• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

قد نسيت المصباح يا صاحبي! (قصة)

قد نسيت المصباح يا صاحبي!
أروى المرشدي


تاريخ الإضافة: 17/3/2013 ميلادي - 5/5/1434 هجري

الزيارات: 5567

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قد نسيت المصباح يا صاحبي!


حمَل بعض أمتِعتِه ورحل حيث لا أحد يعرفه، مُخلِّفًا خلفه أحبَّةً يَبكونه، وطرقاتٍ تشتكي غيابَه، ورفيقًا اختار الوقوف في محطة الوفاء انتظارًا له، تَجاهَل كلَّ نداءات صاحبه، صمَّ أُذنيه عن كلامه.

 

يا صاحبي، لا ترحل، ابقَ هنا، حيث أرض أنجبتْك، وقلوبٌ تحبك، هنا تجدُ نفسك، ولن تجدها حيث التِّيه، لا ترحل!

 

لَمْ يُنصِت لتوسلاته ورحل، يحمل رُوحًا ضائعة تبحث عن هُويتها التي فقَدها ذات طيش، وقرَّر البحث عنها في رحلة لن تكون سهلة، ويعلم هذا يقينًا؛ لكن المشاعر المضطربة التي تَسكُنه تشدُّه بعنف ليخرج؛ حيث يظن أنه سيجد رُوحه أو بعضها.

 

لم تكن الأيام عنده محسوبة، ولم يأبه يومًا لعدِّها كالآخرين، لا يُجيد عدَّ الدقائق، ولا تُهِمه الساعات في شيء؛ فالزمن عنده توقَّف في تلك الثانية التي فقَد فيها نفسه.

 

تُغازِله حبَّات المطر "الذي يحب" وهو في رحلته، فيأبي النظرَ إليها ويُتمتِم: ما عدت تُثيرين طفولتي بشيء، قد كبِرتُ يا أنتِ، ورحلتُ أبحث عن ذاتي!

 

يَمضي بخطاه المتعَبة من كل شيء، ولا يُفكِّر أن يَلتفِت إلى الوراء؛ ليس لأنه لا يريد، بل لأنه لا يحتمل النظرَ لمن ترَكه خلفه؛ صديقه الصدوق الوفي، وكلبه الأوفى الذي عاصره زمنًا، ينظران إليه وهو يتلاشى، وكلبه يُحاول اللحاق به، لولا أن لجَمَه صاحبه بقوة؛ تنفيذًا لرغبة رفيقهما الذي رحل.

 

ها هو يدَّعي القوة واللامبالاة، وهما يرقُبان خطاه التي أخفتْها المسافات، برأسٍ مُطرِقة ينظر إلى الأرض ويكلِّمها: تُرى كم هم الذين سبقوني في رحلتي هذه؟ ولم لا أجد آثار عودة لهم؟

هل أكلهم الذئب؟ أم حلَّت بهم صاعقةٌ؛ أم غار بهم البحر؟

هل ضلُّوا الطريق، أم اختاروا السير حيث المجهول؟

 

أسئلة لا تملِك الأرض أن تُجيب عليها، مضى في طريقة غير آبهٍ لصرخات قلبه المفجوع من الفِراق، ولا شيء يريد غير ذاته، سقَط منه متاعه في رحلته دون أن يشعر، تمزَّقت ثيابه من كَمِّ الأشواك التي صادفتْه، خارتْ قُواه، وهو مصمِّم على المُضي، أي طاقة تلك التي تَسكُنه؟!

 

داهَمه الليل سريعًا، فطِن أنّه لم يحمِل معه مصباحًا، لم تمهله لحظاتُ الغروب كثيرًا ليفكِّر، حتى وجد نفسه في ظلام دامس لا يرى أمامه ولا خلفه، ولا أصوات جانبه؛ ولا يعرف أين هو! قرَّر أن يتقوقَع على نفسه، ويجلس حيث وقف حتى الفجر.

 

لفحات البرد بدأتْ تُداهِمه، وأصوات غريبة تَطرُق مسمعه، قدماه لم تعُد تقوَى على حمله، يداه ترتجِفان، وقلبه فرغ من كل شيء إلا من الخوف والفزع الكبير، ما فعلتُ بنفسي؟!

 

قالها بشفاه ترتَجِفُ من الخوف والبرد، تذكَّر أمَّه التي فارقتِ الحياة قهرًا منه؛ حين تقول له: البس جيدًا حين تخرج، تذكَّر يدَيْها الحنونين، وهي ترفع الغطاء؛ لتحمي ظهره من البرد وهو نائم.

 

تذكَّر والده وهو يدعوه ليجلس قرب المدفأة حين كان صغيرًا، قبل أن يتركه لوالدته ويرحل مبكرًا!

 

تذكَّر صاحبه، وهو يسهر معه حتى الفجر يحاول مساعدته، تذكَّر توسلاته لحظة الرحيل ودموعَه التي تَجاهَلها بقسوة ورحل.

 

تذكَّر بيتهم وحنانه ودفْأه، كاد يَفقِد الوعي مما هو فيه، اقترب صوت منه لم يتحسَّسه جيدًا، لكنه خمَّن أنه لحيوانٍ مُفترِس، حبَس أنفاسَه حتى التصق جسم الحيوان به وهو يرتعِد خوفًا، سقط كيس في حضنه، مدَّ يده إليه تحسَّسه، ثم فتحه، وجد داخله مصباحًا صغيرًا وعلبة كبريت، خفَق قلبه من الفرح ونسي الحيوان الذي بجانبه، أخرَج عودَ كبريتٍ، فأوقَد المصباح بسرعة ليرفعه، ويجده كلبه الوفي، الذي طالما رافَقه ينظر إليه وعيناه تعاتِبانه، وداخل الكيس ورقة صغيرة من صاحبه، كتب فيها: "قد نسيت المصباح يا صاحبي!"، عاد أدراجه من حيث أتى؛ لأنه أيقَن أنه لن يجد نفسه بعيدًا عن قلب أحبَّته!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
3- لن أرحل صاحبتي
الطيبة - الأردن 06-05-2013 11:13 PM

بارك الله فيك غاليتي قصة رائعة ونادرا ما نجد الوفاء ولكن نجده والحمد لله وأنا أحضرت المصباح ولن أرحل عنك بإذن الله تعالى

2- نور الوفاء
محمد أحمد الزاملي - فلسطين 18-03-2013 09:37 PM

نسجت قصة الوفاء على صفحات التاريخ لكنه يبقى نادر في هذا الزمان والحنين يبقى لمن هم في القلب ومكان الذكرى

1- قد نسيت المصباح يا صاحبي!
أبو معاذ المنفلوطي - مصر 17-03-2013 03:43 PM

أخاكَ أخاك إنَّ من لا أخًا له = كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة