• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / من روائع الماضي


علامة باركود

أبو الأربع المُبتلى

ضياء محمد فتحي


تاريخ الإضافة: 15/6/2010 ميلادي - 4/7/1431 هجري

الزيارات: 5420

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كانت بلاد تطل على البحر ويعمل أهلها في الصيد وصناعة الشَّبك، وكان رجل يصنع الشَّبك لقبه أبو الأربع، أمَّا عن اسمه، فليس معروفًا لديْنا، ولديْه ثلاثةٌ من الأوْلاد، وتمنَّى كثيرًا أن تكون له ابنة، لكن القدَر لَم يشأْ، وكانت زوجته خرْساء، لكنَّه لَم يكُن يتعامل معها على أنَّها زوجتُه فقط؛ بل ابنة له أيضًا، ولاحظ النَّاس ذلك بيْنهما، فلقَّبوه بأبي الأرْبع، كانت هذه العائلة الصَّغيرة تنعم بالهدوء والسَّكينة، وتعيش مع بعضِها حياة هادئة مستقرَّة، أمَّا عن النَّاس في القرْية، فكانوا يحبُّونَهم ويوقرونَهم.

 

أولاده هم شابَّان وصبي، الأوَّل: نديم، والثَّاني: جريء، أمَّا الصبي فاسمه بريء، وفي يوم من الأيَّام، اختفى نديم ولم يعرف طريقَه أحد، وكانت هذه هي الصَّدمة الأولى التي تعرَّض لها أبو الأربع، وراح يبْحث عنْه في كلِّ مكان، واجتمع النَّاس في القرية يُسانِدونه، لكن دون فائدة، وكأنَّ الأرض انشقَّت وابتلعتْه، وفي هذا الوقت شعر جريءٌ بالمسؤوليَّة، ومعروف عنْه قلبه الجسور، وأنَّه مقدام لا يهاب المخاطر، فقرَّر أن يشقَّ البحر بَحثًا عن أخيه، لكنَّ أبا الأربع قال له: "إنِّي رأيتُك في منامي تودِّعني؛ فلا تفعل".

 

لكن الابن لم ينتبِه إلى كلام أبيه، وشقَّ البحر بمرْكبِه وحده، دون رفيق أو أنيس، وحدثَ أن جاءت عاصفةٌ هوْجاء من فوقه، وأمواج هائجة من تحتِه، فأغرقتْه، ولمَّا عرف النَّاس الخبر، نقلوه إلى أبي الأرْبع، فتوقَّف هو عن الكلام، وترك عينيْه تتحدَّث بالعَبرات، أمَّا عن باقي أجزاء جسدِه، فتخلَّت تَمامًا عن الحركة، والَّذي زاد همَّه وغمَّه أنَّ زوجتَه المخلصة لَم تحتمل هول الصَّدمة، وتوقَّف قلبها عن الخفَقان لتفارق الحياة، ثمَّ مرَّت الأيَّام بعد ذلك ثقيلة، وانتشر بين النَّاس خبرٌ يقول: إنَّ رجلاً من الأثرِياء أرسل إلى أبي الأربع مالاً كثيرًا ليعينَه على شدَّته، وبسُرعة فائقة، أصبح الخبر على كلِّ لسان، حتَّى وصل في النّهاية إلى جَماعةٍ من اللّصوص، لا يفقهون شيئًا سوى الكرّ والفرّ وكلّ ما لا يسرّ، وما أن عرفوا بأمْر أبِي الأربع، وما لديه من غنيمة، حتَّى دبَّروا وخطَّطوا، وكان ذلك الخبر ليس إلاَّ أكذوبة من الأكاذيب، صنعتْها النَّاس وتنقَّلت بها في كلّ مكان، لكن جَماعة اللصوص صدَّقوها، وأعدُّوا مكيدتهم.

 

وفي يوم خرج بريء، الابن الثَّالث لأبي الأربع؛ كي يلعب ويلهو مع صبية من عمره، فتربَّصت به جماعة اللّصوص، واختطفتْه دون غيره، ثم أرسلتْ إلى أبيه، أنَّ ابنَك معنا، أرسل لنا المال الكثير نسلِّمه إليك، أمَّا غير ذلك فسنقْتله دون رحمة.

 

فأرسل أبو الأربع إلى النَّاس في القرية كي يُعينوه بالمال، إلاَّ أنَّ كبيرهم كان صيَّادًا فقيرًا، فكيف يأْتي بالمال الكثير؟! وأعطتْه اللصوص سبعة أيَّام مهلة، وبعدها ينفّذون وعيدهم، وكانت تلك الأيَّام تمر على أبي الأربع أيَّام عذاب لا توصف، حيث تُرسم أمام عينيْه صورٌ لولده، ويحطّ في قلبه صوت استغاثتِه، ولكن ماذا بيده أن يفعل؟

 

وفي النّهاية، انقضت المهلة، وحدث أنَّ رجلاً في صباح اليوم الثَّامن، عثر على جثَّة صبي، ولمَّا عرضها على أبي الأربع، تبيَّن أنَّها تخصّ ابنه، وهكذا قد ابتُلي أشدَّ ابتلاء، وبعد أن كانت تُناديه النَّاس بأبي الأربع، أصبح لقبه: أبا الأربع المُبتلى، وتوارثت النَّاس قصَّته جيلاً بعد جيل، فصار مثلاً في الصبر على البلاء.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة