• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

استلهام القصص القرآني في الشعر العربي المعاصر

خلف أحمد محمود


تاريخ الإضافة: 10/11/2009 ميلادي - 22/11/1430 هجري

الزيارات: 25370

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لقد تحدَّى القرآن الكريم العرب في فنون القول وهُم فرسان الشعر وأرباب الفصاحة، وتحدَّاهم أيضًا في القصص؛ ذلك أنَّ تراثهم النثْري قبل الإسلام مليء بالقصص والحكايات والأساطير والأخبار، والأيَّام التي تعرض لحياتهم وتصوِّر العظة والعبرة فيها، ومن ثَمَّ لم يكن عجبًا أن يحفل القُرآن الكريم بألوانٍ متعدِّدة من القصَص كنموذج صادقٍ لما يجب أن تكون عليه القصَّة، حيث حوت آيات القرآن الكريم الكثير من الصُّور القصصيَّة الرَّائعة والمواقف الخالدة، التي جسدت الصراع بين الحق والباطل، وقد وجد العديد من أعلام الشُّعراء العرب المعاصرين في القصص القرآني كنزًا ثمينًا ومنهلاً عذبًا نهلوا من جمال لفظِه وروعة قصصه؛ رغبة منهم في تقْديم النموذج والمثل الأعلى الذي يجب أن يَقتفي أثره الإنسان المعاصر، ونتوقف عبر هذه السطور مع أمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم، ثمَّ من الشُّعراء المعاصرين الدّكتور محمد رجب البيومي؛ لنلمس عن قُرْب كيف استلهم هؤلاء الشُّعراء القصص القرآني.

 

بداية:
نبدأ رحلَتَنا مع أمير الشعراء "أحمد شوقي" الَّذي نهل من معين القصَص القرآني، فيكتُب في قصيدته الشَّهيرة "كبار الحوداث في وداي النيل" قصَّة سيِّدنا موسى - عليْه السَّلام - وانتِصار عقيدته على عقيدة الشِّرْك وعبوديَّة الإنسان للإنسان زمن فرعون، وقد بدأ شوقي هذه القصَّة بتمهيدٍ وصَف فيه ما كان يُعانيه المجتمع من تخبُّط وجهل قبل مجيء موسى - عليْه السَّلام - بالدين الحق، فيقول: 

رَبِّ هَذِي عُقُولُنَا  فِي  صِبَاهَا        نَالَهَا الخَوْفُ وَاسْتَبَاهَا الرَّجَاءُ
فَوَلِهْنَاكَ  قَبْلَ  أَنْ  تَأْتِي  الرُّسْ        لُ  وَقَامَتْ  بِحُبِّكَ   الأَعْضَاءُ
       وَوَصَلْنَا السُّرَى فَلَوْلا ظَلامُ الْ        جَهْلِ لَمْ يُخْطِنَا  إِلَيْكَ  اهْتِدَاءُ[1]
ثمَّ يعرض شوقي بعد ذلك لقصَّة سيدنا موسى - عليْه السَّلام - مع فرعون، وكيف أنَّ موسى أتى بالمعجزات والبراهين السَّاطعة، وفي مقدّمتها معجزة العصا التي أثبتت عجْزَ فرعون وبطلان زعمِه، والذي أخذ يذكر موسى - عليه السَّلام - بأنَّه نشأ وتربَّى في قصرِه مشيرًا شوقي في ذلك إلى الآية الكريمة: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} [الشعراء: 18]، إلاَّ أنَّ موسى - عليه السلام - كان أكثر حبًّا وإخلاصًا لله، وهذا من شِيَم وخصال الأنبِياء، فيقول شوقي:
وَاتَّخَذْنَا  الأَسْمَاءَ  شَتَّى   فَلَمَّا        جَاءَ مُوسَى انْتَهَتْ لَكَ الأَسْمَاءُ
حَجَّنَا فِي الزَّمَانِ سِحْرًا بِسِحْرٍ        وَاطْمَأَنَّتْ إِلَى  العَصَا  السُّعَدَاءُ
وَيُرِيدُ  الإِلَهُ   أَنْ   يُكْرِمَ   العَقْ        لَ     وَأَلاَّ      تُحَقَّرَ      الآرَاءُ
ظَنَّ فِرْعَوْنُ  أَنَّ  مُوسَى  لَهُ  وَا        فٍ وَعِنْدَ الكِرَامِ  يُرْجَى  الوَفَاءُ
لَمْ يَكُنْ  فِي  حِسَابِهِ  يَوْمَ  رَبَّى        أَنْ  سَيَأْتِي  ضِدَّ  الجَزَاءِ  الجَزَاءُ
      فَرَأَى   اللَّهُ    أَنْ    يَعُقَّ    وَلِلَّ        هِ   تَفِي    لا    لِغَيْرِهِ    الأَنْبِيَاءُ[2]
ويتناول شوقي في مقطع آخر من هذه القصيدة مولدَ السيِّد المسيح - عليْه السَّلام - وما صاحبَه من معجزات وإشارات ازْدهى بها الكون، حيثُ سرتْ معجزة ميلاد المسيح آيةً عُظْمى أرشدتِ النَّاس إلى عبادة الله - سبحانه وتعالى - بما حملتْ رسالتُه من معاني الحب والخير والسلام للبشَر، حتَّى رفعه الله - عزَّ وجلَّ - إلى السَّماء، فيكتب شوقي قائلاً:
وُلِدَ   الرِّفْقُ   يَوْمَ   مَوْلِدِ   عِيسَى        وَالمُرُوءَاتُ     وَالهُدَى     وَالحَيَاءُ
وَازْدَهَى الكَوْنُ بِالوَلِيدِ  وَضَاءَتْ        بِسَنَاهُ    مِنَ    الثَّرَى     الأَرْجَاءُ
وَسَرَتْ  آيَةُ  المَسِيحِ   كَمَا   يَسْ        رِي مِنَ الفَجْرِ فِي الوُجُودِ الضِّيَاءُ
تَمْلأُ   الأَرْضَ    وَالعَوَالِمَ    نُورًا        فَالثَّرَى     مَائِجٌ     بِهَا     وَضَّاءُ
لا  وَعِيدٌ   لا   صَوْلَةٌ   لا   انْتِقَامٌ        لا  حُسَامٌ   لا   غَزْوَةٌ   لا   دِمَاءُ
مَلِكٌ    جَاوَرَ     التُّرَابَ     فَلَمَّا        مَلَّ  نَابَتْ  عَنِ  التُّرَابِ   السَّمَاء[3]
وننتقل إلى شاعر النيل حافظ إبراهيم،
الذي امتاز في شعره بالبساطة والوضوح والثقافة الإسلاميَّة العميقة، حيث نهل من معين القصص القرآني وظهر ذلك جليًّا في قصيدة الشمس التي سرَد فيها جوانب من قصَّة سيدنا إبراهيم - عليْه السَّلام - مستلهمًا النَّصَّ القرآني الكريم الذي ورد في سورة الأنعام؛ {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لاَ أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى القَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضَّالِّينَ  * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 74 - 78].

وقد مهَّد شاعر النيل لهذه القصَّة القرآنية ببيْتين من الشعر، صوَّر فيهما ظهور الشَّمس ثمَّ كيف أنَّ النَّاس قد انبهروا بها عند بزوغِها في كلّ صباح، فتطرَّق بعضهم إلى عبادتها وتفضليها على القمر الذي لا يفوقها شعاعًا وضياءً، فيقول:
لاحَ مِنْهَا حَاجِبٌ لِلنَّاظِرِينْ        فَنَسُوا بِاللَّيْلِ وَضَّاحَ  الجَبِينْ
  وَمَحَتْ      آيَتُهَا       آيَتَهُ        وَتَبَدَّتْ    فِتْنَةً     لِلعَالَمِينْ[4]
ثمَّ انتقل بعد ذلك إلى جوهر القصيدة مصوِّرًا صراع سيدنا إبراهيم - عليه السلام - بين الشَّكّ واليقين والحيرة والتردّد وصولاً إلى الخالق - عزَّ وجلَّ - ثمَّ حواره مع قومه من عبَدة الشَّمس الذين انبهروا بها فضلُّوا الطَّريق إلى عبادة الخالق - عزَّ وجلَّ - فيقول: 
جَالَ    إِبْرَاهِيمُ     فِيهَا     نَظْرَةً        فَأُرِي  الشَّكَّ  وَمَا   ضَلَّ   اليَقِينْ
قَالَ:   ذَا   رَبِّي    فَلَمَّا    أَفَلَتْ        قَالَ:  "إِنِّي  لا   أُحِبُّ   الآفِلِينْ"
وَدَعَا    القَوْمَ     إِلَى     خَالِقِهَا        وَأَتَى    القَوْمَ    بِسُلْطَانٍ    مُبِينْ
رَبِّ  إِنَّ   النَّاسَ   ضَلُّوا   وَغَوَوْا        وَرَأَوْا فِي الشَّمْسِ رَأْيَ الخَاسِرِينْ
خَشَعَتْ   أَبْصَارُهُمْ   لَمَّا   بَدَتْ        وَإِلَى  الأَذْقَانِ  خَرُّوا   سَاجِدِينْ
    نَظَرُوا        آيَاتِهَا         مُبْصِرَةً        فَعَصَوْا   فِيهَا   كَلامَ    المُرْسَلِينْ[5]
ثمَّ تطرَّق شاعر النِّيل بعد ذلك إلى فوائد الشَّمس، وما تضفيه على الكون من جمالٍ وروْنق وبهاء مختتمًا قصيدته ببيتين يوضِّح فيهما حكمة القصَّة القرآنيَّة، التي بيَّنت أنَّ الشَّمس من مخلوقات الله - عزَّ وجلَّ - ومن الآيات الدَّالَّة على وجود الله خالقها ومبدعها، فيقول:
صَدَقُوا    لَكِنَّهُمْ    مَا    عَلِمُوا        أَنَّهَا   خَلْقٌ    سَيَبْلَى    بِالسِّنِينْ
      أَإِلَهٌ       لَمْ       يُنَزِّهْ       ذَاتَهُ        عَنْ كُسُوفٍ بِئْسَ زَعْمُ الجَاهِلِينْ[6]
ونختتم رحلتَنا مع الشَّاعر الدكتور/ محمَّد رجب البيومي، الذي تأثَّر تأثرًا واضحًا بروعة القصص القرآني، فأفرد لذلك ديوانًا كاملاً يحمِل عنوان "من نبع القرآن" يحتوى على خمس عشرة قصيدة من الشِّعر المقفَّى الموزون، جال خلالها الدكتور البيومي مستلهمًا القصص القرآني في لوحات متكامِلة المشاهد، متعانقة الصور، متوهِّجة اللغة والمعاني، ونقتطف له هذه الأبياتَ التي يصوِّر فيها الصراع بين ابني آدم، حيث نسجَها الدكتور البيومي في ثوب قصصي قشيب متماسِك الألفاظ والمعاني، مهتديًا في ذلك بالنصِّ القرآني الكريم الذي يُخاطب فيه قابيل نفسَه بعد حادثة قتْل أخيه: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الخَاسِرِينَ} [المائدة: 29]، فيفتتح القصيدةَ بوصْفِ مشاعر الحسد والحقْد التي دفعت قابيل إلى ارتِكاب هذه الجريمة البشعة فيقول: 
عَظُمَ الشَّرُّ بَيْنَ نَفْسِي وَبَيْنِي        إِنَّهَا  وَحْدَهَا  الَّتِي  قَهَرَتْنِي
لَمْ تَزَلْ تُلْهِبُ  الدِّمَاءَ  بِذَرَّا        تِي كَأَنَّ النِّيرَانَ تَأْكُلُ  مِنِّي
كُلَّمَا قَدْ هَدَأْتُ أَجَّ  لَظَاهَا        فَمَحَا فِطْنَتِى وَشَرَّدَ  ذِهْنِي
     هَائِجٌ  لَسْتُ  أَسْتَقِرُّ   وَأَنَّى        وَعُرُوقِي  مَشْبُوبَةٌ  صَهَرَتْنِي[7]
وفي قصيدة أخرى يصور لنا قصَّة مريم العذراء على نحو ما وردت في القرآن الكريم، وهي تمثل نموذجًا فريدًا لاستِكْمال عناصر التأثير بالقصص القرآني، فالشَّاعر في هذه القصيدة لم يقِفْ عند حدود استِلْهام المعاني والصور، ولكنَّه اقتبس من القُرْآن الآيات والصُّور وجعلها من مكوّنات النَّصّ الشِّعْري مع وضْع هذه الاقتباسات بين قوْسين إشارة إلى قدسيَّتها واستقلالها، ونقتطف له هذه الأبيات التي استلهمها الشَّاعر من الآية الكريمة التي يقول فيها المولى - عزَّ وجلَّ -: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا المِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 37]، فيكتب قائلاً:
يَسْقُطُ الرِّزْقُ كَالغَمَامِ عَلَيْهَا        إِذْ تَرُومُ الغِذَاءَ  حُلْوًا  شَهِيَّا
هُوَ مِنْ جَنَّةِ الخُلُودِ فَمَنْ  ذَا        وَرَدَ الخُلْدَ وَهْوَ مَا زَالَ  حَيَّا
حَدَثٌ  رَائِعٌ   تَعَجَّبَ   مِنْهُ        حِينَمَا طَافَ  حَوْلَهَا  زَكَرِيَّا
إِيهِ  يَا  مَرْيَمُ  العَجِيبَةُ  "أَنَّى        لَكِ هَذَا" لَقَدْ  بَلَغْتِ  الثُّرَيَّا
    أَنْتِ مِنْ عَالَمِ السَّمَاءِ مَلاكٌ        هَبَطَ الأَرْضَ فَاغْتَدَى  إِنْسِيَّا[8]

وفي النهاية نقول: هذا غيض من فيض في استِلْهام الشعراء المعاصرين للقصص القرآني، كلّها نهلت من هذا الرَّافد العظيم القرآن الكريم، الذي هو صانع التراث ومصدر مجْد الأمَّة الأكبر.

 

 

 

ـــــــــــــــــ

[1] الشوقيات، لأمير الشعراء أحمد شوقي، المجلد الأوَّل، النَّاشر مكتبة مصر، 1993 ص24.

[2] المصدر السابق: ص24.
[3] المصدر السابق: ص25.
[4] قصيدة الشمس، لشاعر النيل/ حافظ إبراهيم، مجلة العربي، العدد 425، أبريل عام 1994 ص 176.
[5] المصدر السابق.
[6] المصدر السابق.
[7] مجلة الأدب الإسلامي، العدد 49 ص 12، 13.
[8] المصدر السابق ص 13.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة