• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

أمام المرآة (قصة)

أمام المرآة
سعيدة بشار


تاريخ الإضافة: 2/7/2012 ميلادي - 12/8/1433 هجري

الزيارات: 4915

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أمام المرآة


بدأ الصيف عندنا منذ أيام، لا أحتمِل حرارته، ومدينتي معروفة بحرارتها، أسمَنتُها المنتشِر في كل الاتجاهات يمنَع الهواء البارد عنا، يجعلنا نستنشِق هواء حارًّا وثقيلاً، يَخنُق الحناجر، ويصفعنا عند أول خطوة لنا بعد عَتبات البيت، حرارة مدينتي تجعلنا نزهَد في الخروج إلا لضرورة، وتمنَع عنا النوم براحة، وتوقِظ فينا شهوة الكسل الممنوع، وأسوأ ما في الأمر عندي، وعند بنات جنسي، أننا لا نستطيع الخروج إلا بعد كمٍّ من المراسيم والطقوس!! ممنوع ارتداء الملابس الدَّاكنة، مع أن الملابس الفاتحة أيضا تتَّسِخ بسهولة، ممنوع ارتداء الملابس الثقيلة، مع أن الملابس الخفيفة أيضا ممنوعة في الأصل، ولا بدَّ من كريمات لمنْع احتراق البشرة، والتلون بالأسود، مع أن تلك الكريمات أيضًا على ضرورتها تمنَع البشرة من التنفس، فيتصبَّب الوجه عرقًا كثيفًا وكريهًا؛كل الحلول سيئة، وغير مناسبة!

 

وقفت أمام المرآة كالعادة لإنهاء مراسيم الخروج المُملَّة، أثارت انتباهي صورتي المنعكِسة على المرآة، وكأني أنظر إلى نفسي لأول مرة، وبدت لي نفسي غريبة عني، تعثَّر دعاء النظر إلى المرآة في لساني، ونظرت إلى نفسي مطوَّلاً، أبحث في تفاصيل صورتي عن ذكريات طفولتي، عن براءتي، عن السعادة التي سكنتْ وجهي وروحي طويلا،ً وغادرتني اليوم بلا سبب واضح إلى حيث لا أدري، ما عدت أعرِف نفسي!

 

قطَع رنين الهاتف تأمُّلاتي ليستعجلني بالخروج، كم هو مُملٌّ العمل في مِثل هذه الأجواء!!

 

أسرعت بوضع بعض البصمات من الكريمة الحامية من الاحتراق، ونشرتُها على تقاسيم وجهي في لُطْف سريع، وحرصتُ أن أتفادى المساحة المحيطة بالعينين، ممنوع وضْع الكريمة في هذه المنطقة، قد تُسبِّب مضاعفات سلبية لا تُحمدَ عواقبها.

 

ظلَّت تلك التأملات السارحة تتجاذبني، تراءى لي وجهي الحبيب، وجسدي بين أفواه الدود، تتسابق إلى اقْتطاعه خلية خلية، لتُحوِّله إلى كابوس راعب، لم أقوَ على احتماله، فهززتُ رأسي، وكأني أنفُض عنه تلك الأفكار، لكنها ما انفضَّتْ عني إلا لتُهاجِمني أفكار أخرى، كيف سيكون ذوق النار إذا لامَس وجهي؟ وجسدي كله؟ وكيف سيَنتِشر فيه قبل أن يحوِّله إلى رماد، بلا قيمة؟!


شعَرت بانقباض في صدري، وتسارَعت نبضات قلبي، وتعثَّرت أنفاسي، فما عدت أقوى على النظر، ولا على التفكير، فرميت بجسدي المشتعِل على أقرب مقعد مني، ووضعتُ يدي على صدري، وكأني بي أحاول انتزاع الأنفاس المحبوسة فيه، أحتاج للهواء، أريد التنفس، شعَرت بنفسي، وكأني طائر مذبوح يتخبَّط في دمائه، وأنا أتخبَّط في أفكاري... من أين أتتني؟ كيف تَجرَّأت على مهاجمتي؟، وأعمالي الكثيرة تَنتظِر، ليس هناك وقت لهذه الأفكار، دموعي المُتدفِّقة مسحت الكريمة الحامية في طريقها، وشوَّهت معالِم وجهي، ما عدت أحتمِل! ماذا لو أن الموت كان في انتظاري؟ متى سأفكِّر في مصيري إذًا؟ متى سأُعيد النظر في عباداتي؟ في علاقتي بربي؟ وبالناس من حولي؟ كيف سأُنقِذ نفسي؟ ماذا حقَّقت في حياتي؟ ماذا قدَّمت لديني، لأمتي؟

 

فراغ كبير يتردَّد من حولي، ودوِيّ صُراخ يتعالى في عمقي: لا شيء، لا شيء!!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة