• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

من شعر ابن خفاجة الأندلسي

من شعر ابن خفاجة الأندلسي
محمد حمادة إمام


تاريخ الإضافة: 13/6/2017 ميلادي - 18/9/1438 هجري

الزيارات: 30786

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مِن شِعر ابن خفاجة الأندلسي

 

يرى ابن خفاجة أن المشِيبَ رُزْءٌ، كاشفًا عن تحسُّره على ما مضى وانقضى مِن عصر الشباب والصِّبا، ويبدو أن هذا كان في أول عهدِه بالمشِيب.

 

يقول لأول شيبة طلعتْ في عِذَارِهِ، فأفصحتْ بوعظِه وإنذاره: [1][ من الوافر]:

أَرِقْتُ على الصِّبا لِطُلُوع نَجْمٍ
أُسَمِّيه مُسَامحةً مَشِيبَا
كفاني رُزْءُ نَفْسٍ أن تَبَدَّى
وأعظَمُ منه رُزْءًا أَنْ يغِيبا
ولولا أَنْ يَشُقَّ عَلَى المَعَالي
للاقيتُ الفتاةَ بهِ خَضِيبَا
فلم أَعْدمْ هُناك به شَفيعًا
إلى أَمَلٍ ولم أبْرحْ حبيبا
غريبةُ شَيْبِ فَوْدٍ إنْ تَمادَتْ
حياتي آلَ أَسْوَدُهُ غَريبا
شَنِئْتْ لِمُجْتَلاها النَّوْر حَتَّى
شَنِئْتُ لمُجْتَلى النَّوْرِ القَضِيبا
وعِفْتُ كراهةً للشيْب شيئًا
يَكُوُن له شَبِيهًا أَو نَسِيبا
وأيَّةُ شَيْبةٍ إلَّا نَذيرٌ
فَهَلْ طَرَبٌ وَقَدْ مَثُلَتْ خَطِيبا
ونُؤْتُ بحَمْلها مِن عِبْءِ خَطْبٍ
كأنِّي قَدْ حَمَلْتُ بها عَسِيبا
ومِلْتُ على الشَّبابِ عن التَّصَابي
وكيفَ به وَقَدْ طَلَعتْ رَقِيبا
وقلتُ: الشيبُ للفتيانِ عَيْبٌ
كَفَى الأحداثَ شَيْنًا، أنْ تَشِيبا
فلا تَطْمَحْ إلى فَوْدِي، غُلَامًا
غريرًا واغْشَنِي كَهْلًا أَرِيبا
فأحْسنُ مِن حَمَام الشَّيْبِ غَنَّى
غُرَابُ شَبِيبةٍ أَلِفَ النَّعِيبا
يَطِيبُ بنفْسِه عند الغَوَاني
فيُغْنِي عن فَتِيتِ المِسْكِ طِيبا
وتَرْعَى منه عينُ الظَّبْيِ شُهْبًا
لها يَسْتَأْلِفً الظبيُّ الرَّبِيبا

 

قصيدة، يصوِّر فيها ابنُ خفاجة مَدَى أرَقِه مِن المشيبِ، وبُغْضه له، وضِيقه به، ولذا فإنه يَعُدُّه مصيبةً، ولولا المعالي لخضَّبه، ولِعَظيم كُرْهِه له، فقد كَرِهَ كلَّ ما شابهه، أو خالط مشابهه؛ ضاربًا مثلًا لذلك بالزَّهر وغُصنِه، والحَمَام وسَجْعِه. وألِفَ كلَّ ما حاكى الشبابَ، وما حمَل مِن سوادٍ: من مثل الغُراب ونَعِيبِه. وإن كان مما يَتَطَيَّر منه الإنسان.

 

ثم تَطَرَّق إلى بيان ما وراءه؛ فهو النذير، وقاتل الطرَب، وطارد اللذَّة والأمل، ناهيًا عن التطلُّع إلى مُعاوَدة أيام الشباب بالخِضَاب مثلًا، أَّما أحاديث التصَابي؛ فهذا وذاك مجدِّد للأحزان، وباعث للأشجان.

 

ويبدو أن مِن بَواعث بُغضِه المشيبَ: فرار الأماني منه، ومُثول الموت أمام ناظريه؛ فكان ذلك مَدْعاة لتداعي أحمال الهموم والخُطوب، ولم يكْتفِ الرجلُ بهذا التصوير، بل أعاد الكَرَّةَ بَعد الكرَّة في انتِقاصِه له، والثناء على الشباب، والبكاء على مراتع أُنْسِه ومواطن لهْوِه.

 

وكأنه باحثٌ في تنفيس همومه، عن مُوَاسٍ له في محنة المشيب وغُمومه، فهو مُسْتاء مِن انتشار ضوئه في حُسْن سواد فَوْدِه؛ إذ كان يَرى به سواد ليل الشباب أبيضَ - وها هو أصبح يشاهد صبح المشيب أسودَ. فيقول: [2][ من السريع]:

ألا مَضَى عَصْرُ الصِّبا، فانْقَضَى
وحَبَّذا عَصْرُ شَبَابٍ مَضَى
بِتُّ به تَحْتَ ظِلَال ِالمُنَى
مُجْتَنِيًا منه ثمارَ الرِّضا
ثُمّ مضى أحْسَبُه كَوْكَبا
منكدرًا، أو بارقًا مُومِضا
فَمَا تَصَدَّى يَنْتَحِى مُقْبِلا
حَتَّى تَوَلَّى يَنْثَنِي مُعْرِضا
ومَرَّ لا يَلْوِي، وما ضَرَّ مَن
أَعْرَضَ لَوْ سَلَّمَ، أو عَرَّضا
وإنما ضَاء، بَلَيْلِ الصِّبا
صُبْحُ مَشيبٍ، سَاءَنِي أَنْ أَضَا
وابْيضَّ مِنْ فَوْدي به أَسْوُدٌ
كُنْتُ أرى الليل بِهِ أبيضَا

 

يبدو أنه مما أثار أشجانه وحسراته ذِكْرى الشباب والتصَابي، وإعراضُ أطايبِ اللذات، وهذا بيان بانغماسه في الشهوات، فلما لاح أولُ خيطٍ للمشيب، انقلب الهيامُ بالملذَّات إلى ضَجَر وسَأَمٍ مِن البياض ومُتعَلِّقاتِه، وكأن هذا ردُّ فعْل قوي لفجأة مشيبٍ، أفسَد عليه ما كان يتطلع إليه مِن جَنَى المُحبَّب إليه، والمُفَضَّلِ لديه، وما يأمل أن يكون بين يديه.

 

فالإفراط في الشهوات بأنواعها، والإغراق في أماني النفسِ وآمالها، يصِل بالمرء إلى التمادي في العداوة والبغضاء لِضَيْفٍ – أي: المشيب - مُنْتَظر حُلُولُه، فيقابله عندئذ بتجهُّم، ومَلال وتأفُّفٍ، بل ينبغي علينا أن نَخضع لما تتطَّلبه هذه المرحلة مِن مُستلزمات لنعيش في راحة، ونُبعد عنَّا المتاعب والأضرار، التي تنجُم عن سوء تصرُّفنا حال شيخوختنا.

 

ومن المسلَّم به أن نكون حذرين نحو أهمِّ شيء نمتلكه، ألا وهو أجسامنا... قد نضيق بما تفرضه علينا الشيخوخة، ولكن هذا يوفِّر علينا مُضايقات أخرى أشدَّ وطأةٍ، وأكثرَ ألمًا...، علينا أن نتحكم في شهواتنا ورغباتنا، ونلتزم بما تفرضه علينا شيخوختنا، فهذا أجدَى وأنفع لنا.[3]".

 

ويلاحظ أن معنى البيتين الأخيرين، مِن قول أبي تمَّام [4] [من الطويل]:

لهُ مَنْظرٌ في العين أبيضُ نَاصعُ ♦♦♦ لكنَّه في القلبِ أَسْودُ أسْفَعُ

 

لقد عبَّر شعراءُ كلِّ جيل، وطوْر عمَّا يدور بخَلَدِهم، ويتراءى لأعينهم نحو ما يسرًّهم، أو يسُوءهم، وهذا التعبير، وذاك التصوير أمارةُ وعلامةُ الحياةِ الأدبية المتقدِّمة الناهضة، أو الخامدة الخاملة، تبعًا لأحوال الحياة مِن: سياسية، واجتماعية، ونفسية، وثقافية، واقتصادية.



[1] انظر: ديوان ابن خفاجة صـ 32، 33 وفيه شهيا، ابن خفاجة د / الداية صـ 128، 129.

[2] انظر: ديوان ابن خفاجة صـ 141.

[3] انظر: "رحلة الشيخوخة". فريد حسن صـ 97.

[4] انظر: ديوان أبي تمَّام، تحقيق: محمد عبده عزام حـ 2 / صـ 324 ط 4 دار المعارف، وفيه: أسود أسفع؛ وبشرح شاهين عطية صـ 179، ط 2 دار الكتب العلمية - بيروت - 1412 هـ = 1992 م، العقد حـ 3 /41.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة