• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

بائع الورد (قصة قصيرة)

بائع الورد
نوف عائض الثبيتي


تاريخ الإضافة: 29/10/2011 ميلادي - 1/12/1432 هجري

الزيارات: 22870

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بـائع الـورد

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

المكان يضجُّ بالباعةِ والمشترين، ووحده بائع الوردِ يقطعُ مسافة قصيرة بين الجامعِ وأقرب متجر ذهابًا وإيابًا، لم يغير عادتَه منذ سنين، ولم يرتوِ الوردُ الذي يحمله، كأنَّ العمرَ الخاوي تمدَّد هناك وعلَّق في عينيه نظرةَ العدم، السماء تواطأت مع الليلِ والألم مهَّد الطريقَ، فأوسعاه حزنًا وجدبًا وعزلة.

 

وروده الخجلى من نظراتِ العابرين لاذتْ بصدرِه، كانت تبثه عطرَها المكنون وتلوِّح لعينيه بألوانها الشاحبة، كانت تدورُ في فلكه الصامت وتناجي نجومَ روحِه النقية، كانت تذُبُّ عنه نظراتِ الاحتقار وتبتسم له كلما انقبضَ صبره، ودس وجهه بين ركبتيه على هون.

 

بالأمسِ فقط تتبعتُ شقاءه؛ وهو الوجه البائس الذي أراه كل مطلع شمس، تأملتُه كأعجوبة؛ وجهه المعفَّر بالألم، شفتاه التي تسجنُ الكلمات عُنوة، عيناه التي يدورُ الخواء فيهما، ثيابه العتيقة التي لا تعترفُ بالفصول، وقدمه اليمنى الملفوفة الأصابع في (شاش) متهالِك، وفي يسراه كيسٌ صغير يواري أزهارَه، وفي يمناه طاقة صغيرة تسرَّب إليها الجفافُ من يده التي يمدها بالوردِ نحو العابرين، ثم يعيدها إلى صدرِه.

 

قضيتُ النهارَ أتتبعه بعيني بعد أن اشتريتُ منه وردًا، وبعد العشاءِ تسللتُ خلفه، سار كأملٍ كسيح ينتظره يائس معدم، أو كليلٍ لا يموت حتى وصل إلى عتبةِ بيت متواضع فطرقَ البابَ، فخرج رجلٌ سمين بادره بقولِه: "هل أحضرت النقود؟ لن أصبرَ عليك أكثر، إمَّا قيمةُ سُكناك أو ابحثْ عن سكنٍ آخر"، فأخرج بائعُ الورد حصادَ يومِه من النقود، ثم رفع كيسَه إلى صدرِه وضمَّه كطفلٍ، ثم دفعه إليه فأمسك به الرَّجلُ السمين وفتحه وقلَّب فيه نظرَه، ثم عبس وبسر ورفعَ الكيسَ إلى أعلى وألقى به بعيدًا وصاح في البائع: "لم يبق إلا الورد الميت تبيعُه لي! ابتعد، هيا"، وعاد إلى دارِه مغلقًا البابَ دون الحزن والشقاء.

 

على جمر العمر الذي استبيح على رصيفٍ مجهول انحنى البائعُ الصامت يرفع ورودَه إلى صدرِه، ويمسح عنها وجع العابرين، ومن عينيه سال نهرانِ من الذل تغسلُ انكسارَه، وتبلل وروده التي فاح شذاها وعطر المكان، حمل أزهارَه ودسَّها في كيسِه وضمَّها إلى صدرِه وأكمل المسير نحو الشارعِ المظلم، وعدتُ أنا من حيث أتيتُ يتبعني الوجوم والضآلة والشعور بالذنب.

 

وفي اليوم التالي لم يتعطرْ ذاك المكان بين الجامعِ وأقرب متجر بأي رائحةٍ ولم يعبأ أحد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة