• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

حديث من عبق الذاكرة!

نور برغوث


تاريخ الإضافة: 19/8/2015 ميلادي - 5/11/1436 هجري

الزيارات: 6985

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حديث من عبق الذاكرة!


أمي...

لم يعد طعم "عروسة الزعتر" كالتي تُحضِّرين وتضعين في حقيبة المدرسة، ولم تعد النار التي كنتِ تحضِّرين عليها الحليب تُدفئ يا أمي، لقد أصبحَت تُحرق وتزأر في الهشيم، لم يعد طعمُ ما تطرحه الأرض كالذي تعرفين، ربما لأنَّ الأرض باتت تشمئزُّ من أعمال البشر فوقَها، أو ربما لأنها كرهتِ الإنسان بما أفسد وطغَى؛ وفسق وكفر وفجر فوقَها، وهي تسأل ربها أن يأذن لها أن تَبتلِعَه فيَمنعها برحمته، فلقد أغرقتها الدماء يا أمي، وأظلمَت بالظلم والجبروت والطغيان حتى تُغطِّي قرص الشمس، الأرض محقَّة يا أمي، وها هي تنتظر أمر ربها.

 

أمي...

لم يعد أخي ذلك الطفلَ الصغير الذي تركتِه وراءَك، لم يعد يُردِّد ورائي آيات القرآن، ولم يعد يستمع إلى تفسيرها بسرور، ذاك الذي كان يَقفز براءةً وطفولةً قد هجرتْه الطفولةُ وأخذته هموم الدنيا، ولكنه يقاوم ويقاوم ويحاول الوصول!

 

أمي...

لم تعد جارتنا التي كنتِ تحدِّثينها بهمومك موجودةً، لقد حملت حقائبها وودَّعت وطَنَ الروح الذي كنتِ تَستميتين كي تَصِلي إلى ضفَّته لتَحضني حفنةً من ترابه، وتحصلي على قبضة من ياسَمينه، ولم يعدِ الجيران الذين كنتِ تُنادينهم ليَحتسوا معكم القهوة، ربما تغيّر طعم القهوة يا أمي، وربما تغيَّرت القهوة كلها، أو تغيَّرت قلوب الجيران!

 

أمي...

لم يعد الفتيان والفتيات كالذين عرفتِهم وتعلّموا أمام مقاعدك يا أمي، لم يعد همُّهم واحدًا؛ فقد تشتّتوا في وديان الدنيا، ولم يعد همُّهم كالذي كنتِ تربِّينهم عليه، إلا قلة يا أمي، هم أفضل مما كنتِ تحلمين، حملوا الراية وارتقوا فوق الأرض وحلَّقوا، نعم يا أمي؛ لقد حلَّقوا فوق أحلام أقرانهم، وعاشوا الحُلم حتى صاروا منه، ولم يكن الفصام حليفَهم، هم يا أمي الذين كنتِ تَنتظِرين!

 

أمي...

لم يعدْ كرَّاس المُعلِّم مليئًا بأحلام كبيرة، لقد غادرت أوراق الأدب والعلم من كراسِه، وحلَّ محلَّها بيت العنكبوت، كلما فتحتِه هاجمتك العناكب من حيث لا تعلمين، لكنَّني احتفظتُ بكرَّاسك يا أمي فلا تحزني، خبَّأته في جفني وبين شرايين قلبي، وها أنا أقرؤها يا أمي وأُعلِّمها أولادي ومن أعرف.

 

حُلمي بات بعيدًا يا أمي، حلمي تعدَّى أحلام الأرض، وبات موصولاً بسحائب السماء، لم أعد أحتاج إلى الصلاة محرابًا؛ فكلُّ الأرض محرابي، ولكن قِبلتي لم تتغيَّر يا أمي، وما زال عبير القرآن عطري، والحبر والدواة والسماء حياتي.

 

هنا يا أمي أَحيكُ شالي، وحين أُنهيه سأجعل ختمتَه من زخرف مطروز، وسألقاك يا أمي هناك، لعلَّ مجلسنا بقرِّب الأحبة، ولعل لقاءنا مطرَّز بالنور.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة