• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

وامتزج البياض بالسواد (قصة قصيرة)

وامتزج البياض بالسواد (قصة قصيرة)
سُرى عبدالرحمن


تاريخ الإضافة: 5/1/2015 ميلادي - 14/3/1436 هجري

الزيارات: 5158

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وامتزج البياض بالسواد!


صافرات الإنذار تدوّي في المكان مرة ثالثة، سئمنا شنَّ الغارات بشكل مستمر.. تسقط القذيفة، ويسقط سقف منزلي، فيَصيح طفلي الرضيع وتموت زوجتي، وابنتي الكبرى تختنق!

 

صرنا نعيش تحت نصف سقف نحن الثلاثة، نأكل أرغفة الخبز الجافة بأطرافها المتعفِّنة ونرتوي من مياه البِرَك!

♦♦ ♦♦


إنها الحرب.. الجريمة الشَّرِسة التي يقوم بها طرفان؛ أحدهما الأسد والآخر الفريسة، لطالما تساءلتُ دومًا: ما دوافع الحروب؟ من أجل البقاء في منصب معيَّن؟ من أجل كرسيِّ سُلطة؟

 

إن كل هذه الأسباب ليست مبرِّرًا لسفك كل تلك الأرواح الطاهرة!

♦♦ ♦♦


كنتُ أسمع عن الانتفاضة، وعايشتُ آخر مقاومة قام بها أبناء القدس، وعشتُ ثوْرات الشعوب الأخيرة، لكن ما كان يدور في خلَدي أبدًا أن تُدنَّس دمشق، أن تبكي المآذن، وتصيح الطرقات، ما تَراود إليَّ أن خَنجرًا مسمومًا قد يُدسُّ في صدر الوطن!


سوريا العلم والإباء!


ما كان لهذه الطاهرة أن تموت، لكن الحرية لا تأتي إلا بالـ.....


الرضيع يبكي، وما من سبيل لإسكاته... طفلي الجائع الذي نام أكثر من مرة متخيلاً أن إبهامه وجبةٌ خفيفة تسدُّ جوعه!

 

ابنتي.. ابنة العاشرة، بذلتْ كل جهدها في أن تكون أمًّا له، وعندما تعجِز يبكي الاثنان معًا وأقف أنا مكتوف اليدين أمام هذا الأنين!


وجدت بقايا حليب مجفَّف، وحضَّرت رضعة لوليد، رغم أنها كانت أشبه بالماء، إلا أنه التقطها بنَهَمٍ، وكسرة الخبز هذه أعطيتها ابنتي.


عشتُ أيامًا عصيبة بعد موتكِ يا حبيبتي، لعنتُ الحربَ، تعلَّمت كيف أقوم بدور الأب والأم معًا، ويبدو أنني فشلت في تطبيق ذلك، أبكيكِ كثيرًا عندما ينام الصغيران!


ألُفُّ وشاحكِ حول ابنتك، في محاولة بليدة لطرد البرودة من جسدها النحيل!

 

أمَّ الوليد، فلتنعمي بالحياة البرزخية!
يبكي وليد مجدَّدًا.. كيف عليَّ سدُّ جوعه هذه المرة؟!

أقرب صيدلية لنا تبعد - على حد التقريب - ثلاث كيلو متراتٍ عن المنزل، بعد أن أزالت القذيفة الأخيرة صيدلية جاري اللصيقة، وقرَّرت أن أسير إليها، رغم أن جيبي من المال فارغ!


سأشتري الحليب، وأسدِّد ثمنه.. بعد حين سِرتُ في الطرقات الهادئة، السكون المهيب هذا يُنبئ أن الجميع على أهْبة الاستعداد، لصاروخ وشيك، وأنهم جاهزون لتفادي اندفاعات الرصاص، بدت لي معالم الصيدلية أخيرًا!

رغم إلحاحي على صاحبها، وانكفاء كرامتي أمامه...
• أرجوك، سيموت طفلي من الجوع!
• يا أخي، أحتاج المال كما يحتاج طفلك الطعام!


ووافق، بعد أن قفزت دمعة إلى خدي فرقَّ قلبُه لحالي!

صوت صافرات الإنذار أجبَرَني على حثِّ الخطى والركض نحو منزلي.


(بينما تقبع النيران في أواسط البيت على مقربة من الزاوية المتفحِّمة يحتمي الرضيع بذراعَي أخته، ومن بعيد يرى أبو الوليد ضوء اللهب ساطعًا، ودخانًا كثيفًا يتصاعد).

 

أقف أمام رماد منزلي بعد احتراقه، الرضْعة الفارغة على مرمى من اللهب.. يتساقط الحليب من يدي، ليَمتزج بياضه بالرماد!

 

صوت صافرة الإنذار يَعلو من جديد!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة