• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

إذا صدق القلب

رجاء محمد الجاهوش


تاريخ الإضافة: 21/10/2009 ميلادي - 2/11/1430 هجري

الزيارات: 16848

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
حَزَمتْ "نَبيلة" أمتعتَها؛ استعدادًا للعودةِ إلى أرض الوطن، فلمْ يبقَ على حلولِ شهر رمضان المبارك سوى يومين، وهي حريصةٌ كل الحرصِ على قضائه في ديارها بين أهلها وجيرانها والأصدقاء، فلشهرِ رمَضانَ حضورٌ مميَّز في بلادها، تفرح بمجيئهِ المساجدُ، ودورُ الأيتام، وقلوبُ المؤمنين، فتتمايلُ حبًّا وخشوعًا وحَنينًا.
اسْتَقبَلتِ الشَّهرَ الكريم بابتسامةٍ ودمعَةٍ، وكانت في سِباقٍ مع الوقتِ للانتهاءِ مِن ترتيبِ البيتِ وتهيئةِ الأجواءِ لتكونَ أكثر استقرارًا؛ لكي تَنعم بزيارة ضيفها العزيز، فما أسرعَ تَعاقُبَ الأيام وانْطِواءَ الليالي!
نظَّمتْ جدولَ العبادات فيما بينها وبين نفسها، متأسيَّة برسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - فقد كان يكثر فيه من الطاعات، ويجدُّ ويجتهد، وكان كالريح المرسلة في جوده وكرمه، لا يمسك فيه شيئًا.
"يا حسرتى!
لقد بدَّدنا الكثير مِن المال أثناء رحلة سفرنا الصَّيفيَّة، ولمْ أدَّخر شيئًا لأتصدَّق به في هذا الشهرِ الكريم، وإني لأستحيي مِن أن أمدَّ يَدي لوالدي وأطلب منه مصروفًا استثنائيًّا".
هطل النَّدم على قلبها كهطول الوابل الصيِّب، فقد أحبَّتِ الصَّدقةَ، واتخذتْها ذلك الخبْءَ من العَمل الصَّالح الذي بينها وبين خالِقها، فاحتفظتْ بحصَّالة صَغيرة بين أشيائها؛ لكي لا تصلَ إليها عيونُ الفضوليين، فيكثرون الأسئلة فتتلوَّث النِّيات بشوائب الرِّياء.
أخذت تفكِّر بطريقة مَشروعَة لكسبِ مالٍ حَلال تنفقه في سبيل الله في هذا الشَّهرِ الكريم، فلمْ تهتدِ، فبكَتْ ودَعَتِ اللهَ ألاَّ يَحرِمها فضلَ الصَّدقة في هذا الزمن المُبارك بسبب ذنوبٍ خفيَّة.
ذات مساء، أثناء تجوالها في كتاب "رياض الصَّالحين"، قرأتْ حديثًا أزاح عنها بعضًا من الحزن الذي سكن فؤادَها على صدقتِها المقيَّدة، فعندما يتعلَّق القلبُ بإحدى العبادات إيمانًا ورجاءً، يصعبُ عليهِ - بعد ذلك - تركُها، أو نقض عهده معها.
عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((يُصبح على كلِّ سُلاَمَى من أحدكم صدقةٌ: فكلُّ تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتانِ يركعهما من الضحى)).
"سأجتهد قَدْرَ استطاعتي؛ بل أكثر، اللهم عَونَك".

—    —    —

يرن جرس الهاتف، فترفع السَّماعة وتجيب المتَّصل:
— السلام عليكم.
— وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بشقيقتي الغالية.
— ألا تريدين الذَّهاب إلى السُّوق لشراء ملابس العيد؟
— لقد اشتريتُ ثوبًا جميلاً أثناء سفري لهذه المناسبة السَّعيدة.
— لم تخبريني بالأمر! هل وارَيتِه عن الأنظار كما يفعل الأطفال؟!
— نعم؛ ليكون مفاجأة.
— وماذا عن العباءةِ والحذاء، وغيرها من الحاجيات؟
— سأسأل الوالد وأستأذنه، ثم أخبرك - إن شاء الله.
— هل عادَ والدي مِن صلاة التَّراويح؟
— نعم، وينتظر "القطايف" وفنجان القهوة.
— حسنًا، لا تتأخري عليَّ برد الجواب، لا أريد تأجيل الأمر، فكما تعلمين، العشر الأواخِر على الأبواب، ولا بد من التَّفرغ للعبادة.
— بلَّغنا الله ليلة القدر، ومنَّ علينا بالعِتق.
—
اللهم آمين.

—    —    —

اجتمعت الأسرة حول "صحن" القطايف وفنجان القهوة في جلسة عائليَّة حميمَة، فقالتْ "نبيلة" على استحياء: والدي الحبيب، العيدُ قاب قوسين أو أدنى.
ابتسم الأب الحاني وأدرك مغزى الكلام، وردَّ ممازحًا: كلَّ عام أنتِ بخير يا ابنتي.
— وأنتَ بخير وصحة وسلامة.
— والعيد لا يحلو إلا بلبس الجديد، أليس كذلك؟
— بلى، بلى، يا أحلى أب.
— ماذا تريدين؟
— شراء عباءة جديدة وحذاء - أكرمك الله.
— وكم تريدين؟
— ما تجود به نفسُك، مع جزيل الشُّكر وخالص الدعاء.
لمعتْ في رأسِها فِكرة، فطربتْ لها.
"سأشتري حِذاء رخيصًا، وعباءةً بسعر متوسط، وسأحتفظ بالباقي؛ لأتصدَّق به".
كان المبلغ زهيدًا، فاحتارتْ أين تضعه: هل تَهبه كَسَهم في وقفيَّة؟ أو تصرفه - كما تفعل كل شهر - إلى قطع نقدية، وتتصدَّق بشكل يوميٍّ بإيداع تلك القطع في الحصَّالة؟
هَفَتِ النَّفس إلى ما اعتادتْه، فذهبتْ إلى الجمعيَّة التَّعاونيَّة القريبة مِن منزلها؛ لتصرف المبلغ الزهيد إلى فئة "الخَمسين فلسًا"، لكنها لم تفلح.
تردَّدت على المكان أكثر مِن مرة دون فائدة؛ لعدم وجود الشَّخص المسؤول عن هذا الأمر، فجَثَمَ شعور صَلد بالتَّقصير على صَدرِها.
"أيَمرُّ شهرُ رمضان بأكمله دون أن أتصدَّق بفلس؟!
يا وَيْلي!".
رنَّ جرس الهاتف وهي غارقة في ألمها، فانتشلتْ نفسها وأجابتِ المُتَّصِل:
— السلام عليكم.
— وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
— هل الوالدة موجودة؟
— نعم، مَن يريدها؟
— "مبرة طريق الإيمان"، لقد اتَّفقنا مع الوالدة أن نرسل لها مندوبنا - اليوم - لتحصيل مساهمتها في مشروع "كسوة يتيم"، وها هو في طريقه إليكم، فهل أنتم مستعدون؟
— نعم، حيَّاه الله، وجزاكم الله خيرًا.
أجابتها بتلقائيَّة وعفويَّة، ثم خبَّرت والدتها بالأمر.
— سامحكِ الله يا ابنتي، لِمَ لَمْ تستشيريني؟
— لقد قالتِ الأخت: إن بينكما موعدًا مُبرمًا!
— لقد نسيتُ أن أطلب مِنكِ أن تَسحبي لي مَبلغًا من آلة الصَّرف الآلي، ولا يتوفر معي أيُّ مَبلغ الآن، فما العمل؟
— لا عليكِ يا أمَّاه؛ لديَّ مبلغٌ زهيدٌ سأتصدَّق به.
تسلَّل شيءٌ مِن الرضا إلى قلبها، على الرَّغم مِن إحساسها الدائم بالتَّقصير.
حاولتْ دفْعَ ذلك الإحساس مِرارًا؛ خشيةَ أن يكون مَدخلاً مِن مداخل الشَّيطان، ووسوسةً تعوقها عن أداء مختلف العبادات.
حمدَتِ الله أن يسَّر لها هذه الصَّدقة قُبيْلَ حلول العِشر الأواخر، وجعلت مِنها حافزًا للاجتهاد في الطاعة فيما تبقَّى من شهر رمضان.
انشغل الجميعُ بالعِبادة، وتوافد المسلمون على مضمار السَّبق في هذه الليالي المُباركة، كلٌّ يَرجو عفو الله ورحمته.

—    —    —

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
وأشرقَتْ شمسُ العيدِ دافئةً رضيَّةً، وسارَعَ الأحبابُ إلى تبادل التَّهنئة، وسارَعَتْ هي إلى تهنئة أخوات حبيبات، قريبات بَعيدات، ربَطَها بهن إسارُ الأخوَّة في الله رغم غِياب الرَّسم والصُّورة.
جلستْ أمام جهاز الحاسوب، وقامت بإعداد بطاقة تهنئة بما لديها مِن معلومات قليلة في عِلم التَّصميم، وأهدتْها إلى كلِّ مَن تحب.
بعض الأمكِنة لها منزلةٌ خاصَّة في القلوب، قد نُدرك سبب تميُّزها أحيانًا، وأحيانًا أخرى قد نجهله، إلا أن الشُّعور بالأنس الذي يغشانا عندما نزورها يؤكِّد على تميزها في قلوبنا، هكذا كان حالها مع "المُلتقى".
أخذَت تتصفَّحه على عَجَل، فوقع بصرها على موضوع شائق:

"مسابقة العيد دوحة الذكر"

لَمْ تكن يومًا مُغرمة بالمسابقات، لكنَّها ترغب في المشاركة؛ حبًّا في المكان وأهله، ودعمًا مِنها لأنشطته وفعالياته، وشيئًا مِن مَرح الطفولة وحَماسَة الصِّبا يراودها صَبيحة يوم العيد.
نَسَخَتِ الأسئلة، واحتفظتْ بها في ملف جديد؛ لتسهل العودةُ إليها متى أرادت، فما زال في الوقتِ مُتَّسع.
اختَلَتْ فجر الجمعة مع أسئلة المُسابقة، وبدأ البحث والتَّقصي عن الجواب الصَّحيح لكل سؤال، مُستعينة ببرنامج "جامع المُصنَّفات الإسلاميَّة الكبرى"، ثمَّ أرْسَلَت أجوبتها إلى الأخت المسؤولة عبر الرسائل الخاصَّة، وعادت مِن جديد إلى صفحة المُسابقة تتأملها؛ لتكتشف أن اللجنة المُعدَّة لم تكشف السِّتار عن الجوائز.
ابتَسَمَتْ قائلة: أكبر جائزة أن تحصل على فائدة.
—    —    —
حان وقت لقائها مع الحاسوب كعادتها كل صباح، ومع تصفُّح المنتديات المُشاركة فيها، وبالطبعِ لا تنسى مُلتقاها الأثير.

"نتائج مسابقة العيد"

(نبارك لجميع حبيباتنا المشاركات الفوز بمسابقة العيد، شاكرات لهن حسن التفاعل). 
"يا للفرحَـة، كلُّنـا فائزات"!
(ولذلك قررت الإدارة مشاركة الجميع في الجائزة بالتَّساوي؛ والجائزة هي:
حفر بئر في إحدى الدول الإسلامية الفقيرة، بقيمة: 3550 ريالاً، ومساهمة في كفالة يتيم، بقيمة: 1000 ريالٍ، لكلِّ فائزة سهم بقيمة: 650 ريالاً). 
اقْشَعَرَّ جلدُها، اغْرَوْرَقَتْ عيناها بالدُّموع، لهجَ القلب بالحمد،
ثمَّ خرَّت ساجِدَةً لله في خشوع، سَجدة شُكر.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
9- شكر الله لكما..
رجاء محمد الجاهوش - الكويت 29-10-2009 04:14 PM
-

أختي الكريمة "نـور"
وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته
وفيكِ بارك الله، وجزاكِ خيرًا لقراءتك الطيِّبة، وحضورك الكريم.
دمتِ بخيـر

ـ-ـ-ـ-ـ

شَقيقي الغالي "مؤتمن"
أحسن الله إليكَ، وجزاكَ خيرًا لدعمك الكريم.
سرَّني حضورك، بارك الله فيكَ وفي ذريَّتك.
دمتَ في سَداد

-
8- جميل
مؤتمن محمد الجاهوش - الكويت 29-10-2009 03:07 AM
أحسنت وإلى الأمام
7- ماشاء الله
نور السلفية - الجزائر 28-10-2009 01:05 PM
السلام عليكم ورحمة الله
ماشاء الله قصة رائعة سبحان الله وبحمده من يتق الله يجعل له مخرج ويرزقه من حيث لا يحتسب وهذه القصة تثبت هذا فعلا نيتها لطيبة وحبها للخير ودعاؤها جعل الله ان يستجيب لدعواها وأن تتصدق نسأل الله لها الثواب والأجر وبارك الله فيكم
6- وثاق مَتين..
رجاء محمد الجاهوش - الكويت 28-10-2009 06:42 AM
-

مَن هنـا؟!!
وما هذه الريح الطيِّـبة التي أتَتنا مِن قبلِ الأردن العزيز..
"ابتسـام" الحبيبة
يا مرحبًا، يا مرحبًا..
وفيكِ بارك الله، وجزاكِ خيرًا لتواصلك العذب الكريـم.

[جعل الله قلمك جنديا من جنوده، وأعانك على إتمام المشوار واثراء المكتبة الإسلامية برواية طويلة من كتاباتك، وإصداره في كتاب يحمل اسمك وأكون من أول القارئات]

اللهم آمين..

هكذا عرفتك، قلب كبير، وروح ودود.. حفظك الله، وكتب لي ولكِ التوفيق والسَّداد.
شكرٌ بحجم السُّرور الذي أهديتِني إياه بحضورك.
دمتِ بخـير وعافيـة

-
5- والله يضاعف لمن يشاء
ابتسام المزرعاوي - الاردن 27-10-2009 08:14 PM
بوركت اختي الحبيبة والغالية على قلبي رجاء كتابة جميلة واحساس اجمل جعل الله قلمك جنديا من جنوده واعانك على اتمام المشوار واثراء المكتبة الإسلامية برواية طويلة من كتاباتك واصداره في كتاب يحمل اسمك واكون من اول القارئين ا
4- -----
رجاء محمد الجاهوش - الكويت 24-10-2009 01:13 PM
-

الكريم "د. جابر"
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيكم بارك الله، وجزاكم خيرًا لمداخلتكم الطيِّبة.

-
3- بوركتِ..
رجاء محمد الجاهوش - الكويت 24-10-2009 01:08 PM
-

العزيزة "فاطمة"
وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته
صدقتِ.. النيَّة الحسنة للعمل الصَّالح لا تضيع عند الله.
والنيَّـة موضعها القَلب..
قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «إِنَّ اللّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَىٰ صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلٰكِنْ يَنْظُرُ إِلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»

سرَّني تواصلك هنا..
جزاك الله خيرًا

-
2- همة عالية
د جابر 24-10-2009 10:45 AM
السلام عليكم ورحمة الله

الاخت الكريمة...
بُورك قلمك..وبوركت كتاباتك التي يملؤها الايمان..

حقا..
إنّ من يجعل فعلَ الخير وصنعَ المعروف ديدنه يهيئ الله ُله من اسبابها ماهو خافٍ عنه

جزاك الله خير
1- نية صادقة
فاطمة جمل الليل - السعودية 22-10-2009 09:23 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

باذخة ،، هي قصتكـِ رجاء ...

النية الحسنة للعمل الصالح لا تضيع عند الله

جزيتِ خيراً

ننتظر جديدكـ بشوق .
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة