• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الذئاب (قصة)

الذئاب (قصة)
أ. د. مسعد بن عيد العطوي


تاريخ الإضافة: 4/2/2016 ميلادي - 24/4/1437 هجري

الزيارات: 10475

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الغريبة (3)

"الذئاب"


 

امتطيت سيارتي وودَّعت تلك الغريبة، وقد استحوذَ عليَّ التفكير في هذه المعمرة العابدة، حتَّى وصلت القليبة، وزوَّدت السيارة بالوقود، واشتريت خبزًا، وعصيرًا، وأجبانًا، ثم ابتعدت عن المعالم بعضَ الشيء، وتعشَّيت منها، وصلَّيت المغرب والعشاء، ثم جهزت لحافي داخل السيارة ونمتُ، وفي اليوم التالي اقتربت من الجبال، فلم أتبيَّن المكان، فاستخرجت المنظار، ورأيتُ الأغنام، وتراءى لي أنَّ عندها مجموعة من الكلاب، ولما اقتربت إذا بثلاثة ذئاب تفرُّ إلى الجبال، ومن عادتي ألَّا أحمل سلاحًا؛ فلستُ من هُواة الصيد، وأخشى من نزغ الشيطان مع السلاح، وقلت: كم فتكَت هذه الذئاب بالغنيمات! وسارعتُ حتى رأيتُ الراعية، واقتربت...

 

وقلت: سلام من الله أيتها المرأة.

قالت: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

قلت: عسى أن تكون أغنامك بخير من هذه الذئاب الفاتِكة.

قالت: الحمد لله الحافظ العظيم.

 

قلت: عجبًا! فكيف كانت عندك القدرة والشجاعة على إخافتهنَّ؟!

قالت: الله الذي ألجمهنَّ؛ فهنَّ يلتقطن بقايا اللحوم القديمة مثل الأغنام التي تلتقط الأعشاب.

 

قلتُ: إن الأمر خطير عليك أولًا، وثانيًا على أغنامك، وهل يُستأمن الذئب على السَّخْل؟!

قالت: ليستْ أمانةً مِن الذئاب، ولكن الله الذي حجبهنَّ حتى ألفتُهنَّ وألفْنَني وأغنامي!

 

قلت: سبحان الله! أليس معكِ وسيلة لمنعهنَّ؟ أسحرٌ هذا، ولا يفلح الساحر؟!

قالت: وربِّ البيت ليس بسحر؛ إنما هو التوكُّل على الله، والدعاء؛ فإن الأدعية تحفَظ بإرادة الله، وأردفت تقول: إنني أدعو الله في السَّحَر، وأدعو الله في الأصيل بأدعية من القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا أخشى الذئاب ولا غيرها.

 

قلت: هذا شأنك مع الذئاب منذ رعايتك للأغنام قبل الزواج؟

قالت: لا ورب البيت، فقد فتك بأغنامي وأخافني كثيرًا حتى أضحيتُ وحيدةً في هذا الكون، واغتربتُ عنه، وحفظت القرآن وأخذ يدرج على لساني دائمًا.

 

قلت: هذا من رعاية الله - فطوبى للغرباء - التي هي أعظم من زخرف الدنيا.

قالت: اللهم ارزقنا الجنة ونعيمها، واكتب لنا الأجر وقبول الدعاء.

 

قلت: ما دامت حياتك طويلة - ما شاء الله - في البراري والعزلة، وهذه بيئة الذئاب، أليس في ذاكرتك أيتها العابدة حكايات غريبة؟

قالت: كم أفزعَت الذئاب من البشر! وهي متسلِّطة على الأفراد المنفردين الذين أضعفهم السير والسفَر وقلَّة الزاد والماء، وكم فتكت بالأغنام، بل إنها تَمتطي الإبل الباركة وتفترِعُ سنامها حتى تسقط! وما أكثرَ ما داهمت النياق على أولادهنَّ، وهي تتكاثَر عند غياب الأمن والدول، وعند الجدب والقحط، وكانت تَجوب الصحراء الخالية! ومِن الحكايات قريبة العهد: في الصحراء الشرقية كنتُ أرعى في عزلة من الناس، وإذا بإنسان قد أقبل عليَّ، فلما اقترب مني سقط على الأرض، ففزعت إليه، وأخذت أضع القماش المبلَّل بالماء على شفتَيه حتى أحسستُ أنه يريد أن يلتهم يدي والقماش، فأدركت أنه ما زال يُرجى، فألهمتُه بعض الأكل، وأخذ يتماثل للشفاء بعد أيام، وقلت له: ما الأمر يا بني؟

 

قال: كنتُ مع (حنشل) نترصَّد إبل الناس والمسافرين فنقتل وننهب، وذات يوم اكتسبنا إبلاً وسُقناها أمامنا هروبًا بها، فلم نمكث طويلاً حتَّى داهمتْنا الخيول ففررْنا، ولكن أدرَكَنا أصحابها، فعذَّبونا، وحفَروا لكل واحد بئرًا ودفنوه فيها حتَّى لم يبقَ إلا رأسه، وتركونا، وبعد يوم جاءنا ذئب ضخم، فانقضَّ على أحدنا وفتَك به، وانتشل جثَّته وأكلها على مرأى منا، وهكذا كل يوم حتى لم يبقَ إلا أنا؛ وقد نحل جسمي وقلَّ ماء جسدي، وأحسستُ بأني أتحرَّك ولكن اليدين ممتدتان على جسمي، وإذا به يقترب منِّي أكثر، وأدركتُ الموتَ، واستظلَّ برأسي، وأخذ يشمُّني ويضع وجهه قريبًا مني، فقلت: الموت آتٍ آتٍ، فعضضتُ على رقبتِه، ففزع، وأراد الفرار وتماسكت حتى قذف بي خارج البئر وفرَّ، تلك أحداث مروِّعة في حياة بلا أمن ودولة، فالحمد لله على هذه الدولة وأَمنِها..

 

وإلى لقاء آخر..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة