• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية / أدب الأطفال (دراسات في أدب الأطفال)


علامة باركود

خاتمة في أدب الطفل

محيي الدين صالح

المصدر: من دراسة بعنوان: أدب الأطفال من منظور إسلامي (إبراهيم شعراوي نموذجًا)

تاريخ الإضافة: 11/9/2011 ميلادي - 12/10/1432 هجري

الزيارات: 296728

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخـاتمة

ستَبقى الطُّفولة في كلِّ الأزمنة والأمكنة، هي القِبْلة الأولى التي تتَّجِه إليها كلُّ الجهود التنمويَّة، وستُقاس حضارات الأمم على أساس ما تُخصِّصه للأطفال مِن وسائل التعليم والتَّثقيف، والأُمَّة التي تتخلَّف عن هذا المِضْمار ستَجِد نفسها وحيدةً في ذيل القائمة.

 

وحكايات الجدات التي كانتْ بمثابة الإطلالة الأولى للأطفال إلى عالَم المعرفة، هي التي غرسَت الكثير من القِيَم والأخلاقيَّات، والعادات والتقاليد في الأعماق البِكْر للأطفال في كلِّ الأجيال المتعاقِبة في المنطقة العربيَّة، وكثيرٍ من المناطق الأخرى في العالَم، من قديم الزَّمان وحتى منتصف القرن العشرين، وإن كانت هذه الحكايات قد تراجعت كثيرًا عن أداء دورها الحضاريِّ بعد ظهور وسائل الإعلام المسموعة والمرئيَّة، وطُغيانها بإمكانيَّاتها المهولة، وانصراف الكبار إلى اهتماماتهم المعيشيَّة بعد نزول المرأة إلى ميادين العمل المختلفة، وانتشار ظاهرة المُربِّيات، وكل هذه العوامل وغيرها، تشابكَت، وأدَّت إلى انكماش الحكايات المرويَّة شفاهة.

 

وقد أحسن الأُدباء الذين تصدَّوْا لإيجاد البدائل من خلال الإبداعات المكتوبة لِمُخاطبة الطِّفل في مُحاولات محمودةٍ لتعويضه عمَّا فقده، وبخصوص السَّبق الأوربِّي في ميدان أدب الأطفال، فأنا أعزيه إلى أن أوربا كانت قد فقدَتْ دور الأدب الشفاهيِّ من خلال الكبار، وذلك منذ زمنٍ بعيد قبل العرب، فلجؤوا إلى البدائل المكتوبة قبل العرب أيضًا.

 

وفي كلِّ الأحوال؛ فإنه من الأهمية بمكانٍ أن تقومَ الأمم بتركيز جهودها واهتماماتها بالأطفال صحيًّا وبدنيًّا، وبنفس القدر الذي تنفقه على صحَّته وجسمه، يجب الاهتمام بعقله ووجدانه، من خلال كلِّ السبُل المتاحة شفاهةً أو كتابة، مع توجيه الإعلام المسموع والمرئيِّ لما فيه خير الطِّفل في حاضره ومُستَقبله.

 

والأمَّة التي لا تراعي صغارَها ستَصِل إلى الشَّيخوخة مبكرًا، ولن تجد مَن يقوم على أمورها وشؤونها، حيث سيعقُّها الأبناء؛ لأنَّها عقَّتْهم من قبل، ولمن يريد أن يستشرِفَ مستقبلَ أيِّ أمة فعليه فقط أن يُمْعِن النظَر إلى ما تُقدِّمه هذه الأمة إلى أطفالها، ويستطيع مِن خلال ذلك - بكلِّ ثقةٍ - أن يقيمها لعقودٍ قادمة، فالفائدة التي تَجْنيها الأُمَم - كنتاجٍ طبيعي لاهتمامها بأدب الطفل - هي فائدة عظيمة، لا يُمكن تقديرها أو تقييمها عبر أجيالٍ مَحدودة، والشواهد التي تؤكِّد مدى اهتمام الأمم طوال تاريخها بثقافة الأطفال كثيرة جدًّا، وبألوان متَعَددة، ومسلية وجذابة.

 

واستمرار نوادر وحكايات جحا على سبيل المثال، منذ القرن الثالث الهجري وإلى الآن - دليلٌ على أهمِّية هذا اللون مِنَ الأدب من ناحيةٍ، وعلى نَجاحه في تهذيب أخلاقيَّات الصِّغار من ناحية أخرى، بل تعتبر نوادر جحا وحكاياته من وسائل بثِّ العبَر والعظات عند الكبار أيضًا، عندما تأتي في الإصلاح الاجتماعيِّ والسياسي، ولكن بنفس الأسلوب الرمزيِّ الذي يتمُّ فيه مُداولة أدب الأطفال.

 

وإن كان الأطفالُ نصْفَ الحاضر فإنَّهم كلُّ المستَقبل؛ ولذلك فإنَّني أرى أنَّ أقْـومَ الأدباء قيلاً وأصدقهم حديثًا، هم الذين نذَروا إبداعاتِهم لفلذات الأكباد، فهم يتوجَّهون لأضعف الناس، وأحوَجِهم إلى المعونة الأدبيَّة المُخْلِصة والتوجيه السليم، والقصص التي جاءتْ على ألسنة الحيوان شعرًا، يحفظه الكبار والصِّغار على حد سواء، بل يستشهدون بها في مختَلِف المواقف التي تتشابه مع الأمثال التي ضُرِبت من أجلها، وهذا ما دفع بالشُّعراء إلى صياغة أغلب القصص المعروفة مرَّة أخرى في قوالب شعريَّة، حتَّى إنَّ الشاعر "إبراهيم شعراوي" أعاد كتابة كثيرٍمن قصص القرآن الكريم من خلال الأوزان والقوافي، وبأسلوبٍ مبسَّط يناسب الأطفال؛ بداية من قصة سيدنا آدم - عليه السَّلام - ومرورًا بقصص بعض الأنبياء والمرسَلين، ثم قصة الإسراء والمعراج، وبعض القصص التي تناولت الأحداث المؤثِّرة في حركة الحياة البشريَّة على الأرض؛ كقصة كبش سيدنا إسماعيل، وقصة غراب قابيل وهابيل، وهكذا بالنسبة للشخصيَّات الرئيسية في التاريخ.

 

ولقد تقدَّمَت مواكب الشُّعراء والأدباء الذين أبدعوا شعرًا ونثرًا للأطفال، وسارت بكلِّ الاعتزاز في الصُّفوف الأولى في كثير من المحافل الأدبيَّة الرَّسميَّة والشعبيَّة، وأخذت بذلك مكانتها التي تليق بها وبرسالتها عن جدارةٍ واستحقاق، مما دفع كثيرًا من الشُّعراء والأدباء إلى الكتابة للأطفال، نجح منهم أصحاب المواهب والتوجُّه الصادق - وقليل ما هم - وأخفق الدُّخلاء والباحثون عمَّا ليس لهم فيه نصيب.

 

وإذا قلنا: إن الحُسْن يُظْهِر حسْنَه الضدُّ - كما قال الشاعر العربي "دوقلة المنبجي" في قصيدته الشَّهيرة - فإنَّ كثرة الإبداعات التي ظهرَتْ في أدب الطفل في الآونة الأخيرة - بصرف النَّظر عن قيمتها الفنيَّة، وجودتها حسب المقاييس العلميَّة - فتحت المجال للتَّنافس الشريفِ بين المهتمِّين من المبدعين لتجويد وتحسين ما يقدِّمونه بالأسلوب الذي يُناسب الطِّفل في مراحله العمريَّة المختلفة، بل إلى تخصيص المؤلَّفات، وتحديد المرحلة العمريَّة الذي تم توجيه هذا الكتاب إليه، كما أعطت الفُرصة المناسبة الكاملة للنُّقاد والدارسين لتمحيص هذه الإصدارات، وإن لم تكن كتابات النُّقاد في هذا المجال بالقدر الكافي الذي يتناسَب مع أهمِّية أدب الطفل وضرورته.

 

وكما أنَّ طِبَّ الأطفال يَحتاج إلى براعةٍ منَ الطبيب للتَّعامل مع من لا يُفْصح عن آلامه، ويعجز عن التَّعبير عنها إلاَّ بالبكاء، فإنَّ أدب الأطفال أيضًا يحتاج إلى مهارةٍ فائقة من الأديب؛ حتَّى يتمكَّن من التعامل الإيجابي مع الطِّفل الذي قد لا يستطيع أن يعبِّر عن رغباته وآماله إلاَّ بالتجاوب مع الإبداعات وهي في شكلها النِّهائي، بمعنى أنَّه لا مكان للتَّجارِب في هذا اللَّون من الأدب - أقصد أدب الطفل - وإلاَّ فإنَّ اهتِمامات الأطفال ستتجاوز كلَّ الأعمال غير المتقِنَة.

 

ولا يدَّعي المبدعون أنَّهم وحدهم المعنيُّون بِتَهْذيب أخلاقيات الأطفال مِن خلال مؤلَّفاتهم وأشعارهم وأُطروحاتهم؛ فهناك ركْبٌ آخَر من الكُتَّاب - سواء ممن لهم إبداعات في أدَب الطفل، أو من خارج هذا الحقل - تداخلوا مع الأدباء المبدعين بِرُؤاهم النقديَّة والفلسفيَّة، والعلميَّة والتربويَّة، فقدَّموا للمكتبة العربية عددًا منَ الدِّراسات المتنوِّعة عن أدب الأطفال شكلاً ومَوْضوعًا، حتى وإن لم تكنْ كتاباتهم تُخاطب الأطفال، وبذلك تضافرَت الجهود المخلصة بهدف الارتقاء بالمستوى الأخلاقيِّ والفكري والعلميِّ للأطفال من خلال الأدب، وكان الشُّعراءُ هم أصحابَ القدَحِ المُعَلَّى، بصفتهم أقرب كلِّ هذه الفئات إلى قلوب الأطفال ووجدانِهم وخيالهم.

 

وأرى أن "إبراهيم شعراوي" استطاع أن يصل إلى أعماق قلوب الأطفال بأسلوبه الشائق، ولُغَتِه الرصينة، ومنطقه السَّليم، ورؤيته النابعةِ مِن أعْماقِه، وفي نفس الوقت بُعْده عن المُغالاة، والشَّطط، والتقليد الأعمى لِما تنتجه المطابعُ الغربية؛ فهو لم يقلد، كما لم يكن نسخةً مكرَّرة من الرُّواد الذين سبقوه على نفس الدَّرب، وإنَّما سلَكَه بشخصيَّتِه المستقلَّة الواثقة، وإبداعاته المتنوِّعة شعرًا ونثرًا، إذا نظرنا إليها من حيث الكمِّ، نجدها رصيدًا ضخمًا، تَزْخر بها المكتبةُ العربية، وتفخر بها، وإذا نظَرْنا إليها من حيث الكيف، نشعُر بمدى أهمِّية هذا اللَّون من الأدب، وصلاحيته لتقديم أصعب المعلومات إلى الأطفال في ثوبٍ جميل، بعيدًا عن التَّعْقيد.

 

وأنا إذْ أتقدَّم بهذه الدِّراسة الموجزة عن علَمٍ من أعلام أدب الأطفال، فقد حرَصْتُ كلَّ الحرص على ألا يأخُذَني الإعجاب بقوَّة المضمون، وأهميتِه، بعيدًا عن الشكل وأسلوب العرض، كما لم أترك جمال الشكل يبتعد بوجهتي عن المضمون، وأرجو أن تكون أُطروحتي لما فيه الخير، والله من وراء القصد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة