• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

التفكيكية والبنيوية: اتفاق أم اختلاف؟

التفكيكية والبنيوية: اتفاق أم اختلاف؟
د. عبدالحميد أحمد ناصر المدري


تاريخ الإضافة: 29/12/2015 ميلادي - 17/3/1437 هجري

الزيارات: 73515

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التفكيكية والبنيوية: اتفاق أم اختلاف؟

 

التأثير والتأثُّر سمة بارزة في عالمنا المعرفي، فعلى سبيل المثال: الحضارات تنمو وتزدهر على أنقاض حضارات سابقة، والمناهج النقدية والفلسفية تتأثر وتُؤثِّر؛ فهناك مناهج وعلوم قامت على أنقاض مناهج وعلوم أخرى، ومهَّدت الطريق أمام مناهج جديدة، والتفكيكيَّة ليست في منأى عن كل هذا، فالتفكِيكيَّة تأثرت بالبنيوية وثارت ضدَّها، ولكن قبل أن نخوض في أوجه الاختلاف أو الاتفاق بين المنهجين، يجب أن نعرف أولًا تعريف كلٍّ منهما، وظروف نشأتهما.

 

ترجع البنيوية إلى مجموعة من المناهج التي تطوَّرت في النصف الأول من القرن العشرين، ولكن دورها الريادي تضاءل إلى حدٍّ ما عندما أصدر نعوم تشومسكي كتابه "التراكيب النحوية" عام 1957، وأنشأ ما يُسمَّى بعلم القواعد التوليدية والتحويلية.

 

والجدير بالذكر: أن النصف الأول من القرن العشرين شَهِد بدايةَ نوع جديد من الدراسات اللُّغوية، هي اللُّغَويات البنيوية، فقد كان التركيزُ في الفترات السابقة لظهور اللُّغويات البنيوية على تغيرات اللغة؛ ليصبح بعد ذلك على وصفِ اللغة.

 

يُعتبر العالم السويسري فرديناند دي سوسير الشخصَ المسؤول عن هذا التحول، ويُطلِق عليه الكثير من النُّقَّاد: "مؤسس اللُّغويات الحديثة".

 

مات سوسير ولم يُؤلِّف كتابًا واحدًا، إلا أن طلابه قاموا بجَمْع الملاحظات التي كانوا يكتبونها في محاضراته ونشروها في كتاب بعنوان: "منهاج في اللُّغويات العامة". ويمكن القول: إن أي تطور حدَث بعد ذلك في الدراسات اللُّغوية يرجع في الأصل إلى أفكار سوسير التي تم نشرها في هذا الكتاب.

 

يرى سوسير أن فقرات اللغة مرتبطةٌ مع بعضها البعض بشكل أساسي؛ أي: إن اللغة - من منظوره - تُعتبَرُ تركيبًا مبنيًّا من العناصر المترابطة، وفي هذا السياق يقول لويس تايسون: "إن سوسير أدرك أننا نحتاج إلى أن نفهم اللغة ليس على أساس أنها مجموعة من الكلمات الفردية ذات التاريخ الفردي، بل على أساس أنها نظام تركيبي من العلاقات بين الكلمات المستخدمة في فترة معينة من الزمن"[1].

 

فالبنيوية لا تنظر إلى أسباب وصول اللغة، بل تنظر إلى القواعد التي تضبط اللغة ووظيفتها وبناءها.

 

التفكيكية مصطلح قدَّمه الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا في كتابه "في علم الكتابة"، ومع ذلك لم يُعرِّفه في هذا الكتاب، ويمكن القول: إن التفكيكية منهجٌ فلسفي، يرى أنه لا يوجد تفسير واحد للمعنى في النص، بل تفسيرات غير محدودة، فبعد أن ظهرت التفكيكية إلى الوجود، أصبحت النصوص عُرضةً لنوع جديد من التحليل والتفسير.

 

وبينما يرى دريدا أن التفكيكية ليست نظريةً، يرى كثيرٌ من النُّقَّاد أنها طريقة جديدة لقراءة النصوص، ونموذج جديد للكتابة.

 

ويلخِّص لويس تايسون المفاهيم التي تقوم عليها التفكيكية في ثلاث نقاط:

1- اللغة حركيَّة، وغامضة، وغير مستقرة.

 

2- الوجود ليس له مركز، وليس له معنى مستقرٌّ، وليس له أرضية ثابتة.

 

3- البشر ميادين قتال متشظية للأيديولوجيات المتنافسة، وأنه عند تفكيك أي نص - خاصة النصوص الأدبيَّة - يجب التركيز على كشف اللامحدودية "Undecidability" للنص، وكشف العمليات المعقَّدة للأيديولوجيات التي يتركَّب منها النص"[2].

 

من ضمن الأسس الهامة للبنيوية إعطاءُ الأولوية للكلام بدلًا عن الكتابة، والمبرر في إعطاء هذه الأولوية يرجع إلى أن الكلام أقدم وأكثر انتشارًا من الكتابة، فالحقائق التاريخية تثبت أن أقدم نظام كتابي يرجع إلى سبعة آلاف سنة، ومن الناحية الأخرى فإنه لا يمكن لأي مجتمع أن يوجد بدون اللغة الكلامية؛ لذلك من المنطقي أن نفترض أن الكلام يرجع إلى بداية ظهور المجتمع الإنساني.

 

وعلاوة على ذلك: فإن الأنظمة الكتابيَّة مشتقَّة في الأصل من الأصوات الملفوظة. وعلى العكس من ذلك يرى أنصار التفكيكية أن الكتابة تسبق الكلام؛ أي: إن الكلام وُلِد من رَحِم الكتابة، ويصفون الكتابة بالعدم، والكلام بالوجود، ومنطقيًّا فالعدم يسبقُ الوجودَ.

 

وقديمًا كان الأدب المكتوب يعتبر مقدسًا ونقيًّا، فعلى سبيل المثال: يعتبر الكثير من النُّقاد قصيدة جون ميلتون "الفردوس المفقود" التي نشرت عام 1667 في عشرة مجلدات بأنها إنجيل مقدس.

 

من هنا انتقد دريدا البنيوية؛ كونها تعتمد على أسس صوتية، وليس على أسس كتابيَّة، فقد مجَّدت الكلام، وأهملت الكتابة، والكتابة من منظور دريدا أصل وأساس اللغة.

 

يرى أنصار البنيوية أن المعنى ثابت ومُستقرٌّ في النص، وأنه يمكن الوصول إليه من خلال إجراءات نقدية موضوعية، فالمعنى موجود في النصِّ، والدليل على ذلك أن الناقد يُقدِّم تفسيرًا بعد قراءته للنص؛ أي: إنه فهم شيئًا ما من النص، هذا الشيء هو (المعنى)، والمعنى هو ما كان يقصده الكاتب، ومن الناحية الأخرى يرى أنصار التفكيكيَّة أن المعنى في حالة تغيُّر وعدم استقرار، وأن الوصول إليه يتم من خلال تفسيرات لا نهائية للنص؛ أي: إن القارئ هو مَن يُحدِّد معنى النص، وفقًا لخلفيته الثقافية، وأن المعنى الذي توصل إليه هذا القارئ لا يعتبر هو المعنى الوحيد للنص، بل إن قارئًا آخر قد يتوصَّل إلى معنى آخر للنصِّ، ومع ذلك فإن كلَّ هذه التفسيرات يشملها ويقبلها النص؛ لذلك يرى التفكيكيُّون أن الكاتب ليس له عَلاقة بمعنى النص، وقد أعلن رولان بارت "موت الكاتب"؛ أي: إن المعنى "لا يقطن مع كتَّاب بذاتهم، ولكن يتولَّد عن طريق التفاعل بين التراكيب الواسعة للمعنى الثقافي وتفسيرات القُرَّاء"[3].

 

يرى سوسير أنه يمكن الوصول إلى المعنى من خلال الاختلاف "difference" بين العلامات؛ أي: من خلال الاختلاف الصوتي والمفهومي للعلامات، وليس عن طريق تمثيل هذه العلامات لأشياء مستقلة؛ فمثلًا: كلمة "كلب" تختلف عن كلمة "قلب"، و"قلب" لا يمكن أن يمثل "درب"، و"درب" لا يمكن أن يعني: "حرب"؛ لذلك يرى أن المعنى في حالة ثَبات واستقرار داخل النص، والسبب يرجع إلى البناء التركيبي الذي يربط الكلمات مع بعضها البعض.

 

والجدير بالذكر: أن دريدا أخذ مصطلح الاختلاف من سوسور وطوَّره ليُصبح الاختلاف والتأجيل "differance"؛ أي: إن المعنى غيرُ ثابت، وإنما بشكل مستمرٍّ لاحق ومؤجل، فمثلًا: لو بحثنا عن معنى كلمةٍ ما في قاموس، فستقودنا إلى معانٍ أخرى، ثم إلى معانٍ أخرى، ثم إلى معانٍ أخرى، عندها ينزلق المعنى ويتملَّص.

 

ويمكن أن نَخلُص إلى أن التفكيكية تتضمن أربعة أوجه:

1- بنيوية جديدة: أي: إن التفكيكيَّة امتداد للبنيوية، فقد فتحت نافذة جديدة لدراسة المفاهيم البنيوية.

2- ما بعد البنيوية: أي: إنها أحد المناهج التي ظهرَتْ وتطوَّرت بعد ظهور البنيوية.

3- ضد البنيوية: أي: إنها ردة فعل للبنيوية، فقد ثارت ضدَّ بعض المفاهيم البنيوية.

4- منهج مستقل: أي: إنها مدرسة مستقلَّة تأثَّرت بالبنيوية، ولكنها تمتلك أسسها الخاصة، ولها مساهماتها، ولها عيوبها.



[1] Tyson, Lois. Critical Theory Today: A User-Friendly Guide. 2nd ed. New York: Routledge-Taylor, 2006. Print.

[2] Ibid

[3] Barker, Chris. The Sage Dictionary of Cultural Studies. London Sage Publications Ltd, 2004. Print.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
10- شكر
عبدالحميد المدري - اليمن 26-05-2021 08:14 PM

شكرا أخي سليم قادري على تعليقك الرائع ..
أسعدني كثيرا أنك استفدت من هذا المقال المتواضع

9- مقال ممتاز
سليم قادري - الجزائر 02-04-2021 11:15 PM

بارك الله فيك على هذا المقال وعلى الدقة والمتانة، وكذا السلاسة في الأفكار والأسلوب الرائع.

8- قراءة رائعة
عبدالحميد المدري - اليمن 06-03-2020 07:00 PM

شكرا لك أخي داوود الكيال على قراءتك للمقال وعلى تعليقك الجميل..
وأسعدني كثيرا أنك استفدت من هذا المقال..

7- نص مفيد
داوود الكيال - سوريا 11-02-2020 05:43 PM

الحقيقة مقال مختصر مفيد بعيد عن التعقيد واستعمال المفردات الغريبة يقدم للقارئ زبدة مفيدة للغاية وحيادية علمية واختصار مفيد
شكرا لكم

6- قراءة جميلة
عبدالحميد المدري - اليمن 18-11-2018 11:57 PM

شكرا أخي حاتم شبانة على قراءتك للمقال وعلى تعليقك الجميل..

5- جميل
حاتم شبانه - فلسطين 15-11-2018 12:56 PM

كل الشكر الجزيل على التوضيح ، اللغة بسيطة ومفهومة والمعلومات قيمة

4- مرور رائع
عبدالحميد احمد - مصر 09-01-2016 11:28 PM

أشكرك أخي أ/ حافظ عواض على مرورك الطيب والرائع ...

3- شكر
ٲ. حافظ عواض - اليمن 04-01-2016 11:38 PM

نشكر الدكتورين الفذين بأفكارهم البناءة والتي أضافت رصيد معرفي عن كلتا النظريتين التفكيكية والبنيوية. شكرا د. عبدالحميد. شكرا د. مطيع.

2- شكر
عبدالحميد المدري - مصر 01-01-2016 12:35 AM

أشكرك اخي دكتور مطيع السروري على هذا التعليق الرائع.
كنت أود أن أتطرق لهما من منظور إسلامي في مقالات قادمة، لكنك ذكرت هذا في مقالك السابق بعنوان "لا تحديدية" دريدا؛ التفكيكية من منطلق إسلامي، وأبدعت فيه.
إن شاء الله أتناول مواضيع أخرى في مقالات قادمة.

أكرر شكري لك.

1- مقال رائع
د. مطيع السروري - اليمن 29-12-2015 04:39 PM

شكرا لك، أخي عبدالحميد، قرأت مقالك أعلاه. وهو مقال رائع فيه تلخيص موجز لفلسفتي البنيوية والتفكيكية؛ تلخيص يصف الفروق الجوهرية بين الفلسفتين.

كنت أتمنى أن أرى وجهة نظرك من هاتين الفلسفتين ومدى قدرتهما على تسليط الضوء عند استخدامهما في ثقافتنا العربية الإسلامية. ولكن ربما نرى ذلك في مقالات لاحقة، بإذن الله.

عموما، المقال رائع. وشكرا جزيلا لك.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة