• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

العمارة العروس في الشعر الغرناطي

السعيد الدريوش


تاريخ الإضافة: 13/8/2015 ميلادي - 27/10/1436 هجري

الزيارات: 15878

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العمارة العروس في الشعر الغرناطي


تُضفي الأشعار المنقوشة على العمارة الملوكية وقصور الحمراء صورة أنثويَّة، صورةَ العروس الموشَّاة بالجواهر الثمينة، والتيجان المنمَّقة، وهذه الصورة الأنثوية للعمارة الإسلامية في العصر الغَرْناطي ما هي إلا تصويرٌ فني متكرِّر لصورة العمارة في العصور السابقة، تعيش على صور الماضي وتتغذَّى عليه، فقد (كان الشعر الأندلسي خلال العصر الغَرْناطي يَلفِظ آخر أنفاسِه، مثله في ذلك مثل غيره من فروع الثقافة الإسلامية في الأندلس، كانت كلُّها تَعيش على أصداء الماضي)[1].

 

فتصوير العمارة بالعروس نجده في العصر العبَّاسي مع أبي نُواس يصف قصرًا:

لا أنعَت الرَّوضَ إلا ما رأيتُ به
قصرًا مُنيفًا عليه النَّخلُ مُشتمِلُ
يا طِيبَ تلك عَروسًا في مَجاسدها
لو كان يَصلُح مِنها الشمُّ والقُبَلُ[2]


وذكرها أبو يعقوب إسحاق الخزيمي في رثاء بغداد:

إذْ هي مِثلُ العَروسِ بادئها ♦♦♦ مُهوِّلٌ للفتى وحاضرُها[3]

 

أمَّا في الأندلس فقد اتَّخذَت هذه الصورة شيوعًا كبيرًا، واستهلاكًا واسعًا، سواء في شعر شعرائهم أو نثر أدبائهم، فذكَرها أحد الوشَّاحين بإشبيلية قائلاً:

إشبيلِيَا عَروسٌ
وبَعلُها عبَّادُ
وتاجُها شريفٌ
وسلكها الودادُ[4]

 

أمَّا ابن الخطيب فيصف قصر الحمراء بعد عملية تجديده وترميمه قائلاً: "فهو اليوم عَروسٌ يُجلي المهضب، ويغازل الشهب"[5].

 

فالعمارة العَروس هي ذلك الحِضْن الدافئ الذي يَرجع إليه السلطان بعد غياب؛ ليَستمتع بجمالها وروعة نُقوشها، ويستنشق عِطر أريجها الفوَّاح بما تشتمل عليه من رياض غنَّاء، ومن نُقوش وزخارفَ ذات ألوان بديعة.

 

هذا ولم يكن الشعر المنقوشُ بمعزِل عن التأثُّر بصور السابقين من الشعراء والوشَّاحين الأندلسيِّين، فاتخذ الشعراء من العروس مصدرًا مُغريًا للتصوير الشعري، وتداولوا هذه الصورة في قالَبٍ متكرر جاهز، يستخدمه شاعرٌ بعد آخر.

 

فها هو ابن الجياب يَصف القصر الجديد للسلطان أبي الوليد إسماعيل بن فرج - على قوس مدخل صالون جنة العريف - بالعروس المجمَّلة بالأصباغ، فصارت كمِثل أزاهر البستان، يقول الشاعر [الكامل]:

قصرٌ بديع الحُسنِ والإحسانِ
لاحَت عليه جَلالةُ السلطانِ
راقَت مَحاسنُه وأشرق نُورُه
وهَمَت سحائبُ جُوده الهتَّانِ
رَقَمَت يدُ الإبداع في أرجائه
وَشيًا كمِثل أزاهرِ البستانِ
فكأنَّ مجلسه العَروس تبرَّجَت
عند الزفاف بحُسنِها الفتَّانِ[6]

 

أما لسان الدين بن الخطيب، فيَجعل العمارة غادةً حَسناء، بحُلَّة زاهية، وتاجٍ رفيع؛ يقول [الطويل]:

أنا الغادَةُ الحَسْناء يُغنِي جَمالُها ♦♦♦ عَن الدرِّ من فوقِ الطُّلَى والتَّرائبِ[7]


هذه الفتاة التي فاقَت بجمالها وروعتها حِسَانَ الأرض جميعَهن، حتى جذبَت إليها شُهب السماء:

فُقْتُ الحِسانَ بحُلَّتي وبتاجي ♦♦♦ وهوَت إليَّ الشُّهْب في الأبراجِ[8]

 

فالجودة التصويرية للعمارة العروس إنما تتجلَّى في الوسيلة البلاغيَّة المتخَذة، ونوع التشبيه الموظَّف من قِبل الشاعر، فنجده تارة يوظِّف الأداة، وتارة أخرى يعتمد على التشبيه البليغ، من باب التنويع والجِدَّة في الصورة؛ يقول ابن زمرك [المجتث]:

انظُرْ لرَوضٍ مُحلَّى ♦♦♦ مِثلَ العَروسِ المجلَّى[9]

 

ويقول أيضًا [مجزوء الرمَل]:

أنا مِجْلاةٌ عَروسٌ ♦♦♦ ذاتُ حُسنٍ وكَمالِ[10]

 

أما ابن فركون فقد جعل مِن قصر جنة العريف عروسًا لها تاجٌ رفيع، وكأن القصد الإخباريَّ هو غايته مِن هذه الصورة الفنية؛ يقول [الخفيف]:

إنَّما جنَّة العَريف عَروسٌ ♦♦♦ وأنا تاجُها الرفيعُ المحلَّى[11]

 

وتتجلَّى في الشعر المنقوش خاصية أساس، وهي الانسجام الحاصلُ بين المعمار والشعر، فيَبني الشاعر قصيدته النقشية اعتمادًا على الصورة المعمارية، هكذا يجعل الشعراء من القبة عروسًا وخودًا وفتاة مَليحة، ومن الصِّهريج والبِركة مِرآة تُبرز مَحاسنها وجمالها، فتتجلى نَرجسيَّةُ العمارة الإسلامية.

 

وفي هذا المضمار التصويريِّ لم يتمكن شعراء النقوش مِن ابتداع صورٍ جديدة، وابتكار تشبيهات واستعارات مُغايِرة لتلك الصورة الفنية التي رسَمها ذو الوِزارتين لسان الدين بن الخطيب [البسيط]:

أنا العَروسُ مِن الرَّيحانِ لي حُللٌ ♦♦♦ والبَهْو تاجيَ والصِّهريجُ مِرآتي[12]

 

فتكررت نفس الصورة عند ابن زمرك [الكامل]:

فكأنَّني خُودٌ أُريدَ زفافُها
فأُعدَّ قبل التاجِ والإكليلِ
وأمامِيَ المرآةُ وهْيَ بُحيرةٌ
لِمَحاسني في صفحها تشكيلي[13]

 

بينما اتخذ ابن فركون نفس الصورة [مجزوء الكامل]:

وتَرى البُحيرةَ بينَنا ♦♦♦ مِرآةَ هندٍ تَلمَعُ[14]

 

ليضيف فقط نوعيَّة المِرآة، وهي مِرآةٌ من الهند لما تُعرف به من جودة، مما يدل على نرجسيَّة العمارة الإسلامية الغَرناطية الفاتنة.

 

العمارة العَروس تصبح سيدة القصر ومَليكته، فتَخجل من جمالها الشمس، ويُصبح نورها خافتًا أمام نور جمال العروس ورَونقِها؛ يقول ابن زمرك [المجتث]:

فالشَّمسُ تَخجَلُ منِّي
بضَرةٍ وشَريكَهْ
لا سيَّما إن تَبدَّى
مَولايَ فوقَ الأريكَهْ
كلُّ القِيَان عَبيدٌ
وأنتِ فيهم مَليكَهْ[15]


حتى الملك الشاعر يوسف الثالث يَسير على نهج شُعراء ديوان الإنشاء، ويصوِّر العمارة السلطانية بالفتاة ذات الثَّغر البَرود؛ يقول مما رسم في مبنى [مجزوء الرمل]:

وأمامي وقَفَت
ربَّةُ الثَّغرِ البرودِ
خصَّة[16] مُعجبةٌ
أخَذَت أوجَ الصُّعودِ[17]

 

يعتبر تصوير العمارة السلطانية بالعروس في الشعر المنقوش على جدران الحمراء بغرناطة - من بينِ أبرز موضوعاتِ الصورة في الشعر المعماري؛ تصويرٌ يُوحي بفاعليَّة الخيال لدى شُعراء هذا العصر، ودليلٌ على أن الشعر ظلَّ خالدًا كخُلود القصور إلى يومنا هذا.



[1] تاريخ الفكر الأندلسي، تأليف انخل جنثالث بالنثيا، ترجمة حسين مؤنس، تقديم سليمان العطار، المركز القومي للترجمة، 2011، عدد 1770، ص 167.

[2] ديوان أبي نواس، شرَحه وضبطه وقدَّم له: علي فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة 1، 1987، ص 425، 426.

[3] محمد رجب البيومي، الأدب الأندلسي بين التأثير والتأثر، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1980، ص 213.

[4] فضائل الأندلس وأهلها، رسائل ابن حزم وابن سعيد والشقندي، تحقيق صلاح الدين المنجد، بيروت 1968، ص 50 - 51.

[5] لسان الدين بن الخطيب، الإحاطة في أخبار غَرناطة، تحقيق محمد عبدالله عنان، مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة 1 الجزء 2، ص 52.

[6] صلاح جرار، ديوان الحمراء، الأشعار العربية المنقوشة في مباني قصر الحمراء وجنة العريف بغَرناطة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة 1، 1996، ص211 - 212.

[7] ديوان لسان الدين بن الخطيب، تحقيق محمد مفتاح، الطبعة الثانية، 2007 ج 1، ص 115.

[8] نفسه، ص 198.

[9] ديوان ابن زمرك، تحقيق محمد توفيق النيفر، دار الغرب الإسلامي، الطبعة 1، 1997 ص 131.

[10] نفسه، ص 155.

[11] ديوان ابن فركون، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة1، ص 275.

[12] ديوان لسان الدين، تحقيق محمد مفتاح، الطبعة الثانية، 2007 الجزء 1، ص 174.

[13] ديوان ابن زمرك، ص 307.

[14] ديوان ابن فركون، ص 276.

[15] ديوان ابن زمرك، ص 131.

[16] الخصة في عرف المغاربة: هي ما يُعبِّر عنه المشارقة بالفستقية (تعليق المحقق الدكتور عبدالله كنون)، ص 53.

[17] ديوان يوسف الثالث، حققه وقدم له ووضع فهارسه عبدالله كنون، الطبعة الثانية 1965، ص 53.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة