• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

تذكرتها (قصة قصيرة)

تذكرتها (قصة قصيرة)
أ. ديالا يوسف عاشور


تاريخ الإضافة: 5/9/2015 ميلادي - 21/11/1436 هجري

الزيارات: 5211

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تذكرتها


منذ عِدة سنوات كنتُ عائدة من كُليَّتي بعد انتهاء يوم طويل، مليء بالمعاناة الدراسيَّة، مثقلة بهموم الجامعة، ومتاعب الاختبارات التي باتتْ على الأبواب.

 

لم أستعدَّ بعدُ لمادة الكيمياء، ولَم أحصلْ على كتاب الفيزياء، ونسيتُ تصوير بعض أوراق الرياضيَّات التي سيعتمد عليها اختبار المادة، لم أقدِّم أيضًا بحث اللغة الألمانية الذي طلبته الدكتورة.

 

ألقيتُ بنفسي على مقعد الحافلة، وهي تجوب أنحاء المدينة المكتظَّة بالبشر، تأمَّلت في وجوه بعضهم؛ هذه تحمل كيسَ الخبز، وعلى وجهها ألف علامة وعلامة تبدو كطائر يحمل بيضه، ويخشى عليه من نسائم الريح، وتلك تعاتب ولدها الذي لم يحصل على درجات طيبة في الاختبار، وأخرى متأنِّقة تترقب الناس، هل يطالعها أحدٌ؟!

 

وبعض الصِّبْيَة يتشاجرون، وكلٌّ يؤكِّد أنه أحقُّ منهم بالجلوس على المقعد الخالي، وبجانبي جلست امرأة مُسنَّة قد أرهقها الزمن، وعلى وجهها تجاعيد تبدو كسرداب طويل، يحمل بين طيَّاته آلاف الذكريات، وفي عينيها دموع الخوف والترقُّب.

 

فوجَّهتُ نظري إلى النافذة؛ عَلِّي أجد فيها ما يروِّح عن النفس ويلهيها.

 

وبعد دقائق صعدتْ، نعم صعدت صغيرة كانت وجميلة، تبدو بين الخامسة والسادسة من عُمْرها النَّدِي.

 

نظرتْ إليَّ بعينين أشبه بحديقة غنَّاء تحمل من أنواع الزهور ما تحارُ منه النفوس، أخذتني نظرتها بعيدًا؛ فأنستني كلَّ ما حمل قلبي من هموم الجامعة.

 

نحيفة وقفت بجانب والدتها تنظر إلى العالم من حولها بِوَجَلٍ وأملٍ.

 

رقيقة كنسيم البحر العليل وقت الشروق.

 

رداؤها البسيط الوردي، حذاؤها الصغير الأرجواني.

 

كلُّ شيءٍ فيها كان طفوليًّا ورائعًا.

 

نظرتها البريئة الحالمة أيقظتْ بداخلي روح الطفولة الكامنة، وودتُ لو أني أمسك بيدها؛ لنلعب معًا.

 

ونسيتُ تمامًا أنِّي لست طفلة مثلها، ونسيت أن والدتها بجوارها، ونسيت أني في الحافلة.

 

فقط اشتقتُ للَّعب ببراءة كبراءتها الرائعة، فقد أعادتني بسرعة البرق لأيام طفولتي الهانئة؛ أكنتُ جميلة مثلها؟!

 

تُرى، لماذا تنظر إليَّ أنا؟!

كأن عينيها تحكي قصة بلغة لا أفهمها!

أتُراها قرأتْ ما في قلبي من محبَّةٍ لها؟

خاطبتها بقلبي: صغيرتي، لو تعلمين ما في قلبي من محبة لك، وخوف عليك!

للحظةٍ نظرتْ لوالدتها، وكأنها تتيقَّن من وقوفها بجوارها، ثم عادت إليَّ.

تبسَّمتُ لها، وتمنيتُ لو تفعل.

وفجأة تنبَّهت أني يجب أن أنزل الآن.

حزنت؛ لأني سأفارقها، ونهضتُ من مكاني مسرعة لأنزل.

وإذا بوالدتها تتَّجه نحو الباب وهي معها.

ما زالت تنظر إليَّ!

نزلت قبلي وتبعتُها.

سحبتها والدتها بسرعة، ونزلت وهي تسبقني.

بقيتُ أراقبها، تخطو في محاولة يائسة منها؛ لمواكبة سرعة سَيْر والدتها.

تمنيتُ لو أتحدَّث إلى والدتها: أن ترفقَ بها، ولا تقسو عليها.

تمنيتُ لو أحدثها حول نعمة الذريَّة، وكيفية التعامل مع ذلك المخلوق الرقيق!

 

والتفتتْ إليَّ مرة أخرى، وكأنها تلقي عليَّ نظرة الوداع، ثم غابتْ عن عيني، وتوارت في زحام المدينة، حيث عدتُ لعالمي ودراستي.

والآن بعد سنين، تذكَّرْتها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة