• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

الدنيا دوارة (قصة)

الدنيا دوارة
شريفة الغامدي


تاريخ الإضافة: 13/1/2013 ميلادي - 1/3/1434 هجري

الزيارات: 23129

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدنيا دوارة


لم يَكُنْ من السَّهل عليها تقبُّل فكرة اقترانه بأخرى، والاستسلام إلى أنَّ هذا حقٌّ مشروعٌ له، نظرتْ للأمر وكأنه إهانة لها، وتنكُّرٌ لِما كان بينهما.

 

لا بد من طريقة لاستعادة زوجها من تلك الزوجة الأجنبية التي استولت عليه كما في اعتقادها؛ إذ لا يمكن لِما كان أن يُنسى ويُلقى به في حاوية الماضي، ومع أنها لم تكن الوحيدة فيمن حولها التي يرتبط زوجُها بزوجة أخرى، فإنها رفضت قَبول الأمر؛ فقد شعرت بأن بساط الثراء الذي كانت تجلس عليه مع أبنائها قد سُحب؛ ليشاركهم الجلوسَ عليه آخرون!

 

فاستماتت في النِضال؛ لإلقاء تلك الدخيلة خارج الحلبة؛ ليخلوَ لها وجهُ زوجها، ويخلُص لها ولأبنائها مالُه.

 

وكان من الطبيعي مع ما تفكِّر به أن تُؤلِّبَ أبناءها على أبيهم، وتنسيهم كلَّ ما قدَّمه لهم؛ في محاولة منها لاستمالتِهم لجانبها.

 

وقد كان!

فقد تفانَوا في تسديد الطعنات الخفيَّة عن أبيهم لتلك الزوجة المقتحمة لحياتهم.

 

وكان الأمر من جانب بناتها أشدَّ؛ فقد أذقْنها ألوان الأذى؛ من شتم، وتحقير، واتهام، واستيلاء على ما هو لها دون تردُّد أو خجل.

 

لم تكن الأخرى قادرةً على مواجهة كلِّ تلك المكايد الموجَّهة لها؛ فقد كانت وحيدةً وعزلاء.

 

ومضت الأيامُ سِراعًا، ورُزِقت الأخرى من الأبناء بنفس عدد أبناء الأُولى، لكن الفارق العمريَّ بينهم كبير، هم في سنِّ أبنائهم؛ مما جعلهم في حالٍ من الضعف؛ مما زاد من جبروت الإخوة الكبار.

 

وفي ذات الوقت، وخوفًا من انتهاء الإرث والمال إلى الإخوة الصغار؛ طمع الكبارُ من الأبناء في استنزاف الثروة في حياة والدهم، وقبل أن يكبَرَ إخوتُهم.

 

ولأن الشبابَ والفراغَ والِجدة - كما يقال - مفسدةٌ للمرء؛ فقد فسد الأبناءُ كلُّهم.

 

فانغمسوا في كل ملاذِّ الدنيا وشهواتها، ما أباحه اللهُ منها وما حرَّمه، وطغَوا وتجبَّروا وتردَّوا جميعًا.

 

بينما انشغلت الأخرى بالاهتمام بزوجِها وأبنائها، وعُنِيَت بتربيتِهم وتعليمهم وتوجيههم للطريق الصحيح، غيرَ آبهةٍ بما يفعله الآخرون؛ يقينًا منها بأن العاقبةَ للمتقين.

 

لم تكنْ تشكو لأي إنسانٍ ما تراه مِن ظُلم وقهر، بل كانت تكتفي بالبكاءِ على وسادتها ليلاً، والدعاء بأن يعوِّضَ اللهُ صبرَها خيرًا.

 

ويشاء الله بعد سنوات قليلة أن يُتوفَّى اثنانِ من أبناء الزوجةِ الأولى في رَيْعان الشباب، ويتلوهما ثالثٌ ثم رابع ...

 

ويُتْلف الحزنُ قلْبَ والدتهم التي رأتهم يتساقطون أمامها كالبيادقِ في ساحاتِ الوغى، إلا أنهم - للأسف - تساقطوا في ساحاتِ الهوى.

 

ثم ما تلبث أن تذوي تلك الوالدة وتلحق بأبنائها.

 

وفي الوقت الذي يفترض فيه بمن تبقَّى منهم أن يرجعوا لأنفسهم وينهَوْها عما مالت إليه، ما كان إلا أنِ استشْروا، وازدادوا طغيانًا، وكأنما سُلِّمت لهم رايةُ القتال؛ ليستميتوا في إثخانِ زوجةِ أبيهم وإخوتهم بالجراح.

 

لكنَّ اللهَ - تعالى - وحده يدبِّر الأمر.

 

فقد تسارعت السنوات، وشبَّ الإخوة الصغار، وكان لهم الحَظْوة عند والدهم؛ لانشغالِهم بالاهتمام والاعتناء به عن السعي لاستنزافِ ماله.

 

ويسلِّط اللهُ على الإخوة الكبار الأمراضَ تأكل أجسادهم دون أن تفنيها، بل تتركهم ليرقبوا إخوتهم الذين لم يعودوا صغارًا، وقد تفتقت أجنحتُهم ليحلِّقوا بعيدًا نحو آفاقٍ من العلم والمعارف؛ لينالوا الشهادات التي جعلتهم مؤهَّلين للإمساكِ بزمام الأمور بعد والدهم الذي ضعُف جسدُه، وبلغ من الكِبَر عتيًّا.

 

حينها فقط استفاق الظالمون، ورجعوا لأنفسهم، ولسانُ حالهم يقول:

﴿ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ﴾ [يوسف: 88]

 

لكن إخوتهم مع حال القوة التي آلُوا إليها لم يسقُوهم من ذاتِ الكأس التي تجرَّعوها، بل ذابت قلوبُهم إشفاقًا عليهم مما وصَلوا إليه، واكتفوا بأن تُظهرَ أفعالُهم خطأَ ما فكَّر به إخوتُهم من أن الحياة ساحةٌ للنزاع حول الكلأ والمرعى، وأن الغلبةَ فيها والبقاء للأقوى.

 

أرادوهم أن يدركوا فقط أن الحياة بها متسعٌ للجميع، وما كنتم بحاجة لأن تزيحونا منها لتحيَوا بها، إن الرزقَ مقسوم ومقدَّر، والإرث الذي استمتم في نزاعنا وإيذائنا خوفًا من ضياعه منكم - هأنتم تَذْوون قبل أن تَصِلوا إليه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة