• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

من أجل كوب حليب (قصة)

أسماء محمود إبراهيم عبدالرحمن


تاريخ الإضافة: 11/5/2009 ميلادي - 16/5/1430 هجري

الزيارات: 12059

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سار الطفل متثاقلاً بعد أن أنهكه المشي والبحث عن زبائن للبضائع التي يحملها في مُلاءةٍ بالية، وكان يمنِّي نفسه أن يبيع مشطاً أو قدّاحةً أو أيَّ شيءٍ يربح منه ولو جنيهاً واحداً أو جنيهين، يشتري به (ساندويتش) فول أو طعمية، ليكون غداءه وإفطاره وعشاءه ليومه هذا.

ولكن هيهات، فما من أحدٍ من المارّة أراد شيئاً مما يبيع، وربما رمقهُ أحدُهم بنظرةِ احتقارٍ واستعلاءٍ وكأنه اقترف ذنباً.

الغريب في الأمر: أن هؤلاء المارة أنفُسَهم لا يبخلون بمالِهم على من يمد يده متسولاً وقد يكون شابًّا يافعاً قادراً على العمل، وربما ينتهي اليومُ بذاك المتسولِ وقد جنى عشرات الجنيهات!

قرر بعد ذلك أن يترك المارّةَ وأن يتوجه إلى الشقق المسكونة، لعله يجد من يشتري..

فاختار إحدى العمارات وقرر أن تكون وجهتَه، وصعد طابقاً بعد طابق، وقرع باباً بعد باب، وفي كل مرة يقابَل بالزجر والنهر.. حتى بلغ منه التعب والجوع كلَّ مبلغ، ثم توجه إلى الباب الأخير في العمارة، ولكن هذه المرة ليس ليبيع.. لكن ليطلب شيئاً يأكله بعد أن مزق الجوعُ أوصاله.

اقترب من الباب وقرع الجرس وهو يرتب الكلماتِ التي سيطلب بها هذا الطلب، يتنازعُه الجوع من ناحيةٍ، والكبرياءُ من ناحية أخرى، وبينما هو كذلك إذ فُتح الباب وخرجت سيدة شابة ذات ملامح وقورةٍ.. نظرت إليه في ابتسام، وكانت هذه المرة الأولى التي يبتسم فيها أحدٌ في وجهه منذ أمدٍ بعيد، وشجَّعَتهُ هذه الابتسامة على طلب الطعام..

فنظر نحو السيدة وقال:
"أريد...".

وهمَّ أن يطلب الطعام، ولكن لم تطاوعه شفتاه أن تُخرج الكلمات، والسيدة لا زالت تنظر، وكانت قرصة الكبرياء أشدَّ مِن قرصة الجوع، فلم يملك إلا أن يقول للسيدة:
"أريد أن أشرب...".

كانت السيدة من الذكاء لتعلم أن الطفل لا يريد شراباً، فهيئتُهُ هيئة من يتلهَّف على كِسرة خبز يسدُّ بها رمقه، وكانت من الذكاء أيضاً لتعلم أنها لو أحضرت له طعاماً لجرحتْ كرامته التي يجاهدُ لحفظها..

ثم سارت إلى الداخل وعادت وفي يدها كوبٌ كبيرٌ من الحليب، وناولته للطفل، فشربه وارتوى، وامتلأت معدته الخاوية، وغادر وهو لا يعرف على أيِّ شيءٍ يشكرها أكثر: على حفظ كرامته أم على سدِّ جوعه؟
 

•     •     •     •     •

 

دخلتْ إلى المستشفى الاستثماري سيدةٌ في العقد الخامس، تشكو ورماً خبيثاً لإجراء جراحةٍ عاجلةٍ، وقد نصحها طبيبها باللجوء إلى هذا المستشفى حيث سيجري لها الجِراحةَ الجراحُ الأشهر في البلاد..

أُدخلت السيدة إلى غرفة العمليات، وقبل أن تحقن بالمخدر نظر إليها الجراح وطمأنها بكلماتٍ رقيقةٍ، ورغم أنّ الكمامة تغطي معظم وجهه إلاّ أن الأمل والتفاؤل كان واضحاً من عينيه، وصوته وكان يتحدث إليها وكأنه يعرفها منذ زمنٍ بعيد..

ثم راحت السيدة بعد ذلك في النوم من تأثير المخدر، واستغرقت العملية ست ساعاتٍ كاملة.

استفاقت السيدة بعد ذلك على تهاني الأهل والأصدقاء بنجاح العملية، مشيدين بمهارة الطبيب الحاذق، وشكر الجميعُ اللهَ كثيراً على هذه المنة.

الشيء الوحيد الذي أرقها هو تكاليف المستشفى وأجر الجراح، ومن أين يمكن أن تدفع كل هذا؟

أمرَ الجراح أن تذهبَ إليه فاتورة السيدةِ قبل أن تراها، ثم أرسلها إليها وكانت هي في غرفتها قد حزمت حقائبها لتستعد للخروج، وهي في قلق شديد مما ستجد في الفاتورة..

ناولها العاملُ فاتورة العلاج، فوجدتها قد دُفعت ومكتوبٌ عليها بخطِّ اليدِ: "دُفعتْ بالكامِلِ مِن أجْلِ كُوبِ حليبٍ".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
5- قصة رائعة
زبيدة - المغرب 26-05-2009 09:32 AM

قصة أكثر من رائعة ، أتمنى أن تمدد وتصبح قصة كبيرة أو رواية ، لم لا ؟ لأن رحلة الجائع بعد كوب الحليب لا ريب طوييييلة ، نتمنى أن نتعرف على تفاصيلها ، سلمت يمينك .

4- ما شاء الله سلميت يداك
ام عبد الرحمن - مصر 22-05-2009 03:11 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

سبحان الله هزت قصتك كل مشاعرى

يا الله كم هى رااائع بمعنى الكلمة

ان الله لا يضيع من احسن عملا

اللهم اجعلنا اعمالا صالحا فى الدنيا والاخرة

3- اصنع المعروف تجده
بشير الرحبي - اليمن 18-05-2009 01:01 PM

"دُفعتْ بالكامِلِ مِن أجْلِ كُوبِ حليبٍ".

والله لكم حركت مشاعري الكلمات الاخيرة بل انها اجرت الدمع في عيني.
فاين المرائين في فعل الخير والمعروف اصنع الخير والاجر يتبعة
لايضيع عمل عامل عند الله في الدنيا والآخرة

2- رائع
عبدالله - فلسطين 14-05-2009 01:17 PM
السلام عليكم
سلمت هذه اليد التى خطت هذه الكلمات الرائعة
والمعاني المعبره
1- سلمت يمينك
امونة - السعودية 12-05-2009 10:19 AM

بورك قلم يجدد معنى الابداع في نفوسنا
عطشى عطشى عطشى لمثل تجاربكم الراقية
لكم استمتعت
شكرا جدا .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة