• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

عرض كتاب: الإسلام في شعر حمام للدكتور طاهر عبداللطيف عوض

عرض كتاب: الإسلام في شعر حمام للدكتور طاهر عبداللطيف عوض
محمود ثروت أبو الفضل


تاريخ الإضافة: 21/5/2015 ميلادي - 2/8/1436 هجري

الزيارات: 17924

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عرض كتاب

الإسلام في شعر حمام


♦ اسم الكتاب: الإسلام في شعر حمام.

♦ المؤلف: د. طاهر عبداللطيف عوض.

♦ دار النشر: مكتبة الكليات الأزهرية - جامعة الأزهر.

♦ سنة النشر: الطبعة الأولى - 1405 هـ/1985م.

♦ صفحات الكتاب: 323.

♦♦♦♦♦


نادرًا ما أنهَمِكُ في قراءة كتابٍ نقدي معاصر لشاعرٍ أو ديوان؛ فالدِّراسات النقديَّة الشِّعرية الحديثة غالبًا ما تكون صورةً كربونيَّة لمثيلاتها من مدرسة النَّقد الغربي، فإذا كانت الدِّراسة النَّقدية عن ديوان شعر حرٍّ، فكثيرًا ما أقرأ في ثنايا الدِّراسة كلماتٍ من نوعيَّة "التَّفْكيكية" و"البِنْيويَّة" و"تركيب النَّص"، أمَّا إذا كانت الدِّراسةُ عن شاعرٍ عمودي، أو قصيدة تسير قواعِدُها على الأوزان العربيَّة؛ فكثيرًا ما أُطالِعُ عباراتٍ من نوعيَّة "استلهام رُوح النَّص"، و"العودة للموروث"، و"الالتصاق بالماضي".. وهلم جرًّا.

 

ناهيك عن أنَّ أغلب الدراسات النقديَّة في الوقت الحاليِّ يهتمُّ صاحبها بحشو دراسته بكلِّ ما يتعلَّق بالشاعر وحياته، ونتاجه الإبداعي بشكلٍ عام، وأطوارِ تدرُّجه ونشأته الإبداعيَّة، وأقوال النُّقاد والشعراء المعاصرين والصحافيِّين عن كتاباته الشعريَّة، وما شابه؛ بشكلٍ قد يَستغرق ثلاثة أرباع الدِّراسة، دون التركيز على ما يهمُّ القارئ في المقام الأوَّل من الدِّراسة، وهو التركيز على قصائد الشَّاعر، ومَواطن التجديد فيها، إلى جانب أنَّ الناقد غالبًا يريد أن يجعل كتابه هو المصدرَ الأوحد والأوفى الذي ألَمَّ بحياة الرجل الشخصيَّة والإبداعية، وهو من باب تحميل الكتاب النَّقدي ما لا يَحْتمِل ولا يُفيد.

 

لذلك؛ فوجود كتابٍ يَتلافى أغلب هذه العيوب من حيث كونُه دراسةً نقديَّة لجماليات النصِّ الشعري، إلى جانب التَّركيز على مبحثٍ واحد يتجلَّى بوضوح طوال ديوان الشاعر المختار، كان فرصة طيبة للعودة ثانيةً لرحاب الدِّراسات النقدية التي تسير جنبًا إلى جنب مع الإبداع الشعريِّ في طريق واحد.

 

ورغم أنَّ هذا الكتاب قديمٌ نوعًا ما، يعود لمنتصف الثمانينيَّات، فإنَّ قلَّة الدراسات عن شعر الأستاذ "محمد مصطفى حمام" وديوانه الذي طُبِع مرَّات قلائل قد لا تتعدَّى أصابع اليد الواحدة - أعطى للكتابِ هذه الأهمية، إلى جانب كونه كتابًا نقديًّا أكاديميًّا؛ فالكتاب كان مُعدًّا ككتابٍ دراسي تم تدريسه لطُلاَّب كلية الدراسات الإسلامية والعربيَّة بجامعة الأزهر؛ لذا فقد راعى الأستاذ "طاهر عبداللطيف عوض" إتاحةَ المادة بشكلٍ مبسَّط ومُرتَّب؛ لكي تَستوعب عقولُ الطُّلاب مضمونَها ونتائجها.

 

ومؤلِّف الكتاب هو الدكتور "طاهر عبداللطيف عوض" أستاذ الأدب والنقد في كلية الدراسات الإسلاميَّة والعربية بجامعة الأزهر، وله العديد من الدِّراسات النَّقدية الأخرى، من أهَمِّها: "المقال وفنونه عند الشيخ علي يوسف"، و"المرأة في شعر العقَّاد".

 

أما شاعر الدِّراسة، فهو الشاعر المصري "محمد مصطفى حمام" (1906 - 1964)، من الشعراء المصريِّين المشهورين في القرن العشرين، ضمن زُمرة شعراء القرن من أمثال "شوقي" و"حافظ" و"أحمد محرم" و"أحمد الزين" و"علي محمود طه" و"عبدالرحمن شكري" وغيرهم، وكان - رحمه الله - آيةً من آيات الظُّرف والفكاهة، وُلِد عام 1906 بقرية فارسكور بمحافظة دمياط، وظهر نبوغُه في الشِّعر منذ بدايات عمره حيث نَظَم قصيدةَ ترحيب للسلطان حسين ألقاها أمامه حين زيارة السُّلطان حسين للقرية؛ وكان حينها شاعرنا ما زال في الصف الثالث الابتدائي.

 

وواصل "حمام" تعليمَه حتَّى نال درجة البكالوريا، ثم الْتحقَ بمدرسة المعلِّمين العليا، وبعد تخرُّجه قام بِشَغْل العديد من الوظائف العامَّة؛ فعَمِل كاتبًا في مصلحة الزِّراعة، ووزارة الشؤون الاجتماعيَّة، وهيئة المواصلات السِّلكية واللاسلكية، كذلك عمل فترةً من الوقت كاتبًا في أحد مكاتب المُحاماة، وكاتبًا في هيئة بريد جرجا، وفي ذلك الوقت كان يواصل نَشْر قصائده ومقالاته الإبداعيَّة، والتردُّد على المجالس الأدبيَّة في ذلك الوقت؛ مثل صالون العقَّاد، وغيرها من المجالس الأدبيَّة المشهورة التي كانت منتشرةً في القاهرة وقتذاك، واشتغل بالتعليم آونةً في المملكة العربية السعوديَّة.

 

وقد ضاق "محمد مصطفى حمام" في نهاية الأمر من التنقُّل المستمرِّ هنا وهناك في وظائف الدَّولة، وقدَّم استقالتَه من العمل بوظائف الدولة عام 1952؛ لِيُواصل تفرُّغَه لِنَشر إنتاجه الأدبي، واستقرَّ آخِرَ سنِي حياته في دولة الكويت.

 

وكان "حمَام" يرتجل الشِّعر ارتجالاً، ويُوالي نَشْر ما تَجُود به قريحتُه في العديد من المجلاَّت والجرائد الأدبيَّة في ذلك الوقت، ولم يكن يهتمُّ بتنقيح أو تجميع قصائده؛ لذا فقد صَعُب جَمْع أشعاره في ديوانٍ واحد، اللَّهم إلا في عام 1974 بعد عشر سنوات من وفاته.

 

وكان "حمام" زينةَ المَجالس الأدبيَّة، وكان من "ظُرَفاء العصر"، وساعدَه على ذلك خفَّةُ ظلِّه، وإجادتُه للنَّوادر، وحفْظُه للعديد من الأشعار، إلى جانب موهبته في التَّقليد، فكان له قدرةٌ طيِّبة على تقليد العديد من الشَّخصيات العامَّة، وكِبار القُرَّاء في ذلك الوقت، يَصِفه أحدُ مَن عاصر جلساته[1] ومُفاكهاته، فيقول: "وهو رجلٌ كبيرُ الرَّأس، كبير الكرش، منفوخ العينين، ليس في حاجةٍ إلى أن يَضحك لأيِّ سبب؛ فهو دائم الضَّحِك، جاهز النكتة، وله قدرة هائلة على تقليد الأصوات، فكان يقلِّد "مصطفى النحاس باشا" وهو يخطب، و"إبراهيم باشا عبدالهادي"، والصحفي الكبير "توفيق دياب" صاحب جريدة "الجهاد"، وكان بعضنا يَضْحك لذلك، وكان الأستاذ - العقَّاد - يطلب إليه أن يُؤذِّن وأن يَقرأ القرآن؛ فيقلد صوت الشيخ "رفعت" والشيخ "علي محمود"، وغيرهما... وأغرب من ذلك أنَّه كان يقلد الأستاذ العقَّاد نفسه في الحديث والغضب والسُّخرية".

 

ويصف الأستاذُ "العوضي الوكيل" مجالسَ "حمام"، فيقول: "النَّدوة التي يحضرها حمَام يملأ زمنَها كلَّه، ولا يَكاد يترك لغيره فرصةً للحديث، والنَّاس يَعْجبون لرجلٍ يَروي الأشعار لكلِّ شاعر، ومن كلِّ عصر، والطُّرَف والنَّوادر والفُكاهات من كلِّ زمان، ومن كل مَكان، ويتحدَّث في النَّحو فإذا هو سيِّد الموقف، يجلو دقائقه ويحقِّق حقائقه، وإذا انتقل الحديثُ إلى القرآن والحديث، كان حاضِرَ الجواب، جميلَ الخطاب، مع أنه لم يدخل الأزهر، ولم يَخْتلف إلى مدرسةٍ من مدارس الدِّين".

 

وقد وصف "العقَّادُ" "حمَامًا"، فقال: "إنَّه كتابٌ من الشِّعر والأدب والفكاهة، لا يجد النَّاسُ منه غيرَ نسخةٍ واحدة"!

 

وقد انعكس مزاجُ "حمامٍ" الظَّريفُ الساخر على العديد من إنتاجه الأدبي، فنَجِده حاضر النَّكتة في مقالاته ومسامراته، ساخِرَ التصوير في الكثير من قصائده وأشعاره، يصف "حمَامٌ" أحدَ من امتَهنوا الكذب والرِّياء في الحياة ممن قابلهم؛ فيقول:

وَفِي النَّاسِ مَنْ فَمُهُ عَقْرَبٌ
وَيَا وَيْلَنَا مِنْ سُمُومِ الشِّفَاهْ
وَمَا وَجَبَ اللَّذْعُ إِلاَّ لِفِيهِ
وَلاَ اسْتَوْجَبَ الصَّفْعَ إِلاَّ قَفَاهْ
لَهُ الصَّفْحُ لاَ الصَّفْعُ مِنْ رَاحَتِي
وَأَتْرُكُهُ لِمُذِلِّ الطُّغَاهْ

 

ويَحكي الشيخ "محمد الغزالي" أنَّ "حمامًا" كان يَنْظِم الشِّعر الحرَّ وينسبه إلى بعض شُعراء الشعر المُرسَل غير العمودي؛ سخريةً منهم وتَنْكيلاً بهم؛ يقول الشيخ الغزاليُّ: فجاءني يومًا يقول: اسمع هذه القصيدة:

(تحت شجرة الأبديَّة

جلس... يتفلَّى

وجلست معه

من الأفق البعيد

على شاطئ مديدٍ من الصخور الليِّنة

هناك في الجزر التي تبارز الأمواج

كانت حبيبتي تحيا مع الغزلان وبقَرِ الوحش

أين أنت يا حبيبتي؟

فقلتُ له مصححًا: أين أنت يا مصيبتي؟ هكذا قال الشَّاعر، أو كذلك يجب أن يقول!

 

ويمضي الغزالي في تعقيبه قائلاً: ومع ذلك؛ فهذا الهزل المصنوع أكثر تماسكًا من الشِّعر المرسل الذي انتشر في صحُفِنا انتشارَ القمامات في الطُّرق المهملة.

 

ونجد أنَّ مبحث الشِّعر الديني أو "الإسلاميَّات" في أشعار شُعراء بدايات القَرْن، كان من أهمِّ فُنون الشِّعر التي حرَص أغلبُ الشُّعراء المشهورين على التغنِّي بها في قصائدهم ودواوينِهم، فمن يَقرأ إسلاميَّاتِ "شوقي"، أو قصائدَ "حافظ" في السِّيرة النبوية، وغيرها من قصائد سِيَرِ الخلفاء الرَّاشدين؛ مثل قصيدته في سيرة سيدنا عمر - رضي الله عنه - أو ديوان "أحمد محرَّم" "مجد الإسلام" وغيره من دواوينه الإسلاميَّة، أو يقرأ قصائد "علي محمود طه" و"أحمد الزين" و"مصطفى صادق الرافعي"، و"محمد إقبال"، وغيرهم - نجد يقظةَ الحسِّ الديني والعواطف الدينيَّة المشبوبة تُغلِّف طابعَ أغلب هذه الأشعار.

 

وأخذَ "محمد مصطفى حمام" نصيبَه في ذلك النَّوع مِن فنون الشِّعر، ورغم كثرة شِعر "حمامٍ" الفكاهيِّ "الظريف الانبساطي"، وما يتميَّز به الظُّرفاء من الشعراء بالمُجُون وعدم التقيُّد في أشعارهم بضوابط الشَّرع، إلا أنَّ "حمَامًا" كان يتميَّز طوال حياته بالوازِع الدِّيني، وتربيته الدينيَّة طبعَتْ آثارها على معظمِ أشعاره، وقد مال الشَّاعر في أواخرِ حياته أثناء تنقُّله فيما بين بلاد الحجاز والكويت إلى العناية بِنَظم الشِّعر الديني، وتكثَّف عنده ذلك الجانب؛ فيما يعدُّ توبة وإنابة وأثرةً لحياة الزُّهد، تُلازم العديدَ من الشُّعراء المشهورين في نهاية أعمارهم.

 

منهج الدِّراسة:

عن سبب اختياره موضوعَ الدِّراسة؛ يقول الكاتب: "هذه دراسات في شعر "حمَام" الديني، دفعَني إلى القيام بها أمران:

أوَّلاً - الرَّغبةُ في التعرُّف على شخصيَّة ذلك الشاعر العملاق.

ثانيًا - مُحاولة الكشف عن الجوانب الدِّينية في شعره"؛ صـ 5.

 

وقد قام الكاتبُ بالاتِّصال بأسرة الشَّاعر، والتي زوَّدَتْه بالعديد من الأعمال الشعريَّة والأدبيَّة التي لم تُنشَر من قبل؛ حيث قام بإثراء نُسخة الكتاب بها، حيثُ أمدَّتْه بالعديد من مقالاته ومخطوطات الأدعية التي كان يخطُّها بقلمه، ومِن وَحْيِ تأليفه، وكذلك رسائله لإخوانه، ونُسَخ من الصُّحف التي رأسَ تحريرها من أجل الإلمام التامِّ بشخصيَّة الشاعر موضع الدِّراسة.

 

وقد قسَّم الكاتبُ دراستَه إلى مقدِّمة، وثمانية فُصول، وزيادةً في التقسيم وترتيبِ دراسته؛ قام بِتَقسيم أغلب فُصوله إلى عدَّة مباحث داخليَّة؛ زيادةً في إيفاء موضوع الفصل حقَّه في الوضوح والإفادة.

 

الفصل الأول: مولده، ونشأته.

الفصل الثاني: حمَام بين الصَّحافة والأدب.

الفصل الثالث: نتاجه الأدبي.

 

الفصل الرابع، خصَّصه للحديث عن الإسلام في شِعر حمام، وقد قسَّمَه إلى ثمانية مباحث داخليَّة:

أ‌- المبحث الأوَّل: تحدَّث فيه عن شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمدًا رسول الله.

ب‌- المبحث الثاني: الصلاة.

ت‌- المبحث الثالث: الزكاة.

ث‌- المبحث الرابع: الصيام.

ج‌- المبحث الخامس: الحج.

ح‌- المبحث السادس: الدُّعاء.

خ‌- المبحث السابع: الاستغفار.

د‌- المبحث الثَّامن: التقوى.

 

الفصل الخامس: خصَّصه للحديث عن الإيمان في شعر "حمام"، وقد قسَّمه إلى سبعة مباحث داخليَّة:

أ‌- المبحث الأول: تحدَّث فيه عن الإيمان بالله.

ب‌- المبحث الثاني: الإيمان بملائكته.

ت‌- المبحث الثالث: الإيمان بكتبه.

ث‌- المبحث الرابع: الإيمان بجميع الرُّسل والأنبياء.

ج‌- المبحث الخامس: الإيمان باليوم الآخر.

ح‌- المبحث السادس: الإيمان بالقضاء والقدر.

خ‌- المبحث السابع: تحدث فيه عن الموت.

 

الفصل السادس: جعله بعنوان "معَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وقسَّمه في أربعة مباحث داخليَّة:

أ‌- المبحث الأول: تحدَّث فيه عن الجهاد، ومشروعيَّته في الإسلام لإعلاء كلمة التَّوحيد.

ب‌- المبحث الثاني: تحدَّث فيه عن المعارك الإسلاميَّة كغزوة بَدْر الكبرى؛ عارضًا للعديد من الصُّور الشِّعرية للرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في هذه الغزوة في شعر "حمام".

ت‌- المبحث الثالث: تَناول بالحديث فيه هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومَظاهر قصَّة هجرة رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- كما صوَّرَها "حمام" بريشته الشِّعرية.

ث‌- المبحث الرابع، خصَّصه للحديث عن رحلة الإسراء والمعراج، وما خصَّ الله به نَبِيَّه -صلى الله عليه وسلم- في هذه الرحلة المباركة.

 

الفصل السابع: وجعل عنوانه "من سِمات الإسلام في شعر حمام"، وقد قسَّمه لثلاثة مباحث داخلية:

أ‌- المبحث الأول: تحدَّث فيه عن الوحدة والإخاء في الإسلام.

ب‌- المبحث الثاني: تحدَّث فيه عن العِلم في الإسلام.

ت‌- المبحث الثَّالث: تناول بالحديث فيه بعض الأخلاق الإسلاميَّة في شعر حمام؛ كالبَذْل والعَطاء، والبِرِّ والتَّراحم والتَّواصل، وأيضًا برّ الوالدين.

 

الفصل الثامن: بعنوان "حمام ما له وما عليه"، وجعلَه في خمسة مباحث:

أ‌- المبحث الأول: تحدَّث فيه عن العاطفة في شعر حَمام، وأكَّد فيه على صدق عاطفة حمام الدينيَّة في الكثير من أشعاره.

ب‌- المبحث الثاني: ثقافة حمَام، حيث ظهَرَتْ براعةُ حمام في استقصاء واكتمال فكرتِه في أغلب قصائده، بشكلٍ يؤكِّد ثقافةَ حمامٍ العالية.

ت‌- المبحث الثالث: الصورة الشِّعرية في شعر حمام، وتناول فيه الحديث عن الصُّورة الكليَّة المكتَمِلة، ثم الصُّورة الجزئيَّة المتنوِّعة من استعارةٍ وتورية وتشبيه وكِناية مبيِّنًا دَور حمام في الاهتمام بِصُوره الشِّعرية في القصيدة.

ث‌- المبحث الرابع: تَناول فيه جانب اللُّغة، مبيِّنًا أنَّ "حمامًا" أجاد التَّعبير عن لغته الشعريَّة، وأجاد التعبير بألفاظٍ مُستوحاةٍ من القرآن الكريم في تركيبٍ مُتناسِق متَّحِد، وتناول فنونَ الجناس والتقسيم والطِّباق وجمال النَّسق في قصائد حمام.

ج‌- المبحث الخامس: تحدَّث فيه عن بِناء القصيدة عند "حمام"، حيث حرصَ "حمام" على وَحْدة الموضوع خلال القصيدة الواحدة؛ كأغلب شُعَراء عصرِه، وإن كان هناك نوعٌ داخلي غيرُ ظاهري من التَّنويع داخل الموضوع الواحد الخاصِّ بالقصيدة، وبذلك يكون "حمامٌ" قد جمع بين القديم والحديث في شعره.

 

ثم أنهى بحثَه ودراسته بخاتمةٍ وضَّح فيها أغلبَ النَّتائج التي خرَج بها من دراسة أشعار "حمام"، ثم نشر مُلحقًا للكتاب وضعَ فيه بعض الأعمال النَّادرة والتي لم تُنشَر بعد، والتي أمدَّتْه بها عائلة الأستاذ "محمد مصطفى حمام"، وأشار في النِّهاية لأهمِّ المراجع والمصادر التي يسَّرَت له إتمام بحثه.

 

تقييم الدراسة:

• تعدُّ الدراسة جهدًا نقديًّا ملموسًا وضعَه الكاتبُ لِطَلبته وتلاميذه ودارسي الأدب الشِّعري؛ للاستفادة منه، ولإلقاء الضَّوء على واحدٍ من أهم الشُّعراء ذَوُي القريحة، والَّذي لم يُلق الضَّوء عليه من قبل بصورةٍ كافية، اللَّهم إلاَّ في بعض الدِّراسات القليلة التي تُعدُّ على أصابع اليد الواحدة، أو ذكريات بعض مُعاصريه في كتاباتهم، وإعادة الاهتمام بتذوُّق ودراسة قصائد ديوانه الذي لم يُنشَر سوى مرَّتين أو ثلاثٍ على الأكثر.

 

• يعدُّ مبحث الشِّعر الدينيِّ من أهمِّ المباحث الخصبة التي يَزْخر بها شعر "محمد مصطفى حمام"، ويتَّضِح فيها صدق قلمه الشِّعري؛ لذا جاء اختيار الكاتب موفَّقًا للغاية، فالعاطفة الدينيَّة عند الشُّعراء يتَّضِح فيها عفويَّةُ التعبير وصدق الإحساس، البعيد عن الرِّياء والتصنُّع في فنون الشعر الأخرى؛ كالفخر، أو الغزل، أو الهجاء، وغيرها.

 

• أسهبَ الكاتبُ وأطنبَ في تقسيم فصول دراسته إلى مباحِثَ كثيرةٍ متنوِّعة، ومتداخلة في بعض الأحيان، كما في مبحث الإيمان بالله - عزَّ وجلَّ - ومبحث شهادة التوحيد، فأغلب المُختارات الشِّعرية التي جاء بها في المبحثين تتداخَلُ إحداهما في الأخرى، وكذلك مباحث الإيمان بالقضاء والقدَر، والإيمان باليوم الآخِر والموت، ونجد أنَّ الكاتب ربَّما اعتمد على كثرة التقسيمات والمباحث الداخليَّة في دراسته؛ من باب تيسير المادَّة العلمية للدارسين والطُّلاب، ومن أجل إثراء موضوع دراسته، وتوضيح الفكرة الرئيسة عنوان الدِّراسة، غير أنَّ هذا الإسهابَ وكثرة التقسيم الداخلي قد يؤدِّي إلى ملَلِ القارئ، وسأَمِه في بعض الأحيان.

 

• لم يُوثِّق الكاتبُ المختارات الشِّعرية التي أتى بها زمنيًّا أو مكانيًّا، أو يشرَحْ الظُّروف والمُلابَسات التي أحاطت بأشهر القصائد التي اختار منها عناصِرَ مباحثه الداخليَّة خلال فصول دراستِه، كما أنَّ الكاتب لم يضع في مقدِّمته عن الشاعر أيَّ معلومات كافية موفية بشأن تطوُّر مراحل "محمد مصطفى حمام" الشِّعرية، أو مكانته بين شُعَراء عصره، أو تأثيره فيمن حوله من شُعَراء عصره المشهورين الذين كان تزخر وتمتلئ بهم مصر في ذلك الوقت، أو حتَّى تأثُّره بأحداث عصره السياسيَّة والاجتماعية في تلك الفترة المهمَّة من تاريخ العصر، وربَّما نلتمس العذر للنَّاقد في قلة المعلومات الموثقة حول قصائد "حمام" نفسه، وصعوبة تجميعها من قصاصات الجرائد والمجلاَّت والأوراق التي كان يدوِّن عليها شعره، إلى جانب إغفال "حمامٍ" نفسه تدوينَ أغلب قصائده التي كان يُلقيها ارتجالاً وبداهة وكان يُذيعها على مسامع الأصدقاء؛ معتمِدًا على ذائقتهم ومخزونِ حفظهم، إلى جانب أنَّ مبحث الدراسة ليس له أدنى ارتباطٍ بالجانب السِّياسي من قريب ولا من بعيد، إضافةً إلى تجنُّب حَشْوِ الدِّراسة بما لا يُفيد القارئ.

 

• لم يُوفَّق الكاتب في اختياره بعض مُختارات "حمام" الشعريَّة "السيَّارة" التي كتبَها من باب فيضان قريحته أغلب الوقت بالجيِّد والمتوسط من أشعاره، معتمدًا على موهبة الارتجال التي حبَاه الله بها، وكونه نادرًا ما يهتمُّ بتنقيح قصائده، وإعادة كتابتها أو صَقْلها، واعتمد الكاتبُ على بعض تلك المختارات غير القويَّة في بعض مباحث الفصل الواحد؛ مما يعطي انطباعًا لدى القارئ غير المتخصِّص بأنَّنا أمام شاعر متوسِّط الإبداع، أو ما شابه، رغم أنَّ بعض قصائد "حمام" الأخيرة التي كتبها في أُخْريات حياته أثناء إقامته ببلاد الحجاز والكويت - تفيض بالعذوبة الشِّعرية الخالصة، والوجدانيَّة الرُّوحانية شديدة التألُّق، حيث كان "حمام" قد بادر بالحجِّ في أُخْريات حياته، وأعلن بعدها توبةً نصوحًا، بانت في أغلب قصائده الأخيرة، إلى جانب أنَّ كثيرًا من قصائده ومزحاته الشِّعرية التي كتبَها أيضًا في مقتبَل حياته الشِّعرية تفيض - إلى جانب قوَّة صوره الشِّعرية - بعمق النَّبْرة الساخرة المؤثِّرة، ومنها على سبيل المثال تلك الأبيات التي كتبَها عندما انضمَّت إلى البرلمان بعضُ النِّسوة من دُعاة التَّغريب والتمدُّن الكاذب، ودعَوْن في وقاحةٍ وجرأة عجيبة إلى تَغْيير وتبديل بعض أحكام الشَّريعة الإسلامية في موضوع الأحوال الشخصيَّة، فواجه "حمامٌ" تلك الدعوة المنكَرة بقصيدةٍ خاطب بها نائبتَيْن تولَّتا كِبْرَ تلك الدعوة، فقال:

وَلَقَدْ رَضِيتُ النَّائِبَاتِ وَمَا الَّذِي
يُرْضِي بَنِي وَطَنِي وَلاَ يُرْضِينِي
لَكِنَّ لِلأُخْتَيْنِ مِنِّي صَيْحَةً
مِنْ خَالِصِ التَّوْجِيهِ وَالتَّفْطِينِ
قُولُوا لِكِلْتَا الغَادَتَيْنِ تَخَلَيَّا
بِاللهِ عَنْ تَنْقِيحِ هَذَا الدِّينِ!

 

وكذلك قصيدته البديعة "رحلة قلب" التي تُبيِّن عمق إحساسه الإسلاميِّ، وإيمانه بقضيَّة وحدة الصفِّ الإسلامي والتي كانت قضيَّة غائبة عن كثيرٍ من زملائه من شعراء ذلك العهد، والتي يقول فيها:

رُوحِي يَطُوفُ بِإِخْوَةٍ خُلَصَاءِ
يَا لَيْتَ مِنْهُمْ سَامِعًا لِنِدَائِي
يَا آلَ نَجْدٍ وَالْحِجَازِ وَحَارِسِي
رُكْنِ الْحَطِيمِ بِمَكَّةَ الزَّهْرَاءِ
يَا سَاكِنِي اليَمَنِ السَّعِيدِ وَرَافِعِي
عَلَمِ الْحَنِيفَةِ فِي رُبَا صَنْعَاءِ
يَا وَارِثِي مَجْدِ الرَّشِيدِ وَآلِهِ
وَمُخَلِّدِينَ الْمَجْدَ لِلزَّهْرَاءِ
يَا وَارِدِي (بَرَدَى) تَدَفَّقَ مُنْعِمًا
وَمُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ الفَيْحَاءِ
يَا أُفْقَ لُبْنَانَ الْجَمِيلَ وَيَا هَوَى الدْ
دُنْيَا وَوَحْيَ الشِّعْرِ لِلشُّعَرَاءِ
يَا جِيرَةَ الأُرْدُنِّ يَجْرِي رَحْمَةً
وَيَفِيضُ بِالبَرَكَاتِ وَالنَّعْمَاءِ
يَا دَاخِلِينَ الْمَسْجِدَ الأَقْصَى عَلَى
أَنْوَارِ سِيرَةِ صَاحِبِ الإِسْرَاءِ
يَا عِطْرَ حُبٍّ جَاءَ مِنْ أُفُقِ الكُوَيْ
تِ فَفَاحَ فِي الآفَاقِ وَالأَجْوَاءِ
يَا رَابِضِينَ عَلَى الْخَلِيجِ تَحَرُّشًا
وَتَرَبُّصًا بِشَرَاذِمِ الدُّخَلاءِ
يَا شَاهِرِينَ عَلَى العَدُوِّ سُيُوفَهُمْ
بِعُمَانَ فِي بَأْسٍ وَحُسْنِ بَلاءِ
يَا مُرْهِقِينَ الْخَصْمَ فِي عَدَنٍ وَجِي
رَتِهَا بِلاَ وَهَنٍ وَلاَ إِعْيَاءِ
يَا كُلَّ لَيْثٍ فِي الْجَزَائِرِ هَازِئٍ
بِالْمَوْتِ صَوَّالٍ عَلَى الأَعْدَاءِ
حَيَّا الإِلَهُ جِهَادَكُمْ وَجِلاَدَكُمْ
وَثَبَاتَكُمْ فِي الْمِحْنَةِ السَّوْدَاءِ
حَيَّا الإِلَهُ خُطَاكُمُ إِذْ كُلِّلَتْ
بِالنَّصْرِ رُغْمَ شَرَاسَةِ الْخُصَمَاءِ
يَا شَعْبَ بَاكِسْتَانَ وَالقُرْآنُ يَجْ
مَعُنَا عَلَى رَحِمٍ وَصِدْقِ وَلاءِ
يَا أَرْضَ أَفْغَانَ الطَّهُورَ وَمَنْبَتَ الْ
أَخْيَارِ وَالأَبْرَارِ وَالْحُنَفَاءِ
يَا أَنْدُونِيسْيَا وَالنِّفَاحُ عَنِ الْحِمَى
شَرْعُ الكِرَامِ وَسِيرَةُ الشُّرَفَاءِ
يَا مِصْرَ وَالسُّودَانَ يَا شُرَكَاءَ مَا
ءِ النِّيلِ أَنْتُمْ أَكْرَمُ الشُّرَكَاءِ
يَا أُسْرَةَ الإِسْلاَمِ حَيْثُ أَقَمْتُمُ
سِيَّانِ دَانٍ مِنْكُمُ أَوْ نَائِي
قَدْ طَافَ قَلْبِي بَيْنَكُمْ وَكَأَنَّكُمْ
أَحْنَى الرِّفَاقِ وَأَنْبَلُ العُشَرَاءِ

 

• اعتمد الكاتبُ على الطَّبعة الوحيدة لديوان "حمام" وقْتَذاك؛ والتي صدرَتْ في عهد الكاتب عام 1974 عن الهيئة المصريَّة العامة للكتاب، وقد صدرَتْ بعد هذه الطبعة طبعةٌ أخرى، فقد صدرَتْ له طبعةٌ جديدة عام 1984 عن دار تهامة، وهذه الطبعة حوَت الكثير مما لم تَحْوِه الطبعة الأولى، وضمَّت المبعثَر من شعره، وتم فيها تنقيحُ بعض قصائده القديمة غير المكتملة، إلى جانب أنَّ الأسرة كانت تعتزم عام 2008 إعادةَ طبع بعض المختارات من الديوانَيْن، مع إضافة بعض القصائد والمختارات الشِّعرية التي لم تُنشَر من قبل، وذلك على لسان كريمة الشاعر الأستاذة "أمينة حمام" حينذاك، ولعلَّ من الجدير ذكره أنَّ أوَّل ما نُشِر من شعر "محمد مصطفى حمام" مجموعًا ديوانُه "آية وفاء" والذي نشرَتْه مطبعة السُّنة المحمدية بالقاهرة.

 

• لم يأتِ الكاتبُ فيما اختاره لـ"حمام" بأيِّ قصيدة متعلِّقة بحدثٍ سياسي مباشر، متعلِّق بالأمَّة الإسلامية، والأحداث التي كانت في بداية القرن من تكالُب الدُّول الغربيَّة على تفتيت أوصال الأمَّة الإسلامية، كحرب فلسطين مثلاً، أو سقوط الخلافة العثمانيَّة، أو احتلال فرنسا للجزائر، أو إيطاليا لليبيا، أو انفصال الباكستان عن الهند، وغيرها مما عاصرَه "حمام" في تاريخ حياته، اللهم إلاَّ من ذِكْرٍ عارض لإحدى مُختارات قصيدةٍ ذَكر أنه كتَبها تأثرًا بِوَعْد "بلفور" المشؤوم ساعتَها، وأغلب الشِّعر الذي اختاره الكاتب لـ"حمام" شعرٌ عام، قد يُطلَق في أي مناسبة عامَّة، وما هو متعلِّق بحادثة معيَّنة - فيما اختاره له - يعدُّ من شعر المناسبات، كالأشعار التي تتعلَّق بمولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ذكرى مولده الشريف، أو الأشعار الخاصَّة بحلول مناسَبة الهجرة النبويَّة، وهذا قد يعطي إحساسًا بعدم تفاعل "حمام" الحيوي والمباشِر مع النكبات والهزَّات التي كانت تُواجه الإسلام والأمَّة الإسلامية، وهذا غيرُ صحيحٍ ألبتَّة، فيما قرَأْناه من أشعار "حمام" الأخرى في ديوانه، حيث كان هدفُ "محمد مصطفى حمام" الأسمى الذي يضَعُه نصب عينيه في أغلب قصائده هو وَحْدةَ الصفِّ الإسلامي، والعودةَ للدِّين عن عقيدة صافيةٍ تأكَّدَت لدى "حمام" منذ بداياته الشِّعرية، ويعدُّ هذا أمرًا عجيبًا في دراسةٍ تحمل اسمَ "الإسلام في شعر حمام".

 

• لم يَذْكر الكاتبُ من قريبٍ أو من بعيد البحورَ والعَروض التي كانت سائدةً في نتاج "حمام" الشِّعري، ولو حتَّى عرَضًا أثناء الحديث عن مبحثَي اللُّغة وبناء القصيدة في شعر "حمام".

 

وهذا عرضٌ سريع لأهمِّ ما جاء في دراسة الكاتب:

أ - الإسلام:

في مبحث الإسلام وأركانِه، بيَّن الكاتبُ شفافيةَ شِعر "محمد مصطفى حمام"، حيث جاءَتْ معانيه فيَّاضة في الشُّعور والإحساس، ففي رُكْن الشهادتين بيَّن الكاتب أنَّ التوحيد عقيدةُ المسلم الصافية، التي تجعل المسلمَ لا يَعْبد إلاَّ الله، ولا يستعين إلاَّ به، يقول "حمام":

تَبَارَكَ الْحَاكِمُ الْحَكِيمُ
الْخَالِقُ الرَّازِقُ الرَّحِيمُ
تَبَارَكَ اللهُ وَهْوَ حَسْبِي
لِشَرْحِ صَدْرِي وَرَفْعِ كَرْبِي
وَخَشْيَةُ اللهِ مِلْءُ قَلْبِي
وَهْوَ خَبِيرٌ بِيَ عَلِيمُ

 

تَبَارَكَ الْحَاكِمُ الْحَكِيمُ

تَبَارَكَ اللهُ فِي عُلاهُ
تَبَارَكَ اللهُ فِي سَمَاهُ
وَفِي هُدَاهُ وَفِي نَدَاهُ
تَبَارَكَ البَاسِطُ الكَرِيمُ

 

تَبَارَكَ الْحَاكِمُ الْحَكِيمُ

وفي مقام النبوَّة، وشهادةِ أنَّ محمدًا رسولُ الله، نَجِده يحثُّ على التمسُّك والاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويُعدِّد شمائلَه الكريمة، وما اختصَّه الله به، يقول "حمام":

سَلاَمٌ عَلَيْهِ رَسُولاً نَبِيًّا
أَتَى بِالْهُدَى وَالكِتَابِ الْمُنِيرِ
سَلاَمٌ عَلَى خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ
عَلَى رَحْمَةِ اللهِ لِلعَالَمِينَ
سَلاَمٌ عَلَيْهِ إِمَامًا بَصِيرَا
سَلاَمٌ عَلَيْهِ بَشِيرًا نَذِيرَا
سَلامٌ عَلَيْهِ سِرَاجًا مُنِيرَا
سَلاَمٌ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ
سَلامٌ عَلَى خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ
عَلَى رَحْمَةِ اللهِ لِلعَالَمِينَ
♦♦♦♦
حَبَاهُ الإِلَهُ وَأَمْضَى حُسَامَهْ
وَأَعْطَى الْجَلاَلَ لَهُ وَالكَرَامَهْ
وَفَخْرَ الشَّفَاعَةِ يَوْمَ القِيَامَهْ
وَنِعْمَ الْمُشَفَّعُ فِي الْمُؤْمِنِينَ
سَلامٌ عَلَى خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ
عَلَى رَحْمَةِ اللهِ لِلعَالَمِينَ

 

وفي ركن الصَّلاة، نجده وضَع قصيدةً كاملة عن رُكْن الصَّلاة، ووضح أنَّ الصلاة هي عِماد الدِّين وقوامه، ووجوب تلبية نداء المؤذِّن، وعدم تَقاعس المسلمين عن أداء الصَّلاة:

إِنَّ الصَّلاَةَ هِيَ العِمَادْ
لِلدِّينِ وَهْيَ هِيَ الرَّشَادْ
وَهِيَ الْمَحِيدُ عَنِ الفَسَادْ
وَيْلٌ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاَهْ
نَادَى الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلاَهْ
طُوبَى لِمَنْ لَبَّى نِدَاهْ
♦♦♦♦
نَادَى الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلاَهْ
طُوبَى لَمِنْ لَبَّى نِدَاهْ
لِلبِرِّ يَدْعُو وَالصَّلاحْ
مِلْءَ الْمَدَائِنِ وَالبِطَاحْ
وَيَقُولُ: حَيَّ عَلَى الفَلاحْ
هَيَّا إِلَى ذِكْرِ الإِلَهْ
نَادَى الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلاَهْ
طُوبَى لِمَنْ لَبَّى نِدَاهْ

 

أمَّا في ركن الزَّكاة، فنجد "حمامًا" يؤكِّد على مفهوم "التَّكافل الاجتماعي" بين المُسلمين، ويوضِّح أنَّ الزكاة من سِمات المُجتمع المسلم في توادِّه وتراحُمِه وتماسُكِه، وقد كان الشاعر جَوَادًا كريمًا طيِّب النَّفْس، ورغم فَقْرِه وعوَزِه في بدايات حياته، فكان لا يبخل على أصحابه وسائليه بما في يده، يقول "حمامٌ":

جَعَلْنَا ذِلَّةَ الْمِسْكِينِ عِزًّا
وَعَوَّضْنَا عَنِ اليُتْمِ اليَتِيمَا
وَوَاسَيْنَا الأَرَامِلَ وَالأَيَامَى
وَمَنْ يَصْلَيْنَ مِنْ ثُكْلٍ جَحِيمَا
وَعِشْنَا لاَ الْحَزِينُ سَجِينُ حُزْنٍ
وَلاَ ذُو السُّقْمِ نَتْرُكُهُ سَقِيمَا
وَنُكْرِمُ وَجْهَ مُعْتَزٍّ عَفِيفٍ
وَنَحْمِي الْحُرَّ أَنْ يَرِدَ اللَّئِيمَا

 

أمَّا الصِّيام، فقد جاء ذِكْرُه في أكثرَ مِن قصيدةٍ من قصائد "حمام"، فنجده يؤكِّد أنَّ الصيام تنَزُّهٌ عن المادَّة، وعن السُّوء في القول والفعل، وأنه يصبُّ في مفهوم "التَّكافل الاجتماعي"، والإحساس بِمُعاناة الفقير الجوعان، وفي ذلك يقول "حمامٌ":

يَا صَابِرِينَ عَلَى جُوعِ الصِّيَامِ أَلاَ
رَثَيْتُمُ لِفَقِيرٍ عَاشَ جَوْعَانَا
فِي مَغْرِبِ الشَّمْسِ كَمْ غَصَّتْ مَوَائِدُكُمْ
بِالطَّيِّبَاتِ أَفَانِينًا وَأَلْوَانَا
وَفِي بُيُوتِ سِوَاكُمْ أَنْفُسٌ شَقِيَتْ
مِنْ طُولِ مَا لَقِيَتْ جُوعًا وَحِرْمَانَا
يَا رَبِّ هَيِّئْ لَنَا عَطْفًا وَمَرْحَمَةً
وَأَلْهِمِ النَّاسِ إِنْصَافًا وَإِحْسَانَا

 

وينبِّه الشاعر بِنَزعتِه السَّاخرة من يظنُّون الصوم مجرَّد حبس الطَّعام عن الجسد لوقت محدَّد، ويؤكِّد لهم أنَّ صومهم لا طائل منه، ورُبَّ صائمٍ ليس له من صومه إلاَّ الجوعُ والعطش، ويشتدُّ سخريةً ممن يَقْضون يوم صومهم نُوَّام النهار من أجل انقضاء ساعات الصوم، غافلين عن معنى الصَّوم الحقيقي، أو مَن يجعلون شهر الصِّيام شهرَ التفنُّن في الطعام؛ يقول "حمام":

لاَ هَنَّأَ اللهُ بِهِ مُفْطِرًا
وَلاَ جَزَى الآثَامَ إِلاَّ الأثَامْ
وَلاَ ارْتَضَى صَوْمًا لِذِي غَفْلَةٍ
يَجْعَلُ شَهْرَ الْجُوعِ شَهْرَ الطَّعَامْ
يَفْتَنُّ فِي أَلْوَانِهِ مُمْعِنًا
فِي الأَكْلِ حَتَّى لاَ يُطِيقُ الكَلاَمْ!
يَوَدُّ لَوْ صَارَ الضُّحَى مَغْرِبًا
وَيَكْرَهُ النُّورَ وَيَهْوَى الظَّلاَمْ
وَقَدْ يُذِيبُ اليَوْمَ فِي غَفْوَةٍ
وَيَتَّقِي الصَّوْمَ بِطِيبِ الْمَنَامْ

 

أمَّا ركن الحجِّ، فيسترسل "حمام" في وصف مناسك الحجِّ في تصويرٍ شعري بديع، يعدُّ من روائع شعر حمَام، وهو يدلُّ على مدى الرُّوحانية الصادقة التي شعر بها "حمامٌ" حين تأليفِه تلك القصيدة، وحين قيامه برحلة الحجِّ، يقول "حمام":

وَخَرَجْتُ مِنْ نُسُكٍ إِلَى نُسُكٍ كَمَا
يَهْفُو لِأَعْذَبِ مَوْرِدٍ نُهَّالُهُ

وَصَحِبْتُ مَوْجَ الْمُحْرِمِينَ وَكُلُّهُمْ
فَرِحٌ وَسِرْبَالُ التُّقَى سِرْبَالُهُ

بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ انْبَعَثُوا وَهُمْ
عُرْسٌ يُزَفُّ نِسَاؤُهُ وَرِجَالُهُ

نَشِطُوا فَمَا نَاءَ الْمُسِنُّ بِسِنِّهِ
وَقَوُوا فَمَا أَعْيَا الْهَزِيلَ هُزَالُهُ

هَانَ الزِّحَامُ عَلَيْهِمُ فِي نُسْكِهِمْ
لاَ حَرُّهُ يُشْكَى وَلاَ أَهْوَالُهُ

اللهُ رَبِّي وَهْوَ أَرْحَمُ رَاحِمٍ
تُغْنِي الْحَجِيجَ عَنِ الظِّلاَلِ ظِلاَلُهُ

وَوَقَفْتُ فِي عَرَفَاتَ أَذْكُرُ وَقْفَةً
هِيَ مَوْثِقُ الإِسْلاَمِ وَهْيَ كَمَالُهُ

هِيَ وَقْفَةٌ لِلمُصْطَفَى أَرْسَتْ بِهَا
رُكْنَ الْحَنِيفِ يَمِينُهُ وَشِمَالُهُ

 

ويواصل "حمامٌ" في حالة إيمانيَّةٍ وصْفَ أحاسيس الإنابة التي يشعر بها كلُّ مسلم في رحلة الحجِّ ولقائه بربِّه في بيته الحرام، فيقول:

يَا رَبِّ جَاءَ إِلَيْكَ يَسْأَلُكَ الْهُدَى
عَبْدٌ لَهُ أَوْزَارُهُ وَضَلاَلُهُ

قَدْ خَالَ آفَاقَ الْحِجَازِ تَضِيقُ عَنْ
آثَامِهِ وَبِهَا تَنُوءُ جِبَالُهُ

عَبَرَ البِحَارَ إِلَى حِمَاكَ وَدَمْعُهُ
آمَالُهُ أَوْ دَمْعُهُ أَوْجَالُهُ

وَخَطَا بِأَرْضِكَ ذَاهِلاً وَكَأَنَّمَا
طَفِقَتْ تُطَارِدُ خَطْوَهُ أَعْمَالُهُ

حَتَّى إِذَا البَيْتُ الْمُحَرَّمُ ضَمَّهُ
قَرَّتْ بَلاَبِلُهُ وَأُصْلِحَ بَالُهُ

يَا رَبِّ قَدْ بَلَّغْتَنِي أَمَلِي وَمَنْ
آوَاهُ بَيْتُكَ لَمْ تَخِبْ آمَالُهُ

أَنْزَلْتَ فِي القَلْبِ اللَّهِيفِ سَكِينَةً
لاَ رَوْعُهُ بَاقٍ وَلاَ زِلْزَالُهُ

وَأَنَلْتَنِي شَرَفَ الطَّوَافِ وَعِزَّهُ
سُبْحَانَ رَبِّي لاَ يَغِيضُ نَوَالُهُ

وَشَفَيْتَ شَوْقِيَ لِلحَطِيمِ وَزَمْزَمٍ
وَالشَّوْقُ طَالَ عَلَى الفُؤَادِ مَطَالُهُ

وَلَقَدْ عَبَبْتُ زُلاَلَ زَمْزَمَ غَاسِلاً
قَلْبِي بِهِ نِعْمَ الغَسُولُ زُلاَلُهُ

قَدْ حُرِّمَ الرِّيُّ الْحَرَامُ عَلَى دَمِي
وَجَرَى بِزَمْزَمَ فِي الدِّمَاءِ حَلاَلُهُ!

 

أمَّا الدُّعاء، فديوان "حمام" مليءٌ بالعديد والعديدِ من الأدعية الشعريَّة، والتضرُّعات التي برَع فيها "حمام"، وتُعبِّر عن عاطفة جيَّاشة سارَتْ عبر رحاب الدِّيوان بأكمله، ونُلاحظ أنَّ "حمامًا" كان يرتجل تلك الأشعار، معتمدًا على إخلاص قلبه، دون الاعتماد على كثيرِ ترصيعٍ أو تحبير، ومع ذلك خرجَتْ صافيةً جميلة سهلة، ومحبَّبة إلى الأسماع والقلوب، يقول "حمام":

أَعُوذُ بِاللهِ الأَحَدْ
البَارِئِ الْحَيِّ الصَّمَدْ
مِنْ كُلِّ جَاحِدٍ جَحَدْ
وَمِنْ غِوَايَاتِ الْجَسَدْ
وَالنَّافِثَاتِ فِي العُقَدْ
وَحَاسِدٍ إِذَا حَسَدْ
أَعُوذُ بِاللهِ الأَحَدْ
البَارِئِ الْحَيِّ الصَّمَدْ
أَعُوذُ بِاللهِ الْحَكَمْ
مِنْ الظَّلُومِ إِنْ ظَلَمْ
وَالْمَانِعِينَ لِلنِّعَمْ
وَالْجَالِبِينَ لِلنِّقَمْ
وَمُسْتَبِيحٍ لِلحَرَمْ
وَكَاذِبٍ إِذَا وَعَدْ
أَعُوذُ بِاللهِ الأَحَدْ
البَارِئِ الْحَيِّ الصَّمَدْ

 

أما في ركن الاستغفار، فيَنصح المسلمين بالرُّجوع إلى الله، حيث يشير في كثيرٍ من أشعاره أنَّ الاعتراف بالذنب والنَّدم على فعله، والإنابة إلى الله هي سبيل النَّجاة للمسلم، يقول "حمام":

وَمَنْ يَتَخَوَّفْ عِقَابَ السَّمَاءِ = فَحَبْلُ التَّخَوُّفِ حَبْلُ النَّجَاة

 

ويقول "حمامٌ" في حسن خاتمة المسلم المنيب لربِّه، العائد إلى رحاب خالقِه:

مَنْ يَخْتَتِمْ سَفَرَ الْحَيَاةِ بِرَجْعَةٍ
لِلَّهِ طَابَ خِتَامُهُ وَمَآلُهُ
فَضْلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ كَرَّمَنِي بِهِ
وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَجْفُنِي أَفْضَالُهُ
مَا زَالَ ظِلُّ اللهِ مُعْتَصَمِي وَيَا
وَيْلِي إِذَا امْتَنَعَتْ عَلَيَّ ظِلاَلُهُ

 

ويقول "حمام":

اسْتَغْفِرُوا وَانْتَظِرُوا
عَفْوَ الإِلَهِ وَابْشِرُوا
لَنْ يُحْرَمَ الْمَسْتَغْفِرُ
مِنْ حِلْمِ مَوْلاَهُ الْحَلِيمْ
أَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمْ

 

ب - الإيمان:

في مبحث الإيمان باليوم الآخِر، يصوِّر "حمام" أنَّ الحياة صراعٌ طويل، وامتحان صعب، والكيِّس من عَمِل لآخرته، وأيقن بالحساب، وصدق اليقين، يقول "حمامٌ" في قصيدته الماتِعة "علَّمتني الحياة":

عَلَّمَتْنِي الْحَيَاةُ أَنَّ حَيَاتِي
إِنَّمَا كَانَتِ امْتِحَانًا طَوِيلاَ
قَدْ أَرَى بَعْدَهُ نَعِيمًا مُقِيمًا
أَوْ أَرَى بَعْدَهُ عَذَابًا وَبِيلاَ

 

وفي مبحث الإيمان بالقضاء والقدَر، يَختار الكاتب من نفس القصيدة أبياتًا تبيِّن قناعةَ "حمام" بما نالَه في حياته رغم كلِّ الصعوبات التي كانت تظلِّل معظم مراحلِ حياته من ضيقِ يد، أو قلَّة شُهرة؛ فقد وجدَ الشاعرُ أنَّ الرِّضا بقضاء الله وقدَرِه؛ خيرِه وشرِّه، راحةٌ للنَّفس من تيهات التخبُّط والضياع، يقول "حمام":

عَلَّمَتْنِي الْحَيَاةُ أَنْ أَتَلَقَّى
كُلَّ أَلْوَانِهَا رِضًا وَقَبُولاَ
وَرَأَيْتُ الرِّضَا يُخَفِّفُ أَثْقَا
لِي وَيُلْقِي عَلَى الْمَآسِي سُدُولاَ

 

ويقول أيضًا:

وَالرِّضَا نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ لَمْ يَسْ
عَدْ بِهَا فِي العِبَادِ إِلاَّ القَلِيلاَ
وَالرِّضَا آيَةُ البَرَاءَةِ وَالإِي
مَانِ بِاللهِ نَاصِرًا وَوَكِيلاَ

 

وفي مبحث الموت يوجز "حمام" حكمتَه في سَراب الحياة ونعيمها المتغيِّر، بل إنَّه لَيُمعن في سخريته، ويصرِّح أنَّه يظلِمُ السَّراب إنْ شبه به الحياة، والفَطِن من لا يجهد نفسه في طلبها، واللَّهث وراء سرابها؛ يقول "حمام":

 

فَفِي الدُّنْيَا بَوَارِقُ مِنْ نَعِيمٍ
وَفِي الدُّنْيَا مَوَاطِرُ مِنْ عَذَابِ
وَمَا أَنَا مَنْ يُسَمِّيهَا سَرَابًا
فَفِي التَّشْبِيهِ ظُلْمٌ لِلسَّرَابِ
أَنَعْشَقُهَا وَقَدْ شَاهَتْ وَشَاخَتْ
وَتُمْعِنُ فِي التَّجَمُّلِ وَالتَّصَابِي؟!
وَنَحْنُ بِهَا عَلَى عِلْمٍ وَلَكِنْ
نَسِيرُ مَعَ الغَبَاوَةِ وَالتَّغَابِي
نُبَالِغُ فِي الطِّلاَبِ وَقَدْ عَلِمْنَا
بِأَنَّ اليَأْسَ آخِرَةُ الطِّلاَبِ
وَنَطْرُقُ لِلمَسَرَّةِ كُلَّ بَابٍ
فَيَفْجَؤُنَا الأَسَى مِنْ كُلِّ بَابِ
وَنَحْسَبُ زِينَةَ الدُّنْيَا بَشِيرًا
بِمَا نَهْوَى فَنُخْطِئُ فِي الْحِسَابِ

 

جـ - من سمات الإسلام:

في مبحث الوَحْدة والإخاء في الإسلام، نجد "حمامًا" يشحذ الهِمَم بشِعْره، ويملأ النُّفوس بنعمة الاتِّحاد والإخاء، بل إنَّه يعلنها صريحةً بأنه لن تقوم للإسلام وأمَّتِه قائمةٌ إلاَّ بالإخاء والمُؤالفة، ويؤكِّد أنَّ ما يجمع المسلمين عقيدتُهم، لا قوميَّة وهمية، أو عنصرية عِرقيَّة، ويركِّز "حمامٌ" على حقيقة أنَّ عدوَّ الداخل أخطَرُ على الإسلام من عدوِّ الخارج، وأنَّ اهتمام المسلمين بِدُنياهم وتَقاعسهم وركونهم يحول دون عزِّ الإسلام وعودةِ مجْدِه؛ يقول "حمام":

يَا أُمَّةَ الإِسْلاَمِ عُودُوا إِخْوَةً
يَرْجِعْ إِلَيْنَا العِزُّ وَالسُّلْطَانُ
مَاذَا يُؤَلِّفُ بَيْنَنَا وَيَلُمُّنَا
إِنْ لَمْ يُؤَلِّفْ بَيْنَنَا القُرْآنُ
وَرِسَالَةٌ قُدْسِيَّةٌ وَمَسَاجِدٌ
وَمَنَابِرٌ وَمَآذِنٌ وَأَذَانُ
♦♦♦♦
وَمَجَازِرُ الأْعَدَاءِ فِي أَوْطَانِنَا
لاَ الشِّيبُ سَالِمَةٌ وَلاَ الشُّبَانُ
وَمِنَ الْمَصَائِبِ أَنْ يَكُونَ لِخَصْمِنَا
مِنْ بَيْنِنَا الأَجْنَادُ وَالأَعْوَانُ
وَيَقُولُ مِنَّا قَائِلٌ: نَفْسِي، وَمَنْ
أَحْنُو عَلَيْهِ وَبَعْدِيَ الطُّوفَانُ
يَا أُمَّةَ الإِسْلاَمِ عُودُوا إِخْوَةً
يَرْجِعْ إِلَيْنَا العِزُّ وَالسُّلْطَانُ
حُوطُوا بِسُورِ إِخَائِكُمْ بُنْيَانَنَا
أَوْ لاَ فَلَنْ يَبْقَى لَنَا بُنْيَانُ

 

أمَّا مفهوم العلم عند "حمام"، فهو العمل والتَّقوى، وبذلك فهو أوسَعُ شمولاً وأكثر اتِّساعًا؛ فعِلمٌ بدون عمل لا جدوى منه، وعلمٌ بدون تَقْوى تخريب وبَغْي في الأرض؛ يقول "حمام":

وَالعِلْمُ إِنْ زَانَهُ الإِيمَانُ فَهْوَ سَنًا
وَإِنْ يَشُبْهُ جُحُودٌ فَهْوَ ظَلْمَاءُ
مَا أَرْغَبَ النَّاسَ فِي عِلْمٍ صِنَاعَتُهُ
بُغْضٌ وَبَغْيٌ وَتَخْرِيبٌ وَإِفْنَاءُ
مَا أَزْهَدَ النَّاسَ فِي عِلْمٍ بِضَاعَتُهُ
حُبٌّ وَقُرْبَى وَإِصْلاَحٌ وَإِنْشَاءُ

 

أمَّا في مجال الأخلاق السامية، فقد زَخر ديوانه بالعديد من القصائد في برِّ الوالدين وصلة الرَّحم، ولِين الكلام، وَجُود اليد، وطيب اللِّسان، ولعلَّ في وصية "حمام" الرائعة تلك كفايةً، وبِها الغاية:

خُذُوا مِنْ وِدَادِ اللهِ دَرْسًا وَعِبْرَةً
وَلاَ تَرْكَبُوا دُنْيَاكُمُ مَرْكَبًا صَعْبَا
أَلاَ فَاجْعَلُوهَا جَنَّةً لاَ جَهَنَّمًا
وَلاَ تُوقِظُوا فِيهَا الضَّغِينَةَ وَالْحَرْبَا
خُذُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ آيَةَ صَفْحِهِ
وَقَدْ مَلَكَ الأَجْنَادَ وَالصَّارِمَ العَضْبَا
أَلاَ لَيْتَ لِلصَّفْحِ الْجَمِيلِ وَلِلنَّدَى
وَلِلحِلْمَ مَرْعًى فِي سَرَائِرِنَا خَصْبَا
وَلَيْتَ الَّذِي بَيْنَ الْحَمَائِمِ بَيْنَنَا
إِذًا لَتَعَلَّمْنَا الوَدَاعَةَ وَالْحُبَّا

 

د - حمام ما له وما عليه:

في مبحث العاطفة نجد "حمامًا" يَصْدر في أغلب شعره وقصائده عن عاطفةٍ دينيَّة صادقة، تؤمن بالإسلام ورسالتِه كوسيلةٍ لعزَّة الأمَّة من جديد:

إِنْ نَحْنُ لَمْ نَخْشَ الإِلَهَ وَبَطْشَهُ
فَالبَغْيُ سَهْلٌ وَالفُجُورُ يَهُونُ
مَنْ لَمْ يَدِنْ بِاللهِ أَوْ بِكِتَابِهِ
أَفَبِالعَوَاطِفِ وَالْحَنَانِ يَدِينُ؟!
لاَ شَيْءَ إِلاَّ الدِّينَ يُلْهِمُ رَحْمَةً
وَبِهِ السَّرَائِرُ وَالقُلُوبُ تَلِينُ

 

أما دقَّة السرد وتدفُّق الصور البيانيَّة عند "حمام" فنَجِده في قصائده المطوَّلات، التي يتدرَّج فيها من فكرةٍ إلى فكرة، ومن صورة إلى صورة، كاشفًا عن قدرةٍ كبيرة على سَرْد الحقائق بدقَّة ويُسْرٍ وترابُط، بحيث تأتي مرتَّبة أقربَ للواقع، ويحسُّ بها القارئ شعوريًّا، يقول "حمام" في قصيدته عن الأمِّ، واصفًا رعايتها إيَّاه:

سَلاَمٌ عَلَيْهَا إِنْ بَسَمْتُ تَهَلَّلَتْ
كَأَنِّي بَعَثْتُ النُّورَ بَعْدَ ظَلاَمِ
فَإِنْ أَبْكِ أَوْ أَشْكُ السِّقَامَ تَفَجَّرَتْ
بِدَمْعٍ عَلَى الْخَدَّيْنِ مِنْهَا سِجَامِ
وَتَرْقُبُنِي كَالغَرْسِ إِذْ هُوَ نَابِتٌ
وَإِذْ هُوَ فَتَّاحُ الأَزَاهِرِ نَامِ
وَتَحْمَدُ قَوْلِي شَاتِمًا أَوْ مُدَاعِبًا
وَتَلْقُطُ كَالدُّرِّ النَّظِيمِ كَلاَمِي
وَقَدْ غَمَرَتْهَا فَرْحَةٌ بَعْدَ فَرْحَةٍ
بِمَوْسِمِ إِرْضَاعِي وَيَوْمِ فِطَامِي
وَتَحْمِلُ أَعْبَائِي صَغِيرًا وَيَافِعًا
وَكَهْلاً وَتَحْمِينِي كَأَكْرَمِ حَامِ
وَتُكْرِمُ أَكْبَادِي وَتَرْعَى رَعِيَّتِي
كَزُغْبِ فِرَاخٍ أَوْ صِغَارِ حَمَامِ

 

أمَّا مبحث الحكمة، فقد غلبَ على أغلب قصائد "حمام" الشعريَّة، وحكمتُه هذه نابعةٌ من تجاربه في الحياة، ومُعايشته لآلامها وأوجاعها، وتأتي الحكمةُ في قصائده مُواكِبةً للفكرة، وسائرةً في فَلكها، ومن أمثلتها:

عَلَّمَتْنِي الْحَيَاةُ أَنَّ الْهَوَى سَيْـ = ـلٌ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرُدُّ السُّيُولاَ

 

وقَولُه:

إِنَّ فِي صَرْخَةِ اليَتِيمِ وَشَكْوَا = هُ نَذِيرًا لِلظُّلْمِ بِالنَّكَبَاتِ

 

وقولُه:

لاَ تَخَافُوا عَلَى كِبَارِ الأَمَانِي = إِنَّ مَا تُوعَدُونَ مِنْهَا لآتِ

 

وقوله:

كَمِ انْبَرَى الصَّبْرُ لِلبَلْوَى فَهَوَّنَهَا = وَالعَوْنُ لِلمُبْتَلَى مِنْ أَقْدَسِ الذِّمَمِ

 

وقوله:

كَفْكِفُوا الدَّمْعَ مَا لِحَيٍّ بَقَاءُ
لاَ وَلاَ يُرْجِعُ العَزِيزَ البُكَاءُ
إِنَّمَا الْمَاكِثُ الْمُقِيمُ هُوَ الْمَوْ
تُ وَنَحْنُ الطَّوَارِقُ الغُرَبَاءُ
لَنْ أَلُومَ البُكَاءَ مِنْ بَعْدُ فَالأَحْ
زَانُ دَاءٌ وَفِي البُكَاءِ الدَّوَاءُ

 

وقوله:

وَأَعْلَمُ أَنَّ الْحُزْنَ قَاسٍ وَمُوجِعُ = وَلَكِنْ لَعَلَّ الصَّبْرَ أَقْسَى وَأَوْجَعُ

 

أما في مبحث الصُّورة الشِّعرية، فقد أبدعَ "حمام" في فنون البلاغة الشعريَّة؛ كالاستعارة، مثال قوله في رحيل رمضان وقدوم العيد:

مَضَى رَمَضَانُ مَحْمُودًا كَرِيمَا = وَهَلَّ العِيدُ مُبْتَسِمًا وَسِيمَا

 

ووصْفه شرودَ ذهنِه، وعصيانَ قلَمِه عن التَّعبير عمَّا يجول بذِهْنه في صورة شعريَّة بديعة، فيقول:

عَصَى قَلَمِي وَمَا هُوَ بِالعَصِيِّ
فَرَاحَ الفِكْرُ فِي جَدْبٍ وَعِيِّ

وَمَا قَلَمِي بِظَمْآنٍ فَإِنِّي
مُوَالِيهِ بِإِمْدَادٍ وَرِيِّ

 

وفي مبحث اللُّغة جاءت لغة "حمام" الشعريَّة مقتبَسَة من هَدْي القرآن الكريم والسُّنة النبوية، وأغلب تراكيبه وألفاظه يُحاكي فيها ألفاظ القرآن الكريم في تناسُقٍ بديعٍ مع باقي أبيات قصائده، ومن أمثلتها يقتبسُ من سورة الفلق:

وَالنَّافِثَاتِ فِي العُقَدْ = وَحَاسِدٍ إِذَا حَسَدْ

 

وقوله يقتبس من قوله تعالى: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]:

إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيَهْدِ لَكُمْ = مَنْ كَانَ لِلخَيْرِ مَنَّاعًا وَمَنْ صَلَفَا

 

وقوله:

وَبِحَسْبِي وَعْدٌ مِنَ اللهِ حَقٌّ = أَنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاَ

 

حيث أخذ من أكثرَ من آيةٍ تركيبَ هذا البيت؛ في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [فاطر: 5]، وقولِه تعالى:﴿ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً ﴾ [الإسراء: 5]، وقوله تعالى: ﴿ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف: 98].

 

وكذلك أبياته التي يَقتبس فيها من قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2 - 3]، حيث يقول:

وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخَارِجَ مِنْ كُلِّ كَرْبٍ دَعَاهُ
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبْ
وَلَيْسَ يُخَيِّبُ سَعْيًا سَعَاهُ

 

أمَّا فنُّ الجناس وتناغم الألفاظ وتناسقها موسيقيًّا في أذن المستمِع، فكان له أثَرٌ في انسجام شعره وبساطته، وأضْفَى عليه جرسًا محببًا في غير إسرافٍ ولا تكلُّف منه؛ كقوله:

فَأَوْصَدَ ذِهْنِيَ دُونَ اسْمِهِ = لِيَكْفِي أَذَايَ وَأَكْفِي أَذَاهُ

 

وقولِه:

لَهُ الصَّفْحُ لاَ الصَّفْعُ مِنْ رَاحَتِي = وَأَتْرُكُهُ لِمُذِلِّ الطُّغَاهْ

 

وقوله:

وَقَدْ يَجْتَوِينِيَ مَنْ يَجْتَوِينِي = وَتَرْشُقُنِي بِاللَّظَى مُقْلَتَاهْ

 

ونحو قوله:

وَلاَ نَافَسَ الْحَيُّ حَيًّا وَلاَ = تَفَاوَتَ هَذَا الوَرَى فِي مُنَاهْ

 

ونحو قوله:

لِي شَدْوُهُ، لِي أَمْنُهُ، وَلِيَ اسْمُهُ = إِنْ لَمْ يَكُنْ لِي رَسْمُهُ وَجَمَالُهُ

 

أمَّا الطِّباق - وهو الجمعُ والمقابلة بين لفظتَيْن، أو صورتين متضادَّتين في المعنى - فكان لشعر "حمامٍ" منه نصيبٌ، في نحو قوله:

وَتَظَلُّ الْحَيَاةُ تَعْرِضُ لَوْنَيْ
هَا عَلَى النَّاسِ بُكْرَةً وَأَصِيلاَ
فَذَلِيلٌ بِالأَمْسِ صَارَ عَزِيزًا
وَعَزِيزٌ بِالأَمْسِ، صَارَ ذَلِيلاَ
وَلَكَمْ يَنْهَضُ العَلِيلُ سَلِيمًا
وَلَكَمْ يَسْقُطُ السَّلِيمُ عَلِيلاَ
رُبَّ جَوْعَانٍ يَشْتَهِي فُسْحَةَ العُمْ
رِ وَشَبْعَانَ يَسْتَحِثُّ الرَّحِيلاَ

 

ونحو قوله:

وَفِي النَّاعِمِينَ، وَفِي البَائِسِينَ = كِرَامٌ تُقَاةٌ وَفِيهِمْ عُصَاهْ

 

ونحو قوله:

إِنْ تَنْأَ عَنِّي، فَقَلْبِي = مَا زَالَ مِنْكَ قَرِيبَا

 

أمَّا حُسْن التَّرصيع - وهو مِن أعلى وأرَقِّ أنواع السَّجع لما يُحْدِثه في البيت الشِّعري من أثرٍ موسيقي قويّ في النَّص، وانسجامٍ في أذُن القارئ - فكان له منه نصيبٌ موفور، فالتَّرصيع وهو جَعْلُ أجزاء البيت الداخليَّة جُمَلاً متوازنة متشابهة النِّهايات كالسَّجع، نجده في قوله:

حَيٌّ هَوَايَ عَلَى الْمَدَى وَهَوَاكَا = وَصِبَايَ غَضٌّ لَمْ يَزَلْ وَصِبَاكَا

 

ونحو قوله:

وَلاَ تَفْتَحُوا آذَانَكُمْ وَعُقُولَكُمْ
لِحَمْقَاءَ تَسْتَوْحِي الْهَوَى أَوْ لِأَحْمَقِ
وَلاَ تُمْرِضُوا أَخْلاَقَكُمْ وَقُلُوبَكُمْ
بِكَامِنِ سُمٍّ فِي البَيَانِ الْمُنَمَّقِ

 

أمَّا في مبحث بناء القصيدة، فنجد وحدةَ موضوع القصيدة الواحدة في أغلب قصائد دِيوانه، وقد أجاد "حمامٌ" في فنون بناء القصيدة من حيثُ حُسْنُ الاستهلال؛ كنحو قوله في قصيدته المشهورة "علَّمتني الحياة":

عَلَّمَتْنِي الْحَيَاةُ أَنَّ حَيَاتِي = إِنَّمَا كَانَتِ امْتِحَانًا طَوِيلاَ

 

حيث أسهبَ في وصف تقلُّبات حياته بعد هذا الاستهلال الذي لفتَ به انتباهَ القارئ.

 

وكذلك نجد في كثيرٍ من قصائده حُسنَ الختام، وهو أداة الشَّاعر الموهوب الذي يَستطيع أن يختم قصيدته ببيتٍ يَجمع حكمة القصيدة كلها، ويستقرُّ في أذهان المستمعين، فخاتمةُ الكلام أبقى في الذِّهن، وألصَقُ بالنَّفس؛ لِقُرب العهد بها، ومن أمثلة ذلك يَخْتم قصيدةً له عن حقِّ الوالدين، فيجعلهما في أشرف مَقام بعد مقام الله، فيقول:

وَمَا زَالَ بِرُّ الوَالِدَيْنِ فَرِيضَةً = لَهَا بَعْدَ حَقِّ اللهِ خَيْرُ مَقَامِ

 

وقوله يختم قصيدته "علَّمتني الحياة" بافتقاره إلى مزيدٍ من العلم، رغم كِبَر عمره، وطول سنوات حياته:

عَلَّمَتْنِي الْحَيَاةُ أَنِّي وَإِنْ عِشْ
تُ لِنَفْسِي أَعِشْ حَقِيرًا هَزِيلاَ
عَلَّمَتْنِي الْحَيَاةُ أَنِّيَ مَهْمَا
أَتَعَلَّمْ فَلاَ أَزَالُ جَهُولاَ

 

وقوله يختم قصيدةً له عن المدَنِيَّة الحديثة، والحضارة الزَّائفة القائمة على الحريَّة بدون أية حدود:

هَذِي الْحَضَارَةُ دِينٌ لاَ أَدِينُ بِهِ = إِنِّي كَفَرْتُ بِمَبْنَاهَا وَمَعْنَاهَا

 

وقوله في ختام قصيدةٍ له عن قيمة الدِّين في الحياة:

إِنَّ الْحَيَاةَ مَفَازَةٌ مَرْهُوبَةٌ = النُّورُ فِيهَا وَالأَمَانُ الدِّينُ

 

خاتمة:

رُبَّما حان الوقت لإلقاء الضَّوء بصورةٍ أوسع على نتاج ما أبدعه الشاعر الظريف "محمد مصطفى حمام"، فما زال إلى الآن أغلبُ ما نشَرَه الشاعر مُبعثَرًا في قصاصات الجرائد والمجلاَّت، ومخطوطات الورَق في ميراث أسرته الكريمة، ولم يَصْدر عن الشاعر سوى طبعتين لديوانه بعُدَ العهد بينهما؛ فإحداهُما سنة 1974، والأخرى سنة 1984، وكِلْتاهُما لم تأخُذا حقَّيْهما الأَوْفَى من التَّحقيق والدراسة.

 

كما أنَّ أغلب الكتابات عن الشاعر وتأثيره في الحياة الأدبيَّة هو بمثابة ذكريات لمن عاصر الشَّاعر وعاشرَه من الأصدقاء والأدباء، أو ممن اهتمَّ بدراسة قصائده السَّاخرة من الباحثين ضِمْن دراساتهم، وهي قليلةٌ للغاية، ومن أهمِّها رسالةُ ماجستير للباحث الدكتور/ السيد أحمد رضوان - رحمه الله - أعدَّها سنة 1405هـ - 1985م بعنوان (محمد مصطفى حمام.. حياته وشعره) وهي مخطوطة بمكتبة جامعة الأزهر، ومكتبة كلية اللُّغة العربية بأسيوط.

 

وثَمَّة دراسة ممتعة عن شعر حمام الفكاهي والسَّاخر للأستاذ العلاَّمة الدكتور/ محمد فتحي أبو عيسى ضمن أطروحته للدكتوراه (الفكاهة بعد الجاحظ.. دراسة ونقد ومقارنة)، منشورة في المغرب، وثمَّة فصل طيِّب كتبَه عنه الشاعرُ المصري/ أحمد مصطفى حافظ ضمن كتابه (شعراء معاصرون) طبعة الهيئة المصريَّة العامة للكتاب، وذلك إلى جانب دراستنا تلك.

 

وقد أفادَتْ أسرتُه الكريمة أنَّها بصدد طَبْع ديوان "حمام" مرَّة أخرى في صورةٍ أفضل، وبشكل أكثر إحاطة بكلِّ ما كتبه الشاعر وأبدعه خلالَ سنوات حياته، ويشمل ما تمتلِكُه الأسرة من كتابات الوالد، ولكن يبدو أنَّه لم يَتِمَّ تحقيق هذا الوعد حتَّى الآن؛ لذا نرجو أن يُبادر أحد الدارسين لأخذ الفرصة، والمسابقة لإعادة تحقيقِ وتنقيح ودراسة ديوان الشاعر بصورةٍ أكثر توسُّعًا، وحرفيَّة، مُحاوِلاً أن يجمع شتات كلِّ ما كتبه الشاعر الراحل، وما تَحُوزه أسرته الكريمة التي ترحِّب بأيِّ تَعاوُن لخدمة تُراث والِدِهم، وكذلك لضمِّ كلِّ ما كُتِب عن الشاعر من دراسات وذكريات في الكتب المختلفة في دراسته للديوان؛ لِبَدْء وجود مؤلَّفٍ شامل، يشمل تطوُّر مراحل وأطوار الشاعر "محمد مصطفى حمام" الحياتيَّة والإبداعيَّة.

نموذج من أدعية الشاعر محمد مصطفى حمام التي كان يخطها بقلمه



[1] هو أنيس منصور في كتابه "في صالون العقاد كانت لنا أيام" - صـ 370.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة