• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

عبدالقاهر الجرجاني وكتابه دلائل الإعجاز

د. أحمد سعدالله


تاريخ الإضافة: 26/2/2014 ميلادي - 26/4/1435 هجري

الزيارات: 47178

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عبدالقاهر الجرجاني وكتابه دلائل الإعجاز


إن صاحبنا اليوم لغوي نحوي بلاغي، بل إنه إمام البلاغيين قاطبة، إنه أبو بكر عبدالقاهر بن عبدالرحمن بن محمد، فارسي الأصل، وُلِدَ في جرجان، وهي مدينة مشهورة بين طبرستان وخراسان ببلاد فارس في مطلع القرن الخامس للهجرة ولم يفارقها حتى توفي سنة 471هـ.

 

كان منذ صغره محبًّا للعلم، فأقبل على الكتب والدرس، ولما كان فقيرًا لم يخرج لطلب العلم نظرًا لفقره، بل تعلم في جرجان وقرأ كل ما وصلت إليه يده من كتب، فقرأ لكثير ممن اشتهروا باللغة والنحو والبلاغة والأدب، كسيبويه والجاحظ والمبرِّد وأبي علي الفارسي وابن جني و ابن دُرَيْد وغيرهم من أئمة اللغة والأدب والفقه.

 

بذل صاحبنا قصارى جهده في تحصيل ما تقع عينه عليه من الكتب والمدونات؛ إذ وقف الفقر حائلا دون خروجه لطلب العلم على يد شيخ من العلماء المشهورين.

 

ولما صدق في طلب العلم، واستنفد السبل كان للإرادة الإلهية دورها الأعظم، فقد ساقت له الأقدار رجلا من رجالات العلم آنذاك، ليستقر بجرجان؛ لتتهيأ بذلك الفرصة لصاحبنا فينهل من علم النحو واللغة؛ ذلك الرجل هو محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن عبدالوارث أبو الحسين الفارسي النحوي؛ ابن أخت أبي علي الفارسي. قال ياقوت: «أخذ عن خاله علم العربية، وطوف الآفاق، حتى انتهى به الأمر إلى أن استوطن جرجان، وقرأ عليه أهلها؛ ومنهم عبدالقاهر الجرجاني، وليس له أستاذ سواه».

 

وتمضي الأيام ليصبح عبدالقاهر عالمًا وأستاذًا، واشتهر شهرة كبيرة، وذاع صيته، فجاء إليه طلاب العلم من جميع البلاد يأخذون عنه، ويتعلمون على يديه، ووصل عبدالقاهر الجرجاني لمنزلة عالية من العلم، ولكنه لم يُقَدَّر التقدير الذي يستحقه، بل عانى من أهل زمانه، ومن زهدهم في العلم وأهله، حتى سطر شكواه منهم في كتابه الذي هو موضع حديثنا (دلائل الإعجاز)؛ إذ يقول: " ثمّ إنّا وإِنْ كنا في زمانٍ هو على ما هو عليهِ مِنْ إحالةِ الأُمور عن جِهَاتها، وتَحْويلِ الأشياءِ عن حالاتِها، ونَقْلِ النفوسِ عن طِبَاعها، وقَلْبِ الخَلائقِ المحمودةِ إلى أضدادها، ودهر ليس للفضل وأهلهِ لديهِ إلا الشرُّ صِرْفاً والغَيْظ بَحْتاً، وإلاَّ ما يُدهِشُ عقولَهم ويسْلبُهم مَعْقولَهم، حتى صار أَعجزُ الناس رأياً عندَ الجميع مَنْ كانت له هِمَّةٌ في أن يَسْتَفِيدَ عِلْماً، أو يَزْدادَ فَهْماً، أو يَكْتَسب فَضْلاً، أو يَجْعلَ له ذلك بحالٍ شُغْلاً، فإنَّ الإلْفَ من طِباع الكريم. وإذا كانَ مِنْ حَقِّ الصديقِ عليكَ، ولا سيَّما إذا تقادمَتْ صُحْبتُه وصحَّتْ صداقَتُه أن لا تَجْفُوَه بأن تَنْكُبَكَ الأيامُ، وتُضجِرَك النوائب، وتخرجك محن الزمان، فتتناساه جُملةً، وتَطْويَه طَيَّا، فالعِلْمُ الذي هوَ صديقٌ لا يَحُول عنِ العَهد، ولا يَدْغِلُ في الوُدِّ، وصاحِبٌ لا يَصِحُّ عليه النكْثُ والغَدْر، ولا تظن به الخيانة والمكر أولى منك بذلك وأجدر، وحقه عليك أكبر ".

 

وأتقن صاحبنا الفقه الشافعي، وبرع في فلسفة المذهب الأشعري. وتشي تقسيماته ودراساته في أسرار البلاغة ومجادلاته في دلائل الإعجاز بأنه قد أتقن المنطق، وعرف طرق القياس وقواعده وأصوله، وقد كان عبدالقاهر متقنا للغات عدة غير العربية؛ كالفارسية والتركية، وبلغ في اللغة الهندية حداً جعله يكتشف أثر الهنود وأفكارهم على بعض الشعراء العرب.

 

تصدر عبدالقاهر مجالس العلم بجرجان، وقصده طلاب العلم من كل حدب و صوب، ومنهم أبو زكريا التبريزي، والإمام أبو عامر الفضل بن إسماعيل التميمي الجرجاني وأبو النصر أحمد بن محمد الشجري، وغيرهم.

 

وألف الرجل كثيرا من المؤلفات، نذكر منها المغني والتكملة والعوامل المائة، و العمدة في التصريف؛ وكتاب شرح الفاتحة؛ وإعجاز القرآن الصغير؛ وإعجاز القرآن الكبير؛ والرسالة الشافية؛ والمقتصد على الإيضاح، وأسرار البلاغة، ودلائل الإعجاز؛ وغيرها.

 

دلائل الإعجاز، وأثره في الدرس اللغوي:

ودلائل الإعجاز كتاب رائد في مجاله، بل نسج فريد لم يسبق صاحبه إليه، ولم تسمح قريحة قبل صاحبنا بمثاله، ولم ينسج ناسج قبله على منواله، فحق له أن يوصف بأنه صنع مخترع ماهر، لا مجرد مؤلف عابر، ولا أجد هنا وصفا يصفه فيكون أفضل مما يصفه به صاحبه إذ يقول: «هذا كلامٌ وجيزٌ يطِّلِعُ به الناظرُ على أصول النحو جملة، وكلِّ ما به يكون النظمُ دفعةً، ويَنْظر منه في مرآةٍ تُريه الأشياءَ المتباعدةَ الأمكنةِ قد التقتْ له، حتى رآها في مكان واحد، ويرى بها مُشئمًا قد ضُمَّ إلى مُعْرقِ، ومُغرِّبًا قد أخذَ بيد مُشَرِّق، وقد وصلت بأخرَةٍ إلى كلامٍ مَنْ أصغى إليه وتَدبَّره تدبُّرَ ذي دين وفتوة، دعاه إلى النظر في الكتاب الذي وضعناه، وبعَثَه على طلبِ ما دوَّنَّاه. واللهُ تعالى الموفِّق للصواب، والمُلْهِم لِمَا يؤدي إلى الرشاد، بمنِّه وفضْله».

 

شرع عبدالقاهر في كتابه يؤصل لنظريته التي سماها (النظم)، الذي هو مصدر الإعجاز القرآني؛ رافضا أن يكون الإعجاز في القرآن الكريم راجعًا إلى المفردات أو إلى معانيها؛ أو راجعا إلى سهولتها وعذوبتها وعدم ثقلها على الألسنة، أو أن يكون راجعًا إلى الاستعارات أو المجازات أو الفواصل أو الإيجاز، إلخ.

 

وإنما يرجع إعجاز القرآن إلى حسن النظم، فلا اعتداد بمعاني الكلمات المفردة إن لم تنتظم في سياق تركيبي؛ إذ ليس النَّظْمُ سوى تعليق الكلم بعضها ببعض، وجَعْلِ بعضها بسبب من بعض.

 

فالدلالة المعجمية لا تكون مصدرا للإعجاز منفردة، وكيف تكون معجزة وهي معروفة لمعظم أهل اللغة؟ فلا تفاضل بينهم فيها، ولكن دلالة اللفظة التي تكتسبها خلال نظمها في سياق تركيبي هي التي يسعى إليها مستخدم اللغة، لاختلاف دلالة اللفظة تبعًا للتركيب النحوي الذي تنتظم فيه.

 

تحمل صاحبنا عناء التأصيل لهذه النظرية بشكل لم يسبق إليه، معتمدا في ذلك على ذكاء حاد، ونفس لا تعرف الملل أو الكسل، بل تتوق إلى خوض كل وعر إذا كان يرتجى من ورائه وضع الأشياء مواضعها اللائقة بها؛ وقد مزج العناء العلمي في التأصيل لهذه النظرية الجديدة بجانب من المتعة معجب؛ فنفس صاحبنا تتوق إلى مثل ذلك الصنيع - وإن كان صعبا -، حتى لقد ظن أن كل نفس تتوق إلى تلك الطريق الوعرة وتتحملها في سبيل كشف ما يشكل، وحل ما ينعقد مثلما تتوق نفسه هو؛ يقول: «ثم إِنَّ التَّوقَ إلى أَن تقَرَّ الأُمورُ قَرارَها، وتُوضَعَ الأشياءُ مَواضِعَها، والنزاعَ إلى بَيانِ ما يُشْكل، وحلِّ ما يَنْعَقِد، والكَشْفِ عمَّا يَخْفَى، وتلخيص الصفةِ حتى يزدادَ السامعُ ثقةً بالحُجة، واستظهارًا على الشبْهة، واسْتِبانةً للدليل، وتَبينًا للسبيل، شيءٌ في سُوس العقل، وفي طباع النفس إذا كانت نَفْسًا».

 

وتوفي الرجل سنة 471هـ، وقيل سنة 474هـ بعد أن خلف للتراث العربي وللمكتبة العربية ما يشهد له بالبصيرة النافذة، والذكاء المنقطع النظير، الذي جعل من مؤلفه دلائل الإعجاز نواة لعلوم عدة، ونطريات شتى اشتهرت بين علماء اللغة في العصر الحديث، وكان أصحاب تلك النظريات يظنون أنهم أول من اخترعها وأشار إليها، وإذا بصاحبنا قد سبقهم إليها بقرون؛ فقد سبق الفيلسوف الإنجليزي جون لوك في الإشارة إلى عملية الاتصال اللغوي، وسبق العالمَين دي سوسير وأنطوان مييه في كثير من أصول التحليل اللغوي، كما سبق العالمين فيرث وليونز إلى القول بأثر السياق في تحديد معنى الكلمة، وسبق العالم الألماني فنت في أصول مدرسته الرمزية، وسبق العالم الأمريكي تشومسكي في كثير من أصول مدرسته التحويلية التوليدية؛ رحم الله عبدالقاهر الجرجاني، ونفع بعلومه، وجعل ما ألفه في سجل حسنه.

 

تُنشر بالتعاون مع مجلة (أعاريب)

المصدر: مجلة أعاريب - العدد الثاني - ربيع الثاني 1435هـ / فبراير 2014م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة