• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

كانت .. قبل غربتها (قصة)

كانت.. قبل غربتها
إيمان بن حمودة


تاريخ الإضافة: 27/2/2013 ميلادي - 16/4/1434 هجري

الزيارات: 4042

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كانت.. قبل غربتها


كانت تعلم أنها امرأة تختَزِن الكثير من الكلمات في صُندوق أسرارها الأسود، لكنها نسيتْ أنها ضيَّعت الصندوقَ حين حمَلت القِرطاس والدّواة.

 

كانت امرأة تعشَق غزَل الحروف، وفتنةَ العبارات التي تتلوها في دواوين الشعراء بأصوات تتداخَل فيها معاني البقاء والفناء، فيتناسق الحضور والغياب فوق رمال تتحرَّك عليها قوافل المتيَّمين، حين تَجِف المآقي، وتموت عطشًا الكلمات.

 

كانت امرأة تُتقِن فنَّ البكاء على الأوراق في لحظات تُعتقَل فيها آهات حواء، حين يتحوَّل الخجل فيها جمالاً، وينقلب الآه نغمًا يطرَب لسماعه الجلادُ والصيّاد، فيكتب الدمع على مرافئ امرأة لاجئة تُخفي بين أوراقها هُويَّةَ وطن تبخَّر مع بزوغ شمس الصباح.

 

كانت امرأة لا تكذب أبدًا على الورق الأبيض؛ لأنّ لونه يَزجُر بداخلها كلَّ عبارات الزَّيف والرياء، المصفَّدة في زنزانة المكذوبين، حين يتوحَّد الصِّدق مع حروف تَمتصُّ الجراح، وتأبى أن تُغادِر ديار الطهر والأطهار.

 

كانت امرأة تحلِّق في سموات البَوح بأجنحة الرجاء، فتخترق حدودَ المنطق والمعقول، وتصيِّر منطق أرسطو قصة من قَصص الأطفال، وتَمضي لتعبر أراضي حي بن يقظان، ثم تعود محمَّلة بأوزار الخيبة حين لا تجد هناك لا حيًّا ولا يقظان.

 

كانت امرأة تكتب حروفها في لحظات تستوحِش فيها الأقلامُ لغةَ البَشر، فتكتب إلياذتها بلغة الألوان، فيتطاير أبطالها الخرافيون في فضاءات الأزمنة المتعاقِبة يبحثون عن البؤرة الأم؛ ليتشبَّثوا بها بين سطور هوجاء تتمدَّد ذات اليمين وذات اليسار.

 

كانت امرأة تهاجر حروفها من الأمصار الملتهبة إلى ديار الصِّبا؛ لتعرُج بعدها إلى مقامات القول المُباح، فتشهد هناك سرَّ عِناق الحروف والأرواح.

 

كانت امرأة تكتب وطنًا أمسى ذكرى أوراق، لا يزال متخفِّيًا كورقة عذراء بين مصنّفات متآكلة تناستْها ذاكرةُ الأيام.

 

بعد سنين الاغتراب، صارت المرأة عُنوانًا يبحث عن وطن بلا كلمات، عن حروف بلا حركات، كانت الطفلة السجينة بداخلها لا تزال تكتب أسرارَها بألوان الفرح والربيع، وتدقُّ أجراس العودة بخجل الأطفال، لكنها أضاعت أفراحَ اللقاء في أوطان تستبيح دموع الغرباء، فغدت جرحًا يعيش بين الأحياء كاتمًا آهات وجَع الحنين إلى الأوطان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة