• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

انتهى الوقت (قصة)

انتهى الوقت (قصة)
سامية الأمين


تاريخ الإضافة: 8/2/2016 ميلادي - 28/4/1437 هجري

الزيارات: 12638

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

انتهى الوقت

 

أخيرًا، أثبتُّ أنا الذي حصل مؤخَّرًا على الدكتوراه في الهندسة الإلكترونية - أثبتُّ أنَّ "البُعد الرابع"، و"الانتقال عبر الزمن" ليسا فقط موضوعًا مثيرًا لقصص الخيال العلمي، بل هما حقيقةٌ لا ريب فيها! فقد تمكَّنتُ بمعونة أستاذي وبعض الأصدقاء من اختراع آلة الزمن!

 

وبما أنَّني سمعتُ داعية على شاشة التلفاز يقولُ: "إنَّ على كل مسلم أن يستغلَّ ما أوتي من العلم في خِدمة الدِّين."، فقد قرَّرتُ أن تكون أول رحلة لي عبر الزمن في سبيل الله، وأُصارحُكم أنِّي لبثتُ أُفكِّرُ طويلًا في وجهتي وما يُمكنُ أن أصنع حتى جافيتُ الرقاد وجافاني.

 

لكني استطعتُ في النِّهاية - بعون الله - اتِّخاذ قرار ظننتُه صائبًا.

 

وهكذا: فقد وضعتُ الرقاقة الصَّغيرة في هاتفي، وضبطتُ إحداثيات الزَّمان والمكان، ودسستُ الهاتف في جيبي، ثُمَّ عددتُ:

خمسُ ثوان. أربعٌ. ثلاثٌ. اثنتان. واحدةٌ. صفرٌ. وانطلاق!

 

وخلال جُزء من الثانية وجدتُ نفسي وجهًا لوجه أمام مُخيَّم ضخم يَشغلُ مساحةً هائلةً من أرض صحراء، في ليلة لا يُضيئها غير نور خافِت يَنبعثُ من الخيام، يبدو أنَّني قد أخطأتُ في احتِساب الوقت، فنحنُ الآن - وفق ما تُشيرُ الساعة - في منتصف الليل، ويظهرُ أنَّ الرجل الذي جئتُ من أجله يقودُ الآن جيشَه عبر هذه الصَّحراء إلى هدفٍ ما.

 

وبما أنَّ تأثير الانتِقال عبر الزَّمَن لا يدومُ سوى عشرين دقيقةً، فإنِّي لم أجِد مناصًا من مقابلته في الحال، فتقدمتُ إلى أكبر خيمة رأيتُها، وقلتُ قبل أن يُطرح عليَّ أي سؤال:

• السلامُ عليك يا أخي!

 

أخذ الرَّجلُ الذي افترضتُ أنه الحاجبُ يُحملِقُ فيَّ لبرهة، ثُم قال:

• وعليك السلامُ ورحمة الله وبركاتُه، مَن أنت ومِن أين قدمت؟

• أنا غريبٌ يريدُ المُثول بين يدي السُّلطان، هل تستأذنُ لي عليه؟

• أما ترى الوقت متأخرًا؟

• لكنِّي جئتُه في حاجة عاجلة لا تَقبلُ الإرجاء.

 

• إنَّ السُّلطان لم ينم منذُ ثلاثة أيام؛ إذ كان يُشرِفُ على الجُيوش ويُرتِّبُها ويضعُ خُطَّة المعركة القادمة. وهو يرتاحُ الآن قليلًا، وقد أمرني القاضي الفاضلُ ألَّا أشغله بشيء.

 

• صدِّقني أنا.

• انصرِف وعُد في الصَّباح!

• لكنِّي.

• قلتُ: انصرِف!

 

وارتفع صوتانا، فخرج رجلٌ من الخيمة ضخمٌ يَحملُ سيفًا برَّاقًا وقال:

• ما هذا اللَّغَط؟

 

فبادرتُ قائلًا:

• ضيفٌ غريبٌ يريد لقاءَ السُّلطان الناصر صلاح الدين يوسُف بن أيوب لشأنٍ عاجِل.

• هو ذا صلاحُ الدين. تفضَّل فنتحدَّث في الخيمة.

 

تقدَّمني الرجلُ إلى خيمته الكبيرة، ودعاني للجُلوس على شيء يُشبه الأريكة منخفض، بدأتُ أجولُ ببَصري في المكان، لكني كبحتُ فُضولي حين تذكرتُ قِصَرَ الوقت المتبقِّي لديَّ وصُعوبة مُهمَّتي؛ فانتقل بصَري إلى السُّلطان أحدِّقُ به، وبعد ثوانٍ قلتُ له:

• إنك لا تَبدو أبدًا كما صوَّروك لنا في فيلم "صلاح الدِّين الأيوبي"!

• عجبًا! مَن هذا الذي صوَّرني؟

 

فانطلقتُ أشرحُ له كلَّ شيء:

• تقدَّم الزَّمان، وتطوَّر العلم، وآلة الزمن.

وكم كان انبِهاري شديدًا بسُرعة فهمه! فقد أدرك في دقائق ما عرفَتْه البشريَّةُ خلال قرون.

 

فسألني بعد بُرهة من صمْت:

• إنكم كما زعمتَ قد بلغتُم من العلم ما لم نَبلُغ، وملَكتُم من وسائل الحياة ما لم نملِك، فما حاجتُك إليَّ؟

 

فقلتُ وعلى وجهي مسحةٌ من أسًى:

• آهٍ! ليتَك تعلم أيُّها السُّلطان كم هي ماسَّةٌ حاجتُنا إليك!

• وما ذاك؟

 

• إنَّك لا تدخُلُ بيتًا ولا تتصفَّحُ موقعًا من مواقع التواصُل الاجتماعي، ولا تسمعُ نقاشًا بين اثنين إلَّا ويتخلَّلُ كلَّ ذلك قولُهم: "أين عُمرُ؟ أين صلاحُ الدين؟ أين."؛ وكأنَّ أحدهم يَدعو أخًا له أو صديقًا!

 

• لقد أصبحنا أيُّها السُّلطان المُبجَّل وقِلَّتُنا خيرٌ من كثْرتنا، وجهلُنا خيرٌ من عِلمنا، وفقرُنا خيرٌ من غنانا.، وقد أضعنا الأندلُسَ وأرضَ بيت المقدس، ولم يَجمعْنا غيرُ الفُرقة، وبات بعضُنا يهَبُ الأعداءَ رِقابَ بعضٍ، ووُلاةُ أمورنا عُمَّالًا للعدوِّ في بلادنا.

 

كان وجهه يَزدادُ اصفِرارًا بينما أمضي في حديثي، ثُمَّ قال بصوتٍ منخفِض يتهدجُ وهو يضغطُ على أسنانه:

• فإن كنتُم قد بلغتُم هذا المبلَغ، فبمَ أنفعُكم؟

 

• تأتي أيها الناصِرُ لتجمع صُفوفَنا، وتوحِّدَ كلِمتنا، وتُعيد ما فقدناه من أرضنا، وتُحرِّر عبيدنا، وترُدنا إلى ديننا، و.!

 

• إنِّي أرجوك باسم المستضعفين الذين أنهَكهم الفقرُ على كثرة المال، وأذلَّهم الجوعُ والمرضُ، وأهلكهم الجهلُ على وفْرة العُلوم. أرجوك أن تَعود معي إلى المستقبل لتُنقِذ ال.

 

فانتفض من مكانه انتفاضًا ارتعدَت له فرائسي، واحمرَّ وجهُه وانتفخَت أوْداجُه وزمجَر:

• اذهب يا هذا، وقُل للذين بَعثوك: يقولُ لكم يوسُفُ بنُ أيوب:

• نادوا ما شئتُم فما أنا بمُجيبكم، وادعوا ما شئتُم فما أنا بآتٍ إليكم، فلكم زمانُكم ولي زماني.

 

وما عسيتُم يَصنعُ لكم صلاحُ الدين وقد ضيَّعتُم الدِّين؟ وما يُدريني: أنِّي إذا رَددتُ عليكم الأندلُسَ لا تبيعونها كما بِعتُموها أولَ مرَّة؟ وإذا أعدت إليكم بيتَ المقدس لا تضيِّعونه كما ضيَّعتُموه أول مرَّة؟ وأنِّي إذا جمعتُكم لا تتفرَّقون؟ وإذا حرَّرتُكم من يدي العدو لا تَرجعون فتدينون له بأكثر ممَّا كنتُم؟ وقل لهم: إنَّ العبد مَن عبَد نفسَه، وهذا لا عِتق له إلَّا بيده.

 

وقُل لهم: إنَّ جميع مَن خلا من أُمَّة الإسلام من لَدُن رسول الله صلى الله عليه وسلم خصمُكم بين يدَي الدَّيَّان يوم القيامة يسألونكم: ما صَنعتُم بالدِّين الذي عُذِّبنا في سبيله وتغرَّبنا، وجاهَدْنا بأموالنا وأنفُسِنا لأجل نشْرِه في الأرض؟

 

قل لهم كلَّ ذلك.

• ما قُعودُك ها هنا؟ هيا انطلِق وبلِّغ ما حُمِّلتَ!

 

وصعقتني غضبتُه، وألجمَني قولُه، ووددتُ أنِّي لم أكن خُلِقتُ بعدُ أو أنِّي خلوتُ مع من خلا، ثُم إنِّي استجمعتُ باقي شجاعتي وعزمتُ - لأجلكم أنتُم - أن أبذُل مُحاولةً أخرى لإقناعه، وما إن انفرجَت شفتاي حتى وجدتُ نفسي في حُجرة المُختبر. لقد انتهى الوقتُ!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة