• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

عبر الحواجز

عبر الحواجز
أم حسان الحلو


تاريخ الإضافة: 28/8/2012 ميلادي - 10/10/1433 هجري

الزيارات: 6664

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أمسي الذي كان غدي (2)

عبر الحواجز

 

من مَوقِعها المتألِّق، وفي لحظة صفاء ووُدٍّ، جلسَتْ دلال إلى نفسِها بعد أنْ غدَتْ مُدِيرة مؤسَّستِها، إنها تكاد تَتَنسَّم عَبَقَ ياسمين بلدَتِها وأزهاره وهي تُعانِق نسمات فجرها، فتَذكُر فجر شَبابِها، وكيف وقَفَ الزمن عند لحظة مفصلية غيَّرَتْ مجرى نهر أحلامِها الورديَّة.

 

يوم أن ذَبُلَتْ أزهار حديقة أمانيها، وضَمُرَتْ وهي في أَوْجِ تفتُّحها ونشر شَذَاها؛ ذاك يوم أن كانت تَرْفُلُ بثِياب العافِيَة وتَطِير بأحلام دافئة متقافزة كفَراشَات ربيعِيَّة بَدِيعَة، عندما سَقَطَ قُرْطُها الذهبي فالتقَطَتْه بلهفة الغَرِيق الذي يُمسِك حبل نَجاته، ولم تَدْرِ دلال أنَّ التِقاطَها هذا سيَحْفِر لها خندقًا تتدَحْرَج فيه عبر فساحات أيَّامها القادمة.

 

لقد كانت تسمع عن الألغام المُتَفجِّرة التي تَنتَشِر على أرضها الحبيبة مُتَشكِّلة كالألعاب، فكانت تَحذَرُ منها وتُحَذِّرُ مَن حولها، إلا أنَّ التِقاطَها السَّرِيع والمُفاجِئ لقُرْطِها سَبَّبَ لها أشد ممَّا كانت تَحْذَرُ منه وتَحْذَرُ.

 

في رَبِيعها الخامس عشر، وبين أَتْرَابِها وهي فَرِحَةٌ بأيَّام عِيدِها، وضعَتْ لاصِقًا على عينها اليُمنَى، وجلست بجِوار أبِيها وهما يَبحَثان عمَّن يسعف عين الشابة التي أَلَمَّ بها الألم لحظة اصطِدام القُرْطِ بعينها، وبوجه حَزِين وعبارات آسِفة أخبَرَ الطَّبِيبُ والِدَها أن شبكيَّة العين قد سقطَتْ ومن العسير إصلاحها!

 

لحظة قلبَتْ يومَ عيدِهم إلى يوم عَزاء، وتَحَوَّل فرح الجميع حزنًا، وقال جَدُّها وهو يضرب الأرض بعَصاه: سبحان مُغَيِّر الأحوال!

 

قطعَتْ أسرة دلال البلاد طُولاً وعَرضًا بحثًا عن عِلاج ناجِع لعينها... عِندَها حاوَلَ أحدُ الأطِبَّاء عِلاجَها، وقامَتْ من العملِيَّة وقد عاد الأَمَلُ يُزْهِرُ والبسمة تَسْكُنُ وجهها الوردي، وهي ترسم صورة لألعابها القادِمة، والوالدان يَضْحَكان بجِوارِها وهما يقولان: لقد أصبحتِ (طول النخلة) يا دلال، ولا زلتِ تَتصابَيْن.

 

وفي اللَّحظة المُحَدَّدة قبضَتْ دلال على أحلامها، فقد فكَّ الطَّبِيب ضماد عينَيْها وسألها بلهفة: والآن ماذا ترَيْن؟! أجابَتْ: دنيا سوداء.

 

كتم الطبيب دهشَتَه، ووقع الأب أرضًا، وانتحبَتْ والدتها، لكن الطبيب قال: ما هي إلاَّ أيَّام قليلة وسترى دلال (ثقب الإبرة).

 

غدا الأمل سُلَّمًا عَسِيرَ الخَطْوِ تَتَسلَّقه دلال وهي مُستَلقِيَة على سَرِيرِها، وعندما تجهد كي تقف تَسقُط من أعلى السُّلَّم إلى أعمق فُوَّهة يأسٍ، فيَتفَتَّت كَبِدُها لارتِداد صدمتها الموجع.

 

مرَّت أيَّام فجمعت ساعات عام، والدنيا ما زالت سوداء.

 

قرَّرت أن تَتَسلَّق صُعُودًا وإن اضطرَّها الأمر فستَزحَف قُدُمًا، ولن تنظر إلى الخلف هنيهة، منذ عشرين عامًا ودلال تَنظُر إلى السماء وتَرتَقِي العلياء، حتى غدَتْ تحمل شهادة عُليَا تُؤَهِّلها لتَدرِيس علوم الحاسُوب للمكفوفين في الكلية، وتَحمَدُ الله لأنها تَستَمتِع دائمًا بالرَّوائِح العبقة وبالأصوات الجميلة، وتَطْرَبُ لأعذب الكلام، وتُرَتِّل أرْوَع كتاب، وتُحَلِّق بعيدًا في فَضاءات جنَّة تَرجُوها من العظيم الوهَّاب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة