• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

وصية شهيد (قصة قصيرة)

ريما حلواني


تاريخ الإضافة: 13/1/2010 ميلادي - 28/1/1431 هجري

الزيارات: 17987

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
أفاقتْ مذعورةً على صرخةٍ انطلقتْ مِن حُجرة (أحمد)، كلَّ يوم هو في هذا الحال، لكنَّ الرعب الذي يفطر قلبَ أمِّه كان كما لو أنها المرة الأولى.

طفلٌ في السادسة لم يتعرَّف على الدنيا بعدُ، لم يُدرك محاسنَها، ولم يتحسَّرْ على مساوئها؛ إنه (أحمد)، صفحةٌ نقيَّة، يعلو وجهَه الأبيض تساؤلاتٌ كثيرة، بعلامات استفهامٍ كبيرة، لطالما أحبَّ الناسُ مِن حوله نظراتِ عينيه الواسعتين السوداوين، يُخبرانِك أسرار الطفولة لو أنك فقهتَ ما تنسجان مِن قصص البراءة والحب والخيال، ويعلِّمانك كيف تسبر العيون أغوار الألم والأمل، ويرويان قلبك بالحنان والشفقة والرحمة.

وحيدُ أمِّه، وهل تحبُّ الأم أكثرَ مِن مولودها الأول؟! تعيش معه لحظة بلحظة، تشعرُ بنبضات قلبه، تتحسس أعضاءه التي لم تخرج للحياة بعد، ترقُبُ حركاته وسكناته، وتعدُّ كلماته، وتذرف شفقتها على خدَّيه لو دمعت عيناه.

تلك (أمُّ أحمد)، أحبَّت الأطفال، حتى عشقت براءتهم، ورقَّة طباعهم وهي لم تتزوج بعد، ثم تمنَّتهم متضرِّعةً إلى الله ليجبُر خاطرها بالابن البارِّ، والسند العضُد بعد زواجها بزوجها الذي قتلتْه يدُ البطش والتنكيل التي لم يُشهَد لها مثيل، اليد الإسرائيلية النجسة، بعد ثلاث سنوات مِن زواجها به، لقد تُوِّج ذاك الزواج بحبٍّ عميق جمع بينهما، لم يشهد مثله القطاع الذي تربَّيا على ضفاف بحره، وشربا حتى ارتويا مِن مآثر أبطاله، وتعلَّما مِن تاريخه وأمجاده أنَّ الرؤوس لا ترتفع لتبلغ القمم السامقة، إلا إذا خرَّتِ الجِباهُ ساجدةً للربِّ الواحد الأحد.

أما (غزّة)، تلك حُلُم كان يراود أمها، ثم لم يُقدِّر الله لها الحياة، فقد قتلتْها اليدُ الآثمة نفسها وهي لا تزال في بطن أمِّها - أم أحمد - التي لم تحتمل رؤية زوجها وحبيبها قد فارقها وحيدة كما كانت قبله؛ فإذا بها تسقط "غزّةَ" الحُلُم بعد أن عاشت بين أحشائها ستة شهور ويزيد.

و تركها زوجُها وفي يدها (أحمد)، متوجهًا مِن وسط قطاع غزَّة إلى رفح، لم يكترث لِما يُقال عن انتشار الجنود الصهاينة، وتهديدهم اللئيم؛ فقد اعتاد الشُّجعان نذالة اللئام، واحترقت قلوبهم مِن قبل، فتعلَّموا كيف تُنير القلوبُ المحترقة، والمآقي الدامعة سُبُلَ المعذَّبين والمظلومين، علَّمتهم كيف تستنير باليقين رغم شدَّة الابتلاء، وبالحمد رغم الأكدار والمصائب، وبانتظار الظَّفر وسط باقات الأشواك.

صعد (أبو أحمد) سيارة جاره كعادته، يدْعو الله أن يحفظ أحمد وأمَّه، واستودعهم الله الذي لا تضيع ودائعُه.

هناك استوقفه مشهدٌ لم يسرح به خياله ليراه إلا في شاشات الفضائيات، شابَّة لم تتجاوز السادسة عشرة مِن عمرها، حملتْ على ظهرها حقيبة مدرسية، وبدا مِن عينيها الطُّهر والنقاء، وفي مِشْيتها العفَّة والحياء، ارتدتْ حجابها الأبيض على رأسها، وغطى جسدها جلباب طويل لامس قدميها، متوجهةً نحو حاجز الجنود.

لماذا هي هنا؟! دار السؤالُ في رأس أبي أحمد؛ فالمكان يتجمَّع فيه العمَّال؛ لينقلوا للجوعى ما استطاعوا مِن غذاء وكِساء ودواء - رغم التشديد العنيف مِن السلطات المصرية! - وقلَّما ترتاده النساء إلا للقاء أحد الأقارب مِن على بُعد أميال بين الحدود الفلسطينية والحدود المِصرية!

راقبها (أبو أحمد) مِن بعيد، بدا له أنَّ شيئًا ما يُدبَّر لم يكن مرتاحًا إليه، جُندي إسرائيلي يتحدث إلى الفتاة، ثم تصرخ الفتاة فيه منفعلة، ثم يمدُّ الجندي يده النجسة لينزع حجابها عن رأسها!

لم يحتمل (أبو أحمد) ما رأى، وانطلق كالبرق راكضًا باتجاه الجندي، لم يعِ ما حدث بعدها حتى أفاق على سريرٍ في مستشفى الشفاء ممددًا بين الجثث والجرحى، هناك تذكَّر صوت طلقاتٍ ثم بكاء وعويل، فقد اخترقت ثلاثُ رصاصاتٍ جسدَه بعد أن انكبَّ على الجندي بصفعةٍ هزَّت كيانه - ذلك النذل - خرَّ على إثرها جاثيًا على ركبتيه كأنما أراد أن يحثو وجهه في التراب، ثم امتدَّتْ يد ذلك المسلم الشجاع (أبي أحمد) منتزعًا حجاب الفتاة مِن يد الجندي ليعطيَها إياه، لم يلتفتْ إليها ليراها، لكنَّ صوت نحيبها أحرق قلبَه، وأشعل ثورته، وتصوَّر (غزَّة) - ابنته الغالية لو منحها الله الحياة - مكان (مريم) هذه الفتاة الطاهرة! لكنَّ الصورة أبتْ أن تُكمِل نسيجها في مخيّلته، وهناك اخترقت الرصاصات جسده مِن حيث لا يدري ثم حملته الأرض، عيناه تذرفان، وقلبه ينبض ألمًا وكُرهًا لم يشهده مِن قبل.
 
لكنَّ الله لم يأذنْ لزوجته أن تراه حيًّا حتى آخر وداعٍ استودعها الله فيه، وصلت إلى المستشفى وكان قد فارق الأحبابَ والأصحاب، وكان قدره أن يلقى الله بذاك الموقف الأخير، الموقف البطوليّ النبيل.
 
 
•     •      •
 
 
• أحمد... أحمد، حبيبي أحمد، استيقظ يا بني، كلُّ شيء على ما يُرام، ألن تُفصِح لي عن سبب بكائك وصراخك؟! أرِح قلبي يا صغيري.
• انكبَّ أحمد في حضن أمِّه باكيًا، لكن بصمتٍ هذه المرة.
• أمِّي؟ لم أُرِد أن أخبرك؛ لأنني أعلم أنكِ ستبكين، وأنا لا أحب أن أراكِ تبكين.
• مسحتْ دموعَه بيدها، ومسحت رأسه بحنانها، وعيناها تقولان: أكمِل صغيري.
• إنني أرى أبي يحمل أختي غزَّة بكلتا يديه يبكي كل ليلةٍ، ويقول: "لا تترك غزَّة يا أحمد، أيقظ الجيران، أيقظ الإخوان، أيقظ المسلمين في كلِّ مكان، لا تترك غزَّة يا أحمد، لا تترك غزَّة يا أحمد!".




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
8- غزة عزتنا
محمد بدوي الهاشمي - سوريا 20-01-2010 12:46 AM
السلام عليكم ورحمة الله
الأخت الكريمة ريما كلمات تدق على الوتر إنها غزة ( العزة ) الجرح النازف في جسم الأمة
كلمات تلامس نخوة المسلمين .....................
بوركت أيتها الأخت الكريمة ووفقك الله لصالح الأقوال والأفعال
7- جزاك الله عنا خير الجزاء
مريم ب - لبنان 15-01-2010 07:59 AM
جزاك الله كل خير على هذه القصة المعبّرة .. إن شاء الله ربنا يتقبل منك هذه الموعظة ويكشف الكرب عن إخواننا في غزة.
اللهم انقذ المسلمين في غزة يا ذا الجلال و العزة
6- جزاك الله خيرا
سناء ع - لبنان 15-01-2010 12:35 AM
( فقد اعتاد الشُّجعان نذالة اللئام، واحترقت قلوبهم مِن قبل، فتعلَّموا كيف تُنير القلوبُ المحترقة، والمآقي الدامعة سُبُلَ المعذَّبين والمظلومين، علَّمتهم كيف تستنير باليقين رغم شدَّة الابتلاء، وبالحمد رغم الأكدار والمصائب، وبانتظار الظَّفر وسط باقات الأشواك.)

عبارتك هذه رائعة أختاه !!

أعاننا الله على الاستمرار في حمل الأمانة وحماية العفّة في أوطاننا ونصرة غزة!!

جزاك الله خيرا وسدد خطاك !!!
5- أختي الكريمة ريما
نازك - لبنان 14-01-2010 07:55 PM
حفظكِ الله.. وأدام في قلبكِ بالإيمان والاهتمام بالدعوة إلى الإسلام..
4- too good to be true
rawatalislam - lebanon 14-01-2010 12:12 PM
you touch where it hurtes you got a secret keep it that way and i like the story very much ,i am honered
3- غزة شرف الأمة
أحلام - لبنان 13-01-2010 11:27 PM
لفتة جميلة وذكية أن تتجسد صورة غزة بشرف الفتاة وعفافها
نعم هي ابنة هذه الأمة، والوديعة التي تترقب من يفك أسرها ويحل قيودها

ربما هذه المرة الجرح أكير بكثير
وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً *** على المرء من وقع الحسام المُهنَّد

فهل سيظل إخوة غزة يظلمونها، كما ظُلم يوسف الصديق من قبل! وهل سيأتي عليهم يوم يتوبون فيه وينيبون إلى ربهم كما فعل أخوة يوسف رضي الله عنهم وغفر لهم! أم هل يأمنون سبعا كسبع يوسف!!! وما ذلك على الله بعزيز..
نسأل الله السلامة في ديننا ودنيانا، ولغزة النصر والحرية

تحياتي للكاتبة المفعمة بحس الإسلام إسلام الأوطان في كل مكان
وتمنياتي لها بدوام التوفيق والتألق
2- ما شاء الله مشكورة :)
نورا بنبوك - لبنان 13-01-2010 10:27 PM
الله يبارك فيك أخت ريما !!!!
جزاك الله خيرا !!!
رائعة
1- شكرااا
عيد - السعودية 13-01-2010 02:08 PM
جزاك الله خير ومشكور
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة