• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

رثاء رجل حي (قصة قصيرة)

رثاء رجل حي (قصة قصيرة)
أم حسان الحلو


تاريخ الإضافة: 30/4/2012 ميلادي - 8/6/1433 هجري

الزيارات: 9958

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كيف أفعل ذلك؟! أأقتل رجولتي وأنعَى مروءتي؟! أي حضارة منحدرة تريدها نجوى لي؟! أوَهكذا تكون الزوجة الطيبة؟!

 

استمرَّ السيد رامي في قيادة سيارته بتوتر ظاهر، كاد أن يودي بحياته وحياة زوجته؛ إذ ربما لم يشعر بقيمةٍ لحياته، أو معنى لها، وهو يحدِّث نفسه عن الموضوع، المشكلة التي تصطنعها نجوى.

 

كانت نجوى شاردة النظرات، يبدو أن القلق احتلَّ قسماتِ وجهها، واستعمر الاضطرابُ أطرافَها، إلا أنها لملمتْ بضع كلمات فقالت:

اعلم أن صعود الجبال لا يستطيعه الشعراء؛ بل يستطيعه الأبطال، فردَّ عليها:

وأنا أعرف يا نجوى أن أكثر الناس تنعمًا في رياض الإنسانية هم شعراء الرجال، أردف: وأعدك بأن...

 

تهللت أسارير نجوى؛ فقد اعتقدت أن هذه العبارة الناقصة شارة نصرها الأول؛ لكنها سمعتْه يكمل عبارته:

أعدكِ أن أستمع إليك عندما نصل إلى مرفأ الحضارة العصرية، ونتأمل الشاطئ معًا.

 

تململتْ نجوى وقد بدا عليها الضيق؛ لكنه أوضح لها أنه يريد أن يقود سيارته عبر المنعطفات بهدوء وآمان.

 

وضعت نجوى لسانَها في سجنه، وأخذت تزفر آهاتٍ عميقةً متباعدة.

 

أشلاء أعماقها ممزَّقة، تياراتٌ عنيفة تتقاذفها، تقول لنفسها أحيانًا: لِمَ كل هذه المعاناة؟! يمكنني التعايش مع وضعي الجديد، وتتلمس ماضيَها برضا وقناعة، ثم تُنكر فكرتها الأولى، فتحدث نفسها: لا؛ لقد مللت، أريد أن أنعم بالدنيا وجمالها وبهائها، تلك المرأة حالتْ بيني وبين أسباب السعادة، لا أريدها في بيتنا مهما كان حجم الخطورة الناجم عن إخراجها.

 

أما السيد رامي، فقد بدا وكأنه في بحر مترامٍ، يلملم أشرعته المتكسرة، ويحاول الهرب من غرق قاتل، بدا مضطربَ الجنان، يشدُّه المد، وينتزعه الجزر، تيارات أفكاره أعنفُ من هدير موج البحر الذي يسمع.

 

كم هي مؤلمة صفعات اقتراحاتك يا نجوى!

 

حركت نجوى رأسها بدلال وأجابت:

أعدكَ بأنني سأحملك إلى فردوس الأرض، سنشعر معًا بدفء الحياة وعذوبتها وروعتها، ألا تتمنى يا زوجي العزيز أن تغادر الدموعُ عيني؟! ألا تحب أن ترى السعادة ترفرف على بيتك محتضنةً صغارَك وأمهم؟!

 

فأجاب بفتور:

أحبُّ ذلك وأكثر، دعينا نسترحْ هنا قليلاً، وننعم بتأمل ساعة الغروب الرائعة هذه، علَّقتْ بانفعال:

أصبحتَ رائعًا، بدأت تستروح الجمال إذًا؟!

 

وجلسا صامتين وقد صرف كلٌّ منهما نظرَه نحو صفحة البحر، هاربًا من قراءة صفحة وجه صاحبه، وبديا متشاغلين بتأمل وجهٍ ما.

 

ظهرت أمامهما عجوز وحيدة مفترشة بساطًا باليًا، وبيدها كأس ماء ترتشف منه بين الحين والآخر.

 

اقتنص حالُ هذه العجوز قلبَ الزوجين الشابين، وأخذا يفكرانِ بها، وكأن أمرها معضلة رياضية بُسطتْ أمام طالب متفوق.

 

تدافعت الأسئلة من فيهما:

ترى أين فروعها؟

• لا بد وأنها تنتظر حبيبًا غائبًا!

 

• أراه بحر إنسانية مهجورًا بجوار بحر طبيعة محبوب، وجهها متعب قد أكلتْه الأخاديد، أرهقتْه السِّنون، انظري يا نجوى.

 

• كأس الماء يرتجف بين أصابعها، لقد وزّع نبضها على فروعها، من أي فصيلة ذاك الإنسان الذي جحد أصله، وتنكَّر للذي عاش عمرًا يسدي إليه المعروف تلو المعروف؟!

 

• أشعر أنك ستكتب قصيدة - بل قصائد - تصف بها العجائز، فأجاب:

أجل، وسأصف مرفأ الحضارة أيضًا.

 

لكن نجوى تخيلت نفسها تخاطب العجوز، فتقول:

أظن أن الذين مددتهم برياحين شبابك قذفوك بعيدًا؛ خشية أن تلوثهم أوراقُك المتساقطة.

 

اعذريهم؛ إنهم مساكين، لا يعلمون أن أوراق الخريف المتساقطة تغذي الجذور الدفينة، مسكينة أنت أيتها العجوز الوحيدة الفريدة، ومسكينة أنا، أنا التي أحلم باليوم الذي ألقي فيه بوالدة رامي خارج بيتنا؛ لأنعم بحياة سعيدة هادئة، بالضبط كما ينعم أحباؤك أيتها العجوز! ما لنفسي؟ أصبحت أخلط بين الرغبة في عيش النعيم، والمشي نحو عيش الأنعام!

 

ربما تسربلت نجوى بالصَّغار والخزي من نفسها، واستولتْ عليها مشاعرُ الرثاء والشفقة لعجز الإنسان عن احتضان عجوز، اقتربتْ نجوى ورامي من العجوز المضطربة، فهللت لهما ظانة أنهما بعض أقاربها؛ لكنهما بادراها بالتحية وطرح الأسئلة:

 

أتنتظرين أحدًا هنا يا خالة؟

• نعم، إني أنتظر عودة ولدي الحبيب؛ فقد جاء بي إلى هنا، وقال: سأغيب عنك قليلاً ثم أعود إليك، لا تقلقي، وأردفت:

أسأل الله أن يسلِّمه من كل مكروه، وأن يحفظه، ويبارك له، ثم أخرجت ورقة من جيبها وقالت بصوت ضعيف متحشرج:

خذ يا ولدي اقرأ هذه الورقة التي سلَّمها لي ولدي أحمد وهو يقول: لا تقلقي يا أمي إن تأخرتُ عليك، فقط سلِّمي هذه الورقة لمن يسأل عني، وسلمتِ الورقة للسيد رامي وفي عينيها المتعبتين آمالٌ وأحلام غمرت الورقةَ التي فتحها السيد رامي، فتراقصت الأحرف أمام دموع عينيه المتدفقة، وكسا الذهولُ والأسى كيانَه كله وهو يقرأ:

الرجاء ممن يجد هذه العجوزَ تسليمها إلى دار... المسنين!

 

احتفظ السيد رامي بالورقة، وبعد أيام كتب على ظهرها قصيدة بعنوان: رثاء رجل حي!

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- رثاء رجل حي
بوبكر قليل - الجزائر 30-04-2012 11:56 AM

السلام عليكم
قصة رائعة فيها سرد وحوار تتوافر على عنصر التشويق والقارئ حينما يقرأ ربما يفكر نتائج أخرى للقصة ولكن الكاتب الواسع الخيال يأبى إلا أن يجعلنا نعيش في جو النص ونتأثر تأثيرا بليغا لأنه يعالج مشكلة انتشرت في مجتمعنا انتشار النار في الهشيم وربما هذه النتيجة تجعل من رامي الطيب يتمسك بأمه أكثر وربما تتراجع ** نجوى * عن موقفها حينما تسمع من هذه العجوز المسكينة التي تدعو بالخير لابنها وهي لا تدري ولا تعلم نية ابنها السيئة ...حقا إنها قصة مؤثرة جدا ..بارك الله فيك ...أبوبكر شرق الجزائر

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة