• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

الوعي الموحد في كتابات الرافعي

الوعي الموحد في كتابات الرافعي
إيخو سيد أحمد


تاريخ الإضافة: 22/9/2020 ميلادي - 4/2/1442 هجري

الزيارات: 4754

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الوعي الموحد في كتابات الرافعي

 

إنَّ القارئ لكتابات الرّافعيّ يسترعي انتباهه، ولا شكّ، ذلك الوعي الموحّد، الّذي يجمع تلك الكتابات ويَنْظِمُها في سلكٍ واحدٍ تتلألأ حبّاتُه أمام النّاظرين.

 

ذلك الوعي الموحّد، وتلك الدّلالة العامّة، أو المقصديّة كما يُسمّيها بعض النُّقّاد،[1] تتمثّل بالنّسبة للرّافعيّ في ثلاثة محاور متداخلة فيما بينها حتّى يصعب التّمييز بينها، وتتمثل في:

♦ الاعتداد بالنّفس
♦ الافتخار بالعربيّة والعروبة
♦ الاستعلاء بالإسلام وقِيَمِه.

 

وقد تطفو إحداها على السّطح حينًا، وتختفي الأُخريان، حسب الموضوع الّذي يُساق له الكلام، لكنّها جميعًا حاضرةٌ في ذهن الرّافعيّ حضورًا قويًّا عارمًا، حين يُمسك بالقلم ويخُطُّ أفكارَه بأسلوبه الفريد.

 

وفي أحيانٍ كثيرة، تمتزج هذه العناصر الثّلاث، وتذوب في المحور الأوّل وهو الاعتزاز بالذّات والاعتداد بالنّفس، كأقوى ما يكون الاعتزاز والاعتداد، حتّى يكون الافتخارُ باللّغة العربيّة والقوميَّة العربيّة، ويكون الاستعلاءُ بأمجاد الإسلام وقِيَمِه وتاريخه وعُظمائه جزءً من شخصيّة الرّافعيّ، يختلط بلحمه ودمه.

 

وهذا الوعي الموحّد في رأي (باختين)، يجري تطويره عند المؤلّف في أعماله، ويتمّ من خلاله الكشف عن رُؤياه الفنيّة.[2] ويتحدّثُ الرّافعيّ عن هذا الوعي الموحّد، حين يتحدّث عن الحقيقة النّفسيّة، الّتي هي بطبيعتها روح الإنسان في أعماله[3].

 

والاعتداد بالنّفس خِصِّيصة من خصائص الرّافعيّ، لا تكاد تُخطئها العين؛ فهي مبثوثة في كتاباته هنا وهناك، تارة تصريحًا وتارة تلميحًا، وهو يرى أنَّ الكبرياء ليست رذيلة، إذا كانت مكافئة للثّقة بالنّفس لا تزيد عليها، فإذا زادت كانت صَلَفًا ممقوتًا، يقول في ذلك: "ولا تكون الكبرياء رذيلة ممقوتة، إلّا إذا جاوزت مقدارَها الطّبيعيّ الّذي يكون دائمًا مكافئًا لحقيقة الثّقة بالنّفس"[4] فهناك كبرياء صحيحة، وهي الّتي تتولَّد من فضيلة الاعتماد على النّفس وقوّة الإرادة، كما هي طبيعة العرب البدويّة.

 

وإذا كان بعض أكابر النّقّاد المعاصرين، يرى أنّ الفنّ ليس إعادة إنتاج "للواقع"، وهو لا يأتي بعد الواقع مقلّدًا إيّاه، بل يتطلَّب مزايا مختلفة تماما، ويرى أنّه في مجال الفنّ، لا شيء يتقدّم على العمل الفنّي، ولا شيء يكون بمثابة أصل له؛ فالعمل الفنّيّ نفسه هو الأصيل[5]. فإنَّ هذا الرّأي، رغم تجاوزه نظريّة المحاكاة لدى أفلاطون، لم يخرج عن النّظر إلى العمل الأدبي نظرة مادّيّة، بينما ينظر الرّافعيّ إلى الفنّ نظرة معنويّة؛ فالعمل الأدبي له أصلٌ يعود إليه، لكنّه أصل في نفس الفنّان لا خارجه، وهو موجودٌ في العقل الباطن وليس في الواقع الخارجيّ، وهو أجمل بكثير، وأروع من العمل الفنّي ذاته[6].

 

وكما كان للرّافعيّ رؤيته الخاصّة للفنّ، كذلك له رؤية خاصّة للحياة والكون، فالحياة هي مجموع من العادات العمليّة والانفعالية والذّهنية، مرتّبة ترتيبًا منظَّمًا، يؤدِّي إلى سعادةٍ أو شقاء، ويسوق إلى الأقدار خيرها وشرّها، والقوى الطّبيعية كلّها متغايرة متباينة، ولكنَّ هذا التّغاير فيها، إنّما هو شكل من أشكال الانتظام الّذي قامت به الحياة[7].

 

وإذن، فلا مكان لما نسمّيه بالصُّدفة أو العشوائيّة في الحياة، وإنّما يجري كلّ شيء فيها إلى غايةٍ مرسومة، بترتيبٍ منتظمٍ كانتظام الأفلاك وجَرْيِها إلى مستقرٍّ محدّد، وهذا التّرتيب وهذا التّنظيم في الحياة، هو نفسه التّرتيب والتّنظيم في الكون، المتشابه في تباينه والمتباين في تشابهه.

 

فالعالم كلّه، - في رأي الرّافعيّ - ليس إلّا تفسيرًا مرتَّبًا على أجزاء الحكمة البالغة للخالق في خلقه، وما هذا التّشابه في حوادث العالم إلّا نوعٌ من الالتئام؛ كما يتشابه الثّوب في جملة نسجه، ولكنَّ قطعةً منه لا تُغني عن قطعة.[8] ثمَّ إنَّ الشّعر عند الرّافعيّ هو تمثيلٌ لهذه الحياة[9] المنظّمة المرتّبة؛ وهكذا فقد كان للرّافعيّ إحساسٌ بالوجود وغوصٌ إلى أعماقه ونفاذٌ في أسراره، قلَّ أن يتوفَّر مثله لأحد من الشّعراء:

♦ فالكون منظّمٌ تنظيمًا محكمًا.

♦ والحياة مرتّبةٌ ترتيبًا منظَّمًا.

♦ والشّعر ما هو إلّا تمثيلٌ للحياة، وإذا كان كذلك، فلا بدَّ له أيضًا من تنظيمٍ وترتيب.

 

لقد كان بإمكان الرّافعيّ، وقد بلغ شهرةً كبيرةً، كشاعرٍ له منزلته بين شعراء عصره، أن يتوقّف عند ذلك الحدّ، ويعيش في ذاكرة الأمّة، شاعرًا مرموقًا، كتب نشيد وطنه، وفاق مجموعُ ديوانه ألف صفحة، فيها قصائد كثيرة في أعياد الوطن وأفراح الأمّة وأتراحها، وأوشك أن يكون شاعر البلاط لولا سبقُ شوقي ومكانتُه. كان يمكنه أن يقف عند ذلك الحدّ من ذيوع الصِّيت وعلوّ الشّأن، وقد ضمن لاسمه الخلود، ولكنَّ إحساسه بمسؤوليّة القلم، ودَيْن الكلمة، جعله يمضي في سبيله لا يلوي على شيء، ولا يستكين إلى راحة، حتّى يؤدّي الأمانة الّتي وُكلت إليه.

 

إنّ أحدَ هاجسيْ الرّافعيّ العظيمين، هو الكمال في الفنّ، وهاجسه الثّاني، هو البيان عن أسرار القلب الإنساني في أكرم أحواله، وهما هاجسان من عمل أقصى القلب، يرجعان إلى أمر واحد.[10] وربَّما يفسّر لنا هذا النّزوع إلى الكمال في الفنّ، لماذا لم ينشر الرّافعيُّ كلَّ ما كتب؟ والسّبب هو اعتداده بنفسه واعتداده بكمال فنّه، من ذلك ما أملاه على بعض أبناء عمومته، من خواطر ورسائل، منعه من نشرها حين أراد طبعها، بالإضافة إلى الرّسائل الّتي كان يبعث بها إلى أصحابه، وبعض المقالات الّتي كان ينشرها في الصّحف، عزف عن نشرها في "وحي القلم"، وأيضًا ما كان يُمليه على من يطلب منه الحديث في موضوعٍ من الموضوعات، كما فعلت مي زيادة في مناسبات مختلفة[11].

 

وإنّما كان الرّافعيّ ينزع هذا النّزوع القويّ نحو الكمال في الفنّ، لأنّه كان يُحِسُّ أنّه "يتحمَّل وحده، عبء نقل العربيّة مرّة واحدة، من عصور فتائها وقوَّتها وغناها، إلى عصره الّذي عاش فيه، ويُلبسَها لَبوسها الأصيل المتجدّد."[12].

 

لقد كان الرّافعيّ ببيانه وفكره، كالميزان بين ما مضى من عصور الفصاحة والأدب، وبين ما لحق من عصور الرّطانة والعُجمة، وقد مثَّل أدبُه ولا زال يمثِّلُ - لمن تأدَّب به وتمثَّلَ آثاره - سدًّا منيعًا أمام تيّارات الاستلاب والاغتراب، ليس فقط من النّاحية الفكريّة ومحاربة الأفكار الهدّامة، ولكن أيضًا من ناحية الشّكل، وما بذله الرّافعيّ من جهدٍ فنّيٍّ شاقّ، في سبيل المحافظة على الأساليب العربيّة القديمة، ومحاولة بعثها من جديد، في ثوبٍ عصريٍّ يُواكبُ العصرَ الّذي كُتبت فيه.



[1] انظر: تحليل الخطاب الشّعري: استراتيجيّة التّناصّ، د. محمد مفتاح – المركز الثّقافي بالدّار البيضاء – ط 3   (1992) ص 163-166.

[2] شعرية دوستويفسكي، ميخائيل باختين، ترجمة: د. جميل التكريتي, مراجعة: د. حياة شرارة, دار توبقال للنّشر -الدّار البيضاء- المغرب ط الأولى(1986) ص 11.

[3] تاريخ آداب العرب، للراّفعي –ضبط وتصحيح محمد سعيد العريان- مطبعة الاستقامة بمصر، ط 2 (1359هـ-1940م) ج 2 ص307.

[4] تاريخ آداب العرب للرافعي، ج 3 ص90.

[5] انظر: شعرية النثر، لتودوروف، ترجمة: عدنان محمد، الهيئة العامة السورية للكتاب – دمشق – ط الأولى (2011) ص 117.

[6] انظر: تاريخ آداب العرب، ج 2 ص 232.

[7] انظر تاريخ آداب العرب، ج 3 ص 72.

[8] انظر تاريخ آداب العرب، ج 3 ص67.

[9] نفسه، ج 3 ص 72.

[10] انظر: على السّفّود، نظرات في ديوان العقّاد للرافعي، ط2 –دار البشائر بدمشق- (1421ه 2000م) –التّصدير لعز الدين البدويّ النجار- ص09.

[11] انظر مثالًا على ذلك في: رسائل الأحزان، لمصطفى صادق الرافعي، ط الأولى – دار وحي القلم – دمشق (2011) ص 71.

[12] على السّفّود –التّصدير للنّجار – ص 14.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة