• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

يسارًا باتجاه القلب (قصة قصيرة)

رجاء محمد الجاهوش


تاريخ الإضافة: 1/1/2012 ميلادي - 6/2/1433 هجري

الزيارات: 7871

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يسارًا باتجاه القلب

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)


عَلى بُعد أمتارٍ، وقفَتْ "حَنان" قُبالتي في مَلْعَبِ حَديقةِ حيِّنا الذي سُيِّجَ بأشجارِ الطَّلحِ، وقد نَمَتْ بين جذوعها نباتاتُ الحنظل!

 

وضعَتْ كُرتها الحمراء الصغيرة أمام قدَمَيْها، ثُمَّ رفعَتْ رأسَها ونظَرَتْ إليَّ بتحدٍّ طفولي مُحَبَّب، قائلة: هل أنتَ مُستعدٌّ؟

ابتسمتُ، وأظهرتُ لها مَدى حماستي قائلاً: هيا ارْمي.

 

اسْتَجمعَتْ قواها ثمَّ ركَلَتْ الكُرة بقدمِها الصَّغيرة، فانْعَطفَتْ يَسارًا!

لحقتْ بها حتى أمْسَكتْها، ثم عادَتْ إلى مكانها، محاولةً تسديدَ رَمْيتها مِن جديد.

 

وضَعَت الكُرةَ أمام قدمَيْها، حدَّقتْ فيها للحظاتٍ ثمَّ ركَلَتْها، فتدَحْرَجَتْ أمامها قليلاً، ثم انْعَطَفَتْ يسارًا!

رَكَضَتْ خلفها وهي حانِقةً، فنَظَرْتُ إليها نَظرةً تحنو على طفولتها المُشرَّدة!

"تُرى هلْ أسأتُ الاختيار؟ أم هلْ أسأتُ إدارة حياتي!

 

لَم أشترطْ جَمالاً آخاذًا، ولا غِنًى فاحشًا، أردتها متعلِّمَةً صاحبةَ نسَبٍ طيب؛ رجاءَ أن تكونَ زوجةً واعيةً ناصحةً، وأمًّا قادرةً على تربيةِ نشءٍ صالحٍ قوي؛ قويٍّ بإيمانهِ وعِلمهِ وعَملهِ!

 

إيه يا "آمال"، لقد أضاعَتْنا آمالكِ الكِبار!

 

لَم أتصوَّر - يومًا - أن يطغَى طموحكِ، وتعلو رغبتكِ في إثباتِ ذاتكِ عبرَ قنواتِ العَملِ والدِّراسةِ على مشاعرِ الأمومةِ لديكِ، وأكادُ لا أصدِّقُ أنكِ اخترتِ الانفصالَ، والتَّنازلَ عن حضانةِ ابنتكِ مِن أجلِ الحفاظِ على مَنصبكِ!

 

كيفَ سأنسَى تلك الكلمات التي خرجَتْ من فِيكِ مُتسربلةً بلباسِ الأنانيَّةِ والقسوَةِ: هل تريدني أن أضحِّي؟ هل تريد أن أشقَى بتربيةِ ابنتكَ فيضيع ربيع عُمري سُدًى؟!

 

لا يا سيِّدي، لنْ أفعل، لنْ أدعكَ تحطِّمُ حياتي، وتسعدَ أنتَ بحياةٍ جديدةٍ تتمتَّع فيها بين زَوجٍ وولدٍ!

 

هذه ابنتكَ، تحملُ اسمكَ، وبعد سنواتٍ ستأتي مُطالبًا إياي بحقِّكَ في حضانتها، فخُذها مِن الآن، وضحِّ أنتَ!".

 

عادَت "حَنان" من جديدٍ إلى مكانها مُقَطِّبةَ الجبين، زامَّة شفتَيْها في ضيق، ضَربَت الأرض بكرتها، وبسرعةٍ ركلتها، فاختلَّ توازنها، وراحت تَتَرنَّح، لكنَّها استطاعت أن تتوازنَ أخيرًا، فلم تقعْ!

 

تدحرجَتْ الكرة أمامها بدلالٍ، ثم انعطفَتْ يسارًا!

 

وقَفَتْ تنظر إليها والدُّموع على وشكِ الانهمارِ، فصحتُ بها: الْحَقي بها، لا تَدَعيها تهزمكِ!

 

مَشَتْ بتثاقلٍ، أمْسَكَتْ غريمتها، ثمَّ عادَتْ إلى مكانِها، رافضةً اللَّعب!

 

فصحتُ بها مِن جَديد: لا تَيْئسي، حاولي مرَّة، واثنتين، وثلاثًا، فبالصَّبرِ والمُثابرةِ يتجاوزُ المرْءُ العَقباتِ، ويَصلُ إلى ما يُريد.

 

أحرصُ دومًا على مخاطبتِها كالكبارِ، وغرس المعاني السَّامية في فكرها، أخشى عليها من زمانٍ شرُّه أكثر من خيرِه، وظرفها المختلف يُحمِّلني مسؤوليةً أكبر، فإن لم تكن محصَّنةً منذ طفولتها الأولى بفَهمٍ سليمٍ تاهَتْ منها الخُطَا، وضلَّتْ السَّبيلَ!

 

وضَعَت الكرةَ أمامَ قدمَيْها - مُذعنةً لنصيحتي - وقالت بحزمٍ آمرِةً إيَّاها: إلى الأمامِ باتجاهِ أبي، ثمَّ ركلَتْها، فانْعَطَفَتْ يَسارًا باتجاهِ تلك المرأة التي أطلَّتْ برأسِها من خلفِ السِّياجِ الشَّجريِّ، تحجبُ عينَيْها نظارةٌ شمسيَّة، أمسَكَت المرأةُ بالكرةِ وابتسمَتْ لحنان القادمة نحوها، شَعَرْتُ بالقلقِ، فهرولتُ نحوهما.

 

"مَن؟! أيعقل أن تكونَ هي؟!".

 

مدَّتْ "حَنان" يدَيْها لتأخذَ الكرَّةَ، فأعطتْها إياها، ثم احتضَنَتْها بشوقٍ ولوعةٍ، ودمعها الحارق يَسيلُ على الخدَّيْنِ، صرخَتْ "حنان" مذعورةً: بابا!

 

اهتَزَّ قلبي لنداءِ صغيرَتي، إلا أنَّني لم أقوَ على الاقترابِ!

 

حاولَتْ "حنان" عبثًا التَّفلُّتَ مِن قبضةِ تلكَ المرأةِ، وهي تصيحُ بها: اتْركيني!

 

• لا لنْ أترككِ ثانيةً، لنْ أترككِ؛ فقد فقدتُ كلَّ مَعنًى للحياةِ عندما فقدتُكِ، سامحيني يا ابنتي، سامحيني، سامحيني!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة