• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

رضيت بما قسم لي (قصة)

رضيت بما قسم لي (قصة)
عادل عبدالله أحمد محمد الفقيه


تاريخ الإضافة: 26/1/2016 ميلادي - 15/4/1437 هجري

الزيارات: 8412

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رضيت بما قسم لي


يخرجُ كلَّ يوم عابسَ الوجه، مُقطب الجَبين، وكأنها نزلَت عليه همومُ الدنيا، كثير التأفُّف والتضجُّر، رغمَ ارتباطه بربِّه كثيرًا، ما أن ينادي المنادي إلى صلاة الفجر حتى يتَّجِهَ بلال نحو المسجد؛ ليؤدِّي صلاة الفجر، فيقرأ ما كتب الله له من القرآن، ثم يخرج باحثًا عن عمل، فيومًا يجدُ عملًا، ويومًا يعود بخُفَّيْ حُنَيْنٍ، حاملًا معه أدواتِ العمل، يضعها خلف الباب.

 

تسمعُ زوجتُه كلامَه قائلًا: ابنُ الفقير يظلُّ فقيرًا، وابن الغني غنيًّا؛ هذه هي الحياة يا بنتَ العمِّ!

 

تَعرِفُ زوجتُه أنه لم يَحصلْ على عمل؛ فتقول مواسيةً له: الحمد لله على العافية والسلامة، الخيرُ سيأتي عاجلًا أم أجلًا، ارضَ بما قسم الله لك، تَكُن أغنى الناس.

 

يردُّ بلال: أهذا قدري الذي كتبه الله عزيزتي؟!

لِمَ لَمْ أُرْزَقْ كما يُرزَقُ الآخرون؟ هل كُتِب علينا الشقاء والبؤس؟!


إننا - عزيزتي - في فقرٍ مُدْقِع!

يخرجُ بلال فيرى بعضَ الناس ولهم السيارات الفارهة، والملابسُ الأنيقة، والمنازلُ الجميلة، إنه ينظر إلى مَن فوقه، ويتركُ مَن هم أدنى منه منزلةً.

 

خرج يومًا من الأيام باحثًا عن عمل، وبينما هو في طريقه رافعًا يدَه صوبَ كلِّ سيارة ليركبَ نحو المدينة أوقف رجل سيارته – وكانت جميلة جدًّا - سائلًا بلالًا: إلى أين اتِّجاهُك يا رجل؟

 

بلال: نحو المدينة أيها السيد.

الرجل: اصعد.

 

صعد بلال السيارةَ، وبينما هو راكبٌ كان يُحلِّقُ بنظره يمنةً ويسرة، فقد جذبه منظرُ السيارة وجمالُها، أخرج بلال زفرةً، تَحرِقُ القلب، وكأنه مصابٌ بألم!

سأله الرجل: ماذا بك يا رجل؟ ما الذي حلَّ بك؟

 

أجابه بلال: لا شيء!

لكن الرجلَ كان ذكيًّا، لقد عرف ما يدور في فكر بلال، فأراد أن يُعلِّم بلالًا درسًا لن ينساه ما دام ماشيًا على هذه البَسِيطة.


الرجل: ما اسمُك؟

بلال: اسمي بلالٌ سيدي.

 

الرجل: ماذا يجيدُ بلالٌ من عمل؟

بلال: الزراعة.

 

الرجل: لديَّ مزرعةٌ هل تبدأ معي العمل؟

فرح بلال قائلًا: من اليوم إن شاء سيدي.

 

الرجل: على بركة الله إذًا، سنذهب إلى المدينة، ونعودُ في الحال حتى أسلِّمَ لك العمل.

ذهبا معًا، وأحضر الرجلُ كلَّ مستلزمات البيت، وما يحتاجُه مطبخُ المنزل، كل هذا وبلال ينظر، قائلًا في نفسه: آه يا ليت لي ما لهذا الرجل! أيُّ نعمةٍ هو فيها؟! سيارة فارهة، ومال كثير.

 

فما أن وصلا حتى قال الرجل: أنت اليومَ ضيفي يا بلال، وستبدَأُ عملَك من يوم غدٍ إن شاء الله.

وما هي إلا ساعة حتى جاء مَن يُحضِرُ الشراب، فكان هناك نوعان من الشراب: كأس لذيذ، والآخر مرٌّ.

 

وضع الخادمُ الكأسين معًا فقال الرجل: خذ شرابَك يا بلالُ.

أخَذَ بلال الكوب، فما أن وضعه في فيه حتى أعاده سريعًا!

 

فقال الرجل: ما الذي صنعتَ؟ لقد أخذتَ ما يخصُّني، فخُذِ الآخرَ.

أخذ بلال الآخر، فما أن قرَّبه إلى فِيه حتى سارع في شُرْبه؛ لقد كان لذيذًا.

 

سأل بلال: لِمَ شرابُك مرٌّ سيدي؟

أجابه الرجل: إنني مصابٌ بالسكر يا بلال، وقد منعني الأطبَّاء عن تناول السكريَّات.

 

قال بلال: شفاك الله مما أنت فيه.

تجوَّل بلالٌ مع الرجل في المزرعة، وإذا بهاتف الرجل يرنُّ، أخذ الهاتف حتى يردَّ، فإذا ببلال يسمع الرجلَ يقول: كيف صحتُه؟

 

أَوَمازال يعاني الألم؟ فما إن أكمَلَ الرجلُ كلامه، حتى بادره بلال: ألديك مرضٌ؟

الرجل: إنه ولدي، مريضٌ بمرض خبيث عافاك الله منه يا بلال.

 

بلال: وأين هو الآن؟

الرجل: لقد حوَّله الأطباء إلى الأردن؛ لإجراء عملية جراحيَّة لاستئصال الورم الخبيث.

 

بلال: أسأل اللهَ لولدِك الشفاءَ.

وبينما هما في حديثَيْهما إذا بالخادم ينادي: لقد حضر موعدُ الغداء يا سيدي.

 

أخذ الرجل بلالًا، وتقدم نحوَ المنزل فرأى قصرًا جميلًا جذب عيْنَيْ بلال نحوه، فكان بلالٌ يتطلَّعُ نحو القصر رافعًا عينَيْه حتى كاد يَسقُط.

عرف الرجل ما يدور في فكر بلال.

 

أحضَرَ الخادمُ كلَّ ما لذَّ وطاب من الأكل والشراب، جلس الرجل، وجلس بلال على تلك المائدة ليتناولا وجبة الغداء.

رأى بلال كلَّ تلك النعمة، فأخرَجَ زفرةً أخرى، وكأنها خرجت من كلِّ مكان في جسده.

 

والرجل ينظر.

فسارع الرجل إلى أَخْذِ كميَّة كبيرة من اللَّحم ليَضَعَها أمام بلال.

 

فبدأ بلالٌ يَلتَهِمُ الأكلَ بشَراهةٍ؛ لكنْ ساقه نظرُه صوبَ صاحب المنزل، فقد رآه يأكلُ كسرةَ خبزٍ يابسة مُبلَّلة بالمَرَقِ.

قال بلال: لِمَ لا يأكل سيدي؟!

 

الرجل: آه يا بلال! احمدِ اللهَ على النعمة التي أنت فيها؛ فهي تاجٌ على رأس الأصحَّاء، لقد منعني الأطباء مما أمامَك؛ حفاظًا على صحتي!

 

بلال: آه يا سيدي، لقد تعلَّمت منك درسًا لن أنساه ما حَيِيتُ، نحمدُ اللهَ على ما نحن فيه، ولْنرضَ بما قسم الله لنا؛ فالله هو الحكيم، وهو أعلم بعباده.

 

عاد بلال إلى منزله، لكنه غيرُ بلال الأمس!

كان فَرِحًا مسرورًا، يَبتسِمُ لمن يراه، فما إن وصلَ البيت حتى قابلتْه زوجتُه قائلة: كيف شغلُك اليوم أيها الزوج؟

 

أجابها: لقد حصلتُ على شغلٍ، بسببه تعلَّمْتُ درسًا لن أنساه.

طارت إليه زوجتُه قائلة: أراكَ بلالًا غيرَ بلال الأمس.

بلال: نعم، لقد رضيتُ بما قسَم الله لي.

الزوجة: وما الذي غيَّر حالك؟

قال بلال: ليأخذ زوجُك حمَّامًا أولًا، ثم نتكلَّم عما جرى.

الزوجة: رَيْثَما أصنعُ لحبيبي كأسًا من الشاي.

 

فما إن خرج حتى حكى لزوجتِه ما عرفه في يومه قائلًا: كلُّ شيء يهونُ أمامَ ما نحن فيه من نعمة، والله لو عَلِم الأغنياء ما أنا فيه من صحة وعافية، لجالدوني عليها بالسِّياط!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة