• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

بين الأدب الترابي والأدب السماوي

بين الأدب الترابي والأدب السماوي
د. ليلى لعوير


تاريخ الإضافة: 14/10/2021 ميلادي - 7/3/1443 هجري

الزيارات: 2903

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين الأدب الترابي والأدب السماوي


تشدُّني إلى الكتابة أحاديثُ الأدب، وما يمكن أن نجعله خيارات للثقافة السائدة في أذهان الأدباء عمومًا، أشرُدُ كثيرًا وأنا أرى جُلَّ الأدباء يجرون وراء نوازعهم الذاتية في تأكيد فاعلية الكتابة عبر خربشات وتعابيرَ تصدُّنا للوَهْلة الأولى عن الاستمرار في القراءة؛ لأننا بالمختصر المفيد لا نستوعب ما يكتبون، وإن استوعبناه، أخرجناه من دائرة النافع والمنتج والمضيف.

 

يا تُرى ماذا تحتاج البشرية في هذا الظرف العصيب بالذات من كلِّ صاحب قلم يرى العالم من برجه العَاجِيِّ، والأمة تحرقها التفاهة والغياب في الوجود الفاعل، فلا حديثَ إلا عن النفوس المهزومة والذوات المُتهشِّمة، والخيانة المصطنعة، والشوق الكاذب، والتعابير التي لا تضيف للغة إلا كسور الكلام.

 

هل نحتاج أن نبكيَ فَناء جسدٍ ظلَّ لعمر حكَّائيًّا، يجري وراء سراب لحبٍّ فاشل، تُترجمه الكلمات النابية والمرذولة؟


هل نحتاج أن نستورد المعاني كي نقول المحرم والشاذ والمستهجن والبذيء؟

 

هل نحتاج ألَّا نقول شيئًا كي نصنع على عين الموضة أدباءَ يشيخ نصُّهم قبل بداية القراءة، ما السرُّ في كل هذا العبث؟

 

وهل تُراني مُبالِغة إن قلتُ أننا قفزنا عن ذاتنا الحضارية، حين استثمرنا في كتابة لا تزيدنا إلا ابتعادًا عما يجعلنا إنسانيين؟

 

التراب حاضنُ الجسد، والروح تحضُنها السماء، واستقبال كليهما تحددها لحظةٌ ينتهي فيها حَراك الروح.

 

فما الذي يُسعِف الأدب أن يتحرك ببصيرة؛ ليُهديَ الإنسان بصيرة أقوى، تمنحه مشروعية الخروج من مآزِقِهِ المتكررة في التاريخ؟

 

هل نحن مضطرون أن نُلغيَ عقيدتنا،كي نكتب نصًّا متحضرًا؟

 

هل نحن مضطرون أن نُلغيَ ديننا، وعمقنا الحضاري، وروحنا الأخروية؛ كي نكون في مستوى ما يكتب الكبار؟

 

يا لهذا القلق الذي يأكل وجودنا الحضاري، ويمنحنا متاهًا يلعب بعقول الصغار، وهو يمجِّد الأساطير والخرافة، ويفعِّل السحر والتناسخ، ويرفض ما يمنحنا الأمان؛ بحجة أن الأدب هو حالة قلق تعلو على الواقع، وتستعير من الخيال آلياته؛ كي يُهديَنا الفرح!

 

كثيرًا ما رفض النقاد العرب - ولا يزالون - ربط علاقة حميمة بين الأدب والدين، أو فتح اتصال الأدب بالتصور الديني أو الإسلامي، الذي يُرى فيه الأدب يضيق ويضيق، وهذا في الحقيقة تضييقٌ لدائرة هذا الأدب، الذي إذا فتحنا باب الحديث حوله، وجدتَ سهام النقد لا تفتأُ تسُمُّهُ بالوعظية والسطحية والضَّحَالة والخروج من الحياة، إلى حيث مواضيع الجنة والنار، والله ومحمد صلى الله عليه وسلم، والزهد والموت، والبرزخ والعذاب والنعيم، ولا غير.

 

فإذا انفتحنا على المذاهب الأدبية الغربية، وجدتَ المادحين لها كُثُرًا، والناعقين أكثر، رغم أن هذه المدارس من الكلاسيكية إلى الرومانسية، إلى الواقعية إلى البرناسية، إلى الوجودية إلى السوريالية، إلى ... هي بنتُ تُربتِها، وكانت مُغرِقة في العقل أو العاطفة والخيال، أو في الذاتية والنفعية الضيقة التي تجعل من تضخُّمِ الأنا حالةَ وجودٍ مستقلٍّ يتعالى على العالم، وما يحيط به من هموم.

 

وهي رغم أنها مذاهب خاضعة لظروفها المادية والفكرية التي تتجاوز تعميق الوجود الإنساني في صلته بالله على قول شلتاغ عبود، إلا أن نقَّادَنا تلقَّوها بلا نقدٍ، ونافحوا عنها دون تعمُّقٍ في مسارات هذه المذاهب، التي تحتاج إلى وقفة نقدية متَّزِنة تستدعي طرح سؤال النظرية الأدبية العربية بروافدها الإسلامية العميقة، التي لا ترفض الدين، وإنما تستثمره في إعادة التوازن بين الوجود والغيب، والعقل والعاطفة، والذات والمجتمع، والأنا والآخر، وغيرها من الثنائيات التي مهما أنكرناها، فهي في طبيعة الوجود أصلٌ، فما بالُك إذا تعمَّق وجودها في الأدب، فربطت بين المادي والأخروي؟

 

المعاني الترابية خنقت كثيرًا من الجمال، وجمَّلت القبح الإنساني حين أطلقت جمالية القبح، وجعلت من الأدب الغارق في النفعية والجسدية والعَدَمِيَّة مساحةً لعبثية الإنسان وتُرَابِيَّتِهِ، حتى ضلَّ المعنى الذي غطَّت عليه لعبة التشكيل، فصارت الضحالة والرذالة واللامعنى واجهةَ الجمال الأدبي.

 

صحيح أن الأديان المادية الجديدة وفَّرت للإنسان بعض المنافع، فسلك في الأدب مسالك كثيرة لإثبات الذات الهاربة من العدم بالخلود المادي، والاستمتاع الجسدي المغرق في الضحالة، ولكنها لم تستطع أن تهديَهُ الفرح الوجودي؛ ليُشبعَ نوازع الروح الفطرية الملحة، والتي تبحث عن السمو والرُّقِيِّ، وتبحث عن الإنسان في داخل الإنسان، وهو يتفنَّن في احتضان القيم العليا البانية للهِمَمِ الصانعة للحضارات الملفتة لمعنى البعد الأخروي في أي عمل أدبي، فيكتب الأديب بالمعاني السماوية السامية ما يمكِّن للاستخلاف في الأرض، بالطريقة التي نرى فيها الأدب فنَّ فَهمِ الحياة والكون والمصير، فيستثمر في هذه الثلاثية بأبعادها المختلفة؛ ليُحقِّقَ الاستعمار والاستخلاف في الأرض بالصورة التي تجعل من الأدب فنًّا للسمو بالحياة، ورفض الأدب الترابي الذي لا يصنع معنًى إيجابيًّا للحظة المعيشة، ويهفو للأدب السماوي الذي يبنيه تفعيلُ القيم الروحية أو جمالية القيم.

 

فيا أدباء الارتقاء، انتصروا؛ فبركاتُ الأدب تعرف طريقها إليكم متى سمَوتم بمعاني الروح؛ لأن الفنَّ الحقيقي لا يطمح لأكثر من هذا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة