• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

فارسة الليل

مها مناع


تاريخ الإضافة: 4/10/2009 ميلادي - 14/10/1430 هجري

الزيارات: 18694

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فارسة الليل

 

لقد غدتْ بفَرَسها في ظلام الليل؛ تمضي طويلًا في رحلةٍ إلى حبيبها، حيثُ البشرُ كلهم نيام، وهي تسبَح في مَلَكوت السماوات والأرض، تَحْمل همومها وأشجانها، تلتمس نورًا يُخْرِجُها مِن ظلام الحياة إلى ضياء السَّعادة المُشْرِقَة.

 

حياة قلب:

فإذا بها تقع عينُها على آية في كتاب الله: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 16]، اخترقتْ قلبها فشقتْ ظُلماته، وأخرجتْ مِصباح الهُدى لِيُضيء لها في رحلتها.

 

دموع حارة:

تَقُولُ وَعَيْنُهَا تُذْرِي دُمُوعًا
لَهَا نَسَقٌ عَلَى الخَدَّيْنِ يَجْرِي
أَلَا يَا لَيْلُ فِيكَ شِفَاءُ نَفْسِي
وَفِيكَ سَعَادَتِي فِي القَلْبِ تَسْرِي
فِي كُلِّ لَيْلَةٍ أَلْقَى رَبِّي
الرَّحْمَن جلاله يَفُكُّ أسْري
يُنَادِينِي أَفَارِسَةَ اللَّيالِي
فَأجيبه لبيك لبيك يا سندي

 

مشكاة الصادقين:

وفجأة وجدتْ في رحلتها فرسانًا صادقين، دربي دربكم، سأسير على نَهْجِكم.

 

لقد أعطاهم الرحمنُ وِسَامَ الشَّرَف الإلهي، فأكسبَهم نورًا في قُلُوبهم، ونورًا في حياتهم ومماتِهم؛ جزاءَ طولِ قيامِهم لله في الظلُمات.

 

يقول الحسَن البصري: لَم أجِدْ في العبادة شيئًا أشدَّ مِنَ الصلاة في جَوْف الليل، فقيل له: ما بال المتَهَجِّدين أحسَن الناس وجوهًا؟! فقال: لأنَّهُم خَلَوْا بالرحمن، فألبَسَهم مِن نُورِه.

 

دُرَّة النور الحبيب - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلِّي مِنَ الليل حتى تَتَفَطَّر قَدَماه، بأبي أنتَ وأمِّي يا رسول الله، يفعل كل هذا وقدْ غُفِر له ما تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِه وما تأخَّر، فيقول: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا؟!)).

 

يقول رجل مِن بني تميم لأُبَيٍّ: يا أبا أسامة: صفة لا نجدها فينا، ذَكَر اللهُ قومًا فقال: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17، 18]، ونحن قليلًا مِن الليل ما نقوم! فقال أُبَيٌّ: طُوبَى لِمَن رقد إذا نعس، واتَّقى اللهَ إذا استَيْقَظ.

 

نُزُول إلهي:

يقول الحبيب - صلى الله عليه وسلم -: ((يَتَنَزَّل ربُّنا - تبارك وتعالى - كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقَى ثُلُث الليلِ الأخير، فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ مَن يسألني فأعطيه؟ مَن يَسْتَغْفِرُني فأغفر له؟)).

 

يَنْزِل - سبحانه - نُزُولًا يَلِيقُ بِجَلالِه، ويناديكِ فلا تُلَبِّين النداء! شَرُّكِ إليه صاعد، وخيْرُه إليكِ نازل، فيقول: سارعي إلى جَنَّة عرضُها السماوات والأرض، أُعِدَّتْ للمتَّقين، يَفْتَح لكِ بابَه وتُغلقينه في وجهكِ أنتِ، ترْفُضينَ الانضمام إلى قوافل التائبات! فيا درة اللآلئ: كُوني مِن دُرَر الليل.

 

تضحية وبذْل:

في وقت الأسحار قد غفل الناس، وتلَذَّذُوا بسُباتهم، وشقَّ عليهم أن يقُوموا لِلِقاء الرحيم الرحمن، فإذا بفارسة الليلِ ترسم ظلالَ الأسحار، حيث صفاء السماء، وسكون الليل، وروعة السحر، ترقُّ خواطرها، وتصفو نفسُها.

 

تُحلِّق في سماء الصفاء، فتنتزع غطاء النوم مِن علَيْها، هاربةً إلى الله، وتلقي بِهَمِّها وكدَرها وشجنِها، وتقول: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84]، وتُرَدِّد: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16].

 

يا لُؤلُؤتي المكنونة:

هذه العبادة لا يَقْدِر عليها إلا أهلُ الإخلاص؛ فهي أشَقُّ على النفس في هذا الوقت؛ حيث الناسُ في سُباتهم وراحتِهم يَصْعب عليهم القيام، فحِرصُكِ عليه يدلُّ على يقَظة قلبكِ وإقبالكِ على الله، فكوني يا دُرَّة كالدِّيك الذي يَصيح في الأسحار؛ قال لقمان لابنه: "لا تكُن أعجَزَ مِن الديك، يصوِّت مِن الأسحار وأنتَ نائمٌ على فراشك".

 

عودة بعد طول غياب:

لقد عادتْ فارِسَةُ الليل بَعد رحلتها المُمْتِعة، فإذا هي تجد المفاجأة، لقد استيقظتْ، ثم وجدتْ بابًا مفتوحًا مكتوبًا عليه: (باب الصَّلاة)، فسبقتْها عينُها مندهشةً: ما هذا؟! فوجدتْ مخلوقات نورانية، يا لبهْجَتها وجمالها!

 

فإذ بهم يُنادُون عليها: يا فارسة الليل، تعالَي فانظري ما أعدَّ اللهُ لكِ، فتَدْخُل فارسةُ الليلِ يَطِيرُ قلبُها فرحًا، فوجدَتْ أرضًا واسعةً جميلةً، جُدْرانُها مِنْ ذهَبٍ وفِضَّة؛ أنْهار تَجري مِن تحتها، يا إلهي! ما الذي يَحْدث؟! جنَّات وجنات، خُدَّام وأحباب! يا إلهي! كل هذا لي؟!

 

لقد وجدتْ كلَّ ما اشْتَهَتْه نفسُها ويَزيد؛ فإذ بها تنْسَى هُمُومَها وأحزانها، وفجأة تَجِد نورًا رهيبًا، لا تستطيع أن تُحَدِّقَ بِعَيْنها مِنْ شِدَّة سطوعه؛ وإذْ بالجَبَّار - جلَّ جلالُه - بِعِزَّتِه وقُوَّته يقول لها: هل رضيتِ؟ فتذرف دموعها، وقلبها يطير فرحًا، وتحني رأسها تَذَلُّلًا لله، وتقول: وما لي لا أرضى، وأنتَ ربُّ العالمين؟!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
5- لافض فوك
سراج الدين - مصر 11-09-2013 11:49 AM

لا تقل يا رب عندي همّ عظيم.. ولكن قل يا همّ لي رب عظيم

يا لكِ من بارعة ، أيتها المؤمنة بالوحي في تجليات روحك كل لحظة، لعلك ما زلت تعيشين حالات الأنبياء والمرسلين في طهارتهم وصفاء قلوبهم، يا لك من جامعة كل معاني االزهو والكبرياء والتواضع، يا لك من إنسانة ليس لها وصف يليق بها؛ إذ إن كل وصف سيظهر عجز اللغة عن أن تتكامل فيك كل المعاني والأوصاف.

4- انتى دائما هكذا رائعه يا استاذتى مها
شيماء سمير الحرفه - مصر 04-09-2010 09:25 PM

كم تعودت منك صدق مشاعرك وكم أحبك، أحسبكِ من الصالحين ولا ازكى أحدا على الله

3- شيق
مروة رجب - القاهرة 26-12-2009 05:41 AM
جزاك الله خيرا على هذا النصح الطيب فهذه العبادة من اجل الطاعات التى تقوي الصلة بين العبد وربه مرحبا بك فى الألوكة نرجو ان نتواصل معك دائما
2- رائع
ايمان حسن 26-12-2009 05:33 AM
مااجمل وارق الكلمات التى عشنا معها
صياغة وعرض الموضوع ممتازة
احساس عالى ومرهف ينم عن صاحبة لقد اثر فى كثيرا طريقة عرض الموضوع بارك الله فيك اختى الكريمة
1- بورك الحرف النَّاصح..
رجاء محمد الجاهوش - الكويت 06-10-2009 07:51 AM
-

قال تعالى: "إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً" - (المزمل:6)

فإن العبادة التي تنشأ في جوف الليل هي أشد تأثيرًا في القلب
وأبين قولا لفراغ القلب مِن مشاغل الدنيا
وأثبت للعمل وأدوم لمن أراد الاستكثار من العبادة.

نُصح طيِّب صِيغ بأسلوب جميل ـ ما شاء الله ـ، وكلمات حلَّقت بنا عاليًا.

مَرحبًا بكِ في الألـوكـة..

-
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة