• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

هب لي شواطة!

محمد حسن العمري


تاريخ الإضافة: 11/11/2015 ميلادي - 28/1/1437 هجري

الزيارات: 7104

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هب لي شواطة!


عندما يأتي الضيوفُ أبي لا تَسعني الفرحة، وتزداد فرحتي عندما يقول لهم: "ما معكم مراح"؛ أي: لن أسمح لكم بالمغادرة إلَّا بعد تناول العشاء، حينها أنطلق مُخبرًا كبيرَ إخوتي؛ ليستلَّ سكينَه ويتوجَّه إلى الحلال (الغنم).

 

يأتي أبي ويشير إلى أحد الخراف، وما هي إلا لحظات وقد علق الخروف بما تبقَّى من قدميه، وسُلخ وشقَّ بطنه، كم كانت تذهلني سرعته في الذَّبح، كلُّ ذلك يمرُّ أمامي وأنا أترقَّب وأتحرى وأدور، ولساني لا يتوقَّف:

• (هب لي شواطة)، (هب لي شواطة)..

 

يُخرج أخي كُليتَي الخروف الصغيرتين، ويعطيني واحدةً والأخرى لابنه الذي يَقف بجانبي، ومباشرةً ندخِلها في عودين قمنا ببريِهما ليخترقا الكُليتين، ثمَّ ننطلق إلى النار الموقدة ونجلس نُديرهما على النَّار، حتى "تتشوطا"، ونكون أول من يَتناول من لحم الخروف، ويا لفَرحتي! ويا لمرحي! ويا لسعادتي بهذه الشواطة! بعد هذا الزَّاد اليسير ننطلق لنمرح تلك اللَّيلة، ولا يزجرنا أو يَمنعنا أحد؛ حتى لا ننام عن العشاء.

 

الغريب أنَّه على كَثرة ما ذُبح من الخراف أمامي، فإنَّني لا أُجيد فنَّ الذَّبح! والحمد لله.

 

سبحان الله! لقد ارتبط عندي المرَح بتلك الكُلية المشوطة، فما أكاد أراها اليوم إلَّا تذكَّرتُ مرحي وسروري، وبهجتي وركضي، وسقوطي!

 

علماء النَّفس يقولون عن المرح: إنَّه تهيُّج انفعالي متميِّز بالسُّرور العميق، والشعور بالابتهاج، والزِّيادة في الفاعليَّة الحركيَّة، وهذا فعلاً ما كان يحدث لنا!

 

يا ترى ما الذي مَحا تلك البهجة من حياتنا؟!

لا أدري!

لكنَّني أدري أنَّ الحزن مَنزلٌ ينزل به كلُّ الناس؛ منهم من يَمكث فيه ولا يغادِر، ومنهم من يكون هو أوَّلَ مُغادريه.

 

وأعرف بعضَ الأصحاب معرفةً كاملة؛ إذ لديه من الهموم والمسؤوليات ما لا تحملها وتتحمَّلها الآلات، ولكنَّه يَملأ حياته مَرَحًا، ويفيض على مَن حوله بباقيه.

 

صديقٌ آخر تبقَّى في جيبه بضع ريالات، وعلى راتبه ثلاثة أيام، ويَعول خمسةً، وكلَّما لقيناه رجعنا ببطوننا تؤلِمنا؛ لكثرة ما يُضحكنا!

 

في رواية عند الطبراني عن أبي هريرة قال: سمعَت أذناي هاتان، وأبصرَت عيناي هاتان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذٌ بكفَّيه جميعًا حسَنًا أو حُسينًا، وقدَماه على قدمَي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: ((حُزُقَّة حُزُقَّة، ارْقَ عينَ بَقَّة))، فيرقى الغلامُ حتى يضع قدمَه على صَدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال له: ((افتح فاك))، قال: ثمَّ قبَّله، ثمَّ قال: ((اللهمَّ أحبَّه؛ فإنِّي أحبُّه)).

 

وقفتُ أمام صديقي الذي ترك أهلَه في السودان بائع الخبز والإدام، فطلبتُ منه نوعين على ذوقه، وأن يمزجهما ببعض، فأخذ يَمزجهما ويقول: "نحن نمزج الحزنَ بالفرح، كما نَمزج العدس بالبطاطا"، ووالله إنَّه مزَج حزني بفرحي وهو لا يدري.

 

نحن أولى النَّاس بالمرح ونحن أولاهم بالفرح؛ لإيماننا الكامل بوعد الله لنا، وبما تفضَّل علينا ربُّنا بأفضال؛ نَعرف قَدرها، ولا نَعلم قدرها.

 

المرح ليس هروبًا من المعاصي بقدر ما هو إقبالٌ وعونٌ على الطاعات.

 

فقط لنلبس لكلِّ حالة لبوسها، فلا يستوي أن تَضع المرح مكان الجدِّ أو العكس.

ووضع النَّدى في موضعِ السَّيف بالعلا ♦♦♦ مُضرٌّ كوضع السَّيف في موضع النَّدى

 

والمنهيُّ عنه هو الإكثار، أمَّا القليل فمأمور به؛ كما في الحديث: ((يا أبا هريرة، أقِلَّ الضحك؛ فإنَّ كثرة الضحك تميت القلبَ))؛ رواه ابن ماجه.

 

وسئل ابنُ سيرين عن الصَّحابة: هل كانوا يتمازحون؟ فقال: "ما كانوا إلَّا كالنَّاس، كان ابنُ عمر يَمزح وينشد الشِّعر"، وابن عمر هو من هو، في ورَعه وجدِّه واتباعه.

 

كان الصحابة رضوان الله عليهم بشَرًا؛ فيهم الشخصيَّة الجادَّة كعمر وكأبي بكر رضي الله عنهما، وبينهم أيضًا الشخصيَّة الموغلة في المرَح؛ كنعيمان بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم كان الشخصيَّةَ الوسطيَّة والمعتدلة؛ بأبي هو وأمي!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة