• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

ثرثرة (قصة قصيرة)

ثرثرة (قصة قصيرة)
د. شادن شاهين


تاريخ الإضافة: 24/3/2016 ميلادي - 14/6/1437 هجري

الزيارات: 9603

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثرثرة


أطالتِ النظرَ إلى المرآة على ضوء مصباحِها الزيتيِّ الباهت، كان سطحُ المرآة القديم يعكس صورةَ امرأةٍ لا تُشبهها.

 

♦ هل المرآةُ القديمةُ تكذب؟! أم أنَّ الانتظارَ طال بي؟!


تساءلتْ وهي تُمرِّر أناملَها على خدِّها الذابل.

 

أمسكتْ طرفَ جَديلتِها السوداء الثقيلة بأطراف أصابعِها؛ لتنقضَها ببطءٍ، خالط شبحُه صورتَها في المرآة فجأةً، كما لو كان يذوبُ في أجزائها، ويتنفَّس برئتَيْها، كتمتْ أنفاسها اللَّاهثة، وجحظتْ عيناها الذَّابلتان شوقًا إليه، حاولتْ أنْ تنهل من عينَيْه البعيدتين، وهي تعلَمُ أنه السراب.

 

انتشلَها من المرآة همسُ الصغير:

♦ أمي، جائعٌ يا أمي!

انهارَتْ جُدرانُ صبرها، حملتْه على كتفِها، وأخذت تدورُ به في حجرتها الضيِّقة؛ لعلَّه ينام، حتى غاب عن عالمِه القاسي.

 

وضعتْه برِفْقٍ، شمَّرتْ عن ساقيها العاجيَّتَيْنِ، فاعتلتِ الأريكةَ الخشبيَّة المتهالكة، وألقتْ بعينَيْها بين قضبانِ نافذتها الصغيرة.

 

كانت الأجسادُ المُنْهكةُ تسعى في كلِّ اتجاه خلف لقمةِ عيش، عبْرَ حارتِها التي تنبعث منها رائحةُ الموت، تُحلِّق ثرثرتُهم الجوفاء في فضاء خوفِها.

 

كان صوتُ بكاءِ طفلِها يتردَّد في سماء عالمها الفارغ، حتى علا فجأةً صوتُ تلفاز الجيران.

 

فسمعتْ حديثًا عن أشياء تُدْعَى الفكر، والإبداع، والثورة، والاختيار الحر، بينما تعالَتْ أصواتُ المتحاورين، وتشنَّجَ كلٌّ منهم في الحديث واتِّهام الآخر - مطَّت شفتَيْها، وهزَّت رأسَها في بلاهة، أدارت عينَيْها بين جدران سجنِها الصغير؛ بحثًا عن معاني تلك التُّرَّهات، لم ترَ سوى شقوقًا قديمةً احتلَّتها العناكبُ، وجدرانًا تستغيثُ!

 

انتهت بعينيها إلى مِرآتها القديمة ثانيةً، هالَها مظهرُ أمواج شعرِها الثائرة، لقد أَحْيَتْ كل ما وَأَدتْه فيها منذ سنين، لَمْلَمتْ شعرها بارتباكٍ، وأعادتْ خنقَه بسرعة في جدائلِه الضيِّقة، غطَّت رأسها بطرحتها السوداء، وارتمتْ منهكةً على الأرض بجوار الصغير، احتضنَتْه خائفة، وضعَتِ الوسادة فوق رأسها هربًا من إزعاج ثرثرة التِّلفاز.

 

غرقتْ في النوم بسرعةٍ، فباتَتْ تَحلُمُ أنها تسبح في بحرٍ من العسل، على شاطئِه مئات الأرغفةِ الساخنة، تحتضنُها عينان، لا تشبع أبدًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة