• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

أساليب الكتاب

أساليب الكتاب
د. إبراهيم عوض


تاريخ الإضافة: 30/9/2013 ميلادي - 25/11/1434 هجري

الزيارات: 33761

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أساليب الكُتَّاب

تعريف الشعر بين القدماء والمحدثين (25)


لكل كاتبٍ من الكُتَّاب البارزين أسلوبه الخاص به في تحبير المقالات، فهذا بسيط الأسلوب، هادئ النفس، خافت النبرة، لا ينفعل كثيرًا، ولا يحب الدخول في جدالٍ مع الآخرين، وذاك مُدمدم ناري الطبع، صارم العبارة، ينقض كالصاعقة على خَصمه، يبغى تمزيقه، وذاك شاعري اللغة، يوشي كتاباته بالصور المحلقة، والتعبيرات الطازجة، ويميل إلى التَّكرار والتأكيد، ورابع يحتفل بصياغة كلامه، ويُضمِّن ما يكتبه الألفاظ المعجمية، والعبارات الفخمة، والتراكيب القديمة، وقد يسجع ويجانس، وخامس يحب الإيجاز، وسادس يؤثر الإطناب، وسابع يميل إلى الإغراب في تراكيبه وصوره، فلا يفهم القارئ عنه إلا بشِق النفس، وقد تفوته أشياء لا يستطيع لها فهمًا...، وهكذا مما يعرفه المعنيون بمسألة الأساليب.

 

فيعقوب صروف مثلاً يقصد إلى قول ما يريده مباشرةً دون مقدمات أو إطناب، هادفًا إلى تَجْلية ما عنده من أفكار ومشاعر، بأسلوب سهل اللفظ والتركيب والعبارة، فلا إغراب ولا عثكلة بتقديمٍ أو تأخير لا داعي له، أو لف ودوران، كما أنه لا يستعين بالتعبيرات المحفوظة، ولا بالسجع والتزاويق البديعية، فضلاً عن أنه قد أدخل في العربية ألفاظًا وتعبيرات، لم تكن لها بها عهد من قبلُ، أو على الأقل: ساعد على نشْرها؛ مثل: "الأحافير"، و"الغواصة"، و"الدبابة"، و"الكحول"، و"تنازع البقاء"، و"المثل الأعلى"، و"مناجاة الأرواح".

 

وكان لشكيب أرسلان في أول أمره احتفاء بصياغة العبارة، جريًا على سُنة نفر من كتاب العرب القدماء ممن يستعينون بفخيم الألفاظ والتراكيب، والسجع والجناس، ثم أخذ يميل إلى الأسلوب الجديد المباشر، وإن لم يتخلَّص من طريقته الأولى تخلُّصًا تامًّا، وبخاصة حين تهتاج مشاعره، فيُطنب ويُزاوج ويجانس، ومن ألفاظه القديمة: "اللأواء" (التعب)، و"الشناخيب" (قمم الجبال)، و"البأو" (الكبر)، و"الشقص" (النصيب)، و"يدوكون" (يضطربون)، و"يأرزون" (يلتجئون)... وهكذا.

 

ويقع أسلوب المنفلوطي بين الأسلوب القديم الذي يحتفي بالسجع والجناس والازدواج، والتراكيب الفخمة والألفاظ الغريبة، وبين الأسلوب الجديد الذي لا يهتم بشيءٍ من ذلك، بل يجعل وكده إيصال الأفكار والمشاعر إلى القرَّاء من أقرب طريق، وإن في أسلوبه نصاعةً وإحكام تركيبٍ، وشيئًا من الازدواج، مع قدر كبير من السلاسة والقصد إلى المعنى والإحساس، وقد يستعمل بين الحين والحين لفظًا قديمًا لكن دون تقعُّرٍ، كما يميل إلى الترادف والإكثار من المفعول المطلق بأنواعه المختلفة، إلى جانب رقة نفس ونُبل مقصدٍ، وقد أخذ عليه بعض مُنتقديه تزويق الضَّعف للناس، وتصنُّع رقة الأحاسيس، أو الإفراط فيها، وما بالرجل شيء من ذلك، بل به العطف على الضعفاء والمساكين، وإن أخطأ الطريق أحيانًا، فبالَغ في وصف أحوالهم؛ استجلابًا للرحمة لهم، وهذا في كتاب "العبرات" فحسب، أما في سائر كتبه، فتُطالعنا غَيرة على الدين والوطن والمجتمع، ودعوة قوية إلى الإصلاح، وإلى إعطاء المرأة حقَّها والرفق بها.

 

ويتميز مصطفى صادق الرافعي، في كتاباته الوجدانية؛ كـ"المساكين"، و"حديث القمر"، و"رسائل الأحزان"، بأسلوب جد مميز، حتى ليَعسَر أن نجد له نظيرًا في الأساليب العربية قديمًا أو حديثًا، وهو أسلوب لا يلقي باله إلى الألفاظ المعجمية، كما أنه في بعض الحالات يخلو من الفكرة البعيدة الأغوار، بيد أنه مع ذلك لا يُسلمك نفسه بسهولة، وهذا راجع إلى إغرابه في تأْدية الفكرة التي قد تكون في حد ذاتها قريبة المنال، لكنه يصطنع في التعبير عنها طُرقًا تبعد بها عن يد القارئ، فلا يستطيع عليها قبضًا، بالإضافة إلى لَفتاته الذهنية والنفسية الخاصة التي لا نجدها عند غيره من الكُتاب؛ مما يضفي على أسلوبه في بعض الأحيان عُسرًا ما كان أغناه عنه، لكنه مع هذا أسلوب شاعري في كثير من الأحيان، يمتلئ بالصور الرمزية العجيبة، وربما كان لإصابته بالصَّمم الذي عزله منذ فترة مبكرة من عُمره عن الحياة في صمتٍ مُطبق - دخل في ذلك، وقد سَخِر طه حسين ذات مرة من أسلوبه، فقال: إنه يذكره بامرأة تلد ولادةً عَسِرة، فما كان من الرافعي - الذي استفزَّته هذه السخرية - إلا أن أفحمه طالبًا منه أن يُحاول مثل هذه الولادة، وسوف يتكفَّل بأن يَحضر له المُولدة، ويدفع عنه أُجرتها أيضًا، ومع هذا كله، فإن للرجل كتابات ذات أسلوب سَلِس بلَغ الغاية في عُمق الفكرة، وقوة الحجة، ونصاعة التعبير وإحكام الصياغة، وبراعة التهكُّم، وأقوى مثال على هذا كتابه: "تحت راية القرآن"، الذي وضعه في الرد على شَطط طه حسين في شبابه، حين كتب بحثه "في الشعر الجاهلي"، فلم يستطع الرد على شيء مما فنَّد به الرافعي أفكاره المتسرِّعة التي ينقصها النُّضج والتعمُّق.

 

ويلفت الأنظار إلى أسلوب جبران خليل جبران، ما فيه من وجدانية حادة وثورة على القيود أيًّا كانت، وفي هذا من الخطر ما فيه، وإن غشَّى ذلك بالعزف على أوتار الدعوة إلى الحرية، ونبْذ القديم الذي يصوِّره بصورة الجثة العفِنة التي يَنخَر فيها الدود وما أشبه، وهو يحتفي بالموسيقا من خلال الترادف وتَكرار الجمل والعبارات، وكذلك المزاوجة بينها أحيانًا.

 

كما أنه مُولع بالصور التشخيصية حتى عن أشد الأفكار أُلفةً للناس، وفي صوره كثير من الجدة والتجنيح، ولا يخلو أسلوبه من قدرٍ من الخطابة والتصنُّع، وليس في كتاباته عُمق في الفكرة ولا الإحساس، وهذه الملاحظات موجودة في أسلوبه الإنجليزي أيضًا.

 

ولا يختلف أسلوب مي زيادة في خطوطه العامة عن أسلوب جبران، إلا كما يختلف تَوْءَمان: ذكر وأنثى، ففي أسلوبها رقة وحالمية، ولكن بمقدار أكثر لدى جبران، وإن خلَت كتاباتها من التمرد، إنها تذكرنا بفتاة جميلة قد تزيَّنت، لكنها زينة الحييات، وكما أن في أسلوب جبران وجدانيةً وجنوحًا إلى التصوير التشخيصي والتوقيع الموسيقي، عن طريق التَّكرار والترادف والمزاوجة أحيانًا، فكذلك نجد هذا في أسلوب مي.

 

أما أسلوب العقاد، فيختلف اختلافًا واضحًا عن الأساليب التي مرَّ ذكرُها؛ إذ يجمع بين سَعة الثقافة وعُمق الفكرة والاعتزاز بالنفس، وجلال العبارة ومتانة التركيب، مع بُعدٍ عن التقعُّر في اللفظ، والعثكلة في بناء الجملة، وهو لا يُجهد قرَّاءه ما داموا قد حصَّلوا من الثقافة ما يُمكنهم من متابعة الموضوع الذي يكتب فيه، على أنه في المَواطن الوجدانية يتحوَّل إلى نفس تذوب كما في الكلمة التي رثَى بها المازني - عليه رحمة الله - أو في بعض فصوله في "الحسين أبو الشهداء"، أو إلى بركان يقذف بالحِمم كما هو الحال في حملاته على المستشرقين والمبشِّرين والشيوعيين، وخصومه السياسيين، وبسبب ما يكسو أسلوبه من جلالٍ، وفكره من عُمق، يظن المتعجلون أنه أسلوب صَعب لا جاذبية فيه، وهو وهْمٌ خاطئ تمامًا؛ إذ هو - لمن يستطيع الارتفاع إلى مستواه - أسلوب رائع مُمتع.

 

ونختم بكلمة عن أسلوب المازني، وهو أسلوب يمتاز بالسلاسة والحيوية، ويخلو من الكلمات المعجمية إلا نادرًا، كما تُقابلنا فيه عبارات وتراكيب عباسية، إلى جانب بعض الألفاظ والتعابير العامية، وفيه أيضًا خفة رُوحٍ، ومعابثة وبراعة في الوصف والتصوير، ولا يتحرَّج المازني من التهكُّم حتى على نفسه، وتَكثُر عنده الجمل الاعتراضية، وبخاصة تلك التي يفضُّ بها اشتباك الضمائر، موضحًا ما يعود عليه هذا الضمير أو ذاك، مع المغالاة في ذلك أحيانًا على سبيل التفكُّه، وحواره القصصي من أبرع ما يكون مع التزامه بالفصحى، وهذا دليل على زيف دعوى مَن يزعمون أن الواقعية تقتضي من كُتاب القصة تسجيل حوارات أبطالهم باللهجات المحلية، ففُصحاه قريبة إلى حد كبير من لغة الحياة اليومية، وبهذا الأسلوب برَع المازني في اقتناص الشِّيات العقلية والنفسية المختلفة، حتى لأشد الشخصيات إغراقًا في العامية، مع المحافظة على الإعراب والبُعد عن انحرافات العامية في النطق والكتابة، وقد مرَّ بنا مقال له يظهر فيه كثير من هذه الشِّيات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة