• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

شراب سائغ للشاربين.. قراءة في رواية (عصفوران بين الشرق والغرب)

أ. منى مصطفى


تاريخ الإضافة: 4/2/2017 ميلادي - 7/5/1438 هجري

الزيارات: 4014

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شراب سائغ للشاربين

قراءة في رواية (عصفوران بين الشرق والغرب)


رواية (عصفوران بين الشرق والغرب)؛ للأديب والشاعر المهندس عبدالحميد ضحا.. أرى الرواية مِنبرَ دعوةٍ في ثوبٍ قصصيٍّ مزركش، وأسلوب جمع بين المرح والنقد، وكلمة (دعوة) هنا لا تقتصر على الدعوة لعبادة الجوارح، كما يفعل مَن يعتلي المنبر الخشبيَّ، ولا حتى تزكية رُوحية مباشرة؛ حيث بدأت الأحداث وانتهت في فرنسا مرورًا بمصر، بل تمتدُّ لغرس الوَعْيِ في العقول، ورسم صورة لحقيقة الواقع المرير الذي نعيشُه، فقد نَحَت الكاتبُ الشخصياتِ كرسَّامٍ ماهر، كلُّ شخصية مِن بيئة لها معطياتها التي تؤدِّي بها إلى توضيح رسالتها التي خُلقت لها، فقد جسَّد الشتات الأسريُّ، الذي أفرزه الغرب تحت مسمَّى الحرية وحقوق المرأة كذبًا وادِّعاءً، وما هي حقوق؛ بل اغتصاب وسرقة حقوق، منحَتْها لها الفِطرة قبل الدِّين، اشتَروا سلامةَ فطرةِ المرأة وباعوها الوهم! فلا تظني أنك تُظهرين مفاتنك ومحاسنك لرجل، ثم تنتظرين أن يهتمَّ بعقلك وفكرك!

 

ومِن ثَمَّ أدَّى هذا الخلط إلى انتشار الشذوذ، بل وسنِّ القوانين التي تحميه، عذرًا ليس الشذوذَ الذي طرأ على ذِهنك، بل شذوذًا تعدَّى حدود العقل، حتى وصل بامرأةٍ فائقة الجمال والثراء أن تتزوَّج حمارًا، وتُسخِّر إعلامَ الدولة لتسجيل هذا الحدث السعيد والفريد، فالزواج مِن الكلاب والقطط أصبح شيئًا مألوفًا!

 

وهنا أراد ببراعةٍ أن يقول: ليس كلُّ ما يرضاه العقل والشهوة يمكِننا أن نجرِّبه، حتى لو حَمَتْه القوانين التي سنَّها العقل والشهوة كذلك، ثم تنساب الأحداث بشكل ساخر مضحك محافِظةً على استمتاع القارئ، والنأي به عن النصح المباشر الذي يَعِجُّ به الواقع، ليصلَ إلى حقيقةٍ يقتنع بها القارئ من خلال التجارب الواقعية والأحداث المجسَّدة، وهي أن الحرياتِ المزعومةَ في الغرب ما هي إلا أكذوبة كبيرة.

 

يقولون بلسان حالهم: أنت حرٌّ ما دمتَ في طريقِك لإطفاء نور الله، أما إن حاولتَ أن تُوقِده، فأنت إرهابيٌّ لا حريةَ لك ولا حقوق! أنت حرٌّ ولك حقوق الإنسان، ولكن إنساننا نحن، عِرْقنا نحن، هدفنا وحدَه، غير ذلك أنت همجيٌّ، لا يليق بك إلا الموت، فلربما تُلوِّث بوجودِك بيننا أضواءَنا الجاذبةَ عيونَكم، المُغيِّبةَ عقولَكم.

 

ثم تأتي المفاجأةُ عندما يُقارِن برشاقةٍ وتشويق بين حال الدول العربية الإسلامية مع الإسلام، وبين الدول الغربية مع الإسلام، من خلال بطَلَي الرواية (يوسف المصري، الثري بعد فقر، الملتزم بعد جهل، وعائشة حديثةِ الإسلام الفَرنسية، التي كان اسمها مارتينا)؛ ليصل إلى حقيقة مُفادها أن الزراعة في تربة ضيِّقة ولكنها بكرٌ، أسهلُ وأنضج ثمرًا، من الزراعة في تربة واسعة ولكنها ملوَّثة بكيماويات العلمانية والليبرالية والشيوعية أحيانًا.

 

وقد عبَّر عن ذلك من خلال عائشةَ التي تركت خطيبَها يوسف المصري المسلم الملتزم الثريِّ؛ لأن تربتَه ملوَّثة، لن تثمر بسهولة، وهي منذ بدأَتْ رحلتَها الدعوية لا تحتمل العيشَ دون أن تثمر دعوتها ثمرةً ناضجة، أسلمت بفِطرتها وعقلها، لا بالوراثة والديانة في جواز السفر، كما هو حال كثير من شعوبنا، خصوصًا في الطبقة المخمليَّة التي رضعت التغريب، وتربَّت عليه وكأن الإسلام عارٌ تقاس حضارتك بمدى بُعْدك عنه ومخالفتك لتعاليمه، بل والسخرية ممن يلتزمها!

 

تنسابُ الأحداث بإثارةٍ تجعلك تكمل القراءة، بل يثب خيالك قبل عينك لوضع نهاياتٍ من تصوُّرك، فتسعد عندما تجد نتائج الكاتب انعطَفَت بك لممرٍّ آخرَ أكثر إثارة مما وثب إليه خيالك، ولكن هذا كله من أجل هدفٍ آخر أكثر نضجًا، وهو توعية القارئ بالحالة الحقيقية للبلاد، وليس كما يصوِّرُها الإعلام الموجَّه غالبًا من اليهود، ولكن بألسنتنا وأقلامنا نحن!

 

فيعكس لك كيف تُفصَّل القضايا والاتهامات في معامل الداخلية، وكيف يُعربِد الفساد ناخرًا كل رؤوس المسؤولين صغيرهم وكبيرهم، من المرشد الصغير الذي هو غالبًا (بلطجي)، حتى وزير الداخلية المرتشي!

 

ثم يعرج بك إلى الطائفةِ الصغيرة الكبيرة، شركاء الوطن، بل أصحاب الوطن! فيُجسِّد لك حال الكنيسة من خلال (كاميليا الراغبة في الإسلام، وبطرس اليميني المتطِّرف)، أخوين التقى بهما البطل يوسف في فرنسا، ولا يكتفي الكاتب بالسرد المشوِّق للأحداث، بل يسوق ما أراد أن يَعِيَه الشعب تجاهَ هذه الفئة، وهو أنهم دولةٌ داخل الدولة، أقوى من الدولة، يُعذِّبون مَن شاؤوا متى شاؤوا، ويقتُلُون مَن شاؤوا كيف شاؤوا!

 

ويُوضِّح أنه رغم خبثهم، فكم بينهم من نفسٍ توَّاقة للإسلام، يودي بها ضعف المسلمين، وهوان دينهم عليهم، وتقصيرهم في الدعوة؛ فالمسلم بلا قناعة هو عبءٌ على الدين، لا مبلِّغ له! بل المسلم الغافل الجاهل أسوأُ سفيرٍ لدينه، حتى إن بغايا باريس يَلْعَنون شهر رمضان الذي يقلُّ دخلُهم فيه بسبب صوم المسلمين؛ وذلك لأن غالب روَّادهم مسلمون!

 

يفطن الكاتبُ أن الخير في الأمة باقٍ، وإن كثر الخبث، ولكنه يُنبِّهك أن هذا الخير في الأمة جمعاء، وليس مقصورًا على العرب المستضعفين برغبتِهم، فتُسلِم كاميليا وتتزوَّج من داعية، رغم بطش بطرس والكنيسة بها، ويتصدَّق يوسف على البغايا تأليفًا لقلوبهنَّ، وتتزوَّج شهد أخت يوسف الجاهلةُ بدينها من رجلٍ ملتزم، وتنفر من المخنَّثين أبناءِ الطبقة المخملية، التي انضمَّت لها بعد ثراء والدها، وتستجيب لكل رغبات زوجها؛ لأنه أحيا فيها سلامة الفطرة، وعمَّق فيها نداء التوحيد.

 

يختم الكاتب روايته بنهايةٍ تجعلُكَ حائرًا مترقبًا لنفسك، أتكون ممن يستعملهم الله، أم ممن يستبدلهم.

تعزف عائشةُ عن الزواج مِن يوسف، وتُعِينه على أن يظلَّ في مصر ملتزمَ الدعوة بين عشيرته الأقربين، في بلده كثيرة المسلمين، فاقدة الإسلام! وتعود هي كذلك للدعوة في تربتها الضيِّقة، ولكنها شديدة الخصوبة.

 

لذا؛ أعتبر هذه الروايةَ لونًا جديدًا تحتاجه الساحة بقوَّة، فبعد الهُوَّة الكائنة بين الأحزاب والعلماء، صار غالب العوامِّ بين فاقد الثقة في شيخه، وبين متعصِّب له، ولو استدعى ذلك التخلِّي عن شيء من أصل الدين، نحتاج إلى مِنبرٍ دعويٍّ يتسرَّب للقلوب بوعيٍ وقوَّة، وحرصٍ على إقامة الوعي والدين، بلا إجبار أو تحزُّب.

فكانتِ الروايةُ بحقٍّ شرابًا سائغًا للشارِبين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة