أخو الخنساء الشاعِرة، التي قالت في رثائه الكثيرَ من الشعر وفي أخيها معاوية، ملأت الدنيا قصائد، وكأنَّ ديوانها لا يحوي إلا رثاء صخر، وقيل: إنَّ أباها زوَّجها سيدًا من سادات العرب، وكان مُنفقًا للمال مِتلافًا له، فلم يأتِ عليه كثيرُ وقتٍ حتى أتلَفَ ما عنده من مال، فقال: إلى أين يا خنساء؟ وماذا نفعل؟

 

إلى أخي صخر، فقاسمها ماله وأعطاها النصف الأحسن، حدث ذلك مِرارًا وكان أبوه يُمسِك بيده ويد أخيه معاوية في سوق عكاظ ويقول: هذان سيدا شباب مضر، فلا ينكر عليه أحد، وعندما قتل بنو أسد أخاه معاوية، قيل لصخر: ألا تهجوهم؟

 

فقال: ما بيننا أجلُّ من الهجاء، وإني لأَصُونُ نفسي عن الهجاء، ولو لم أكفَّ عن هجائهم إلا رغبةً بنفسي عن الخنا لكففت.

 

جاء في "الأغاني" (15/96):

تَقُولُ أَلاَ تَهْجُو فَوَارِسَ هَاشِمٍ
وَمَا لِيَ إِذْ أَهْجُوهُمُ ثُمَّ مَا لِيَا
أَبَى الشَّتْمَ أَنِّي قَدْ أَصَابُوا كَرِيمَتِي
وَأَنْ لَيْسَ إِهْدَاءُ الخَنَا مِنْ شَمَالِيَا

أي: من شمائلي، ويُروَى: من فعاليا.

 

إِذَا ذُكِرَ الإِخْوَانُ رَقْرَقْتُ عَبْرَةً
وَحَيَّيْتُ رَمْسًا عِنْدَ لِيَّةَ ثَاوِيَا
إِذَا مَا امْرُؤٌ أَهْدَى لِمَيْتٍ تَحِيَّةً
فَحَيَّاكَ رَبُّ النَّاسِ عَنِّي مُعَاوِيَا
وَهَوَّنَ وَجْدِي أَنَّنِّي لَمْ أَقُلْ لَهُ
كَذَبْتَ وَلَمْ أَبْخَلْ عَلَيْهِ بِمَالِيَا
فَنِعْمَ الفَتَى أَدَّى ابْنُ صِرْمَةَ بَزَّهُ
إِذَا الفَحْلُ أَضْحَى أَحْدَبَ الظَّهْرِ عَارِيَا

 

قال أبو عبيدة: ثم زاد فيها بيتًا بعد أنْ أوقع بهم فقال:

وَذِي إِخْوَةٍ قَطَّعْتُ أَقْرَانَ بَيْنِهِمْ
كَمَا تَرَكُونِي وَاحِدًا لاَ أخَا لِيَا

 

فأمسَكَ عن هجائهم - وقد وتروه - صيانةً وتكرُّمًا، ثم ثأر لأخيه معاوية وقتل منهم مَن قتل.

 

بقي أنْ نذكر أنَّ الخنساء جنَّ جنونها يوم أنْ قُتِل أخوها في الجاهلية، بينما كان لها أربعة بنين شهدوا حرب القادسيَّة فجعلت تحرِّضهم على الثبات حتى استُشهِدوا جميعًا فقالت: الحمد لله الذي شرَّفني بقتلهم؛ إنَّه الإسلام يُغيِّر النفوس من حبِّ العباد إلى حبِّ ربِّ العباد، وتقديم كلِّ غالٍ في سبيله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- هنيئا لك هذا اجهد المبارك
شحدة سعيد - فلسطين 18-01-2011 04:29 AM

أخي في الله مصطفى شيخ مصطفى هنئيا لك هذا الجهد المبارك هذه الهمة العالية في غرس القيم الاسلامية في نفوس الشباب والقراء فكل ما تكتبه يسمو بشبابنا نحو الرفعة والمجد لإعلاء راية الإسلام وقيمه النبيلة فجزاك الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء

1- في كل كبد لينة رحمة
شرحه - أرمينيا 04-01-2011 07:09 PM

نعم هذه خاصية بعض النساء الاستغلاليات الأنانيات الشحيحات منزوعة الرحمة من قلوبهن يبخلن حتى على أولادهن بالعطف والحنان. الهمام صخر لسوء حظه امراته لا تحفظ العشير ولحسن حظه أنه مات .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة